مشروعية استخدام السدر لتنظيف الشعر


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

فقد صحت الأحاديث بالحث على استخدام السدر لتنظيف الشعر، في الأغسال الواجبة والمستحبة. وفي هذا المقال جمع لما صح منها.

أولًا: مشروعية غسل الشعر بالسدر عند الإسلام:

روى أبو داوود 355 عن قيس بن عاصم رضي الله عنه قال: أتَيتُ النَّبيَّ أُريدُ الإسلامَ، فأمَرَني أنْ أغتَسِلَ بماءٍ وسِدرٍ. وصححه الألباني في الإرواء جزء ١ صفحة 164.

ثانيًا: مشروعية غسل شعر الميت بماء وسدر:

بوب البخاري: باب غسل الميت ووضوئه بالماء والسدر

وروى فيه برقم ١٢٥٣ عن أم عطية قالت: دَخَلَ عَلَيْنَا رَسولُ اللَّهِ ونَحْنُ نَغْسِلُ ابْنَتَهُ، فَقالَ: "اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ أَكْثَرَ مِن ذلكَ، بمَاءٍ وسِدْرٍ، واجْعَلْنَ في الآخِرَةِ كَافُورًا، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي، فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ، فألْقَى إلَيْنَا حقوه فَقالَ: أَشْعِرْنَهَا إيَّاهُ".

وفي حديث ابن عباس عند البخاري ١٢٥٦ ومسلم 1206: بيْنَما رَجُلٌ واقِفٌ بعَرَفَةَ، إذْ وقَعَ عن رَاحِلَتِهِ، فَوَقَصَتْهُ - أَوْ قالَ: فأوْقَصَتْهُ - قالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "اغْسِلُوهُ بمَاءٍ وسِدْرٍ، وكَفِّنُوهُ في ثَوْبَيْنِ، ولَا تُحَنِّطُوهُ، ولَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فإنَّه يُبْعَثُ يَومَ القِيَامَةِ مُلَبِّيًا".

وقد سئل شيخنا ابن باز رحمه الله: هل في حديث ابن عباس دليل على وجوب استخدام السدر؟ فأجاب؛ هو مشروع، والأمر عند العلماء للاستحباب؛ لأنه أبلغ في الإنقاء، وإذا لم يتيسر سدر فيجعل بدله صابون أو أشنان أو ما يقوم مقامهم. مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 13/ 113.

وقال القاري في المرقاة: وإنما أمره عليه الصلاة والسلام بالغسل بالماء والسدر؛ للمبالغة في التنظيف؛ لأنه يطيب الجسد. انتهى.

ثالثًا: مشروعية تنظيف الشعر بالماء والسدر بعد الطهر من الحيض:

روى مسلم 332 عن عائشة أنَّ أسْمَاءَ سَأَلَتِ النبيَّ عن غُسْلِ المَحِيضِ؟ فَقالَ: تَأْخُذُ إحْدَاكُنَّ مَاءَهَا وسِدْرَتَهَا، فَتَطَهَّرُ فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ تَصُبُّ علَى رَأْسِهَا فَتَدْلُكُهُ دَلْكًا شَدِيدًا حتَّى تَبْلُغَ شُؤُونَ رَأْسِهَا، ثُمَّ تَصُبُّ عَلَيْهَا المَاءَ، ثُمَّ تَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَطَهَّرُ بهَا فَقالَتْ أسْمَاءُ: وكيفَ تَطَهَّرُ بهَا؟ فَقالَ: سُبْحَانَ اللهِ، تَطَهَّرِينَ بهَا فَقالَتْ عَائِشَةُ: كَأنَّهَا تُخْفِي ذلكَ تَتَبَّعِينَ أثَرَ الدَّمِ.

رابعًا: مشروعية تنظيف أثر الدم بالماء والسدر:

صح عن أم قيس قالت: سألتُ النبيَّعن دمِ الحَيضِ يكون في الثَّوبِ قال حُكِّيهِ بضِلَعٍ واغسلِيه بماءٍ وسِدرٍ. رواه أبو داوود 363 وأحمد 26998.

صححه الألباني في الصحيحة جزء ١ صفحة ٦٠٣ وشعيب في تخريج المسند.

خامسًا: النهي عن قطع شجرة السدر:

ورد عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الذين يقطعون السدر يصبون في النار على رءوسهم صبًّا" (رواه البيهقي 6 / 140).

وحسَّنه الشيخ الألباني في  (صحيح الجامع  (1696

وعن معاوية بن حيدة عن النبي قال: " قاطع السدر يصوب الله رأسه في النار". (رواه البيهقي (6 / 141وحسَّنه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة  (615

وقال تحت الحديث السابق:

تأوله أبو داود بقوله: هذا الحديث مختصر، يعني: "من قطع سدرة في فلاة يستظل بها ابن السبيل والبهائم عبثا وظلما بغير حق يكون له فيها: صوب الله رأسه في النار ".

وذهب الطحاوي إلى أنه منسوخ، واحتج بأن عروة بن الزبير – وهو أحد رواة الحديث – قد ورد عنه أنه قطع السدر...

قلت: وأولى من ذلك كله عندي أن الحديث محمول على قطع سدر الحرم، كما أفادته زيادة الطبراني في حديث عبدالله بن حبشي والزيادة هي * يعني: من سدر الحرم *، وبذلك يزول الإشكال، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

ثم رأيت السيوطي قد سبقني إلى هذا الحمل في رسالته *رفع الحذر عن قطع السدر* (ص 212 ج 2  الحاوي للفتاوي)، فليراجعها من شاء ؛ فإنه سيجد فيها للحديث طرقًا أخرى، وإن كان لم يحرر القول فيها كما هي عادته غالبًا. انتهى

سادسًا: خاصية السدر لعلاج السحر:

قال الشيخ ابن باز رحمه الله في مجموع فتاواه في علاج السحر:

أن يأخذ سبع ورقات من السدر الأخضر، فيدقها بحجر، أو نحوه ويجعلها في إناء ويصب عليه من الماء ما يكفيه للغسل، ويقرأ فيها آية الكرسي و{قل يا أيها الكافرون} و{قل هو الله أحد} و{قل أعوذ برب الفلق} و{قل أعوذ برب الناس}، وآيات السحر في سورة الأعراف وهي قوله تعالى: {وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون* فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون * فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين} (الأعراف: 117-119).

والآيات في سورة يونس وهي قوله سبحانه: {وقال فرعون ائتوني بكل ساحر عليم* فلما جاء السحرة قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون* فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين * ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون}(يونس: 79-82).

والآيات في سورة طه: {قالوا يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون أول من ألقى قال بل ألقوا فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى فأوجس في نفسه خيفة موسى قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى}.

وبعد قراءة ما ذكر في الماء، يشرب منه ثلاث مرات، ويغتسل بالباقي، وبذلك يزول الداء إن شاء الله، وإن دعت الحاجة لاستعماله مرتين أو أكثر، فلا بأس حتى يزول الداء. انتهى.

ولعل في السدر خاصية تنفع الشعر والجلد وليس فيها ما في المنظفات الكيميائية الرديئة. والله أعلم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply