ماذا أعددت لظلمة القبر يا فتى

15 جمادى الثاني 1446 (17-12-2024)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

مَاذَا أَعْدَدْت لِلْآخِرَة وَأَنْتَ تَعَلُّم أَنَّ الدُّنْيَا دَار فَنَاء؟!

مَاذَا أَعْدَدْت فِي زَادكَ وَأَنْتَ تَعَلُّم أَنَّكَ سَتَنْقُل نَقْلة مِنْ مُوَاطِن الدُّود وَضَيِّق اللُّحُود أَمَّا لَجْنَة الْخُلُود أَوْ عَذَاب تُسَعِّر بِهِ فِي جَهَنَّم دُونَ سِدْر مخضود وَلَا طَلْح منضود وَلَا ظَلَّ مَمْدُود وَلَا مَاء مسكوب.

مَاذَا أَعْدَدْت وَأَنْتَ حُرِّمَت مِنْ فَاكِهَة كَثِيرَة مَقْطُوعَة وَمَمْنُوعَة وَفَرْش مَرْفُوعَة.

مَاذَا أَعْدَدْت لِظُلْمَة قَبْركَ وَأَنْتَ حَيَّ وَلَسْتَ بِمَيْت بَيْنَمَا كُلَّ شيءً فِيكَ مَيْت، لَا بَلْ أَنَّكَ مَيْت عَلَىٰ قَيْد الْحَيَاة يَنْتَظِر مَوْتَىٰ أُخْرَىٰ، أَقِسْم إِنَّهَا لِدُنْيَا وَفَانِيَة.

لَمْ تَعُد تَتْسَعكَ وَبَعْضكَ ملئ بِالذُّنُوب بَلْ كُلَّكَ ذُنُوب مِنْ رَأْسكَ حَتَّىٰ أخمَص قُدْمَاكَ وَلَكِنَّكَ لَا تُبَالِي تُجَلِّد نَفْسُكَ عَلَىٰ مَعْصِيَة ثُمَّ تَعَوُّد لِذَنْب أكَبَرّ مِنْهُ لِئَلَّا أَيْقَنَت مَغْفِرَتهُ فَنَسِيَت نَفْسُكَ وَغَفَلَت عَنْ وَقْفَة الْحِسَاب وَأَصْبَحَت تَجْهَر بِمُخَالَفَته وَعِصْيَانه نَسِيَت وَقْفَتكَ أَمَامَ الْجَلِيل..

لهَوَّنَا فِي تِلْكَ الدُّنْيَا الَّتِي لَيْسَتْ دَار بَقَاء وَلَا خُلُود وَإِنَّمَا عَمَّا قَلِيل مِنْهَا ظَاعِنِينَ، وَمَا هِي إِلَّا أيَّام وَمِنْهَا رَاحِلُونَ.

هَذَا حَال الدُّنْيَا الكُل رَاحِل وَإِنَّ طَالَت الْأَعْمَار سَوَاء عَدَدْت نَفْسُكَ مِنَ الْعَابِرِينَ لِسَبِيل الْحَيَاة إم مِنَ الْمُخَلَّدِينَ الْمُقِيمِينَ أَوالله فِي النِّهَايَة كُلّكَ رَاحِل فَمُنَىٰ الْخُلُود كَالْظِّلّ الزَّائِل وَإِنَّ طَالَت الْأَعْمَار وَاِسْتَقَام عَمُودهَا الْمَائِل وَبَرِقَت بِلَمَعَانهَا وَرَوْنَقهَا وَحُسْنهَا فَإِنَّهَا زَائِلَة..

﴿إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاة الدُّنْيَا مَتَاع وَإِنَّ الْآخِرَة هِي دَار الْقَرَار۞﴾.

أَيَا فَتَىٰ...

لَمْ تَخْلَق سُدَىٰ يَأْتِي الْمَوْت عَلَىٰ غِرَّة فَعَدَد لِفَاجَأَتهُ وَأَسْتَعِيذ مِنْ نِقَمَته أَنَّهُ لِعَسِير عَلَىٰ الْمَرْء أَنْ يَسْأَل عَنْ عُمَره فِيمَا أَفَنَاه، كُلّ مَا هُوَ هُنَا زَائِل حَتَّىٰ أَنَا..

فَا كَفَانَا لَهَوَا نِهَايَتنَا تَقْتَرِب.. فَمَاذَا أَعْدَدْنَا لِوَحْشَة الْقَبْر وَضَيَّقهُ، مَاذَا إِنَّ لَمْ نَجِد رَدّا يَجُرّنَا مِنْ عَذَاب النَّار.

أُوصِيكَ أَنْ تَجْعَل هَمّكَ كُلَّ هَمّكَ مُعَادكَ مَعَ الْغَفُور الرَّحِيم رُبَّ الْعَرْش الْعَظِيم..

تخيل النَّاس يَوْم ماتتمايل بِحَمْلكَ أَكِتَافهُمْ إِذَا حَمَلُوكَ، فاأقبروك وَدَفَنُوكَ وَوَدَعُوكَ.. تخيل رَهْبَة الْمَوْقِف وَوَحْشَة الْفِرَاق وَغُصَّة الرَّحِيل.

تخيل كَيْفَ سَتُلَاقِي رَبّكَ وَهَلْ سَتُحْسِن اللِّقَاء أَمْ سَتُخَيِّب تخيل فَقَطْ وَلَا تَدْع الْغَفْلَة تَنْخَر عِظَامكَ وَتَغَلُّبكَ وَتَأْوِيكَ لِسَعِير النَّار وَتُنْسِيكَ زَادكَ وَمُعَادكَ، فإنا والله وَبِالله وتالله مَلِيئِينَ بِالذُّنُوب فَإِذَا جَاء مَوْعِد رَحِيلنَا وَكُتُبنَا مَعَ الرَّاحِلِينَ فَأَحْسَن اللَّهُمّ خِتَامنَا..

وَثَبَّتنَا عِنْدَ السُّؤَال

ثَبَّتنَا عِنْدَ السُّؤَال

ثَبَّتنَا عِنْدَ السُّؤَال

وَأَجْعَل قَبَرنَا رَوْضَة مِنْ رِيَاض الْجَنَّة، وأرحمنا وَأَغْفِر لَنَا ذُنُوبنَا كُلَّهَا دَقّهَا وَجِلهَا، وَعَفْو عَنَا وَأَدْخَلنَا الْجَنَّة بِرَحْمَتكَ وَاجْعَل لَنَا لِسَان صِدْق فِي الآخرين وَلَا تُخَزِّنَا يَوْم يَبْعَثُون وَأَغْفِر لَنَا وَلِوَالِدِينَا ياحي يَا قَيُّومٍ..

اللَّهُمّ الثُّبَّات حَتَّىٰ الْمَمَات، اللَّهُمّ حُسْن الْخَاتِمَة.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين


مقالات ذات صلة


أضف تعليق