بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
مما قال فضيلة الأستاذ الدكتور محمد أبو موسى في درس شرح كتاب «دلائل الإعجاز» بالجامع الأزهر الشريف.
يوم الأحد: 4 من المحرم 1447ه الموافق لـ 29 من يونيو 2025 م:
• أحيانًا يُطيل العلماءُ الكبارُ الحديثَ في مسائل، علينا أن نهتمَّ بقيمة هذه المسائل التي يُطيلون الحديثَ فيها؛ لأنهم - لا شكَّ - ما أطالوا الحديثَ فيها إلا لبالغ أهميتها في تكوين عقل الناشئ.
• الشيخ عبد القاهر أطال الحديثَ في مسألة «بلاغةُ الكلام: هل هي تَرجِع إلى معناه أو هي تَرجِع إلى لفظه؟»، وكان عبد القاهر في بيئة كَثُر فيها القائلون بأن بلاغة الكلام تَرجِع إلى لفظه لا إلى معناه، وأدرك عبدُ القاهر خطرَ هذا الرأي؛ خطرَه في فَهْم الشِّعر وفي فَهْم الأدب، وفي تزييف وتضليل الذائقة البيانية التي هي من أهمِّ نِعَمِ الله على الإنسان.
• الله خلق الإنسانَ علَّمَه البيان، ولو لم يكن للبيان قيمةٌ عُليا لَمَا ذكرَه ربُّنا بعد ذِكْره خلقَ الإنسان، وكأن خَلْقَ الإنسان مَزيَّتُه العُليا العلمُ بالبيان، والآراءُ التي تُزيِّف عِلمَ البيان كأنها تُزيِّف الذائقة البيانية التي ذكرها الله أوَّلَ ما ذَكَر إكرامَه لهذا الإنسان.
• تصحيحُ الأفكار لا يكون أبدًا إلا بإيقاظ العقول، والعلمُ الصحيحُ لا يكون أبدًا إلا بالعقل الصحيح.
• حين تُعالِج مسائلَ العلم أنت أيضًا تُربِّي مَلَكةً فكريةً عقليةً عندك.
• الكتابُ القيِّم يُعلِّم العِلمَ ويُعلِّم العقل، ويقيني أن تعليم العقل مقدِّمةٌ ضروريةٌ لتعليم العِلم، وربما كان أهمَّ مِن تعليم العِلم؛ لأني حين أعلِّم العقل وأتعلَّمُ كيف أفكِّر إنْ فاتني فَهْمُ مسألة فلن يَفوتَني فَهْمُ غيرها من مسائل العِلم.
• لمَّا بدأ عبد القاهر يناقش الفكرةَ الفاسدةَ التي سيطرت على عقول القائلين بأن بلاغة الكلام تَرجِع إلى لفظه = ذَكَر أن فَضْلَ الكلام يَنقسِم قسمين: قسمٌ يَرجِع فيه الفضلُ إلى اللَّفظ، وقسمٌ يَرجِع فيه الفضلُ إلى النَّظْم، وحين قال: «قسمٌ يَرجِع فيه الفضلُ إلى اللَّفظ» لا يعني بذلك تصحيحَ وتصويبَ كلام القائلين بأن بلاغة الكلام تَرجِع إلى اللَّفظ، وإنَّما عَنَى شيئًا مهمًّا جدًّا ودقيقًا جدًّا، وإن فاتَكَ فقد فاتَكَ الخيرُ الأعلى في الكتاب؛ هو أن كبار العلماء يقولون كلامًا يُوهِم ظاهرُه غيرَ مرادِهم؛ فإذا وَعَيْتَه وحَفِظْتَه فلا بدَّ أن يكون عقلُك قادرًا على التدبُّر، وإدراك أنهم حين قالوا إن مِن الكلام ما يَرجِع حُسْنُه إلى لفظه ذَكَروا «اللَّفظ» ولا يُريدون اللَّفظَ المنطوق، وإنَّما ذكروا «اللَّفظ» وهم يُريدون المعنى الذي وراء اللَّفظ؛ لأن الدالَّ قد يكون هو اللَّفظ؛ مثل: «زيد قائم»، وقد يكون الدالُّ ليس اللَّفظ وإنَّما معنى اللَّفظ؛ مثل: الاستعارة.
• الدلالةُ تُفهَم ليس من اللَّفظ وإنَّما تُفهَم الدلالةُ من معنى اللَّفظ؛ مثل الاستعارة: الدلالةُ لا تُفهَم من لفظ «الأسد»، وإنَّما لفظُ «الأسد» يدلُّ على معنًى، يَصِير هذا المعنى دالًّا على المراد.. «كثيرُ رَمَاد القِدْر» يدلُّ على كثرة رَماد القِدْر، وهذا ليس مرادَ المتكلِّم، وإنَّما مرادُه المعنى الذي يدلُّ عليه هذا المعنى.
• إذا وجدتَ العلماء يقولون إن من الكلام ما يَرجِع حُسْنُه إلى لفظه فاعلم أنهم يُريدون باللَّفظ: «الكناية، والاستعارة، والتمثيل»، وأكثرُ الكلام ليس فيه هذه الثلاثة، بل إنك تقرأ السُّورةَ من القرآن فلا تجد فيها إلا كنايةً أو كنايتين، استعارةً أو استعارتين؛ فمَرجِعُ الحُسْن حينئذ هو «النَّظْم»، وهو بابٌ في غاية الأهمية.
• عبد القاهر بدأ يُحدِّث عن «النَّظْم» بإعراب سورة «الفاتحة»، وإعرابُ الكلام ليس بيانًا لحُسْنه، وإنَّما هو بيانٌ لمقاصده ومعانيه؛ لأنه ليست القيمةُ وليست البلاغةُ في كَوْن «الحَمْد» في: «الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» مبتدًا و«لله» خبرًا، إنَّما القيمةُ هي التي وراء ابتداء كلامي ب«الحَمْد» المُعرَّف بالألف واللام والإخبارِ عنه بأنه لله، وأن الحَمْدَ المُطلَق الكامل لا يكون إلا لله، هذا هو المعنى المقصود، وهذا هو معنى «النَّظْم».
• أعتقد أحيانًا أن بعض كلام العلماء يكون كأنه وَحْيٌ من الله؛ لأن الصادقين يُعطيهم الله كما أعطى النبيين: {وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ}.
• الله - سبحانه وتعالى - جعلَ الصِّدقَ في العمل والإخلاصَ لوجه الله ولخدمة أمَّة «لا إله إلا الله» فيه إلهامٌ.
• مسألة «توخِّي معاني النَّحو» عند عبد القاهر: «توخِّي» يعني: «اختيار»، و«معاني النَّحو»: هناك نَحْوٌ الذي هو الرَّفعُ والنَّصبُ والجَرُّ، وهناك معاني النَّحو التي هي: معاني التقديم، معاني التنكير، معاني الحذف، معاني الذِّكر اختيارُ هذه المعاني على وَفْق الأغراض والمقاصد، وأنا لن أفهمَ هذا مِن كتاب؛ لأن كل الذين تكلَّموا بعد عبد القاهر ذكروا هذه العبارة؛ فليس أمامي في فَهْمِها إلا أن أرجِعَ إلى نفسي، وأنني حين أتكلَّم وحين أريد الإبانةَ عن معنًى جليل ليس أمامي إلا اللُّغة، وأن أختار منها ما يُفيد؛ فأختار التعريفَ بدل التنكير، الحذفَ بدل الذِّكْر، التقديمَ بدل التأخير.
• إتقانُ طرائق اللُّغة في الأداء، واختياري منها ما يُفيد المعنى الذي أريده.. هذا هو البلاغة.
• كلامُ عبد القاهر في «النَّظْم» كرَّره المتأخرون، ولم يُضيفوا إلى شَرحِه شرحًا؛ لأن عليك أنت أن تَشرحَه لنفسِك مِن غير مراجعة كتاب، وإنَّما بمراجعة نفسِك وأنت تتحدَّث.
• الله علَّمَك البيان، أي: علَّمَك القدرةَ على أن تختار من أحوال اللُّغة ما يُبِينُ لك عن معناك.
• الإعرابُ سهلٌ، ولو كنتَ ذكيًّا يُمكنك بعد الصَّف السادس الابتدائي أن تُعرِبَ أي شيء، إنَّما الذي ليس سهلًا هو معرفةُ قيمة الإعراب في الإبانة عن المعاني.
• الإعرابُ ليس هو المقصود، وإنَّما المقصودُ هو توخِّي معاني النَّحْو، ومعاني النَّحْو ليست هي النَّحْو؛ ولذلك كانوا يقولون: البلاغةُ لم تُستخرَج من النَّحْو، وإنَّما استُخرِجتْ من عُيون النحو.
• المُحبُّ لقومِه هو الذي يَعمل في تربية العقول، وتزكيتِها، ويقظتِها.
• لا أنفي خَبَثَ شعبي؛ لأني لا أستطيع ذلك: لن أمنعَ عنه الظُّلم، ولن أمنعَ عنه الاستبداد، ولن أمنعَ عنه قبضة الفاشلين، إنَّما أستطيع أن أُوقِظَه، ثم هو الذي يَمنعُ وهو الذي يَنفِي خَبَثَه.
• أحيانًا يقع في نفسي أنَّ ضلالاتِ القائلين بأن مَزيَّة الكلام تَرجِع إلى لفظه لم تكنْ شائعةً في الأمَّة، وإنَّما كانت أرضُها الخِصْبة القومَ الذين ليس لسانُهم عربيًّا؛ لأن أصحابَ اللِّسان العربي يعرفون بديهةً تَنفي قولَ القائلين بأن البلاغة تَرجِع إلى اللَّفظ؛ هذه البديهةُ أن العربيَّ بمزاولتِه للُّغة يَعلم أنه يُرتِّب المعانيَ في نفسه فتترتَّبُ الألفاظُ في نُطقِه، فكأن اللُّغة عبارةٌ عن ترتيب معانٍ لا ترتيب ألفاظ.
• ليس هناك متكلِّمٌ يَقصِد إلى لفظ، وإنَّما يَقصِد إلى معنًى فيأتيه اللَّفظ الدالُّ عليه، وهذا يَعلَمُه كلُّ من يتكلَّم بهذا اللِّسان.
• الذين كانوا يُنازِعون في أن بلاغةَ الكلام تَرجِع إلى معناه أحيانًا كانوا يَقِيسون المتكلِّمَ على السَّامع، ويقولون إن السَّامع يَفهمُ المعانيَ من الألفاظ؛ فكانت الألفاظُ هي السَّابقة للمعاني؛ فتشبَّثوا بأن البلاغة تَرجِع إلى الألفاظ، هؤلاء سَمِعُوا اللُّغة، ويتكلَّمون بكلام مَن سَمِع اللُّغة، ولا يتكلَّمون بكلام مَن صَنَع اللُّغة، وهذه النَّزعةُ كانت كثيرةً في البيئة الإسلامية غير العربية التي كان يعيش فيها عبد القاهر الجرجاني.
• لم أُطِل الكلامَ في مسألة البيئة الإسلامية غير العربية التي فشا فيها القولُ بأن بلاغة الكلام تَرجِع إلى لفظه؛ لأن الذي فاجأ الناسَ أن علماء البيان أعظمُهم وأجلُّهم ليسوا مِن عِرْق العرب، وأن أشهر من تكلَّموا في اللُّغة أجلُّهم ليس من العرب؛ فأنا ما أحببتُ أن أنكر فضلَ هؤلاء على هذه الثقافة، ولا على هذه البلاغة، ولا على هذه اللُّغة.
• صانِعُ اللُّغة يَصنع المعنى ثم يُتْبِعُه اللَّفظ، وسامِعُ اللُّغة يَسمع اللَّفظَ ثم يُتْبِعُه المعنى.
• أنصحُ: إذا وجدتَ كلامًا خفيًّا فتأكَّدْ أنه لن يستطيع أحدٌ أن يوضِّحه لك إلا اجتهادَك أنت.
• مِن عظمة الحقِّ وإكرامه لهذا الإنسان أنه أوجدَ في حياة الإنسان أشياءَ لا يَصنعُها في الإنسان إلا الإنسانُ، الغوامِضُ ربما أُعِينُك على بيانها، أمَّا أن أبيِّنَها لك فلا تنتظرْ هذا منِّي ولا من غيري؛ لأن الذي يُبيِّنها لك هو ما أسكنه الله فيك من قدرةٍ وطاقة أنت أهملتَها، وبَقِيتَ تنتظر من الكِتَاب أن يُسكِّن العلمَ في قلبك، ومن المُعلِّم أن يُسكِّن العلمَ في قلبك.
• الكِتابُ مُساعِد، والمدرِّس مُساعِدُ المُساعِد، إنَّما الغوصُ في حقائق الأشياء وخفايا الأشياء واستخراج الخبايا من الخفايا عليك أنت؛ فإن أردتَ أن تكون شيئًا فافعل، وإن لم تَفعلْ فقد قَبِلْتَ أن تكون سطحيًّا، تَنتظر كلمةً من كِتابٍ، أو كلمةً من أستاذ؛ لأنك رُبِّيتَ في جماعةٍ تعيش على حساب عقول غيرها، وأحسنُ عُلمائها هو من اطَّلع على عِلمِ عُلماءِ غيرها، لا مَن صَنَع بنفسِه علمًا.
• حدِّثْني عن صُنَّاع المعرفة، وكفاني حديثًا عن الذين اطَّلعوا على المعرفة.
• نحن كما عوَّلْنا على غيرنا في الفكر عوَّلْنا على غيرنا في الصناعة.
• أحبُّ أن أرى كلَّ شيء على أرض وطني مِن صُنْع أيدينا نحن.
• عشْنا في العلم عالة وفي الصِّناعة عالة، والزمنُ زمنُ صناعةٍ وزمنُ تقدُّم.
• حِفنةٌ مِن شُذَّاذ الآفاق يَضربون في الأمَّة يمينًا وشمالًا، والأمَّةُ تشتري خَوْذاتِ عساكرِها من غيرها، يا سيدنا أنا أريد أن نَصنعَ سلاحَنا.
• يا سيدنا، في الجاهلية الولى كانت سُيوفُنا اسمُها «المَشْرَفِيَّة»؛ نسبةً إلى مشارِف الشام، ورِماحُنا اسمُها «رُدَيْنِيَّة»؛ نسبةً إلى جَدَّةٍ عزيزةٍ وغاليةٍ علينا يَمانِيَّة، بَرعَتْ في صناعة الرِّماح حتى سُمِّيت الرِّماح باسمها، ونحن بعد مائة قرنٍ نَشتري خَوْذاتِ عساكرنا. اتقوا الله، ولا تقولوا للجُنديِّ: «تَقدَّمْ» إلا وسلاحُه مِن صُنْع يده.
• المسألة تبدأ بنقاط خفيفة: «البلاغةُ تَرجِع للَّفظ أو للمعنى؟»، ثم تَنتهي عند القضايا الأكبر: الإعجاز؛ فما دُمْتُ جَهِلْتُ سرَّ البلاغة، وموضعَ البلاغة، وهل هي راجعةٌ للَّفظ أو للمعنى، فلن أستطيع أن أصِلَ إلى حقيقة البلاغة التي تَقودُني إلى معرفة نهاية الطاقة البشرية، والتي تَقودُني إلى معرفة الكلام الذي تجاوز الطاقةَ البشرية.
• أنا مؤمنٌ بأن محمَّدًا رسولُ الله، وبرهانُ رسالتِه هذا القرآن، ودِيني كلُّه في هذا القرآن، وإعجازُ القرآن هو برهانُ نُبوَّة محمَّد، ولن تستطيع أن تدرك إعجازَ القرآن البلاغيَّ إلا إذا أدركتَ سرَّ بلاغة البلاغة.
• معرفةُ الشِّعر والأدب عند الطَّلْيان واليُونان والرُّومان غيرُ معرفة الشِّعر والأدب عند خير أمَّة أُخرجتْ للناس؛ معرفةُ الشِّعر والأدب عندنا خطوةٌ في معرفة نهاية الطاقة البشرية التي تَقودُني إلى معرفة الإعجاز.
• سأموتُ وأنا مُستريحٌ؛ لأن إحساسي الظاهرَ القاطعَ بأن {اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ..} غيرُ إحساسي ب: «أمِنْ أُمِّ أوْفَى دِمْنَةٌ لم تَكلَّم..»، غيرُ إحساسي ب: «قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرى حَبيبٍ ومَنْزِل..»، الفرقُ بينهما كالفرق بين السَّماء والأرض، وقد حَمِدتُ الله أنني أدركتُ هذا.
• أكثِرْ مِن قراءة الشعر الجاهلي وتَدبُّرِه؛ لأن الله أمرَك بتدبُّر القرآن لتُدركَ إعجازَه، وهو يَعلَمُ أنك لن تُدركَ إعجازَه إلا إذا تدبَّرتَ الشِّعرَ وأدركتَ تَفوُّقَه.
• العملُ الفكريُّ في هذه الأمَّة عبادةٌ، ليس مجرَّد وظيفة، المسألة ليست وظيفة، المسألةُ عملٌ في كِيان الأمَّة، عملٌ في عبادة الله.
• حين أقرأ قولَ سيدنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: "وجُعِلتْ لي الأرضُ مسجدًا وطَهورًا" أُحِسُّ فيه معنًى آخر: أن المَصنعَ مسجد، والمدرسةَ مسجد، وقاعةَ الدرس مسجد؛ فجُعِلَتْ لي الأرضُ كلُّها عبادة؛ فأنا أعبدالله وأنا أعمل أيَّ عمل.
• أشعرُ بذُلٍّ وأنا ألْبَسُ حذاءً من صناعة الآخرين، وأنْ أمشيَ حافيًا ذاك أفضلُ عندي، وأن أمشيَ عُريانًا أفضلُ عندي مِن أن أرتدِيَ ما صَنعه غيري؛ لأنَّ مِن عِزَّتي لنفسي، واحترامي لنفسي، واحترامي لقومي، واحترامي لأرضي، واحترامي لتاريخي، ألا يكون على أرضي شيءٌ إلَّا مِن صُنْع يدي.
• قولُ سيدنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلم: "ما أكلَ أحدٌ طعامًا قطُّ خيرًا مِن أن يأكُلَ مِن عمل يده، وإن نبيَّ الله داود كان يأكُلُ مِن عمل يده" ليس معناه مسألةَ كَسْب اليد، وإنَّما هو إشارةٌ إلى أنَّ خيرَ ما يكون على أرضِنا ما كان مِن كَسْب أيدينا.
• نَنامُ ونُسمِّي أنفسَنا: «زعماءَ» و«سادةً» و«قادةً» و«أحسنَ ما في النَّاس». يا سيِّدي ليس الأمرُ كذلك. يا سيِّدي أنا لا أَكرَهُك، أنا أريدك أن تكون حاميًا لهذا التراب؛ بالعلم، والتقدُّم، والصِّناعة. يا سيِّدي حين أقول إنني غيرُ راضٍ لا تَقُلْ إني «مُعارِض»، أنا لستُ «مُعارِضًا»، أنا «مُحِبٌّ» لأن أكون أنا وأنت على أرضنا أحرارًا أقوياءَ، وأنت على عَيْنِي ورأسي، ولكن اعملْ كما نَعْمَل.
• القاضي عبد الجبَّار المعتزليُّ عالمٌ مِن كبار علمائنا، كتب كتاب «المُغنِي في أبواب التوحيد والعدل» الجزءُ السادسَ عشرَ منه في الإعجاز، وهو من أهمِّ الكُتب؛ لأن القاضي عبد الجبار كان في جِيلِ أساتذةِ شُيوخ عبد القاهر.
• كتبتُ بحثَ: «بين الشيخَيْن: عبد القاهر وعبد الجبَّار»، وكنتُ أتوقَّع أنَّ عبد القاهر لو قرأ عبد الجبَّار لأثنى عليه، وشاءت المقاديرُ أن أكتبَ هذا البحثَ بعد وفاة الشيخ محمود شاكر، وكنت أريدُ أن يطَّلِع عليه.
• بعضُهم يَذكر اسم «الزَّمَخْشرِي» ثم يقول: «غفر الله له»، ويَسْتَخْسِرُ أن يقول: «رحمه الله»؛ لأنه معتزلي. يا سيِّدي، «الزَّمَخْشرِيُّ» كَتب «الكشَّاف»، وليس في كُتب التفسير كتابٌ درس أسرار بلاغة القرآن الكريم كما دَرَسها «الكشَّاف».
• الشَّارِحُ لك والمُبيِّن لك هو أنت؛ بالرجوع إلى ما عَلَّمَك اللهُ مِن اللُّغة والكلام.