بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
المقدمة:
بسم الله والحمد لله وبعد، فإن قوام الدول يكون على سياسية خارجية وسياسية داخلية، وأفضل وخير من رسم ذلك منهج القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسلام، والخلفاء الراشدين رضي الله عنهم أجمعين.
نعرض في هذه الأسطر موجز لطيف يبين محاسن الإسلام وكماله وعدله وحكمته، وصلاحه لكل زمان ومكان، فالحمد لله على ذلك.
وكما هو معروف أن السياسية الداخلية تكون داخل حدود الدولة والسياسة الخارجية تكون خارج حدود الدولة،
ونذكر الأهم من ذلك تنبيهًا على غيره.
أولًا - السياسة الخارجية وبعض صورها:
وهي تقوم على حماية الدولة والمجتمع من العدو الخارجي والإعداد لذلك.
قال تعالى:
{وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا ٱستَطَعتُم مِّن قُوَّة وَمِن رِّبَاطِ ٱلخَیلِ تُرهِبُونَ بِهِۦ عَدُوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُم وَءَاخَرِینَ مِن دُونِهِم لَا تَعلَمُونَهُمُ ٱللَّهُ یَعلَمُهُم وَمَا تُنفِقُوا مِن شَیء فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ یُوَفَّ إِلَیكُم وَأَنتُم لَا تُظلَمُونَ}
[سورة الأنفال ٦٠].
وقد تكلم على معنى هذه الآية المفسرون ومن أحسن الكلام في تفسيرها ما قاله العلامة الفقيه المفسر الأصولي عبدالرحمن بن ناصر السعدي في تفسيره على هذه الآية:
أي ﴿وَأَعِدُّوا﴾ لأعدائكم الكفار الساعين في هلاككم وإبطال دينكم. ﴿مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ﴾ أي: كل ما تقدرون عليه من القوة العقلية والبدنية وأنواع الأسلحة ونحو ذلك مما يعين على قتالهم، فدخل في ذلك أنواع الصناعات التي تعمل فيها أصناف الأسلحة والآلات من المدافع والرشاشات، والبنادق، والطيارات الجوية، والمراكب البرية والبحرية، والحصون والقلاع والخنادق، وآلات الدفاع، والرأْي، والسياسة التي بها يتقدم المسلمون ويندفع عنهم به شر أعدائهم، وتَعَلُّم الرَّمْيِ، والشجاعة والتدبير.
ولهذا قال النبي ﷺ : "ألا إن القوة الرَّمْيُ" ومن ذلك: الاستعداد بالمراكب المحتاج إليها عند القتال،ولهذا قال تعالى: ﴿وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾ وهذه العلة موجودة فيها في ذلك الزمان، وهي إرهاب الأعداء، والحكم يدور مع علته. فإذا كان شيء موجود أكثر إرهابا منها، كالسيارات البرية والهوائية، المعدة للقتال التي تكون النكاية فيها أشد، كانت مأمورا بالاستعداد بها، والسعي لتحصيلها،حتى إنها إذا لم توجد إلا بتعلُّم الصناعة، وجب ذلك، لأن ما لا يتم الواجب إلا به، فهو واجب وقوله: ﴿تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْْ﴾ ممن تعلمون أنهم أعداؤكم. ْ
﴿وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ﴾ ممن سيقاتلونكم بعد هذا الوقت الذي يخاطبهم الله به ْ﴿اللَّهُ يَعْلَمُهُم﴾ْ فلذلك أمرهم بالاستعداد لهم،ومن أعظم ما يعين على قتالهم بذلك النفقات المالية في جهاد الكفار. ولهذا قال تعالى مرغبًا في ذلك: ﴿وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّه﴾ِ قليلا كان أو كثيرًا ﴿يُوَفَّ إِلَيْكُمْ﴾ أجره يوم القيامة مضاعفًا أضعافًا كثيرة، حتى إن النفقة في سبيل اللّه، تضاعف إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة.﴿وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ﴾ أي: لا تنقصون من أجرها وثوابها شيئًا.انتهى.
- ومما ينبغي أن يعلم أن الأسلحة التقليدية لم تعد مما يرهب الأعداء تمام الإرهاب فهم يبعونها على أهل الإسلام.
فلا بد لأهل الإسلام من الاعتماد على أنفسهم وامتلاك أسحلة ترهب الأعداء، والحكم يدور مع علته وهي إرهاب الأعداء.
قال تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا ٱستَطَعتُم مِّن قُوَّةࣲ وَمِن رِّبَاطِ ٱلخَیلِ تُرهِبُونَ بِهِۦ عَدُوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُم}.
- ومن ذلك أنه تعالى أمر بأخذ الحذر والاستعداد، قال تعالى:{یَٰأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا خُذُوا حِذرَكُم}[سورة النساء ٧١].
وقال: {وَلیَأخُذُوا حِذرَهُم وَأَسلِحَتَهُم وَدَّ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ لَو تَغفُلُونَ عَن أَسلِحَتِكُم وَأَمتِعَتِكُم فَیَمِیلُونَ عَلَیكُم مَّیلَةࣰ وَ ٰحِدَةࣰۚ} [سورة النساء ١٠٢].
ويتبع السياسة الخارجية من عقد المعاهدات والمواثيق وتبادل المصالح وغير ذلك، مما هو مفصل في كتب الفقه.
ثانيًا- السياسة الداخلية في الإسلام وبعض صورها:
وأما السياسة الداخيلة فهي راجعة إلى بث الأمن داخل المجتمع والطمأنينة ورد الحقوق وكف المظالم، وحفظ الدين.
ومن أهم الأمور في السياسة الداخلية.
أولًا - حفظ الدين: وفيه اتخاذ كل ما فيه حفظ لدين الناس، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "من بدل دينه فاقتلوه" رواه البخاري.
ثانيًا- حفظ النفس: لذلك شرع تعالى القصاص، قال تعالى: {یَٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ كُتِبَ عَلَیكُمُ ٱلقِصَاصُ فِی ٱلقَتلَى} [سورة البقرة ١٧٨].
وقال:{وَلَكُم فِی ٱلقِصَاصِ حَیَوٰةࣱ یَٰۤأُو۟لِی ٱلأَلبَٰبِ لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ}[سورة البقرة ١٧٩].
ثالثًا- حفظ العقول: لذلك شرع الحد على شارب الخمر،وقال تعالى:{یَٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِنَّمَا ٱلخَمرُ وَٱلمَیسِرُ وَٱلأَنصَابُ وَٱلأَزلَٰمُ رِجسࣱ مِّن عَمَلِ ٱلشَّیطَٰنِ فَٱجتَنِبُوهُ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ}[سورة المائدة ٩٠].
وقال النبي عليه الصلاة والسلام: "كل مسكر حرام" متفق عليه.
رابعًا- حفظ الأنساب: لذلك شرع حد الزاني ورجم المحصن.
قال تعالى: {ٱلزَّانِیَةُ وَٱلزَّانِی فَٱجلِدُوا۟ كُلَّ وَ ٰحِدࣲ مِّنهُمَا مِا۟ئَةَ جَلدَة} [سورة النور ٢].
خامسًا- حفظ الأعراض: لذلك شرع جلد القاذف، قال تعالى: {وَٱلَّذِینَ یَرمُونَ ٱلمُحصَنَٰتِ ثُمَّ لَم یَأتُوا۟ بِأَربَعَةِ شُهَدَاۤءَ فَٱجلِدُوهُم ثَمَٰنِینَ جَلدَة} [سورة النور ٢].
سادسًا- حفظ الأموال: وشرع لحفظ أموال الناس، قطع يد السارق، قال تعالى:{وَٱلسَّارِقُ وَٱلسَّارِقَةُ فَٱقطَعُوۤا۟ أَیدِیَهُمَا جَزَاۤءَ بِمَا كَسَبَا نَكَٰلࣰا مِّنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ عَزِیزٌ حَكِیمࣱ}[سورة المائدة ٣٨].
وغيرها من السياسات والأحكام التي فيها مصالح العباد في الدارين وهي مبسوطة في كتب الفقه.
من ذلك نعلم أن الإسلام كفيل بجميع المصالح الداخلية والخارجية للمجتمعات بأحسن نظام، وأن الإسلام جاء لصلاح الدين والدنيا، فمن قصره على الدين أفسد الدنيا ومن قصره على الدنيا أفسد الدين والآخرة.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد