الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
إن معرفة أسماء الله وصفاته هي من أسمى العلوم وأكثرها نفعًا، فهي تفتح أبواب القلوب لمعرفة الخالق جل وعلا، وتعين على عبادته بمحبة ويقين. هذا العلم لا يقتصر فقط على التعرف على الأسماء، بل يمتد إلى فهم معانيها العميقة وتأثيرها على حياة المؤمن.
النبي صلى الله عليه وسلم حث المسلمين على السعي وراء هذه المعرفة، ووعد من يحصي أسماء الله بالجنة، مما يبرز أهمية هذا العلم في الإسلام.
هذا مقال موجز متعلق بمعنى يعتبر من أهم المعاني، بل هو أهم المعاني على الإطلاق: العبادة، سنستعرض أهمية العلم بأسماء الله وصفاته، وكيف يمكن لهذه المعرفة أن تقود المؤمن إلى علاقة أعمق وأصدق مع الله.
بدايةً لماذا خلق الله البشر مع وجود الملائكة؟
الله سبحانه وتعالى خلق هذا الجنس البشري مع وجود الملائكة التي تعبده. الملائكة تعبد الله، أليس كذلك؟ من يعبد الله أكثر، الملائكة أم البشر؟
لماذا خلق الله البشر؟ يريد الله سبحانه وتعالى أن يظهر أسمائه الحسنى. نحن نعلم أن أسماء الله سبحانه وتعالى عند أهل السنة والجماعة أزلية. أراد الله أن يظهر هذه المعاني وهذه الأسماء. أراد الله أن ينثرها سبحانه وتعالى.
عندما قالت الملائكة لله سبحانه وتعالى: }أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك{؟ قال الله: }إني أعلم ما لا تعلمون{(البقرة: 30). سيوجد من هؤلاء البشر من يعصي ويتوب، فلما يتوب يذكر اسم الله التواب. اسم الله الغفور، كذلك يعرف معنى اسم الله الحفيظ والحافظ، وهكذا.
إظهار أسماء الله الحسنى:
سيوجد من البشر من يقع في مصائب وكوارث وبلايا، ويرزقه الله سبحانه وتعالى عندما تنعدم جميع الأسباب عنده ويأتيه رزق من الله سبحانه وتعالى من حيث لا يحتسب، حتى يعرف معنى اسم الله الرزاق والرازق. }إن الله هو الرزاق وذو القوة المتين{(الذاريات: 58). سيوجد من البشر من يقع في ظلم، يقع عليه ظلم ويغلبه الأقوياء، ثم ينجيه الله سبحانه وتعالى من كيد هؤلاء وينصره عليهم، وتكون الملكة والغلبة له، حتى يعرف اسم الله القوي، المتين، العزيز، الجبار، المتكبر، المتعالي.
كل ما يجري في قدر الله يدل على أسماء الله. الشرع والقدر، كما يقول ابن القيم رحمه الله تعالى، مظاهر من مظاهر أسماء الله سبحانه وتعالى وصفاته. لا يجيء شيء في القدر، تقلب الأقدار، مَن مِن الملوك بقي ملكه إلى الآن؟ منذ خلق الله البشرية أو منذ خلق الله الملك وهو مات؟ من بقي؟ بقي مُلك سليمان؟ بقي مُلك ذو القرنين؟ بقي ملك بخت نصر؟ بقي مُلك هؤلاء؟ لم يبق ملك أحد، لا ظالم ولا صالح. لم يبق ملك أحد. لماذا؟ هذا كله لماذا؟ حتى تعرف ما اسم الله الملك.
الملكية الحقيقية لله:
عندما ترى مُلكًا ويذهب، سنوات ثم ينسى وكأنه لم يكن شيئًا، حتى تعرف معنى اسم الله الملك. ملك الله يختلف عن ملك البشر. البشر يموتون ومن يبقى؟ حتى تعرف معنى اسم الله الحي. لا يجري في هذا الكون شيء إلا وهو يدلل على معاني أسماء الله سبحانه وتعالى.
الله سبحانه وتعالى يختم الآيات بأسمائه الحسنى: هو العزيز الحكيم، الغفور الرحيم، وهكذا. لماذا يختم بهذه الأسماء بالذات؟ لماذا هنا قال الغفور الرحيم، قال هنا العزيز الحكيم، قال هنا الخبير البصير مثلًا، أو قال القدير؟ لماذا؟ حتى يبين لك أن هذه الآية كلها تدل على هذا الاسم، حتى تعرف معنى اسم الله كذا.
كيفية التعرف على أسماء الله الحسنى:
حتى تعرف معنى اسم الله. الله سبحانه يريد أن يبين لنا شيئًا أو جزءًا من معاني أسمائه الحسنى. يأتي الآن سؤال يقول: كيف أعرف أسماء الله سبحانه وتعالى؟ يعني كيف أصل إلى هذه الدرجة؟ الإجابة على هذا السؤال ليست بقراءة الكتب. فالعلم أصله يؤخذ من الكتب، لكن تمامه لا يؤخذ من الكتب. يعني الشخص قد يطلب علم سنوات وما يصلح حاله، وقد يأتي آخر يطلب علم سنوات أقل من الأول ويصلح حاله. كيف هذا الأمر؟ هبة إلهية ربانية، عطية إلهية. قد يقرأ شخص في جميع الكتب التي أُلِّفت في أسماء الله سبحانه وتعالى الحسنى، لكن ما يستشعر هذه المعاني. قد يأتي آخر لم يقرأ كتابًا خاصًا في أسماء الله سبحانه وتعالى الحسنى، ومع ذلك يعيش مع هذه المعاني.
كيف؟ عطية إلهية ربانية. يقذف الله سبحانه وتعالى في قلب هذا العبد هذا الاستشعار. استشعار هذه المعاني، هذه عطية إلهية، يهبها الله سبحانه وتعالى لمن يشاء من عباده. الله سبحانه وتعالى يقدر الأمور ويجعل، وكذلك يقدر الأرزاق ويقيم الحجج على البشر، لكن في النهاية لن يكون إلا ما كتب الله.
التسليم لأمر الله:
هذا الباب إذا فهم على وجهه انحلت جميع المشاكل، جميع الشبهات تُحل. مثلًا كيف يستطيع الله أن يدخل هؤلاء النار؟ كيف الله سبحانه وتعالى كذا؟ إذا كتب الله عليهم كذا وكذا، طيب هذا علم الله. لماذا تريد التدخل في علم الله؟
يعني أحد أمرين، إما أن الله يعلم أو لا يعلم.
يعني هو الآن الله يعلم، نحن سنجد هذا المكان علم، ثم كتب، وكتب بعد ما علم.
إذا ما كان يعلم، لن يكتب. إذًا هذا كله يرجع في النهاية إلى اسم الله العليم. كله. كيف يكون هذا الملك يفعل كذا وكذا؟ الله سبحانه وتعالى يريد أن يقيم حجة عليه. وهذا كله يرجع إلى اسم الله القادر. لن يجري في ملك الله شيء إلا بإذنه. لا يجري في ملك الله شيء إلا بإذنه الكوني. لا يشترط أن يكون الشرعي، لكن الكوني. الكوني يعني القدري، هذا لا يخرج منه البشر. لذلك النبي عليه الصلاة والسلام لما سبقت القصواء، ناقته، جاء أعرابي وسبقها، فقال الناس سبقت القصواء، صدموا. فقال عليه الصلاة والسلام: "كان حقًا على الله ألا يرفع شيئًا إلا وضعه". لماذا؟ حتى يبقى الله سبحانه وتعالى فقط لك. لابد أن يذهب البشر، ولا يبقى إلا هو.
لما يموت كل البشر، وكذلك الملائكة، ماذا يقول الله سبحانه وتعالى؟ }لمن الملك اليوم؟{. لا يوجد أحد، لأنه لا يوجد أحد، فيرد الله سبحانه وتعالى، يجيب نفسه، يقول: }لله الواحد{. الواحد يعني هو الوحيد الباقي. طيب، }القهار{، قهر جميع البشر، قهر جميع المخلوقات. لا يبقى إلا هو سبحانه وتعالى.
الوصول إلى معاني أسماء الله:
المقصد من هذا أن الوصول إلى هذه المعاني لا شك أنها منّة ربانية، وعطية إلهية. ومن وصل إليها سيستحوذ، يعني لن يعترض على القدر. الاعتراض يكون على ماذا؟ دائمًا الاعتراض تسمعونه في ماذا؟ إما على الشرع أو على القدر. الشرع: لماذا الله يبيح زواج أربع نساء ولا يجوز للمرأة أن تتزوج أربعة؟ طبعًا نأتي نحن ماذا نقول؟ الرجل من صفته كذا وكذا ويستطيع، لكن تريدون إجابة قوم؟ من الذي يعرف البشر؟ الله سبحانه وتعالى. من الذي شرع؟ أنت أعلم أم الله؟ بماذا اعترضت على هذا الحكم الشرعي؟ أي أداة استخدمتها؟ العقل، صحيح؟ من الذي خلق العقل؟ نحن كلنا نرجع إلى الله سبحانه وتعالى فالحكيم هو الله، القدير هو الله، العالم هو الله.
إذًا كيف تحتج على الله بشيء خلقه الله؟ طيب، كيف نقيم الناس؟ نثبت صحة الإسلام. إذًا يجب عليك الانتقاد والانقياد. عقلي أو غير عقلي؟ عقلي. يعني العقلي يدل على القيادة ولا يدل عليه؟ يدل عليه. هذا القرآن كلام الله، الواجب عليَّ أن أثبت هذا الشيء. أثبته، أقمت عليه الحجج. إذًا كل ما هو فيه علمت أو لم تعلم، عرفت الحكمة منه أو لم تعرفها، ممكن تطلب الحكمة وهذا أمر حسن إذا استطعت أن تصل إليها، لكن لو لم تعرفها، سلم.
لذلك باب القدر باب التسليم. يقول الواحد القدر، قدره الله. ولما سُئل سيدنا علي عن القدر، قال: *طريق مظلم فلا تسلكه، بحر خضم فلا تلجه*. بحر عميق فلا تلجه. لماذا؟ لا تستطيع عليه. يعني هذا الباب أكبر من مستواك، مثله مثل البصر، لا حد يقف عنده، والكل يسلم أو يسلم. كذلك العقل، لا حد يقف عنده. لا يستطيع العقل أن يتجاوز هذه المرحلة. إذًا الآن ماذا؟ يأتي التسليم. والله يبتلي عباده بالتسليم. لذلك الله لا يريد إلا عبودية الاختيار. لا يريد عبودية الإجبار. لا يريد شخصًا يجبر على العبادة... لا، الله لا يريده، يريد عبودية الاختيار. لذلك قال: *وما أنت عليهم بجبار، لست عليهم بمسيطر*. الأمر كله يرجع له سبحانه وتعالى.
أهمية الأسماء الحسنى في الدعاء والعبادة:
فالشخص إذا عاش مع هذه الأسماء بهذه الطريقة، وبدأ يدعو الله سبحانه وتعالى، يقذف الله في قلبه العيش مع أسمائه الحسنى والتعرف عليها، هنا يبدأ يتعرف على الله سبحانه وتعالى ويصل إلى درجة العلم بالله، الذي هو أشرف العلمين على الإطلاق. فالعلم علمان: علم بالله، وعلم بأمر الله. وأشرف العلمين العلم بالله سبحانه وتعالى. العلم بالله هذه منزلة عالية جدًا، وعطية ربانية. وكلما تقدم الشخص في العبادة، كلما فتح عليه في هذا الباب. هذا الباب لا حد له.
يعني هذا باب لا نهاية له. إلى أي درجة سيصل الشخص؟ النبي عليه الصلاة والسلام في يوم القيامة يُلهم من التحميد، صح؟ الأمور التي غير موجودة. لماذا؟ لأنها ترجع كذلك إلى تعظيم الله. لذلك هذا الباب باب متعلق بالتعظيم، متعلق بالإجلال، متعلق بتقديس الله سبحانه وتعالى. هذا باب مقصود. هذا يُحمد الله عليه أكثر من حمده على النعم التي يتنعم بها. نحن نحمد الله على نعمه، لكن نحمد كذلك على أسمائه وصفاته. الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه. نحمده كذلك على الأكل، ونحمده على الشرب، نحمده على نعمة الأمن والأمان. لكن هذا الحمد المتعلق بنعمه، بينما المتعلق بصفاته وأسمائه أعظم.
لذلك الله سبحانه وتعالى يحب المدح. الله يحب ولا يحب أحد ينازعه فيه. لذلك الله سبحانه وتعالى يقول: *إنَّ أخْنَعَ اسْمٍ عِنْدَ اللهِ رَجُلٌ تَسَمَّى مَلِكَ الأمْلاكِ. زادَ ابنُ أبِي شيبَةَ في رِوايَتِهِ لا مالِكَ إلَّا اللَّهُ عزَّ وجلَّ*.
لا أحد ينازع الله في ملكه، في سلطانه، ولا أحد يتدخل في قدره سبحانه وتعالى الذي يقدره. الله لا يحب هذا الشيء. ولو كان الهدف من التدخل بالقدر هداية الناس. انظروا إلى أي درجة. الله يقول: *حكمة بالغة، فما تغني النذر* (القمر: 5). حكمة بالغة في هداية من يهدي، وإضلال من يضل. حكمة بالغة. طيب، ماذا نفعل نحن البشر؟ نسلم فقط. لا نتدخل.
سبب الاعتراض على الشرع والقدر:
إذًا فالانتقاد يكون على الشرع أو القدر، مرجعه إلى عدم معرفة الله. لو عرف العبد ربه لما انتقد. اسم الله الحكيم: أنتم أعلم أم الله؟ كيف تكون إجابات القرآن؟ مباشرة. رجع الله إلى هذا الشيء: أنتم تعرفون أكثر أم الله؟ الله سبحانه وتعالى.
من يقرأ القرآن بهذه الطريقة سيكتشف القرآن وسيتعرف على الله. الله سبحانه وتعالى لا يريد من البشر أن يعبدوه وهم يرون أن لهم حقًا على الله. لا، الله هو الذي جعل الحق على نفسه، لم تجعل أنت الحق على الله. هو الذي جعل، كتب ربكم على نفسه الرحمة. هو الذي كتب، ليس البشر هم الذين ألزموا الله. والله هو الذي كتب، والله هو الذي قدر، والله هو الذي يجعل. وفي النهاية كله لله سبحانه وتعالى. البشر عبارة عن منفذين لأمر الله فقط. القدريين. فإما أن يكون هذا المخلوق منفذًا لأمر قدري شرعي، أو يكون منفذًا لأمر قدري لكن الله لا يحبه شرعًا. الأول الصالح، والثاني الكافر أو الطالح. البشر هم هكذا، هم منفذين لأوامر الله سبحانه وتعالى القدرية. لكلمات الله، محط هذه الأقدار، هم حطها. فإما أن يكون منفذًا لأمر قدري شرعي، أو قدري غير شرعي. القدري الشرعي هو الذي يحبه الله سبحانه وتعالى، أما القدري غير الشرعي فهو الذي لا يحبه، مثل الكفر. الله يقدر وجود كفار.
الحكمة من وجود الكفار:
لماذا يقدر الله وجود الكفر؟ حتى يرتفع أهل الإيمان. فيميز الله الخبيث من الطيب. لابد أن يوجد هؤلاء، ويوجد هؤلاء. لابد أن يوجد هؤلاء ويوجد هؤلاء. يسلط الله الكفار على المؤمنين، نعم. لماذا؟ حتى يتخذ شهداء. حتى تظهر الكلمات الإيمانية. لماذا أعظم الشهداء حمزة ورجل قام إلى إمام جائر؟ لماذا هذا الشيء؟ لماذا هذا الرجل الذي يقوم عند إمام جائر ويأمره فيقتله يكون بمنزلة حمزة رضي الله عنه؟ حتى يظهر الإيمان. الله يحب هذا الشيء. الله خلق هذا الخلق كله حتى يظهر هذه المعاني الإيمانية. حتى يميز الخبيث من الطيب. حتى يظهر النفاق والإيمان. حتى تظهر هذه المعاني. وحتى يتعرف العبيد على ربهم سبحانه وتعالى. إذًا التدخل في القدر والشرع سببه عدم التعرف على الله سبحانه وتعالى.
مثال على الاعتراض على القدر:
أظهَرُ مثالٍ متعلق بالقدر هو: لماذا الكفار أقوى من المسلمين؟ لماذا الكفار لهم الملك، ولهم الغلبة، ولهم السلطان؟ والإيمان دائمًا مُشرد، دائمًا مُستضعف؟ الإجابة: قدر الله، نعم. لكن لا نريد أن نصبح قدريين أو جبريين. نعم أعمال العبادة، حتى يعلم الله العباد بينهم. لن تنتصروا إلا بالله. إذا لم ترجعوا إلى الله، لن تنتصروا. إذا لم تعرفوا معنى اسم الله القدير أو صفة الله المتعلق بالنصر، حتى ترجعوا إلى الله، فلن تظهر هذه المعاني المتعلقة بالعزة، المتعلقة بالجبرية، حتى ترجعوا إلى الله سبحانه وتعالى. فإذا رجعتم إلى الله، سينصركم الله. لذلك عندما تتأمل في غزوات النبي عليه الصلاة والسلام، يقاتل الصحابة مع سيد البشر عليه الصلاة والسلام، وتنتهي المعركة، يفعلون جميع الأسباب، ثم في النهاية النصر لمن؟ لله. فلم تقتلوهم، ولكن الله قتلهم. وما النصر إلا من عند الله. وهكذا، حتى يثبت الله للبشر أنهم لا يستطيعون أن يفعلوا شيئًا إلا بالله سبحانه وتعالى.
نهاية فالله لا يحب التدخل بالقدر ولو كان من أخص الخلق، ولو كان من أعظم الخلق. فأحيانًا قد يدخل الشخص، هذا يحدث عند العباد، عند الصالحين، طلبة العلم. لماذا لا يهتدون؟ لماذا لا يطلبون العلم؟ لماذا؟ ويبدأ يعني يبالغ بالتذمر. خطأ كبير. لماذا؟ الله هو الذي يهدي. بذلت السبب، وما بذلته، أنت ستُسأل عن نفسك. هل بذلت؟ هل اجتهدت؟ هل ذكرت؟ هل فعلت؟ هل بدأت؟ كل ما تستطيع، ودعوت الله سبحانه وتعالى، ما جاء الناس، ما أقبل الناس. لماذا أنت حزين والله يقول: }أفلم ييأس الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعًا{. يستطيع الله أن ينزل عليهم من السماء آية، فظلت أعناقهم لها خاضعين، يستطيع. لكنه ما قدر الله هذا الشيء. لماذا؟ لأنه يريد عبودية الاختيار، لا يريد عبودية الإجبار. هذا المعنى في القرآن كثير، حتى ما يتدخل البشر بهذا الأمر.
ماذا نفعل؟ ذكّر. }إنما أنت مذكر، لست عليهم بمسيطر{. ما عليك إلا البلاغ. عليك التذكير. ثم الذي يهتدي، هذا هو الذي يريد الله سبحانه وتعالى، وهذا مكتوب في الأزل. ويرجع مثل ما ذكرنا إلى اسم الله العليم. الله أعلم حيث يجعل رسالته. لست أنت أحيانًا تأتي بطالب وتربيه وتعلمه عشرين سنة، عشر سنوات، ثم في النهاية يصبح من أكبر أعوان الشيطان. ماذا يحدث؟ الشيخ يندم على كل ساعة ضاعت منه. هذا الشيطان دخل عليك. ما دخل شيطان؟ لا، أنت عملت لنفسك أو لله؟ أهم شيء أن تكون مخلصًا. إذا كنت مخلصًا، ثم هو أثمر هذا العمل في الظاهر، طيب. ما أثمر، انتهى. فزت عند الله سبحانه وتعالى، نجوت عند الله. الواجب عليك أن تسلم لأمر الله وأن تعلم أن هذا الكون ما يجري فيه إلا ما قدر القدير سبحانه وتعالى.
بهذه الطريقة يكون التعامل مع أسماء الله سبحانه وتعالى وقراءة القرآن ومحاولة معرفة الحكمة من ذكر هذه الأسماء في خاتمة الآيات، والعيش مع قصص الأنبياء على وجه الخصوص. كيف الأنبياء كانوا ينتقون الأسماء، وكيف كانوا يتعاملون مع الله سبحانه وتعالى، وكيف كانوا يتحدثون، وكيف كانوا يدعون، وكيف كانوا يعيشون مع هذه الأسماء. مع مرور الزمن، مع صدق العبد، ودعاء العبد وتضرع العبد لله سبحانه وتعالى بأن يعرفه عليه، هنا يُفتح له في هذا الباب إلى أي درجة إلى ما شاء الله. بمقدار تقرب العبد إلى الله، بمقدار ما يفتح الله على العبد من المعرفة بالله سبحانه وتعالى.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعرفنا عليه، وأن يقربنا إليه، إنه على ذلك قدير. والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد