التسلسل في التكفير


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

يتبنَّى عددٌ من المعاصرين القول بتكفير كافَّة الفقهاء والمحدثين والمفسرين المنتسبين إلى الأشعرية، أو المتأثِّرين ببعض أصولها فيصرِّحون بتكفيرهم جميًعا، أو ينصُّون على تكفيرِ عددٍ منهم، أو قد يجبن بعضهم عن التصريح بذلك لحساباتٍ خاصةٍ به، ويكتفي بوضع المقدمات ويترك النتيجة للشباب الذين ليس عندهم هذه الحسابات، وربَّما سكت بعضهم عن التصريح بالتكفير، مع تسويغ القول بتكفير أعيانهم.

وحين يُستَشنَعُ عليهم هذا المسلك، وكيف تحكم بتكفير جملةٍ كبيرةٍ من علماء الإسلام وفقهاء المسلمين وقادتهم، في قرونٍ ممتدةٍ، وكانوا أهل صلاحٍ ودينٍ وقيامٍ بشعائره ونصرةٍ لأحكامه وذبٍ عن حرماته وصدقٍ في اتباعه، يهوِّن الأمر عليك، ويقول: هذا هو منهج السلف، وهذه هي طريقتهم.

وترتيب المسألة عندهم: أنَّ السلف كفَّروا الجهمية، كما كفَّروا من ينكر العلو، وكفَّروا أيضًا من يقول لفظي بالقرآن مخلوق، وهؤلاء العلماء وقعوا في مثل هذه الأمور.

في المقابل: نجد أنَّ شيخ الإسلام ابن تيمية يقول في عبارةٍ شهيرةٍ: (إنَّ تسليط الجهال على تكفير علماء المسلمين من أعظم المنكرات)، وهذه العبارة قالها الشيخ في سياق تكفير أبي حامد الغزالي والثناء على من ذبَّ التكفير عنه، ومعروفٌ انتسابه للأشعرية وإمامته لهم.

فأنتَ أمام مسلكين:

1- مسلكٌ يقول لك: إنَّ تكفير هؤلاء العلماء هو منهج السلف، وإجماعهم جميعًا.

2- ومسلكٌ يقول: بل هو من أعظم المنكرات.

فثم تنافرٌ شديدٌ جدًا بين المسلكين، ولا يصح أن ينتسبا جميعًا إلى منهجٍ واحدٍ.

أصحاب هذا الاتجاه يجيبون عادة: بأنَّ العبرة هي بكلام السلف، وإجماعهم، فلا يترك هذا الإجماع المتيقن بكلام عالمٍ متأخرٍ، وقد يتكلَّفون تأويل كلام ابن تيمية بما يجعله موافقًا لقولهم، وبعضهم يطعن في الشيخ مباشرة، وكلهم يقول: يجب أن نرجع للسلف.

وكأنَّ ابن تيمية يرجع إلى الجعد بن درهم، أو أنَّه متشبثٌ بأقوال علماء المعتزلة، فابن تيمية هو من أبصر الناس بمذهب السلف وأقوالهم، ومن أشهر من نصرها ودافع عنها وعرَّف الناس بها، فحقيقة الخلاف ليس في الرجوع إلى السلف، وإنما في فهم كلام السلف، فنحن أمام مسلكين لفهم السلف:

المسلك الذي عليه ابن تيمية، ولا يختص به بطبيعة الحال، لكنَّه أشهر من بيَّنه ونصره بالدلائل والحجج، وهو المسلك الذي عليه عامَّة العلماء من قرون، ولا يكاد أن يخالف فيه عالم معاصر.

المسلك الذي جرى عليه هؤلاء الناس، ويرون أنَّه هو منهج السلف، وإجماعهم.

والملاحظ أنَّهم يستطيلون على الناس بآثار السلف، فهم يرون أنَّهم الممثلون الحقيقيون للسلف، وأنَّ غيرهم ليس صادقًا في تبني مقولات السلف، وأنَّ من لم يقل بقولهم في هذا التكفير فهو من "المميعة" أو "المدجنة" أو شتائم أخرى لا أعرفها، أو لم تبتكر بعد، وهم يتفاوتون في الحكم على غيرهم بحسب ما عند كل شخص منهم من علمٍ وعقلٍ وعدلٍ وإنصاف.

حسنًا، حتى ينكشف لك الخلل في هذا الفهم، وتدرك خطورته، لا بدَّ من طرد أقوالهم، والأخذ بلوازمها، فالانحراف قد لا يظهر لبعض الناس إلا إذا طرد، فإذا ظهرت لوازمه انكشف فساده، وهو مسلكٌ عقليٌّ صحيح، فاللوازم الباطلة تدلُّ على فساد القول، فالحقُّ لا يلزم عليه لوازم باطلة، وإنما اللوازم الباطلة تأتي على الأقوال الفاسدة، فيستدل بها على فساد الملزوم.

واللوازم على هذا التفكير كثيرةٌ، فهم يتمسَّكُون بما يلوح لهم من ظواهر كلام السلف دون تبصُّرٍ في العواقب، وسأكتفي هنا بلازمٍ واحدٍ يتجلَّى به فساد هذا المسلك، وهو إلزامهم بطرد التكفير، وأنَّه يلزمهم تكفير جمهور المسلمين، وعامَّة علمائهم من قرون، وليس في عصرنا فحسب.

وإذا صحَّ هذا الإلزام واستقام، فإمَّا أن يُصرِّحوا بهذا اللازم فيظهر توحُّشهم على هذه الأمَّة ويسقط قولهم عند كل عاقل، أو يعترفوا بوقوع التناقض فيما يقولون، ويتبين بطلان نسبتهم إلى السلف، وانحرافهم عن منهج الشرع، وأنهم يستطيلون على الناس بفهمٍ فاسدٍ لهم يحسبونه قول السلف، يجرئهم هذا الفهم الفاسد على تقحُّم المحرَّمات، وهو ما يوجب للعاقل أن يرجع في فهم السلف إلى كلام الخبراء به، البصيرين بشأنه.

مع التأكيد هنا أنَّ ما سيأتي هو من قبيل الإلزام لهم، وطرد قولهم، للكشف عن فساده، وليس تسليمًا للقول، ولا تصويبًا لما فيه من استدلالٍ أو اعتراضٍ، ثمَّ بعد ذلك سنتكلم عن الموقف من كلام السلف، وبيان التوجيه المستقيم له.

الإلزام بالتسلسل في التكفير:

قد جاء عن عددٍ من أئمة السلف تكفيرُ من لم يُكفِّر الجهمية، ومن لم يُكفِّر من يقول بخلق القرآن، ومن ذلك:

سُئل أبو بكر بن عيَّاشٍ عمَّن يقول القرآن مخلوق؟ فقال: (كافر، وكلُّ من لم يقل إنَّه كافرٌ فهو كافرٌ)(1) .

وقال سفيان بن عيينة: (القرآن كلام الله عزَّ وجل، من قال مخلوقٌ فهو كافرٌ، ومن شكَّ في كفره، فهو كافرٌ)(2) .

وقال يزيد بن هارون: (من قال: القرآن مخلوق فهو كافر، ومن لم يكفره فهو كافرٌ، ‌ومن ‌شكَّ ‌في ‌كفره فهو كافرٌ)(3) .

وقال أبو خيثمة زهير بن حرب: (من زعم أنَّ القرآن كلام الله مخلوقٌ فهو كافرٌ، ومن شكَّ في كفره فهو كافرٌ)(4) .

وقال أحمد بن حنبل: (من قال: القرآن مخلوقٌ فهو كافرٌ، ‌ومن ‌شكَّ ‌في ‌كفره فهو كافرٌ).(5)

وقال أيضًا: (فمن قال: مخلوق فهو كافرٌ بالله العظيم، ومن لم يُكفِّره؛ فهو كافرٌ)(6) .

وقال هارون الفروي: (القرآن كلام الله ليس بمخلوق، ومن قال: مخلوقٌ فهو كافرٌ، ومن شكَّ في الواقفة فهو كافرٌ)(7) .

وقال حرب الكرماني: (والقرآن كلام الله تكلَّم به ليس بمخلوقٍ، فمن زعم أنَّ القرآن مخلوقٌ فهو جهميٌّ كافرٌ، ومن زعم أنَّ القرآن كلام الله ووقف ولم يقل ليس بمخلوق فهو أكفر من الأول وأخبث قولًا، ومن زعم أنَّ ألفاظنا بالقرآن وتلاوتنا له مخلوقة والقرآن كلام الله فهو جهميٌّ خبيثٌ مبتدعٌ، ومن لم يكفِّر هؤلاء القوم كلهم فهو مثلهم)(8) .

فهذه نصوصٌ كثيرةٌ عن عددٍ من أئمة السلف وأجلائهم، فيها: (أبو بكر بن عيَّاش، وسفيان بن عيينة، ويزيد بن هارون، وأحمد بن حنبل، وهارون الفروي، وزهير بن حرب، وحرب الكرماني).

وهي نصوصٌ صريحةٌ في تكفير من لم يُكفِّر الجهمية، أو لم يكفِّر القائلين ببعض أقوالهم.

وعلى طريقة القوم في التهويل سنقول: هذه عباراتٌ شائعةٌ، ومتداولةٌ، في طبقاتٍ متتابعةٍ، ولم يُعرف عن أحدٍ من سلف هذه الأمة أنَّه أنكر على أحدٍ منهم، خاصَّة أنها عبارات متعلقة بالتكفير، فلو كان فيها غلو أو زيادة لما سكتوا عنه، فهذا من قبيل الإجماع على تكفير من لم يكفر مثل هؤلاء العلماء الواقعين في هذه البدع المكفِّرة، ولا نبالي بعددهم ولا كثرتهم ولا بالقرون المتوالية ما دام هذا هو قول السلف قاطبة!

ونزيد في نغمة التهويل فنقول: إنَّ هذه العبارات تداولها علماء السنَّة بعد ذلك فتجدها في كتب عبد الله بن أحمد، وابن بطة، واللالكائي، وغيرهم ممن عُنوا بجمع كلام السلف، بما يدل على إقرارهم لها، ورضاهم بها، بل بعضهم صرَّح بمثلها.

ونهولها أكثر ونقول: وهذه العبارة حكاها حربٌ الكرماني في عقيدته التي حكى اتفاق السلف عليها، فهي مما حكي عليه إجماع السلف.

وعلى درج طريقتهم في الاستدلال نقول: هذه النصوص ليس فيها اشتراط إقامة الحجة، ولا فيها التفريق بين الوصف والعين، بل هي تكفيرٌ ظاهرٌ متجهٌ إلى من يقول بهذا الكلام، ولم يكن السلف يخاصمون الناس في الهواء، بل يتكلمون عن أشخاص أحياء في زمانهم، وما ثمرة التكفير إن لم يترتَّب عليه آثاره؟

وهذا يدلُّ على تكفير كلِّ عالٍم أو طالب علمٍ أو حتى عامي لم يكفِّر من كفَّره السلف، ولا نبالي بعواقب الأمور ما دام هذا هو ظاهر قول السلف، فهم أطلقوا التكفير، وهم أتقى وأورع وأعلم ممن يشنِّع عليهم من المتأخرين.

وعلى مسلكهم في اللمز لمخالفيهم، والاستطالة عليهم نردها بالمثل، فنقول: عدم تكفير من لم يُكفِّر ليس له حجةٌ من كلام السلف، بل هو تأثرٌ بالثقافة الإنسانوية، وبقيم التسامح الغربي، وبطبيعة الحياة العلمانية المعاصرة، حيث أصبح التكفير مرفوضًا، فثقل على النفوس الالتزام بما كان عليه السلف في تكفير من لم يكفر.

ونوسِّع هذه الاستطالة بغيًا وفجورًا كما يصنعون، فنقول: إنَّ الإنكار على من يكفِّر كلَّ من لم يكفر وتعظيم النكير على من يكفرهم جميعًا: إنَّما هو من تقديم حق المخلوق على حق الخالق، ومن أثر تعظيم صفات المخلوق على صفات الخالق.

وهذا يعني تكفير عامَّة هذه الأمة من بعد القرون المفضلة ممن نجزم قطعًا أنَّهم لم يكونوا يكفرون مثل هؤلاء العلماء بأعيانهم، فلا يستثنى من ذلك إلا ربما عددٌ قليلٌ جدًّا ممن نصَّ على تكفير الأشعرية، وما عداه فهو كافرٌ بعينه، إلى أن نأتي إلى زمننا المعاصر، فتكفِّر عامة الناس في عصرهم، العلماء وطلبة العلم والعامة، لأنَّه لا يعرف التكفير إلا عن فئةٍ محدودةٍ هم هؤلاء الناس، فهم الباقون على الإسلام فقط كما يقول السلف!

وهذا لازمٌ محكمٌ تامٌّ لا يستطيعون الفكاك منه، فهذه هي طريقتهم في تكفير علماء المسلمين الذين وقعوا في بعض هذه البدع تأولًا، وهذه طريقتهم في الاستطالة على من لم يكفرهم، ومن تأوَّل لهم، ومن أحسن القول فيهم، أنهم يستطيلون بكلام أجلاء السلف، فلازم طريقتهم هي هذه، فليلتزموا به إن كانوا صادقين، أو ليعودوا إلى أصل النظر فيصححوا الخلل من مبدئه.

فما يذكرونه في تكفير علماء الأشعرية من حجةٍ، وما يستطيلون به على من يخالفهم، يرتدُّ عليهم في تكفير من لم يكفرهم، فهو يُلزمهم بنفس الحجة، ويستطِيلُ عليهم بنفس ما يستطيلون به على مخالفيهم.

وقد يقول قائلٌ منهم ليخرج من حبكة هذا الإلزام: لكنَّ السلف نصَّوا على أنَّ التكفير هنا لمن يفهم، أو من يعلم، فلا يكفَّر إلا بعد إقامة الحجة، فلا يلزمنا، بخلاف من أنكر العلو، أو قال بخلق القرآن فلم يشترطوا فيه ذلك.

ومن هذه النصوص: ما جاء في رسالة أبي زرعة وأبي حاتم الرازي: (ومن زعم أنَّ القرآن مخلوق فهو كافرٌ بالله العظيم كفرًا ينقل عن المِلَّةِ، ومن شكَّ في كفره ممن يفهم فهو كافرٌ).(9)

وجاء أيضًا عن أبي حاتمٍ الرازي مثل هذا فقال: (ومن زعم أنَّه مخلوقٌ ومجعولٌ فهو كافر بالله كُفْرًا ينقل به عن الملة، ومَن شَكَّ في كُفْرِه مِمن يفهم ولا يجهل فهو كافرٌ، ومن كان جاهلًا عُلِّم، فإن أذعن بالحقِّ بتكفيره وإلا ألزم الكفر).(10)

وذكر هذا المعنى بعض العلماء بعد ذلك كأبي الشيخ الأصبهاني فقال: (ومن شكَّ في كفر من قال: القرآن مخلوق بعد علمه وبعد أن سمع من العلماء المرضيين ذلك فهو مثله)(11) .

 ولا فكاك لهم بسبب هذه النصوص، بل حبل الإلزام يزيد إحكامًا، وبيانه من جهتين:

الجهة الأولى: أنَّ كلَّ من سبق ذكرهم وهم أكثر وأشهر لم يذكروا هذا القيد، فما يذكر هنا من قيود هو تحكمٌ، وإسقاطٌ على كلامٍ واضحٍ ظاهرٍ ليس فيه هذه القيود، ولا يصح - إلزامًا لجمودهم الظاهري-  أن يُقيَّد كلام أكثر العلماء المتقدمين بكلام عالمٍ أو عالمين من بعدهم، فيصح أن يكون التقييد قولًا لبعض العلماء، لكنَّ الأكثر على خلافه، فيبقى أنَّ جمهور السلف ليس عندهم هذا القيد.

الجهة الثانية: ومع هذا القيد، فالإشكال ما زال قائمًا، فنحاكمكم بطريقتكم في محاكمة مخالفيكم فنقول: ومتى تقوم الحجة على من لم يُكفِّر وقد مضت كل هذه القرون بدون ثمرة؟!

فقد أوضح السلف الدليل، وبينوا الحجة، وأظهروا المسألة، ومرَّ على ذلك قرونٌ طويلةٌ، وتتابع البيان، فهل غابت حجة الله عن الأرض حتى أصبحت هذه المسألة خفية غامضة لا يمكن إقامة الحجة عليها؟

ونكيلكم بالصاع الذي تستطيلون به على عباد الله فنقول: وهذا الشرط في إقامة الحجة يصحُّ أن يقال في حقِّ شخصٍ أو شخصين أو أكثر ممن كان لهم عذرٌ، لكن ما عذر الخبراء بحالهم من العلماء كابن تيمية مثلًا، أو طلابه، أو من بعدهم ممن يعرفون كلام السلف، ويحفظونه، ويستدلُّون به، فهل نعذر الجاهل بجهله، والعالم بعلمه!

وعلى مسلككم أيضًا: فالعذر يصح أن يُنزَّل على حالاتٍ معينة، لا أن يقال عن كلِّ من لم يُكفِّر إنه مسلم، أو يعامل معاملة المسلمين، ونطلق عليهم جماعة مسلمة وهم متلبِّسون بأصلٍ كفري ظاهر قد نصَّ على تكفيره السلف، فالتكفير العام إن لم يتناول كل الواقعين فيه، فيجب أن يتناول أكثر الواقعين فيه، أو على أقل الأحوال يجب أن يتناول الكثير منهم.

وعلى منوال المسلك التالف هذا نقول: فإقامة الحجة أصبحت عذرًا لعدم التكفير أصلًا، حتى أصبح وكأنه لا وجود له، وأنَّ تكفير السلف هو شيءٌ تجريديٌّ خياليٌّ لا وزن له، ولا أثر.

ونكرر نفس دعواكم: متى تقوم الحجة إذن، وفي أي صورةٍ؟

ثم نقول على نفس المسلك: أوجدوا لنا قائمة بأسماء عددٍ من العلماء والفقهاء الذين لم يُكفِّروا وترون أنهم كفارٌ لأنَّ الحجة قد قامت عليهم! سمُّوا لنا عالمًا كفَّرتموه لأنَّه لم يكفِّر هؤلاء العلماء، وحتى نعرف ما الذي اختصَّ به هذا العالم حتى يكفَّر دون غيره من الناس!

ونرسم الخريطة التي يرسمونها لتكفير العلماء: السلف قد اتفقوا على تكفير من لم يكفِّر، قد يقال: إنَّهم كفَّروا بدون تفصيل، أو كفّروا الجميع بأعيانهم، أو فرَّقوا بين الجاهل والعالم، وأمَّا أن يقال الجميع لا يكفَّر فهذا لا يقوله أحدٌ من السلف!

ونكرِّر عليهم الحجة التي لا يسأمون من تكرارها: ولو فرض وجود عذرٍ لمن لم يكفِّر من أمثال ابن تيمية، والذهبي، وبقية العلماء المعاصرين فهذا لا يجيز أن يكون أئمة للمسلمين، ولا معظَّمين فيهم، فغاية أمرهم أنهم وقعوا في كفرٍ، وهم معذورين فيه، فأيُّ إمامة، وأي مقامٍ عظيمٍ لمن هذا حاله!

وهكذا تجد أنَّ الإلزام خانقٌ على الوجهين جميًعا:

فعندك نصوص كثيرة لم تذكر أي شيءٍ متعلق بإقامة الحجة، وأقل أحوالها على قولكم إن لم تكن إجماعًا أن تكون قول جمهور السلف، فيبقى في أقل أحواله قولًا سائغًا، فيترتب عليه القول بتسويغ تكفير عامة المسلمين في عصرنا، بل وفي العصور من قبلهم.

وحتى على القول باشتراط الحجة، ولو سلَّمنا بأنَّه هو قولهم جميًعا، فيبقى أنَّ إقامة الحجة متعلقة بعذرٍ لبعض الأعيان، ولا يصح أن تكون مانعة من تكفير الجماعة فلا ينسبون إلى الإسلام مع تلبسهم بأصلٍ كفري، ولا يعذر العالم منهم، ولا يعذر العامي الذي عُلِّم.

وقد يجيب أحدهم عن الإلزام فيقول: لكنَّ المسائل لها رتب مختلفة، فالوقوع في الكفر ليس مثل عدم تكفير من وقع فيه.

والجواب بسهولة: إنَّ الإلزام لا يقول إنَّها مرتبة واحدة، ولا علاقة لحبل الإلزام الذي يطوِّقك بهذا المعنى أصلًا، حتى تورده جوابًا عن الإلزام.

لأنَّنا نقول: فحتى لو كانت رتبها مختلفة، فهي كلها مكفِّرات، ثم لو كان الثاني يحتاج إقامة الحجة بخلاف الأول فإقامة الحجة لا يصح أن تلغي باب التكفير حتى يكون شيئًا خياليًا يتكلَّم فيه السلف -كما تقولون بطبيعة الحال- وليس له علاقة بالحياة.

فكما ترى، انظر كيف يسهل جرُّ القوم لكسر باب التكفير على مصراعيه، ويسهل دفعهم إلى إنهاك أمة محمد صلى الله عليه وسلم بالتكفير، وأنَّ الأمر لا يقتصر على من تلبَّس بمثل هذه البدع تأولًا، بل قد يصل إلى تكفير غيرهم من علماء المسلمين، أو تضليلهم أو تسخيفهم والاستطالة عليهم، وهو يتمدد بحسب علم كل واحدٍ منهم وعقله.

وإذا علمتَ أنَّ تكفير علماء المسلمين أصبح مادة مفتوحة لجمهور الناس، يشارك فيه طبقات مختلفة من عامَّة الناس، يخوض في تكفير علماء المسلمين أناسٌ هم من أضعف خلق الله عقلًا وعلمًا، تبيَّن لك أنَّ مآل التكفير لا بدَّ أن يتمدَّد طولًا وعرضًا، وقد يصل إلى هؤلاء الناس الذين فتنوهم بهذا التكفير فيكفَّرون به، فهم يشعلون نارًا، لا يدرون أنهم سيوقدون فيها، فما عذرهم في عدم التصريح بتكفير من لم يُكفِّر هؤلاء العلماء؟ ولماذا لا يسمع لهم تكفير أي أحدٍ مهما فعل!

وقد يقول قائل منهم: لكنَّنا لا نقول بهذا القول، ولا نكفر الناس بمثل ما تذكر.

والجواب: أنَّ البحث ليس في نسبة هذا القول إليهم، فهو قولٌ في غاية الشناعة والبشاعة والفظاعة، وإنما فائدة هذا الإلزام الكشف عن أساس الغلط، ومنبع الانحراف، ففساد اللازم دليلٌ على فساد الملزوم، فإذا كان هذا لازم قولكم، دلَّ على أنَّ قولكم فاسدٌ منحرفٌ، وإلا لما لزم عليه مثل هذا الفساد العظيم، فالقول الحق لا يلزم منه باطل، وإنما الباطل ينشأ من الأقوال الباطلة.

وفائدة الإلزام أيضًا: أنَّه ينبه على مسيرة الأقوال الباطلة ويستشرف مستقبلها، فإن توقف بعضهم عن طرد القول لما يراه من شناعة، فإنَّك لا بد أن تجد من يلتزم بطرده ولا يستشنع، فكما أنَّهم لا يستشنعون تكفير علماء المسلمين الواقعين في بعض البدع تأولًا كالنووي وابن حجر والقرافي والعز بن عبد السلام والبيهقي وما لا يحصي عددهم إلا الله، وهو أمرٌ شنيع عند غيرهم من المسلمين، سيوجد من لا يستشنع تكفير ابن عبد البر وابن تيمية والذهبي وابن رجب وابن المبرد وأئمة الدعوة وكافة العلماء المعاصرين وجمهور عوام المسلمين معهم، لأنَّه يطرد قول السلف حسب فهمه.

وهذا الاطراد ليس أمرًا متخيلًا أو متوقَّعًا فحسب، بل له شواهد يعرفها من يتابع حالة القوم، فسمعنا من يقول عن البخاري جهمي، ومن يقول الجهمية التيمية، في شواهد أخرى لا نريد ذكرها هنا، هي ليست من قبيل الانحراف عن القول أو الغلط فيه، بل هي في الحقيقة طرد للقول، وسير على لوازمه، فهم أطرد عقلًا للمنهج وأشد تماسكًا، وإن كانوا أكثر فسادًا، وأظهر انحرافًا.

حسنًا، وبعد ذلك، هل يعني هذا أنَّنا ننسب هذه اللوازم إلى منهج السلف؟

معاذ الله، فهذا الفساد العريض الذي يترتب عليه تكفير جمهور أمة محمدٍ صلى الله عليه وسلم هو من الغلو القبيح، والانحراف الشنيع الذي يتجاوز ما يحكى عن غلاة الخوارج في الزمن الأول، ولا يمكن أن يكون هذا قولًا للسلف، ولا لأحدٍ منهم، وإنما ثمرة هذا الإلزام إبطال تمسُّكهم بأذيال السلف، وتبرئة منهج السلف منهم، فالخلل راجعٌ إلى سوء الفهم وضعف العقل، ولا ينفعهم بعد ذلك دعوى اتباع السلف، أو تفاخرهم بذلك.

ويعلمُ الله أنَّي كارهٌ لذكر هذه المقولات في التكفير، وضائقٌ منها، لما لهؤلاء الأئمة من مقامٍ عظيمٍ في الإسلام، فيخشى أن تكون فتنة على بعض الناس فينتقصون من حقهم الواجب، إلا أنَّها ضرورة لا بدَّ منها للكشف عن فساد هذه الطريقة، وبطلان نسبتها إلى السلف.

وهذا الطرد موضوعي صحيح جدلًا، فيلزمهم نسبة هذا المعنى الفاسد إلى السلف، وهذا فيه إساءةٌ عظيمةٌ لأئمة السلف، وطعنٌ قبيحٌ فيهم، وتنفيرٌ عظيمٌ عنهم، فهم يظهرون تعظيم السلف، ويستطيلون على الناس به، وهم بهذه الطريقة في الاستدلال يفتحون ذرائع الحط على السلف والإساءة إليهم حين ينسبون إليهم قولًا يلزم عليه مثل هذه اللوازم الشنيعة، فمفسدة هذا التفكير المختل من جهتين:

الأولى: أنَّه يفتح باب التكفير على مصراعيه ليمزق أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فلا تكون أمة مرحومة، بل أمة مسخوطة يكفر بعضها بعضًا، ويحكم على جمهورها بالخروج عن الإسلام، فينتج غلوًا عظيمًا في هذا الباب.

الثانية: ويفتح في المقابل الإساءة إلى السلف، والطعن فيهم، أو تقبُّل التصوُّرات المنحرفة عنهم، أو الإعراض عن الانتفاع بهم، فهذه الطريقة هي في الحقيقة فتنةٌ للناس، لأنَّها تنسب المعاني الفاسدة إلى السلف بدون تفكُّر في العواقب.

إذن، كيف نتعامل مع هذه الأقوال المحكية عن السلف؟

هذا ما أريد الوصول إليه من هذه المقالة، وهذا مقصد هذا الإلزام، أن يرجع العاقل إلى أساس الأمر فيفحص من أين دخل عليه الخلل، فهذه الآثار معروفة عند العلماء من قرون، لم تكن خافية عليهم، ولا هي من دقائق البحث التي لا يصل إليها إلا آحاد الناس، بل هي مقولاتٌ شائعةٌ في الكتب المشهورة، غير أنَّ لهم فهمًا لها، وقواعد في التعامل معها، يختلف عن طريقة هذا المسلك الفاسد الذي ترتب عليه مثل هذه اللوازم الشنيعة.

فالخلل هنا هو من جنس الخلل الذي دخل على الخوارج في نصوصٍ أعظم من نصوص أقوال علماء السلف، وهي نصوص القرآن الكريم، فقد وجدوا حسب فهمهم نصوصًا ظاهرة تدل على مذهبهم، وهي بيِّنة في القرآن، وحسبوا أنَّه لا يقرأ القرآن غيرهم، ولا يعرف آياته إلا هم، فتمسَّكُوا بما لاح لهم من ظواهر الآيات فضَلُّوا وأضَلُّوا واستحلوا الحرمات بسبب جمود فهمهم الظاهري القاصر، مع اعتدادٍ برأيهم، حسبوا أنَّهم أفقه من الصحابة، وأعلم بكتاب الله، وأنَّه لم يفهم القرآن إلا هم.

وكذلك هنا، فالجمود على ظواهر بعض العبارات، ثم طردها حسب ما يلوح للشخص من فهمٍ دون مراعاة للنصوص الشرعية الحاكمة، ولا لمقاصد الخطاب، مع إعراض عن مسلك عامة علماء الأمة ينتج مثل هذه الظاهرة.

ولهذا اعتنى شيخ الإسلام ابن تيمية بمثل هذه القضايا عناية شديدة، وهو من أخبر الناس بمقولات السلف، وأبصر الناس بتاريخها ومستنداتها وآثارها، ومن أشد الناس نصرة لها، واعتزازًا بها، وشرحًا وتوضيحًا لها، فوضع عدة قواعد كلية ضابطة لهذا الباب وغيره، سنقتصر هنا على ثلاثة معانٍ مما له علاقة بمحل الإلزام:

المعنى الأول: أنَّ تكفير القول لا يلزم منه تكفير القائل، فالتكفير يتجه إلى المقولة، وبيان شناعتها، والتحذير منها، لا أنَّ كلَّ من قالها فهو كافر بعينه، فليس هذا التكفير لازمًا لهذا، فثمَّ فرقٌ قطعيٌّ بين حكم الوصف، وحكم العين، ومن لم يفهم هذا، وظنَّ أنَّ كلَّ وصفٍ قاله السلف فهو متحققٌ عندهم في كل شخص قاله فقد أساء إليهم، وظلمهم بهذه النسبة الفاسدة، بل لو سلك هذا مع نصوص الكتاب والسنة لضلَّ وغلط، فكيف بكلام غير المعصومين.

يوضِّحه هذا المعنى:

المعنى الثاني: أنَّ التكفير من جنس الوعيد، فنصوص الوعيد تدل على أنَّ من فعل هذا الأمر فهو مستحقٌ للعقاب، لكنَّ هذا لا يعني أنَّ كلَّ وعيدٍ واقع على كل فاعلٍ، بل ثمَّ موانع، ومن أهمها هنا التأوُّل، واجتهاد الشخص حسب طاقته فيما يحسب أنه هو مراد الله.

وهذا التمييز بين حكم الوصف، وتنزيله على العين ليس أمرًا اخترعه ابن تيمية، بل هو أصلٌ شرعيٌّ قطعيٌّ دلَّت عليه دلائل كثيرةٍ من كتاب الله وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم، كما هو مسلك الصحابة رضي الله عنه ومن بعدهم، وقد أطال الشيخ في هذا الأصل كثيرًا لمسيس الحاجة إليه، ومن ذلك قوله: (وكنتُ أبيِّنُ لهم أنَّ ما نُقل لهم عن السلف والأئمة من إطلاق القول بتكفير من يقول كذا وكذا فهو أيضًا حقٌّ، لكن يجب التفريق بين الإطلاق والتعيين، هذه أول مسألة تنازعت فيها الأمة من مسائل الأصول الكبار وهي مسألة الوعيد فإنَّ نصوص القرآن في الوعيد مطلقة كقوله: إنَّ الذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا، وكذلك سائر ما ورد: من فعل كذا فله كذا، فإنَّ هذه مطلقة عامة، وهي بمنزلة قول من قال من السلف من قال كذا: فهو كذا، ثم الشخص المعيَّن يلتغي حكم الوعيد فيه: بتوبةٍ أو حسناتٍ ماحية أو مصائب مكفَّرةٍ أو شفاعة مقبولة)(12) .

ويوضِّح الفرق بين تكفير الوصف والعين، فيقول: (وليس هو قول الأئمة الأربعة ولا غيرهم، وليس فيهم من كفَّر كلَّ مبتدعٍ، بل المنقولات الصريحة عنهم تناقض ذلك، ولكن قد ينقل عن أحدهم أنه كفَّر من قال بعض الأقوال، ويكون مقصوده أنَّ هذا القول كفرٌ ليحذر، ولا يلزم إذا كان القول كفرًا أن يكفِّر كلَّ من قاله مع الجهل والتأويل، فإنَّ ثبوت الكفر في حق الشخص المعين، كثبوت الوعيد في الآخرة في حقه، وذلك له شروط وموانع)(13).

ومن الملاحظ هنا في طريقة السلف: أنَّهم يُشدِّدُون في التكفير المتعلق بالأوصاف، ويكثر في مقولاتهم التصريح بذلك، وأمَّا تنزيل ذلك على الأعيان فهو قليل جدًّا مقارنة بالتكفير المتعلق بالقول أو الفعل، بل قد يكون في بعض الأحوال معدومًا، لاحظ مثلًا هنا ما جاء في تكفير من لم يكفر، فهذا الأمر لن تجد له أيَّ مثالٍ واقعي، فلن تجد عندهم أنَّهم كفَّروا أحدًا بعينه بسبب ذلك، ولا أنَّهم استتابوه أو نزَّلوا الأحكام عليه، ولن تجد في ذلك أدنى إشارة أو احتمال، بما يؤكد أنَّ المقصود من هذه العبارات هو التشديد في حكم المسألة، وبيان عظمتها في الشرع، وليس أن تجعل مناطًا للتكفير، ووصفًا يلاحق به أعيان المسلمين فيحكم عليه بالكفر بسبب ذلك.

وهذا التمييز كاشفٌ عن عقلٍ وحكمةٍ وبصيرةٍ في الدين، فالتشديد في المقولات يحفظ الدين، ويوضح الشرع، ويصون الناس عن التلبُّس بما يخالف أصول الإسلام، وأما تنزيل ذلك على أعيان الناس فهو أمرٌ آخر يتعلق بمعرفة حال كل شخص، وعذره، وترك تنزيل ذلك على الأعيان لا يؤثر على أصل الحكم.

بخلاف من يقلب الصورة، فينشغل بملاحقة الأعيان وتنزيل الأحكام عليهم، ويلاحق بالتكفير الأحياء والأموات، فإنَّه يحدث خصومة على الحكم، ويثير الشبهات عليه، وينفِّر الناس عنه، فلم يحفظ حق الناس، ولا صان بيان الحكم الشرعي، بل أحدث سببًا يفرِّق الناس عن الحق.

المعنى الثالث: أنَّه يجب فهم كلام كلِّ أحدٍ على مقصده، والغرض الذي من أجله سيق الكلام، وما يجب من مراعاة السياق والأحوال المؤثرة فيه، وإذا كان هذا الأصل حاضرًا عند العلماء في فهم كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، فغيره من باب أولى، بل إنَّ بعض النصوص الشرعية قد تحمل على وقائع أعيان لا يجوز أن تعمم على غيرهم فكيف بكلام غير المعصومين.

وهذا يؤكد على أهميَّة فهم مقاصد الخطاب، فلا يفسَّر الكلام بما يلوح من ظاهره دون فهمٍ للمقصد.

فقول بعض أعلام السلف هنا: من لم يكفِّر فهو كافر، لا يقصدون به جعل هذا مناطًا للتكفير، فيكون من جنس أن تقول من سبَّ الله فقد كفر، ومن ترك الصلاة فقد كفر، مما هو من قبيل الأفعال أو الأقوال التي يعلَّق بها حكم التكفير، وإنما المقصود هو التشديد في بيان الحكم، وإظهار رتبته في القطعيَّة، فهو كفرٌ قطعيٌّ ظاهرٌ مما يعرفه كل مسلم، وليس المقصود أن تبحث عن أعيان الناس لتكفرهم بسبب ذلك، فمن ظنَّ أن مقصودهم هو تعليق الحكم ليكون مناطًا للتكفير فقد أزرى بعقولهم.

ويشبه هذا من بعض الوجوه ما يأتي في كلام بعض الفقهاء من التكفير ببعض المسائل الظنيَّة كقول عددٍ منهم: من استحلَّ المعازف كفر، فالمقصود أنّ الحكم عندهم قطعيٌّ ظاهر من جنس ما لا يخفى تحريمه، لا أنَّ القول بإباحة المعازف مما يكفَّر به، فلا يتصوُّر عندهم أن يكون هذا محلًا للتكفير، لأنَّ كلَّ من يبيحها فهو يستند إلى تأويل أو اجتهادٍ، وليس هذا من المعلوم بالضرورة الذي يقال فيه لا يمكن أن يخفى على مسلم، ولا ينكره إلا جاحد.

ولهذا، فما ذكرتُه هنا في المقالة من التكفير بهذه المقولات هو من قبيل إلزامهم حسب فكرهم لبيان فساد قولهم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

(1) مسائل حرب الكرماني (3/1129).

(2) السنة لعبد الله بن أحمد (1/114- 115).

(3) الإبانة الكبرى لابن بطة (6/57).

(4) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (1/282–283).

(5) طبقات الحنابلة (1/173).

(6) طبقات الحنابلة (1/342).

(7) السنة لعبد الله بن أحمد (1/173).

(8) مسائل حرب الكرماني (3/975).

(9) شرح أصول اعتقاد أهل السنة (1/197).

(10) طبقات الحنابلة (1/286).

(11) الحجة في بيان المحجة (1/240).

(12) مجموع الفتاوى (3/230).

(13) منهاج السنَّة النبوية (5/ 240). وقد أطال الشيخ في هذا الموضع، فانظر السياق كاملًا: (5/240- 252).

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply