قدم فروة بن مُسيك المُراديّ وافداً على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-مفارقاً لملوك كنِدة ومتابعاً للنبي-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-فنزل على سعد بن عبادة, وكان يتعلم القرآن, وفرائض الإسلام وشرائعه, وأجازه رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-باثنتي عشرة أوقية, وحمله على بعير نجيب, وأعطاه حُلّة من نسج عُمان, واستعمله على مُراد, وزُبيد, ومَذحج, وبعث معه خالد بن سعيد بن العاص على الصدقات, وكتب له كتاباً فيه فرائض الصدقة, ولم يزل علىالصدقة حَتَّى توفي رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-(1).
قدوم وفد زُبيد على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-
قدم عمر بن معد يكرب الزبيدي في عشرة نفر من زُبيد المدينة, فقال من سيد أهل هذه البحرة من بني عمرو بن عامر؟ فقيل له سعد بن عبادة, فأقبل يقود راحلته حَتَّى أناخ ببابه, فخرج إليه سعد فرحب به, وأمر برحله فحط, وأكرمه وحباه, ثم راح به إلى رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-فأسلم هو ومن معه, وأقام أياماً, ثم أجازه رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-بجائزة وانصرف إلى بلاده, وأقام مع قومه على الإسلام, فلما توفي رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-ارتد, ثم رجع إلى الإسلام, وأبلى يوم القادسيّة وغيرها(2).
قدوم وفد الصَّدِف على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-
قدم وفد الصَّدِف على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-وهم بضعة عشر رجلاً على قلائص لهم في أزر وأردية, فصادفوا رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-فيما بين بيته وبين المنبر, فجلسوا ولم يسلموا, فقال: (مسلمون أنتم؟) قالوا: نعم, قال:(فهلا سلمتم), فقاموا قياماً, فقالوا: السلام عليك أيها الله, قال: (وعليكم السلام اجلسوا), فجلسوا وسألوا رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- عن أوقات الصلاة فأخبرهم بها(3).
قدوم وفد خُشين على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-
قدم أبو ثعلبة الخشني على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-وهو يتجهز إلى خيبر فأسلم, وخرج معه فشهد خيبر, ثم قدم بعد ذلك سبعة نفر من خُشين فنزلوا على أبي ثعلبة, فأسلموا وبايعوا, ورجعوا إلى قومهم(4).
قدم وفد جهينة على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-
لما قدم النَّبيّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-المدينة, وفد إليه عبد العزى بن بدر بن زيد بن معاوية الجهني من بني الرّبَعَة بن رَشدان بن قيس بن جُهينة, ومعه أخوه لأمه أبو رَوعة, وهو ابن عم له, فقال رَسُولُ اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-لعبد العزى: أنت عبد الله, ولأبي رَوعَة: أنت رُعتَ العَدُوّ إن شاء الله, وقال: من أنتم؟ قالوا: بنو غيّان, قال: أنتم بنو رشدان, وكان اسم واديهم غوىً, فسمَّاه رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-رُشداً, وقال لجبَلَي جُهينة الأشعر والأجرد: هُما من جِبِال الجَنّة لا تَطَؤهُما فِتنَة, ٌوأعطى اللواء يوم الفتح عبد الله بن بدر, وخط لهم مسجدهم, وهو أول مسجد خُطّ بالمدينة.
وذكر ابن سعد بسنده عن رجل من جهينة من بني دهمان, عن أبيه- وقد صحب النَّبيّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-قال: قال عمرو بن مرة الجهني: كان لنا صنم, وكنّا نعظّمه, وكنت سادنه, فلما سمعت بالنَّبيَّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-كسرته وخرجت حَتَّى أقدم المدينة على النَّبيِّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-فأسلمت وشهدت شهادة الحق, وآمنت بما جاء به من حلال وحرام, فذلك حين أقول:
شـهـدتُ بـأنّ اللهَ حـقّ وإنّنــي |
|
لآلهة الأحجـارِ أوّلُ تــاركِ |
وشَمّرتُ عن ساقي الإزَارَ مهـاجراً |
|
إليك أجوبُ الوَعثَ بعد الدكادكِ |
لأصحب خير الناس نفساً ووالــداً |
|
رسولَ مليك الناس فوق الحبائك |
قال: ثم بعثه رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-إلى قومه يدعوهم إلى الإسلام فأجابوه إلا رجلاً واحداً رد عليه قوله, فدعا عليه عمرو بن مرة فسقط فوه فما كان يقدر على الكلام, وعمي واحتاج(5).
قدوم وفد كلب على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-
ذكر ابن سعد بسند عن ربيعة بن إبراهيم الدمشقي, قال: وفد حارثة بن قطن بن زائر بن حصن بن كعب بن عُليم الكلبي وحَمَل بن سعدانة بن حارثة بن مغفل ابن كعب بن عليم إلى رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-فأسلما, فعقد لحمل بن سعدانة لواء, فشهد بذلك اللواء صفين مع معاوية, وكتب لحارثة بن قطن كتاباً فيه, هذا: \"كتاب من محمد رَسُول اللهِ, لأهل دُومَةِ الجَندَلِ, وما يليها من طَوَائِف كلب مع حارثة بن قَطَنٍ,, لنا الضّاحِيَةُ من البَعلِ, ولكم الضّامِنَةُ من النّخلِ, على الجارِيَة العُشرُ وعلى الغائرَةِ نصف العُشرِ, لا تُجمَعُ سارِحَتُكم ولا تُعدَلُ فَارِدَتُكُم, تُقيمونَ الصلاةَ لوقتها, وتُؤتُونَ الزكاة بحقها, لا يُحظَرُ عليكُمُ النّباتُ ولا يُؤخَذُ مِنكُم عُشرُ البَتاتِ, لَكُم بِذَلِكَ العَهدُ والميِثَاقُ ولنا عليكم النصحُ والوفاءُ وذمّةُ الله ورَسُولِهِ, شَهِدَ اللهُ ومَن حَضَر من المُسلِميِنَ\"(6).
قدوم وفد جرم على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-
ذكر ابن سعد بسنده عن سعد بن مُرّة الجرمي عن أبيه قال: وفد على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-رجلان منّا يقال لأحدهما: الأصقع بن شريح بن صريم بن عمرو بن رياح بن عوف بن عَميرة بن الهُون بن أعجب بن قُدامة بن جَرم بن ريان بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة, والآخر هَوذَة بن عمرو بن زيد بن عمرو بن رياح فأسلما, وكتب لهما رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-كتاباً قال: فأنشدني بعض الجرميين شعراً, قاله عامر بن عصمة بن شريح يعني الأصقع:
وكـان أبـو شُرَيحِ الخير عَمّي |
*** |
فتــــى الفتيان حمّالَ الغرامه |
عميد الحيّ من جَـرم إذا مــا |
*** |
ذوو الآكــال سامـونا ظُـلامه |
وسابـق قومـه لمّـا دعاهُـم |
*** |
إلـى الإسلام أحمد مـن تهامه |
فلبّـاه وكـان لـه ظهيــراً |
*** |
فرفــّله علـى حيّــي قدامـه |
وذكر ابن سعد بسنده أيضاً عن عمرو بن سلمة بن قيس الجرمي, أن أباه ونفراً من قومه وفدوا إلى النَّبيِّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-حين أسلم الناس وتعلموا القرآن وقضوا حوائجهم, فقالوا له: من يصلي بنا أو لنا؟ فقال: (لِيُصَلّ بِكُم أكثَرُكُم جمعاً أو أخذاً للقرآن), قال: فجاؤوا إلى قومهم فسألوا فيهم فلم يجدوا فيهم أحداً أكثر أخذاً أو جمع من القرآن أكثر مما جمعت أو أخذت, قال: وأنا يومئذٍ, غلام عليَّ شملة فقدموني, فصليت بهم فما شهدت مجمعاً من جرم إلا وأنا إمامهم إلى يومي هذا, قال يزيد: قال مسعر: وكان يصلي على جنائزهم ويؤمهم في مسجدهم حَتَّى مضى لسبيله, قال: أخبرنا عارف بن الفضل, أخبرنا حماد بن زيد, عن أيوب قال: حدثني عمرو بن سلمة أبو زيد الجرمي, قال: كنا بحضرة ماء ممر الناس عليه, وكنا نسألهم ما هذا الأمر, فيقولون: رجل زعم أنه نبي وأن الله أرسله, وأن الله أوحى إليه كذا وكذا, فجعلت لا أسمع شيئاً من ذلك إلا حفظته كأنما يغرى في صدري بغراء حَتَّى جمعت فيه قرآناً كثيراً, قال: وكانت العرب تلوم بإسلامها الفتح, يقولون: أنظروا فإن ظهر عليهم فهو صادق وهو نبي, فلما جاءتنا وقعة الفتح بادر كل قوم بإسلامهم, فانطلق أبي بإسلام حوائنا ذلك, وأقام مع رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-ما شاء الله أن يقيم, قال: ثم أقبل, فلما دنا منّا تلقيناه, فلما رأيناه قال: جئتكم والله من ثم رَسُول اللهِ حقاً, ثم قال: إنه يأمركم بكذا وكذا, وينهاكم عن كذا وكذا, وأن تصلوا صلاة كذا في حين كذا, وصلاة كذا في حين كذا, وإذا حضرت الصلاة فليؤذّن أحدكم, وليؤمّكم أكثركم قرآنا, قال فنظر أهل حوائنا فما وجدوا أحداً أكثر قرآناً مني للذي كنتُ أحفظه من الرّكبان, قال: فقدموني بين أيديهم, فكنت أصلي بهم وأنا بن ست سنين, قال: وكان علي بردة كنت إذا سجدت تقلصت عني, فقالت امرأة من الحي ألا تغطون عنّا است قارئكم؟ قال: فكسوني قميصاً من معقّد البحرين, قال: فما فرحت بشيء أشد من فرحي بذلك القميص, قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس, أخبرنا أبو شهاب عن خالد الحذاء, عن أبي قلابة, عن عمرو بن سلمة الجرمي, قال: كنت أتلقى الركبان فيقرئوني الآية, فكنت أؤمّ على عهد رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-قال أخبرنا هشام بن عبد الملك أبو الوليد الطيالسي, أخبرنا شعبة عن أيوب, قال: سمعت عمرو بن سلمة قال: ذهب أبي بإسلام قومه إلى رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-فكان فيما قال لهم: يؤمكم أكثركم قرآناً, قال: فكنت أصغرهم, فكنت أؤمهم, فقالت امرأة: غطّوا عنّا است قارئكم, فقطعوا لي قميصاً فما فرحت بشيء ما فرحت بذلك القميص. قال أخبرنا يزيد بن هارون عن عاصم عن عمرو بن سلمة, قال: لما رجع قومي من ثم رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-قالوا: إنه قال ليؤمكم أكثركم قراءة للقرآن, قال: فدعوني فعلموني الركوع والسجود, قال: فكنت أصلي بهم وعلي بردة مفتوقة, فكانوا يقولون لأبي ألا تغطّي عنّا است ابنك(7)؟.
قدوم وفد سعد العشيرة على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-
روى ابن سعد, عن عبد الرَّحمن بن أبي سبرة الجعفي, قال: لما سمعوا بخروج النَّبيّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-وثب ذباب, رجل من بني أنس الله ابن سعد العشيرة, إلى صنم كان لسعد العشيرة, يقال له فَرّاض فحطّمه, ثم وفد إلى النَّبيِّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-فأسلم وقال:
تَبِعتُ رَسُـول اللهِ إذ جاء بالهدى |
|
وخَلّـفتُ فَـرّاضـاً بدارِ هوانِ |
شــدَدتُ عليـه شــدّة فتـركتـُه |
|
كـأن لم يكن والدهـر ذو حـدثـان |
فلمّــا رأيـتُ اللهَ أظهــرَ دينــه |
|
أجبـتُ رَسُـول اللهِ حيـنَ دعـانـي |
فأصبَحتُ للإسلام ما عشتُ ناصـراً |
|
وألقيتُ فيـها كلــكلي وجـرانـي |
فَمَن مُبلـغٌ سعــدَ العشيــرَةِ أنّني |
|
شَرَيتُ الذي يبقى بآخَــرَ فـانِ؟(8) |
قدوم وفد الداريين على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-
أخرج ابن سعد عن عبد الله بن يزيد بن روح بن زنباع الجذامي, عن أبيه قالا: قدم وفد الداريين على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-منصرفَه من تبوك, وهم عشرة نفر, فيهم تميم ونُعيم ابنا أوس بن خارجة بن يخلو بن جذيمة بن درّاع بن عديّ بن الدار بن هانئ بن حبيب بن نُمارة بن لخم, ويزيد بن قيس بن خارجة, والفاكه بن النعمان بن جبلة بن صَفّارة, قال الواقديّ: صفّارة, وقال هشام: صفّار بن ربيعة بن درّاع بن عدي بن الدار, وجبلة بن مالك بن صفّارة, وأبو هند والطيّب ابنا ذرّ, وهو عبد الله بن رزين بن عِمّيت بن ربيعة بن درّاع وهانئ بن حبيب, وعزيز, ومرة ابنا مالك بن سواد ابن جذيمة, فأسلموا, وسمّى رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-الطيّبَ عبد الله وسمّى عزيزاً عبد الرَّحمن, وأهدى هانئ بن حبيب لرَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-راوية خمر وأفراساً وقباء مخوَّصاً بالذهب, فقبل الأفراس والقباء وأعطاه العبّاس بن عبد المطّلب, فقال: ما أصنع به؟ قال: انتزِعَ الذّهَبَ فَتُحَليّهِ نِسَاءَكَ أو تَستَنفِقُهُ, ثمّ تبيعُ الدّيباجَ فتأخُذُ ثَمَنَهُ, فباعه العباس من رجل من يهود بثمانية آلاف درهم, وقال: تميم لنا جيرة من الروم لهم قريتان يقال: لإحداهما حِبرَى, والأخرى بيت عينون, فإن فتح الله عليك الشام فهبهما لي, قال: فهما لك, فلما قام أبو بكر أعطاه ذلك, وكتب له كتاباً, وأقام وفد الداريين حَتَّى توفي رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-وأوصى لهم بحاد مائة وسق(9).
1 - انظر: طبقات ابن سعد 1/327.
2 راجع: طبقات ابن سعد 1/ 328.
3 - انظر: ابن سعد 1/ 329.
4 - راجع: طبقات ابن سعد 1/ 329.
5 - انظر: ابن سعد1/333-334.
6 - راجع: ابن سعد 1/334-335.
7 - راجع: ابن سعد1/ 335-336.
8 راجع: ابن سعد 1/342.
9 - انظر: طبقات ابن سعد 1/343-344.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد