بسم الله الرحمن الرحيم
الخطبة الأولى:
أما بعد:
أخصص لكم أيها الأخوة هذه الخطبة في ذكر واستقصاء أخلاق اليهود من خلال آيات القرآن الكريم.
إن اليهود يا عباد الله توفرت فيهم مجموعة من الرذائل الأخلاقية، والمفاسد السلوكية بصورة عجيبة، لا يمكن أن توجد في أي أمة أخرى، والعجيب أن هذا الفساد في الأخلاق، والوقاحة في الممارسات السلوكية لم تتمثل في جيل يهودي واحد، ولا في مجموعة يهودية معينة - إذن لهان الأمر -، ولكنها تحققت في الإنسان اليهودي المشوه أينما كان، فكل يهودي - باستثناء الأنبياء والمؤمنين الصالحين من بني إسرائيل - هو نموذج إنساني مجسم مشاهد لهذه الأخلاق، ولا يسلم من هذا ذلك اليهودي الذليل الذي عاش زمن فرعون، ولا اليهودي المحرر الذي يقيم على أرض فلسطين الآن.
إن المفاسد الأخلاقية اليهودية سمات عامة ليهود، كل اليهود، وإنها جينات وراثية ثابتة لكل يهودي في كل زمان ومكان، وإذا أردت أن تعرف اليهودي على حقيقته فاستحضر في ذهنك طائفة من الأخلاق الذميمة، فإنها تمثل بمجموعها اليهودي قائماً أمام عينيك.
إن الأخلاق اليهودية تذكرني بقول الشاعر ابن الرومي وهو يهجو رجلاً اسمه \"عمرو” فيقول:
وفي وجـوه الكـلاب طــول يـزول عنهـــــــا ولا تــزول
قـبائـح الكلـب فيك طُــــراً وجهك يـا عمرو فيه طول
أيها المسلمون: لنستعرض لكم بعض نصوص القرآن، ولنتعرف من خلالها على بعض أخلاق اليهود، فنقول:
أولاً: اليهود كذابون قال الله - تعالى-: \"ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا مادمت عليه قائماً ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون\"، وقال - تعالى-: \"وإن منهم لفريقاً يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون\"، وقال - عز وجل - عنهم أيضاً: \"ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا يظلمون فتيلاً انظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به إثماً مبيناً\"، فاليهود بواقعهم كاذبون في حياتهم الدينية وعباداتهم ونظرتهم إلى الله، واليهود كاذبون على الأعداء وعلى الأصدقاء، اليهود كاذبون على المحالفين والمحاربين والمعارضين، والعجيب أنهم جعلوا هذا الكذب ديناً وعقيدة، وعبادة وقربى تقربوا به إلى ربهم، ويقول الله - تعالى - عنهم أيضاً: \"سماعون للكذب أكالون للسحت\"، فهل بعد هذه النصوص الصريحة الواضحة من كلام ربنا مجال لتصديقهم والثقة بهم، إذا قلنا أنهم صادقون في هذه المرة فهذا معناه أننا نكذب نصوص القرآن - وهذا أمر خطير - فنعوذ بالله من الخذلان.
أيها المسلمون: خلق آخر كذلك أيضاً: اليهود خائنون قال الله - تعالى - عنهم: \"فبما نقضهم ميثاقهم لعنّاهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظاً مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلاً منهم\"، وبعد هذا يخدع بعض السذج بعهود اليهود ومواثيقهم، ويظنون أن اليهود قد استقانوا وتخلوا عن خياناتهم، ولكن الآية تطالبهم بفتح أعينهم وتقول لهم: \"ولا تزال تطلع على خائنة منهم\".
كذلك اليهود ينقضون العهود والمواثيق، لن تجد قوماً مثل اليهود في الاستخفاف بالعهود والمواثيق، وفي عدم مراعاتها أو الالتزام بها، بل جرأتهم على نقضها وإبطالها وإلغائها.
وإليكم نماذج من العهود والمواثيق التي أخذت على اليهود ومع ذلك نقضوها قال الله - تعالى -: \"وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحساناً وبذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسناً وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ثم توليتم إلا قليلاً منكم وأنتم معرضون وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم ثم أقررتم وأنتم تشهدون ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقاً منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان وإن يأتوكم أسارى تفادوهم وهو محرم عليكم إخراجهم أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض\".
وقال - تعالى -: \"وإذا أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون ثم توليتم من بعد ذلك فلولا فضل الله عليكم ورحمته لكنتم من الخاسرين\"، وقال - عز وجل - أيضاً في نقضهم للعهود والمواثيق: \"وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمناً قليلا فبئس ما يشترون\"، وقال - سبحانه -: \"لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل وأرسلنا إليهم رسلاً كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم فريقاً كذبوا وفريقاً يقتلون\"، وقال - تعالى -: \"ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيباً وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضاً حسناً لأكفرن عنكم سيئاتكم ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار فمن كفر بعد ذلك منكم فقد ضل سواء السبيل فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه\" فهل بعد هذه الآيات الواضحات حجة لأحد، فإن للقوم تاريخ أسود في نقض المعاهدات.
كذلك أيها الأخوة، فاليهود متحايلون: اليهود يا عباد الله تحايلوا على الأحكام الشرعية الموجهة لهم من عند الله، أفلا يتحايلون مع البشر؟ ولقد سجل القرآن عليهم نماذج لتحايلهم على أحكام الله، فنذكر لكم بعضها: قال الله - تعالى-: \"وإذ قلنا ادخلوا القرية فكلوا منها حيث شئتم رغداً وادخلوا الباب سجداً وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين فبدل الذين ظلموا قولاً غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا رجزاً من السماء بما كانوا يفسقون\"، أمرهم الله - تعالى- أن يدخلوا الأراضي المقدسة ساجدين مستغفرين يقولون ربنا حُط عنا ذنوبنا، فتحايلوا على هذا الأمر الرباني، ودخلوا يُرجعون على أستاهم ويقولون: حبة في شعيرة، كما بين ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وكذلك من نماذج تحايلهم: أن الله حرم عليهم بعض الطيبات عقوبة لهم مثل شحوم الأنعام كما قال - تعالى -: \"وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومها إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون\"، فتحايلت يهود على هذا الأمر الرباني، وأخذوا الشحوم المحرمة وأذابوها، ثم باعوها وأخذوا ثمنها، فلعنهم الله بسبب ذلك.
روى البخاري ومسلم عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لعن الله اليهود، حُرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا ثمنها)، وأيضاً من تحايل اليهود عندما حرم الله عليهم الصيد يوم السبت قاموا وصاروا ينصبون شباكهم يوم السبت ويأتون يوم الأحد ويأخذون ما صادته شباكهم، قال الله - تعالى - عن هذه الحيلة: \"واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعاً ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوماً الله مهلكهم أو معذبهم عذاباً شديدا قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون فلما عتوا عن ما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين\".
فنسأل الله أن يكفينا حيلهم ومكرهم وشرهم، وأن يلعنهم الآن كما لعنهم من قبل، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
الخطبة الثانية:
أما بعد:
نواصل في ذكر نماذج أخرى من أخلاق اليهود من خلال كلام الله - عز وجل - لتعرفوا هذه الفئة من البشر على حقيقتها، وأنهم وإن تبسموا لكنه تبسم اللئيم:
ومنهم عدو في ثياب الأصادق لــــه فيكـم فعل العـدو المفارق
ومنهم عدوٌ كاشر عــن عدائه ومنهم قريب أعظم الخطب قربه
أيها المسلمون: ومن أخلاق اليهود السخرية والاستهزاء، اليهود مستهزئون، وقد ذكر الله - عز وجل- في كتابه أن اليهود يستهزئون بالإسلام وقيمه وشعائره، فقال - تعالى -: \"يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزواً ولعباً من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزواً ولعباً ذلك بأنهم قوم لا يعقلون\".
كذلك أيها الأخوة: اليهود بخلاء عبدة للمال، يحرصون على جمعه وكنـزه وعبادته، وقد سجل التاريخ النّهمَ اليهودي للمال، وقد أشار القرآن إلى نماذج من حرص اليهود على المال، وعبادتهم له، وبخلهم به قال - تعالى -: \"أم لهم نصيب من الملك فإذاً لا يؤتون الناس نقيراً\"، يخبر - تعالى - عنهم أنه لو كان لهم نصيب من الملك وكان توزيع المال والرزق لهم، فإنهم سيبخلون به، ولا يؤتون الناس منه شيئاً \" فإذاً لا يؤتون الناس نقيراً \"، وقال - تعالى - عنهم: \"ولا يحسبن الذين يبخلون بما أتاهم الله من فضله هو خيراً لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة ولله ميراث السموات والأرض والله بما تعملون خبير\".
اليهود مفسدون في الأرض، وهذه من أبرز السمات في أخلاقهم، والفساد في الأرض ملازم لهم منذ أيامهم الأولى مع نبيهم موسى - عليه السلام -، فها هو قارون اليهودي الذي كان من قوم موسى كان مفسداً في الأرض، استخدم ما منحه الله من المال ووهبه من العلم للإفساد قال الله - تعالى -: \"إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين قال إنما أوتيته على علم عندي\".
وموسى - عليه السلام - من خلال تجربته مع بني إسرائيل ومعرفته بهم جيداً كان دائماً يحذرهم من الإفساد في الأرض، فقال لهم كما في آية البقرة: \"كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين\"، ولما توجه إلى الطور لمناجاة الله جعل مكانه أخاه هارون وقال له: \"اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين\"، ويقول الله - تعالى - عنهم أيضاً: \"وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علواً كبيراً\"، وقال - سبحانه وتعالى- عنهم أيضاً: \"كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فساداً والله لا يحب المفسدين\" وهذه الآية لوحدها تصلح أن تكون عنواناً لتاريخ اليهود كله، وتحقق الإفساد فيهم بكل ألوانه ونماذجه \" كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فساداً والله لا يحب المفسدين\".
وصدق الله العظيم، فمعظم الحروب في العالم وبخاصة الحروب العظمى المعاصرة خطط لها يهود، وأوقد لها يهود، وأشعلها اليهود، لينشروا الفساد في الأرض، ويحققوا أهدافهم على حطام البشرية وضحاياها.
اليهود يوقدون الحروب، ويشعلون نارها، والذي يوقدها لا يحترق.
أيها المسلمون: نختم مجموعة الأخلاق اليهودية التي ذكرتها لكم وكلها بنص كتاب الله، نختم كلامنا بأمر آخر متعلق باليهود وهو أن اليهود أمة ملعونة، وهذا جزء من عقيدتنا، نعتقد ونؤمن بأن اليهود ملعونون.
واللعن هو الطرد والإبعاد من رحمة الله، وقد وردت آيات كثيرة تقرر هذا الحكم الرباني على اليهود، قال الله - تعالى -: \"فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية\"، وقال - تعالى -: \"قل هل أنبئكم بشرٍ, من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شرٌ مكاناً وأضل عن سواء السبيل\"، وقال - تعالى -: \"وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان\"، وقال - تعالى -: \"لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون\"، وقال - تعالى -: \"وقالوا قلوبنا غلف بل لعنهم الله بكفرهم فقليلاً ما يؤمنون ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين\"، وقال الله - تعالى - عنهم أيضاً: \"من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مُسمع وراعنا لياً بألسنتهم وطعناً في الدين ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيراً لهم وأقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلاً يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقاً لما معكم من قبل أن نطمس وجوهاً فنردها على أعقابها أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت وكان أمر الله مفعولاً إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثماً عظيماً ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا يظلمون فتيلاً انظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به إثماً مبيناً ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلاً أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيراً \".
فهل يشك أحد بعد هذه الآيات بلعن اليهود، وأن لعنة الله دائمة ثابتة عليهم، لا تفارقهم في تاريخهم كله، وقد كتبت عليهم إلى يوم الدين.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد