وقفة مع قصيدة أيها الحادي للعشماوي


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

بداية، باسمي واسم كل حاج ومعتمر وزائر نتقدم بخالص الشكر والتقدير للمملكة العربية السعودية حكومة وشعبًا على الحفاوة والترحاب بضيوف الرحمن، ناهيك عن كرم الضيافة وحسن الوفادة، وتسهيل كل الخدمات لأداء المناسك بيسر وسهولة، ناهيك عن حسن التنظيم والتخطيط وإدارة الحشود بنجاح بخطط محكمة وعلاج الزحام بطريق سليمة، وبتوفيق الله ثم بهذه الجهود المباركة ينجح حج كل عام وتنجح مواسم العمرة في رمضان وسائر العام.

وبالرغم من ذلك قد يسعى حاقد تعرض لموقف يتطلب منه أن يلتزم بالنظام فيخالف، فيقع ضرر عليه وعلى الآخرين، فيعيد ويزيد. وردًا على هؤلاء كانت قصيدة أيها الحادي… لشاعر العربية الأكبر الدكتور عبدالرحمن العشماوي، وفيها يرد على (كلّ متحاملٍ يسعى إلى تشويه صورة الخدمات العظيمة للحجّاج والمعتمرين في بلاد الحرمين) مبينًا مكانة المملكة والجهود العظيمة التي تقدمها للحجاج والمعتمرين والزوار. وفيها يقول:

نحن أدرى:

أيها الحادي الذي يحدو القوافلْ 

أنت ماضٍ، وجديرٌ أن تواصلْ 

أَسْمِعِ الصحراءَ صوتاً أنْجشيّاً 

صافياً يُلهبُ أخفافَ الرواحلْ 

وبه تمنحنا الواحةُ ظلاً 

وبه تُطوى من الدرب المراحلْ 

أيها الحادي، أدر شَدوكَ فينا 

نغماً يوقظ أحلامَ الغوافلْ 

صوتك العذب يُرينا كيف تهفو 

مُقَلُ الرمل، وأهدابُ المنازلْ 

صوتك العذب غناءٌ يتلاشى 

عنده تغريدُ أصواتِ البلابلْ 

كلّما أنشدتَ لحناً، خِلتُ أني 

أمسح النجمَ بأطراف الأناملْ 

وأناجي قمر الليل وأبني 

فوقه صرحاً، وأبراجَ فضائلْ 

وأرى دائرة النور أمامي 

غُرّةً بيضاء في جبهةِ صاهلْ 

وأرى الأنجم عقداً لؤلؤياً 

ما له في عالم الدِّر مُماثلْ 

أيّها الحادي، تألقتَ فرفقاً 

بالقوارير وربَّات الخلاخلْ 

خفِّف اللحنَ الذي أصبح سحراً 

يتسامى وَصفُه عن سحرِ بابلْ 

أيها الحادي، على لحنك سارتْ 

خيلُنا الدُّهمُ الكريماتُ الأصائلْ 

لمْ نزل نُركِضُها في خير أرضٍ 

صانها الرحمن من ضَربِ الزلازلْ 

لم نزل نسقي رمال البيد غيثاً 

من وفاءٍ، عبّرت عنه الجداولْ 

لمْ نزل في رحلة الحب سويّاً 

نقطع البيدَ ونجتاز المجاهلْ 

ربما يعذُلنا من ليس منّا 

والفتى الواثقُ لا يخشى العواذلْ 

نحن ما زلنا على درب هُدانا 

نرشد الناس وندعو ونحاولْ 

لا نبالي بخفافيش ظلامٍ 

بل نناديها وغيثُ الحبِّ هاطلْ 

يا خفافيشَ ظلام الليل، إنّا 

قد عرفنا كلَّ ما تُخفي الحواصلْ 

عجباً، كيف وهمتم، أنسيتمْ 

أنّ بحر الوهم لا يلقاه ساحل 

لجّةٌ مظلمةٌ يغرق فيها 

كل مجنونٍ ومخدوعٍ وعاطلْ 

يا خفافيش ظلام الليل إنّا 

لمْ نزل نحملُ في الليل المشاعلْ 

ما وجدنا حَيرةً لما انطلقنا 

بل عرفنا كيف نمضي ونواصلْ 

دارت الدنيا بنا حتى ثبتْنا 

وورثنا بالهدى مجدَ الأوائلْ 

أرضنا مهبط وحي الله، فيها 

جمَّع الإسلامُ أشتاتَ القبائلْ 

هذه كعبتُنا مهوى قلوبٍ 

شوقُها يغلي كما تغلي المراجلْ 

ركنُها والحجر الأسود فيها 

والمصلّى والحماماتُ الزواجلْ 

هذه طَيْبَتُنا للخيرِ  فيها 

ألَقٌ تَعْشى به مُقلةُ خاذِلْ 

صورةٌ تختصر الكونَ وتمحو 

من قلوب الناس آثارَ الغوائلْ 

يا خفافيش ظلامِ الليل، مهلاً 

سرجُكم في ساحة الميدان مائلْ 

شرِّقوا أو غرِّبوا إنّا ورثنا 

من تعاليم الهدى خيرَ الشمائلْ 

وورثنا من كتاب الله علماً 

كلُّ علمٍ بعده تحصيلُ حاصلْ 

ويلكم، كيف نسيتم أن ديني 

هو نبع الخير والأرضُ خمائل 

إنما يحفظ ُحقَّ الناس دينٌ 

يرِدُ الناسُ به أصفى المناهلْ 

وبه يُحفَظ حقٌّ لضعيفٍ 

وبه يُطعَم مسكينٌ وعائلْ 

صورة محكمة النسج، ودينٌ 

واضحٌ تسمو به الأرواح كاملْ 

عجباً ممن يرى في التمر جمراً 

ويساوي بين مجنون وعاقلْ 

ويرى أن العصا مثلُ حُسامٍ 

ويساوي بين سَحبانَ وباقلْ 

عالَم الحقد الذي يطلق فينا 

كلَّ يومٍ صرخةً من فم صائلْ 

لم يزل يسبح في بحر المآسي 

وعلى شاطئه تجري المهازلْ 

عالَم الحقد انكساراتُ عقولٍ 

أصبحت في خالق الكون تجادلْ 

يزنُ الأمر بميزانين، هذا 

راجحٌ في الوزن والآخر شائلْ 

كيف نرجو من فتى يأبى التزاماً 

بفروض الدين تطبيقَ النوافل 

ما قلوب الناس إلا كبقاعٍ 

بعضها مُعْشَوْشِبٌ والبعض ُقاحلْ 

كم قلوبٍ كزهور الروض حبّاً 

وصفاءً، وقلوبٍ كالجنادلْ 

أيّها الماضون في درب الدعاوى 

دربُنا يُسقى من الخير بوابلْ 

نحن في مملكة أشرق فيها 

فجرُ دين الله يجتاز الحوائلْ 

خدمة البَيْتيَنِ  ميدانٌ  فسيحٌ 

يتجلّى في مَداها بَذْلُ باذِلْ 

يَرْفعُ الحَجُّ بها الرّايةَ حتى 

يتَلاشى عندها قولُ المُجادِلْ 

صورةٌ كالشمسِ لا يُنكرُ منها 

نورَها السّاطعَ إلا كلُّ خاتِلْ 

نحن أدرى بحقوق الناس، هذا 

ديننا يَدْفَعُ عنها ويناضلْ 

ديننا للدين والدنيا نظامٌ 

جامعٌ مستوعبٌ للكون شاملْ 

ديننا صرحٌ من الخير متينٌ 

تتهاوى دونه أعتى المعاولْ 

ديننا أثبتُ من قُنّةِ (رَضْوَى) 

كلُّ دينٍ غيرُه في الأرض باطلْ 

رايةُ التوحيد إعلانٌ صريحٌ 

وجوابٌ عندما يسأل سائلْ 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply