الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
بعض المسلمين الكرام يريد معرفة صفة صلاة الكسوف والخسوف، فأقول وبالله تعالى التوفيق:
الكسوف:
هُوَ: ذهابُ ضوء الشمس والقمر أو بعضه وتغييره إلى السواد. والخسوف مُرَادِفٌ للكسوف في المعنى. ويُقال الكسوف للشمس، والخسوف للقمر.
وقت صلاة الكسوف:
يبدأ وقت صلاة الكسوف من ظهور الكسوف إلى زواله.
- روى الشيخان عن المغيرة بن شعبة، رضي الله عنه، أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: "إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيات اللَّهِ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَادْعُوا اللَّهَ وَصَلُّوا حَتَّى يَنْجَلِيَ" (البخاري ـ حديث 1060 / مسلم ـ حديث 904).
صفة صلاة الكسوف:
صلاة الكسوف ركعتان، في كل ركعةٍ قراءتان وركوعان وسجودان، يجهر الإمام فيهما بالقراءة، وصفتها كما يلي:
1. ينوي المسلم بقلبه صلاة الكسوف ويقول: *اللهُ أكبرُ*، ثم يقول دعاء الاستفتاح ويستعيذ بالله تعالى من الشيطان الرجيم، ويقرأ الفاتحة وسورة طويلة.
2. يركع المسلم ويطيل الركوع.
3. يرفع المسلم من الركوع ويقول: *سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ*، ثم يقرأ الفاتحة مرة ثانية وسورة طويلة ولكنها أقصر من القراءة الأولى.
4. يركع المسلم ويطيل الركوع، ولكنه أقصر من الركوع الأول، ثم يرفع ويقول: *سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ*.
5. يسجد المسلم سجدتين، يطيل فيهما السجود.
6. يقوم المسلم إلى الركعة الثانية ويفعل مثل ما فعل في الركعة الأولى تمامًا، ثم يجلس للتشهد ويسلم (المغني ـ لابن قدامة ـ جـ3 ـ صـ323-324).
- روى الشيخان عن عائشة، رضي الله عنها، زوج النبي، صلى الله عليه وسلم، قالت: "خَسَفَتْ الشَّمْسُ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَرَجَ إلى الْمَسْجِدِ فَصَفَّ النَّاسُ وَرَاءَهُ فَكَبَّرَ فَاقْتَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، قِرَاءَةً طَوِيلَةً ثُمَّ كَبَّرَ فَرَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا ثُمَّ قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقَامَ وَلَمْ يَسْجُدْ وَقَرَأَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً هِيَ أَدْنَى مِنْ الْقِرَاءَةِ الْأُولَى، ثُمَّ كَبَّرَ وَرَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وَهُوَ أَدْنَى مِنْ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ قَالَ فِي الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ مِثْلَ ذَلِكَ، فَاسْتَكْمَلَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ، وَانْجَلَتْ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ، ثُمَّ قَامَ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: "هُمَا آيَتَانِ مِنْ آيات اللَّهِ، لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَافْزَعُوا إلى الصَّلَاةِ" (البخاري ـ حديث 1046 / مسلم ـ حديث 901).
- قوله (أربع ركعات) أي: أربعة ركوع وأربعة سجود في ركعتين (حاشية السندي على سنن ابن ماجه ـ جـ1 ـ صـ 382).
- قوله (وانجلت الشمس) أي: ظهرت الشمس، وعاد نورها.
- قوله (فَافْزَعُوا إلى الصَّلَاةِ) أي: الْجَئُوا إلى الصَّلَاةِ واسْتَعِينُوا بهَا عَلَى دَفْعِ الْأَمْرِ الْحَادِثِ (عمدة القاري ـ بدر الدين العيني ـ جـ7 ـ صـ 74).
- قوله (آيتان) أي: علامتان.
قال الإمام البغوي (رحمه الله): *المعنى: كانوا في الجاهلية يزعمون أن كسوف الشمس والقمر يوجب حدوث تغيير في العالم، من موت وضرر ونقص ونحوها، فأعلم النبي، صلى الله عليه وسلم، أن ذلك باطل، وأن خسوفهما آيتان من آيات الله، ليعلموا أنهما خلقان مسخران ليس لهما سلطان في غيرهما، ولا قدرة على الدفع عن أنفسهما، وأمر عند كسوفهما بالفزع إلى ذكر الله تعالى والصلاة، إبطالًا لقول الجهال الذين يعبدونهما، ونفيًا للفعل عنهما، وتحقيقًا أن ذلك من الله*(شرح السنة ـ للبغوي ـ جـ4 ـ صـ363).
خِتَامًا:
أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، ويجعله سبحانه في ميزان حسناتي يوم القيامة }يوم لا ينفع مال ولا بنون * إلا من أتى الله بقلب سليم{(الشعراء: 88-89). كما أسأله سبحانه وتعالى أن ينفع بهذا العمل طلاب العلم الكرام.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد