بسم الله الرحمن الرحيم
كان الناس قبل مبعث النَّبيّ (صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ) حائدين عن سواء السبيل ، وصراط الله المستقيم ، فكثر فيهم الشرك والفساد ، والجهل والإلحاد ، والبغي والعناد ، فبعث الله محمداً (صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ) إِلى الناس كافة عربهم وعجمهم بشيراً ونذيراً ، وداعياً إِلى الله بإذنه وسراجاً منيراً ، ففتح الله به أعيناً عمياً ، وآذاناً صماً ، وقلوباً غلفاً وتضمنت دعوته (صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ) غايتين:
الأولى : تقرير الدين والعقيدة والشريعة وتعلمها ، وتعليمها ، ونشرها ، والعمل بها .
الثانية : حماية الدين والعقيدة والشريعة ، والدفاع عنها ، وبيان ما يخالفها .
فهذه هي دعوته عليه الصلاة والسلام وهذا هو منهجه وهذه هي عقيدته ثم يأتي بعد ذلك أناس أشبه بالأنعام بل إن الأنعام أحسن حالا منهم ليتكلموا في دعوته عليه الصلاة والسلام ومنهجه وسيرته ،، محاولة منهم لتشويه صورة نبينا محمد ( عليه الصلاة والسلام ) ببث سمومهم وحقدهم الدفين ، وذلك من خلال إلقاء الشبهات والاعتراضات ولا يزال أعداء الإسلام قديماً وحديثاً ( منذ بزوغ فجره وحتى اليوم ) يحاولون الطعن فيه باستغلال جميع السبل والمحاولات و اجتهد الغرب النصراني أيضاً في بناء أسوار من الكذب و البهتان يريدون من خلال ذلك أن يحجبوا الضياء ، بل و اجتهد النصارى في إضلال عوام المسلمين بإثارة الشبهات حول هذا الدين ، و لتصور عظم هذا الخطب ينقل ديدات عن ادوارد سيد في مقال له في مجلة \" تايم \" في إبريل 1979م قوله: \" إن أكثر من ستين ألفاً من الكتب ألفت ضد الإسلام بواسطة المسيحيين الغربيين\"(1) ، فكم ألف بواسطة الشرقيين!!
و المستشرقون في الحقيقة تجاه الشٌّبهةِ فريقان : المتقمصون دور المدعي العام المجتهد لإثبات الجريمة و إحكام الشبهة . و الممثلون دور المحامي تطوعاً، يدافع عن الإسلام المتهمº اليائس في نظر الفريقين من العدل، القانط من إنصافهما ، فالمحامي على قناعة أن موكله من الدِّ خصومه الذين يجب أن يُقتلوا و يُصلبوا وتقطّع أيديهم و أرجلهم من خلاف ، فالمحامي في خجل لا يأمل من القاضي في حق موكله أكثر من الفتات يقول سبحانه وتعالى: {وَقَالَت طَّآئِفَةٌ مِّن أَهلِ الكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِيَ أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجهَ النَّهَارِ وَاكفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُم يَرجِعُونَ } آل عمران ، الآية: 72 و في الوقت الذي لا تقبل أوروبا تعاليم الهندوسية السيخية أو البوذية ، بيد أنها تحتفظ بموقف عقلي متزن و مجامل ، تجاه هذه المذاهب الطائفية ، ومن العجيب حالما تتجه أوربا إلى الإسلام يختل التوازن و يأخذ الميل العاطفي في التسرب يقول سبحانه وتعالى : { أَلَم تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِّنَ الكِتَابِ يُؤمِنُونَ بِالجِبتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاء أَهدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً } النساء، الآية:52 . و لا شك أن إبراز الشبهة و تبيينها و الإفصاح عنها ، يعطيها صبغة من الأهمية و التعريف و الشهرة ،وهذا عيب و قع فيه بعض الكتاب المسلمين مع عدم عناية بقوة الرد ، و بخاصة أن الإسلام الدين الحق ليس بحاجة إلى إثبات براءته أمام غبار الشٌّبهة ، و ليس في الإسلام من العيوب º مما يتطلب الدفاع عنه ، عبر إبراز وإظهار الشُبه التي تقال عنه ، و التي طالما تصدت لها مصادر الثقافة الإسلامية ، بشموخ وبرهان ، أقنعت الكل يقول عز وجل: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلبٌ أَو أَلقَى السَّمعَ وَهُوَ شَهِيدٌ } سورة ق الآية: 37 بما أودع الله جل ثناؤه في هذا القرآن ،من أدلة و شواهد و براهين ، فاضحة ، و مفندة كل زيف و زيغ ، تحت أي ستار ووراء كل خداع و تمويه º حتى لا يخدع بهرج هذه الدعاوى أحد من الناس ، والتي ليست في الأصل شبهة و لكن قد يغتر البعض بها و يساء مرادها وتأويلها ، فتزداد شراسة من يجترها من رجال اشتروا الضلالة بالهدى ، والعذاب بالمغفرة ، فيصرفون الناس عن الجادة ، بغير دليل ، وبغير حياء في التمويه و التلبيس. فناسب أن نبيِّن هذه الشبه و نرد عليها بقوة .و إلا فلا يُسمح بسوق الشبه ثم الرد عليها بضعفٍ, مما يثبت الشٌّبهة و يقويها في الأذهان. *وهذا ما سنقوم به بمشيئة الله (سبحانه وتعالى) من عرض الشبهة أولاً ثم الرد عليها من خلال الصفحات الآتية ولا نقول بأننا قد أحسنا أو أننا قد استوفينا الموضوع من كل جوانبه والحقيقة أن موضوع الشبهات لا ينتهي فما إن ترد على شبهة معينة إلا وقد أخرج لنا الملاعين شبهات غيرها فالمقصود أن هذا العمل بشري يعتريه النقص والخطأ والخلل وما قمنا به إلا محاولة منا للدفاع عن نبينا محمد عليه الصلاة والسلام وغيرة وحمية أن ينال النَّبيّ (عليه الصلاة والسلام) بسوء من قبل المستشرقين والنصارى وغيرهم، فإن وجدت أخي الكريم خيراً فاحمد الله وإن وجدت غير ذلك فنرجو منك العفو والمعذرة وقد قال الشاعر :
إن تجد عيباً فسد الخلالا |
**** |
جل من لا عيب فيه وعلا |
وجزاكم الله خيراً ، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
1 - خمسون ألف خطأ في الكتاب المقدس ، أحمد ديدات ، ص20.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد