بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
وليس للعيد مذاقٌ بلا وحدةٍ ولحمة. وأي جمالٍ لعيدٍ بلا تسامحٍ ورحمة؟ ومن خير التلاحم ما ترعاه وسائل الإعلام والتوجيه؛ فهل ستنضج منابرنا الثقافية لتعين على الاتحاد؟ وهل سنرى يدًا "تشترى حسن الثناء بفعالها" تعيد للإعلام توازنه وترحم مجتمعنا ممن يحاول تجريده من دينه وتبديل قيمه وتشطير أهله؟ وهل سنعيش تلاحمًا شعبيًا ورسميًا في سبيل إشاعة معاني الرحمة واللحمة في المجتمع حتى لا تقوم قائمةٌ للسوء أيًا كان لبوسه؛ وحتى ننعم بثمار دعوة نبي الله إبراهيم دون إفساد مجاهر أو تنغيص غالٍ أو غواية وسيلة أو غثاثة مرجف؟ ألا يكون فينا رجالٌ ونساءٌ يحملون هم المجتمع في كل طبقاته وفئاته للإصلاح والبناء والتطوير، ولو طال الزمان وتطاول الباطل، فللحق دومًا بعد الخفوت ظهور وبعد الذهاب أوبة. وليس بعزيز على الله أن يرتقي العمل الاجتماعي المبارك ليدخل كل حيٍّ وحارةٍ وبيتٍ، حاملًا معه بذور الرحمة وجذور اللحمة لننطلق إلى أفقٍ رحبٍ من العمل والتصحيح.
أحمد بن عبد المحسن العسّاف.
لا أخفي عليكم، أيها الأحبة، أن للعيد ميزة تختلف عن كل العبادات، ميزة يرى كثير من المسلمين اليوم أنها فرصة للتواصل والاجتماع. حديث النبي صلى الله عليه وسلم لكم، أيها الأحبة: لما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الرحم تعلقت بعرش الرحمن، فقال لها المولى جل وعلا: ألا يكفيك أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ نعم، أيها الأحبة، من خلال هذه القناة المباركة وهذه الأيام، أيام العيد المباركة، نتمنى أن يكون هذا اليوم، يوم العيد، يوم لقاء ويوم محبة ويوم صلة، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم في هديه وفي تعامله، بل وفي أخلاقه عليه الصلاة والسلام كان يتواصل مع أصحابه، وكان يقرب منهم، وكان يزورهم وكان يهتم بهم. فهذه علاقة كانت تنبثق من النبي صلى الله عليه وسلم.
العيد فرصة لكم، أيها الأحبة، لكم من الجيران، لكم من الأرحام، لكم من الأقارب، لكم من المعارف. فهي أكبر فرصة لكي تزيل ما بنيناه من الحواجز خلال هذا العام وخلال فترة السنوات الماضية. من خلال هذه القناة المباركة وخلال هذه الدقائق المباركة في هذا اليوم المبارك، أتمنى أن كل واحد منا يقرب من الآخر وأن نعطيه من المحبة ومن الإخاء ومن الصفاء ومن النقاء ما الله به عليم.
كان أحد الأصحاب في قريتنا، بل وفي مدينتنا، محبوبًا. كان يملك في هذه الأيام المباركة، وخاصة أيام العيد، ألا يدع كبير سن ولا قريب ولا جار ولا صغير إلا ويزوره. لم يزدد هذا الشخص إلا محبةً وألفةً ومكانةً بين الناس. الكل يدعو له، الصغير والكبير، الرجل والمرأة. فكن أنت مبادرًا في هذا العيد المبارك محبةً وإخاءً وسلامًا. تفقد من هم أرحامك، تفقد من هم من جيرانك، تفقد من له مكانة وله منزلة لديك بالسلامة والسؤال والهدية والتقرب لهم. نجد فرصة من فرص الحياة تجعل القلوب متقاربة إلا مثل هذا العيد. قبل أن تلتقي الأبدان يجب أن تلتقي القلوب.
معاشر الإخوة، معاشر الأحباب، معاشر الأقارب، إن العيد فرصة أن يكون الإنسان قريبًا من أهله، قريبًا من أحبابه، قريبًا من جماعته، قريبًا من جيرانه. بل فرصة أن تسأل عن أحوالهم، تسأل عما بداخلهم، وتسأل عما يريدون وماذا يحتاجون. فرصة فعلًا أن تلتقي القلوب، فرصة أن ننمي روح المحبة والإخاء والتلاقي بيننا، معاشر المسلمين، معاشر الأحباب في كل مكان. فرصة أن تزيل كل العوائق بين الأقارب وبين الأصحاب، بل وبين الزملاء. لك من الجيران خلاف؟ فرصة أن تقترب منهم. لك وبين زملائك في العمل خلاف؟ فرصة أن تقترب منهم. لك مشكلة مع أحد الأقارب أو مع الناس من حولك؟ فرصة أن يكون هذا العيد عيد خير وبركة ومحبة واجتماع وألفة. ما أجمل أن نقضي أيام العيد المبارك في التزاور. ما أجمل أن نقضي هذه الدقائق وهذه الساعات المباركة التي هي من أيام الله جل وعلا، أن نقضيها ونقول: هاهي القلوب قد فتحت لكم، فاقبلوا بالسلام والبشاشة والابتسامة والتحية والمباركة بهذا العيد المبارك.
أحبتي، هذا العيد فرصة أن تزيل كل الخلافات التي بيننا، فرصة أن تكون قريبين، فرصة أن نشعر وأن يكون شعارنا فقط هو الابتسامة والمحبة والإخاء.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: وتبسمك في وجه أخيك صدقة. مجرد أن تبتسم في وجه أخيك صدقة، فكيف إذا التقيت به، إذا قبلته، وكيف إذا احتضنته؟ وكيف إذا كانت هذه الابتسامة واللقاء مرهونين بإزالة هذه الأحقاد؟ هنيئًا لمن استغل هذه الفرصة، فرصة اجتماعية قدمها لك هذا الدين المبارك لكي تزيل ما في نفسك من الأحقاد ومن الحسد ومن الخلافات، لكي نبرهن للجميع أن عيدنا عيد محبة، عيد وفاء، عيد ننشر فيه السلام والابتسامة والانشراح. وما أجمل أن يتخلل هذا اللقاء وهذه الزيارة أيًا كانت هدية ولو كانت بسيطة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وجهني ووجهكم فقال: تهادوا تحابوا. ما أجمل أن تكون الابتسامة ويكون مع هذه الابتسامة وهذا السلام هدية، اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم كما فعل عمر رضي الله عنه لما رأى حلة جميلة وأراد أن النبي صلى الله عليه وسلم يلبسها في يوم العيد. فكان هذا دليلًا على التواصل بين الأحبة وبين الإخوان وبين الجيران وبين الزملاء. هذا العيد بين أيديكم، وفرصة. هذه رسالة من قناة الرسالة إلى كل المتخالفين أن يتقاربوا وأن يتحابوا وأن تلتقي القلوب قبل أن تلتقي الأبدان.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد