أسلوب التوكيد في الحديث النبوي


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

أسلوب التوكيد في الحديث النبوي الشريف" دراسة نحوية دلالية للباحث /مراد رفيق البياري إشراف الأستاذ الدكتور: محمود حسني مغالسة وهي رسالة ماجستير قدمت استكمالا لمتطلبات الحصول على درجة الماجستير في اللغة العربية وآدابها من كلية الدراسات العليا الجامعة الأردنية أيار 2002، وهذا عرض لملخص الدراسة كما ذكره الباحث نعرضه على النحو التالي:

أهمية الدراسة:

تكمن أهمية الدراسة في:

- جاءت الدراسة في وقتها حيث قلة الأبحاث اللغوية التي أُلفت في الحديث النبوي، وحاول الباحث الوقوف على أشكال وأنماط هذه الأساليب في الحديث النبوي، كما أنّ دراسة مثل هذا الأسلوب في ظل المعرفة النحوية والبلاغية تجعل القارئ يقارن بين لغته عليه السلام وقواعد النحاة التي صيغت فيما بعد.

- أنها عرضت لفصاحة النبي عليه الصلاة والسلام.

- حاولت الدراسة أن تقف على الموضوع من جوانب ثلاثة، تناولت في الجانب الأول التوكيد القياسي بنوعيه – اللفظي والمعنوي – ثم في الجانب الثاني تناولت التوكيد بأدوات وحروف لها دور فعال في توكيد الكلام نص عليها النحاة وأشاروا إليها ولكنهم لم يدرسوها في باب التوكيد، أما الجانب الثالث فقد خصص لدراسة التوكيد بالأساليب.

* حاولت الدراسة الوقوف على بعض الأساليب التي أفادت التوكيد والتي غفل عن دراستها كثير من الذين درسوا التوكيد في اللغة العربية، وكان لها حضور واضح في الحديث النبوي مثل: أسلوب التشبيه والنداء والزجر والتوكيد بحركات الجسم وتعابير الوجه.

* عمدت الدراسة في كل أسلوب أن تقف على الجانب الدلالي فيه موضحة مقاصد ودلالات النبي من استخدامه لهذا الأسلوب، إيمانًا منا أن الدراسة الدلالية مكمل للدراسة النحوية.

*أهداف الدراسة:

تمثلت أهداف الدراسة في:

- أنّ معظم ما أُلف في الحديث النبوي كان دراسات في مجال التشريع المستمد من الحديث النبوي، أو دراسات لها علاقة بعلوم الحديث ومصطلحاته وأنواعه ورجاله وتفسيره وطبقات رواته، ولم تحظ لغته عليه السلام من الباحثين بدراسات لغوية نحوية متخصصة، فجل ما أُلف في لغة النبي اقتصر على غريب الحديث أو إعرابه أو بلاغته.

-أنّ جميع الدراسات اللغوية والبلاغية التي أُلفت في الحديث النبوي لم تكن متخصصة في أسلوب لغوي أو بلاغي معين، بل كانت تتناول الحديث النبوي بشكل عام، وتحاول الكشف عما فيه من خصائص لغوية أو بلاغية دون التفصيل في خاصية أو أسلوب ما. باستثناء دراسة كمال عز الدين بعنوان " الحديث النبوي من الوجهة البلاغية"، التي تناول الباحث في جانب من دراسته أسلوب التوكيد كخاصية من خصائص الحديث النبوي موضحًا معاني هذا الأسلوب - وقد أفاد الباحث منه في توضيح بعض الدلالات - غير أنه لم يفصل القول في أنماط وتراكيب الأساليب ومدى شيوعها، كذلك فقد كانت معظم الأساليب التي تحدث عنها أساليب بلاغية.

- الكشف عن أهمية دراسة النحو في ظل أسلوب الحديث النبوي، وبيان مدى شيوع أسلوب التوكيد، وإيضاح المؤكدات التي أكثر من استعمالها صلى الله عليه وسلم، مع توضيح أنماط هذه الأساليب ومواطن استخدامها، كل ذلك من أجل الوصول إلى أسلوب الحديث النبوي الذي ينبغي أن يحتذى به.

-أنّ دراسة مثل هذا الأسلوب تجعل القارئ يوازن بين نحو الحديث النبوي في مجال التوكيد وقواعد النحاة التي صيغت فيما بعد، ليصل بذلك إلى نقاط التوافق الواضحة بين لغته عليه السلام وقواعد النحاة، مما يجعله يطمئن إلى صحة الأحاديث التي بين أيدينا لفظا ومعنى.

-أنّ دراسة مثل هذا الأسلوب تجعلنا نكشف عن أهميته في نشر ما جاء به صلى الله عليه وسلم، فوجود مثل هذا الأسلوب بكثرة في لغته عليه السلام لم يكن محض الصدفة، وإنما كان لدلالات دينية ونفسية واجتماعية قصدها النبي صلى الله عليه وسلم تتفق مع مهمة التبليغ والتعليم.

مكونات الدراسة:

اشتملت الدراسة على

تمهيد وثلاثة فصول وخاتمة:

تناول فصاحته صلى الله عليه وسلم، وبيان أهم سمات هذه الفصاحة وعواملها. مع توضيح ً ذلك بالأمثلة والشواهد، وبيان دور هذه الفصاحة في نشر رسالته عليه السلام، وأن حديثه كان وثيقة لغوية ونفسية واجتماعية إضافة إلى كونه وثيقة دينية.

الفصل الأول: التوكيد القياسي: وتناول الباحث فيه معنى التوكيد لغة واصطلاحًا وتم عرض صور التوكيد اللفظي والمعنوي وأكثرها شيوعًا في الحديث النبوي،وبيان دلالة كل منهما فيه.

* الفصل الثاني: دراسة التوكيد بالأدوات والحروف: وتم الحديث فيه عن أدوات وحروف لها دور فعال في توكيد الكلام نص عليها النحاة وأشاروا إليها، ولكنهم لم يدرسوها في باب التوكيد، وهذه الأدوات والحروف هي "إنّ"، أنّ نون التوكيد الثقيلة ونون التوكيد الخفيفة اللام، قد، لقد، ألا الاستفتاحية، أمّأ، لن، كأن، لكن، السين وسوف، لا النافية للجنس، الحروف الزائدة، بعض الظروف مثل " قط، أبدًا ".

* الفصل الثالث: دراسة التوكيد بالأساليب: وتناول الباحث فيه التوكيد بأسلوب القسم، و العطف، والحصر، والتقديم والتأخير والحال وهنا حاولت أيضًا أن اقف على بعض الأساليب التي كان لها حضور واضح في الحديث النبوي، والتي غفل عن دراستها كثير من الذين درسوا التوكيد مثل: أسلوب التشبيه والتمثيل الذي كان له حضور مميز في الحديث النبوي، الذي أفاد التوكيد في مواطن كثيرة، وكذلك أسلوب النداء، وأسلوب الزجر. ووقف الباحث عند بعض حركات جسم النبي عليه السلام وتعابير وجهه والتي غالبًا ما كانت تفيد توكيد الكلام.

خاتمة الدراسة: أوجز الباحث فيها فيها أهم ما تم التوصل إليه من نتائج الدراسة:

ذكر الباحث أنه خلصت الدراسة إلى:

-       شيوع التوكيد في الحديث النبوي وتنوع أساليبه، فقد بنت الدراسة اكثر أنواع التوكيد شيوعًا في الحديث النبوي، ووضحت أنماط هذه الأساليب وتراكيبها.

-       عمل البحث على جمع أساليب التوكيد في العربية وتصنيفها وربطها بالاستخدام النبوي توثيقًا لها، كما عنيت الدراسة ببيان مدى شيوع كل أسلوب من أساليب التوكيد في الحديث النبوي، وهي بذلك تخص البحث لأسلوب واحد من أساليب النحو العربية وتفصل القول فيه بعد أن كانت دراسة لغة الحديث وبلاغته دراسة عامة.

-       أستعرضت الدراسة آراء النحاة ومفسري القرآن في أساليب التوكيد وناقش منها ما هو جدير بالمناقشة ورجح ما يمكن ترجيحه منها.

1-     كشفت الدراسة عن طبيعة استخدام هذه الأساليب في الحديث النبوي، من ذلك:

2-     أن التوكيد ب " نفس وعين " لم يرد في الحديث النبوي وهو بذلك شابه القرآن الكريم.

3-     أن فعل الأمر لم يرد مؤكدًا بالنون إلا مرة واحدة، وأن الفعل المضارع لم يرد مؤكدًا بنون التوكيد الخفيفة وإنما ورد مؤكدًا بنون التوكيد الثقيلة.

4-     أن حرف التحقيق " قد " لم يرد يفيد التوكيد مع الفعل المضارع وإنما جاء يفيد التوكيد مع الفعل الماضي.

5-     أن أغلب الأحاديث التي ورد فيها استخدام " لن " أفادت التوكيد المؤبد.

6-     أن الحرف سوف لم يرد يفيد التوكيد في الحديث النبوي.

7-     أن الحروف الزائدة في الحديث النبوي لم تأتِ عبثًا وإنما جاءت لأغراض لغوية قصدها المتكلم.

8-     تنوع ألفاظ القسم في الحديث النبوي وتعددها، واختصاص الحديث النبوي بألفاظ للقسم لم يسبق أن استخدمت، مثل: والذي نفس محمد بيده، والذي نفسي بيده، ومقلب القلوب، وايم الله.

-       تنوع أساليب الحصر في الحديث النبوي والتي أفادت معنى التوكيد.

-       كشف البحث عن بعض أساليب التوكيد التي لم يسبق التعرض لها في مجال الأبحاث التي درست التوكيد في العربية، والتي كان لها حضور واضح في الحديث النبوي مثل: أسلوب التشبيه، وأسلوب النداء وأسلوب الزجر، والتوكيد ب " قط، وأبدًا " والتوكيد بحركات الجسم وتعابير الوجه.

-       أتاح البحث للقارئ فرصة المقارنة بين أساليب التوكيد في القرآن الكريم وأساليب التوكيد في الحديث النبوي.

-       كشف البحث عن مقاصد ودلالات هذه الأساليب في الحديث النبوي فقد حاولت الدراسة في الجانب الدلالي أن توضح أبعاد هذه الأساليب ومقاصدها، فبين البحث أن التوكيد في الحديث النبوي كان لدلالات قصدها النبي المعلم، وقد تعددت دلالاته بين الدينة والاجتماعية والنفسية، لذلك استطعنا من خلال الجانب الدلالي أن نقدم للقارئ صورة عن الحال الدينية والاجتماعية والنفسية للمجتمع المسلم الذي وُجد فيه النبي عليه السلام.

-       دراسة مثل هذه الأساليب وتفصيل القول فيها. في ظل المعرفة النحوية والبلاغية – بالشكل الذي جاءت عليه في الحديث النبوي وبيان دلالات هذه الأساليب إشارة واضحة إلى فصاحته عليه السلام.

-       على الرغم من تنوع أساليب التوكيد وتعددها في الحديث النبوي، فإن الدراسة لم تتعرض للأساليب التي قل استخدامها في الحديث النبوي كالتوكيد بالنعت كما في قوله صلى الله عليه وسلام " إنه لجاهد مجاهد ". فقد وردت مجاهد نعتا يفيد التوكيد، وكذلك التوكيد بالمصدر، كما في قوله " لأقتلنّهم قتلَ عاد" فلفظ " قتل " مصدر مؤكد للفعل اقتل.

عودة إلى هذه الدراسة المفصلة في أساليب التوكيد في الحديث النبوي نجد أنّ البحث استطاع أن يكشف مدى التوافق بين لغته عليه السلام وقواعد النحاة التي صيغت فيما بعد، مما ينبغي منا الوقف عند لغته عليه السلام وإدخالها ضمن الدراسات اللغوية لدى طلاب البحث اللغوي، إذ كثيرًا ما يبتعد الباحثون عن دراسة لغة الحديث ويقتصرون على دراسته من الجانب الفقهي، ظانين أن هذه اللغة قد لا تكون من لفظه لإجازة رواية الحديث النبوي بالمعنى دون اللفظ.

ويرى الباحث أن الوقوف على هذه اللغة والتدقيق في تراكيبها والمقارنة بينها وبين قواعد النحاة يجعل القارئ يطمئن إلى صحة اللفظ فيها، كذلك فان البحث في هذه اللغة الرفيعة السامية وبيان مقاصدها ودلالاتها لا يواز يه البحث في لغة قوم أو قبيلة أو شاعر ما، وإنني لأعجب كيف ثبتت لغة هذه الأقوام السابقة والشعراء الجاهلين و اعتمدت مادة للدرس اللغوي ولم تثبت لغته صلى الله عليه وسلم، علمًا أن الأساليب التي جُمعت بها مادة الشعر واللغات القديمة لا تفوق طريقة جمع الأحاديث وتدوينها دقة وعناية شيوع أسلوب التوكيد في الحديث النبوي بشكل واضح، وأن وجود مثل هذا الأسلوب كان لدلالات دينية ونفسيه واجتماعية قصدها النبي المعلم.

توصيات الدراسة:

أوصت الدراسة ضرورة متابعة البحث اللغوي في الحديث النبوي لما في لغته عليه السلام من جوانب لغوية لم تدرس بعد، وأن يعتني الباحثون بدراسة تراثنا اللغوي وعلى رأس هذا التراث لغة النبي وصحابته صلوات الله عليهم أجمعين.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply