رأيته يمشي في مزرعة بالجنة

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

في عام ١٤٢٦ ه نظم مركز الدعوة بالبكيرية برنامج دعوي لفضيلة الدكتور عمر بن سعود العيد (أحد طلاب الشيخ ابن باز رحمهم الله).

وكان الشيخ عمر في ضيافتي ثلاثة أيام، ولقد شاهدت عجبًا طوال اليوم يرد على الجوال لفتوى أو صلح بين زوجين أو استشارة حتى وهو جالس على مائدة الطعام يرد وبرحابة صدر وسعة بال وحلم وعلم، وكثيرًا ما يستشهد بقول قاله شيخنا ابن باز رحمه الله، ومن ذلك اليوم والشيخ كلما قدم إلى القصيم أو وهو ذاهب إلى المدينة زارني.

وفي إحدى المكالمات استغرق الشيخ عشرين دقيقة مع شاب يناقشه في العقيدة وكلام لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله والشيخ يجاوبه بعلم حتى اقتنع الشاب وأنهى المكالمة!

وكان رحمه الله يجيد لغة الإشارة... ويحدثني عن دروسه مع طلاب معهد الصم وذهابه معهم إلى الحج ومواقفه معهم.

وفي أحد الأيام قلت له أرغب في السفر معك لأتعلم وأستفيد منكم قال أخشى ألا تستطيع الصبر؛ فقد ذهب معي أحد الشباب من الرياض إلى أبها وطوال الطريق كنت أرد على اتصالات المستفتين، وبعدما وصلنا سألني هل في كل سفر ترد على الجوال باستمرار؟ قلت نعم، فكأنما أحس بالملل.

وفي أحد الأيام بعد انتهاء درس له بعد صلاة العشاء أطلعني الشيخ عمر على جواله فرأيت ٩٩ مكالمة لم يرد عليها، ويقول هذه فقط خلال الدرس والناس يلومونني في عدم الرد!

آخر زيارة للشيخ لمحافظة البكيرية كانت في ٢٣/١١/١٤٤٥ وبعد العشاء جلس في صلح بين زوجين لمدة ساعة كاملة، وكنت معه في حديث جميل عن الدعوة والعمل الخيري فهو مدرسة في الصبر والعلم والتضحية.

(الحديث يطول والكلمات تعجز عن تسطير ما رأيت، ولكنها خطرات مر عليّ طيفها ودونتها عن الشيخ عمر رحمه الله تعالى، وإلّا فالمواقف والدروس تحتاج إلى مؤلفات لتدوينها).

وفي ليلة الخميس ١٦/٣/١٤٤٦ وصلني خبر وفاته رحمه الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله والحمد لله على قضائه وقدره.

ولقد رأيت الشيخ عمر في المنام يمشي في مزرعة في الجنة كلها فواكه معلقة على نحو جميل ومبهر.

أسأل الله الكريم أن يجمعنا ووالدينا وشيخنا وأحبابنا بالفردوس الأعلى.

فجر الخميس ١٦ ربيع الأول لعام ١٤٤٦

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين