إليكم هديتي 2

58
4 دقائق
12 جمادى الأول 1447 (03-11-2025)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

إنَّ النَّصيحةَ أيها الكرام: سُنةٌ ثابتةٌ من سنن الأنبياء، وسمةٌ بارزةٌ من سمات الحكماء، وهديةٌ راقيةٌ يتبادلها العقلاء. فوائدها كثيرة، ومنافعها غزيرة؛ والحاجةُ إليها جدُّ كبيرة، ولذا فقد حصرَ النبي الدينَ كلهُ فيها فقال: "الدينُ النصيحة". وجاء فيها الكثيرُ من الأحاديث الصحيحة، كقوله عليه الصلاة والسلام: "المؤمنُ مرآة أخيه". و"لَا يُؤْمِنُ أحدُكم، حتَّى يُحبَّ لأخيهِ ما يُحبُّ لِنفسِهِ". و"ما استرعى اللهُ عبدًا رعيةً فلم يُحِطها بنُصحِه إلا حرَّمَ اللهُ عليه الجنَّة".

ولئن كانَ الجميعُ بحاجةٍ ماسِّةٍ لها، فإن القليلَ من يبذلها. والأقلُ من يُتقنُها. وأقلُ القليلِ من يتقبلُها ويُحسِنُ الاستفادةَ منها.

وبعدُ يا أحبتي *** إليكمُ هديتي

نصائحٌ جمعتها *** وبعضها ابدعتها

وبعضها عدَّلتُها *** لفكرةٍ فضلتها

وحين كثرُ جمعها *** إزدان لي توزيعها

فقسمتها متتبِّعًا *** كلَّ ثلاثينَ معًا

وبلغ عددُ الأقسام *** عشرٌ على التمام

فالله ربي أسأله *** بفضله أن يقبله

وأن تكونَ نافعة *** قارِئها وسامِعَه

والحمدُ والسَّلامُ *** بِدءً واختتامُ

إليكمُ هديتي (الجزء الثاني)

31 - بقدر الانشغالِ بالأمور التافهة، يكون الانصرافُ عن الأمور العظيمةِ. وغيابُ الوعيِ عمَّا هو مُهمٌ، يورِثُ الانشغالَ بغير المهم. ويا لها من خسارةٍ كبيرةٍ أن يُسخِّرَ المرءُ مواهبهُ العظيمةَ من أجلِ أهدافٍ تافهةٍ وغير مُهمَّةٍ. وإذا كان بإمكان المرءِ أن يكونَ أفضل، فلمَ لا يفعل؟

32 - إطراءُ الشخصِ بأجمل ما فيه منهجٌ قرآنيٌ أصيل. تأمَّل كم من: (واذكر في الكتاب. إنه كان.) في سورة مريم فقط. فاجتهِدْ في البحثِ عنْ أجملِ العِباراتِ وقدِمْها بسخاءٍ لكلِّ منْ يستحِقُها. ففي الحديث الصحيح: "أحبُّ الأعمالِ إلى الله سرورٌ تدخلهُ على مُسلم".

33 - بإمكانك أن تتذوقَ طعمَ كلامك قبل أن تتفوه به. فإن وجدتَ كلمةً مُرَّةً فاستبدلها بأخرى حُلوة. فإنما هي كلمةٌ مكانَ كلمة، وتذكر أن "الكلمةَ الطيبةَ صدقة". وأنَّ روعةَ الإنسانِ في حلاوة اللسان.

34 - ولعلَّ ما تخشاهُ لَيسَ بِكائنٍ *** ولعلَّ ما ترجوهُ سوفَ يكونُ

ولعلَّ ما هوَّنتَ ليس بِهيّنٍ *** ولعلَّ ما شدَّدتَ سوفَ يهونُ

35 - الجانبُ المشرقُ والإيجابيُ لأي مُشكلةٍ تمرُ بها، هي أنها فرصةٌ فعَّالةٌ لتزيدَ من خبرتك، ولتتعلمَ منها شيئًا جديدًا. لكن ذلك يحتاجُ منك إلى وعيٍّ وانتباه.

36 - مِنْ مدرسة الحياةِ: عندما تتألم، تُصبحُ أكثرَ حِكمةً. وعندما تفشلُ، تُصبحُ أكثرَ خبرةً. وعندما تبتسمُ، تُصبحُ أكثرَ تفاؤلًا.

37 - (ينْبغي لقارئِ القرآن إذا مرَّ بآيةٍ وهو محتاجٌ إليها لصلاح قلبهِ، أو شفاءَ داءهِ، كرَّرها ولو مائةَ مرةٍ ولو ليلةٍ كاملةٍ. فقراءةُ آيةٍ بتفكُّرٍ وتدبُّرٍ خيرٌ منْ قراءةِ ختمةٍ بغيرِ تدبُرٍ) . ابن القيم.

38 - لا تُنادِ النَّاسَ إلَّا بأحبِّ أسمائهِم إليهم. وتعلَّمْ حفْظَ الأسْماءِ جِيدًا. فهِيَ مهارةٌ يُمكنُ تطْويرُها منْ خلالِ التَّدريبِ.

39 - تعلَّم ْكيفَ تُصلحُ الأعطالَ البسيطةَ في المنزل، وستكتشفُ مع الوقت أنَّ قُدراتك تحسَّنت كثيرًا . وأنَّ الأمرَ لم يكن صعبًا كما كنت تظنُّ. وأنك استفدتَ من أوقات فراغك كثيرًا، وأنك أتقنتَ مهاراتٍ مُفيدة، وأنك وفرتَ مبالغًا كثيرة.

40 - من الجيد أن تُحافظَ على اسْتِقامةِ مظْهرِكَ، وأن تنتبهَ لوضعيَّةِ جِسمِك، فهُو يقولُ عنك الكثيرَ.

41 - تعاطفْ قدرَ الإمْكانِ معَ المتألمينَ، وأظهِرْ منْ مشاعرِ الشفقةِ والرحمةِ أكثرَ ممَّا يستدعِي الموقِفَ.

42 - عندَ الصُّعودِ للطابق الثالثِ فما دونَه، حاول أن تستخدمَ سُلَّمَ الدَّرجِ بدلًا منْ المِصعدِ. فهيَ رياضةٌ نافعة.

43 - غالبًا ما يكونُ لكلِ شخصٍ تعرفهُ مهارةً أو هوايةً يحبُّها ويتميزُ بها. فمنْ الرائعِ أنْ تُطلقَ عليه لقبًا أو وصفًا مناسبًا يُسعدهُ ويعزِّزُ تميُّزهُ.

44 - كُن قويَّ الإرادةِ والتَّصميم، فكلُّ الذين يحققونَ أشياءَ عظيمةً. يؤكدون أنْ لديهم منْ الإرادة والتصميمِ قدرًا عظيمًا.

45 - (استغنِ عمنْ شئتَ تكنْ نظيرهُ. واحتجْ لمن شئتَ تكنْ أسيرهُ. وأحسنْ لمن شئتَ تكنْ أميرهُ). علي ابن أبي طالب.

46 - ولو لمرَّةٍ في السنة جرِّبْ أنْ تتواصلَ معَ منْ يفوقكَ خبرةً في تخصُّصِكَ.

47 - إذا أردت أن تُطورَ نفسك، وتُحسِّنَ أدائك. فقبلَ أن تقومَ (بأيِّ عملٍ) أسأل نفسك (باهتمام): ماذا يجبُ عليَّ أن أفعل لكي أجعلَ هذا العمل أفضلَ ما يمكن.

48 - طوبى لمن تَواضَعَ في غيرِ مذلَّةٍ. وتصدّقَ في غير مَخيلةٍ. واقتدى بأهل الخَشيةِ.

49 - الزم الصِّدقَ فالمؤمنُ الصَّادقُ، من أطيب الناسِ عيشًا. وأنعمُهم بالًا. وأشرحُهم صدرًا. وأسرُّهم قلبًا.

50 - مهما ضعُفت إمكانياتك. فلايزالُ بإمكانك أن تصلَ لأعلى أهدافك. إذا كنت تملك من الإرادة والعزيمةِ ما يكفي.

51 - لتكن توجيهاتُك وأوامرك (إن وجدت) على صِيغةِ التَّخيِيرِ، لا على صِيغةِ الطَلبِ المبَاشِر ِ. فتقولُ مثلًا: من فضلِكَ هل مِنْ الممكِنِ أنْ تَفعلَ كذا. أو إذا تكرمتَ هلَّا فَعلتَ كذا. ولا تقل (مباشرة): افعلْ كَذا. أو لا تَفعلْ كَذا.

52 - إن كانَ ولا بدَّ من النقد فليَكُنْ بطريقةٍ غَيرُ مُباشِرة. وذلك بعزل الفِعلِ عن الفاعِل، ونقدِ الفِعلِ (أي السلوك) وتجنُبِ الفَاعِلِ (أي المخاطب). فتقولُ مثلًا: ألا تَرى أنَّ هذا التصرفَ غيرُ مُناسِبٍ، وكانَ الأولى كذا وكذا. ولا تقل: تَصرُفُك هذا خَاطئٌ والصَّواب كذا وكذا.

53 - لا تمنعنَّ يدَ المعرُوفِ عن أحدٍ ~ ما دُمتَ مُقتدِرًا فالعيشُ تاراتُ

قد ماتَ قومٌ وما ماتت مكارِمُهم ~ وعاشَ قومٌ وهم في الناس أمواتُ

54 - إذا لم تهتم وتُخطِّط لتحقيق أهدافِك، فليس من حقك أن تندمَ على ضياعها.

55 - تأمَّل: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ: 39]. إنه ضمانٌ من الله تعالى، أنَّ أي شيءٍ تنفقَهُ في سبيله (مال، جهد، وقت، فكر. أي شيء) سيُخلِفُ الله عليك خيرًا منه، فهو سبحانهُ خيرُ الرازقين.

56 - إذا غضبتَ منْ شخصٍ عزيزٍ بدرجةٍ كبيرة، فاكتب رسالةً تُنفِسُ بها عنْ مشاعرك وغضبك، ثم اختمها بأجمل ما تُحسنهُ من الدعاء له. ثمَّ احتفظْ بها في ملفٍ خاصٍ ولا ترسلها له.

57 - أكثِر من التسبيح: فهو من أعظم العونِ لك على تحصيل الفوائدِ والمكاسِب، وعلى السَّلامةِ من الهمومِ والمصائب. تأمَّل: {وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى} [طه: 130]. وقال تعالى: {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ • لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [الصافات: 143-144].

58 - اجعلْ عناوينَ مُستنداتك وملفاتك الالكترونيةِ واضحةً الدِّلالةِ (ولو طالت)، فهذا سيُسهِّلُ عليك مُستقبلًا، أن تصلَ لما تريدهُ منها.

59 - لا يوجدُ شيءٌ اسمهُ (فشل). يوجدُ شيءٌ اسمهُ (استسلامٌ وتوقف). فإذا لم تتوقف فأنت لم تفشل بعد. وإنما هي فرصةٌ لتجربةٍ أخرى نسبةُ النجاحِ فيها أكبر.

60 - إذا قيلَ لأمهاتِ المؤمنين: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} [الأحزاب: 32]. فغيرهن من باب أولى.ِ

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين


أضف تعليق