بسم الله الرحمن الرحيم
1- اصطفى الله أمة بني إسرائيل على سائر الأمم الوثنية القائمة حينذاك، وجعل فيهم النبوة والكتاب والملك والشريعة. وقال عنهم: {ولقد اخترناهم على علم على العالمين} [الدخان: 32]. {يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين} [البقرة: 74]. {ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب والحكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين} [الجاثية: 16]. {أغير الله أبغيكم إلهاً وهو فضلكم على العالمين} [الأعراف: 170].
2- ظهرت بركات هذا الاصطفاء والاختيار في حياة بني إسرائيل:
أ- كثر فيهم الأنبياء المصلحون {ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب والحكم والنبوة} [الجاثية: 16].
ب- العز والتمكين بعد الذل والمهانة. {ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب والحكم} [الجاثية: 16].
{وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا} [الأعراف: 173]. {وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم} [البقرة: 49].
{وإذا فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون} [البقرة: 50].
{وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم} [النور: 55].
ج- كثرة النعم عليهم. {وأنزلنا عليكم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} [الأعراف: 160].
{وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً قد علم كل أناس مشربهم} [البقرة: 60].
يزعم اليهود أنهم شعب الله المختار إلى الأبد، وإن هذا الاختيار قائم على حسن حسبهم ونسبهم ولا علاقة له بالإيمان والعمل، فقد جاء في توراتهم المحرفة قولها: \"ولكن عهدي أقيمه مع إسحاق الذي تلده لك سارة في هذا الوقت من السنة الآتية\" (سفر التكوين/الإصحاح17).
ويعتبرون هذا العهد والاصطفاء ماضياً فيهم إلى قيام الساعة. ففي نص آخر تقول التوراة: \"يدعو اسمه إسحاق وأقيم معه عهداً وأبدياً لنسله من بعده\" (سفر التكوين/الإصحاح17).
3- التكريم الإلهي متعلق بالعمل لا بالنسب.
لم يستحق بنو إسرائيل هذا الاختيار والاصطفاء، فكان المحق والغضب عليهم، لأن الاصطفاء مشروط بشروط لم يوفوا بها. {يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون} [البقرة: 40]. فعندما نكثوا عهد الله لم يبقهم الله أمة الاختيار والاصطفاء {سل بني إسرائيل كم آتيناهم من آية بينة ومن يبدل نعمة الله من بعدما جاءته فإن الله شديد العقاب} [البقرة: 211].
وقال لهم: {إذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد} [إبراهيم: 7]. {ذلك بأن الله لم يك مغيراً نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن الله شديد العقاب} [الأنفال: 53].
4- تحول الأمة المصطفاة إلى أمة غضيبة ملعونة {اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين} [الفاتحة: 6-7]. قال أهل العلم: المغضوب عليهم هم اليهود، والضالون هم النصارى {وباءوا بغضب من الله} [آل عمران: 112]. {بل لعنهم الله بكفرهم فقليلاً ما يؤمنون} [البقرة: 88]. {لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون} [المائدة: 78]. {ولعنوا بما قالوا} [المائدة: 46].
ومن غضب الله عليهم مسخ بعضهم قردة وخنازير {فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين} [البقرة: 65]. {من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت} [المائدة: 60].
5- الاصطفاء يتحول إلى أمة جديدة وبنفس الشروط التي أعطيها بنو إسرائيل.
{كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيراً لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون} [آل عمران: 110]. {لقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون} [الأنبياء: 105]. {قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى} [النمل: 59]. {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا} [فاطر: 32]. {وجاهدوا في الله حق جهاده وهو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سمّاكم المسلمين من قبل} [الحج: 78].
6- تحذير رسول الله من التشبه باليهود والسير على طريقهم ودربهم المشئوم.
((لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً شبراً، وذراعاً بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم قالوا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟)) [رواه البخاري ح7320، ومسلم ح2669].
وسنن الله لا تحابي أحداً {سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلاً}[الفتح 23] وقال - صلى الله عليه وسلم - ((فوالله مالفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم))[البخاري ح4043، ومسلم ح2961]
قُرأ قوله - تعالى -{ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}-قٌُرأ عند حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - فقال رجل: إن هذا في بني إسرائيل.
قال حذيفة: (نعم الإخوة بنو إسرائيل، إن كان لكم الحلو، ولهم المر، كلا والذي نفسي بيده حتى تحذوا السنة بالسنة حذو القذة بالقذة). [رواه الحاكم وصححه، ووافقه الذهبي 2/312].
وعن ابن عباس - رضي الله عنه - أنه قال(ما أشبه الليلة بالبارحة، هؤلاء بنو إسرائيل شبهنا بهم). [تفسير الطبري]
لكن المسلمين وقعوا في مشابهة بني إسرائيل التي حذر منها النبي - صلى الله عليه وسلم - ووافقوهم في ضلالهم ومن ذلك أمور نذكر أهمها:
أولاً: الوقوع في الشرك.
وقع بنو إسرائيل في عبادة العجل بل والأصنام التي أقاموها في الهيكل الذي بناه سليمان بعد ذلك لعبادة الله {ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون} [البقرة: 51]. {وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم} [البقرة: 54]. لكنهم لفرط ضلالهم وكفرهم {أُشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم} [البقرة: 93].
وحذر النبي أمته من الوقوع في الشرك وذكر أن ((أيها الناس اتقوا هذا الشرك فإنه أخفى من دبيب النمل)) [رواه أحمد ح19781].
ولما خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى حنين خرج معه مسلمة الفتح وكانوا حديثو عهد بكفر فمرّوا على قوم لهم سدرة يعكفون عليها وينوطون بها أسلحتهم يقال لها: ذات أنواط فقالوا: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((قلتم والذي نفسي بيده كما قال قوم موسى {اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون} إنها السنن، لتركبن سَنَن من كان قبلكم سنة بسنة)) [روه أحمد ح20892، والترمذي ح2180].
وفي صور الشرك التي نراها في حياة المسلمين ما نراه من عبادة القبور والأضرحة والنذر عندها والذبح لها والطواف حولها، وقد وقعنا فيما حذر منه - صلى الله عليه وسلم - حين قال: ((لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. يحذر ما صنعوا)) [رواه البخاري ح436، ومسلم ح531]. وفي رواية: ((أولئك قوم إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً، وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شر الخلق عند الله)) [رواه البخاري ح434، ومسلم ح528].
((لا تقوم الساعة حتى يلحق حي من أمتي بالمشركين، وحتى تعبد فئام من أمتي الأوثان))[رواه أحمد ح21361، والترمذي ح2219، وابن ماجه ح3952].
قال عبد الله بن مسعود: (أنتم أشبه الأمم ببني إسرائيل سمتاً وهدياً، تتبعون عملهم حذو القذة بالقذة، غير أني لا أدري أتعبدون العجل أم لا).
ثانياً: الجبن والخوف على النفس وترك الجهاد والذل والعقوبة بالصغار والذل بعد ذلك. قال - تعالى -عن اليهود {ولتجدنهم أحرص الناس على حياة ومن الذين أشركوا يود أحدهم لو يعمر ألف سنة} [البقرة: 96].
ولما أمرهم الله بقتال عدوهم في الأرض المقدسة جبنوا عن ذلك {وإذا قال موسى لقومه يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين قالوا يا موسى إن فيها قوماً جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبداً ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون} [المائدة: 20-24]. فكانت العقوبة لهذا الخذلان أن يتيهوا في الأرض {قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين} [المائدة: 26].
ووقعت أمتنا فيما حذره النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قال: ((يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة على قصعتها قالوا: أومن قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن الله في قلوبكم الوهن قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت)) [رواه أبو داود ح4297، وأحمد ح21363].
وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم)) [أبو داود 3462 وأحمد وهو صحيح].
وهو ما أصاب المسلمين اليوم حيث ضربت عليهم الذلة والصغار الذين ضربهما الله على بني إسرائيل: {ضربت عليهم الذلة والمسكنة} وفي الطبراني في الأوسط بإسناد حسن من حديث أبي بكر: ((ما ترك قوم الجهاد إلا عمهم الله بالعذاب)).
ثالثاً: تحريف الشريعة والتلاعب بها بالتحليل والتحريم.
{اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله} لما أسمع رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عدي بن حاتم الآية، وكان على النصرانية قال له: ((أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم، ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئاً استحلوه، وإذا حرموا عليهم شيئاً حرموه)) [الترمذي ح 3306 وحسنه الألباني].
وقد أخذ اليهود من دينهم ما وافق هواهم وتركوا غيره فقال الله لهم: {وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم ثم أقررتم وأنتم تشهدون ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقاً منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان وإن يأتوكم أسارى تفادوهم وهو محرم عليكم إخراجهم أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون}.
{ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم}، {وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون}، {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}، {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون}.
وقال - صلى الله عليه وسلم - ((إنما هلك من كان قبلكم أنهم يقيمون الحد على الوضيع ويتركون الشريف)) [رواه البخاري ح6787]
ومشت هذه الأمة على سيرة أهل الكتاب فنكصت عن تطبيق الشريعة أو بعض الكتاب، وزعم بعض علماء السوء أن الشريعة مطبقة في بلاد المسلمين، وأفتوا بتحليل الحرام كالفوائد البنكية، وتحريم الحلال كمنع الجهاد وإنكار المنكر ومحاربة الحجاب والنقاب، ووقعت الأمة فيما حذره النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين)) [رواه أحمد ح21361، ابن ماجه ح3952، والدارمي ح209].
قال سفيان بن عيينة: إن من فسد من علمائنا ففيه شبه من اليهود، ومن فسد من عبادنا ففبه شبه من النصارى.
رابعاً: ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل أنه كان الرجل يلقى الرجل فيقول له: يا هذا اتق الله ودع ما تصنع، فإنه لا يحل لك، ثم يلقاه من الغد وهو على حاله، فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض ثم قال: {لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون} [المائدة: 78-79].
ثم قال - صلى الله عليه وسلم -: ((كلا والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يدي الظالم ولتأطرنه على الحق أطراً أو لتقصرنه على الحق قصراً)).
وجاء في رواية أخرى أيضاً لأبي داود: ((أو ليضربن الله بقلوب بعضكم بعضاً ثم ليلعننكم كما لعنهم)) [رواه أبو داود ح4336، والترمذي ح3047، وابن ماجه ح4006].
وستقع هذه الأمة فيما وقع به بنو إسرائيل فهي ما تزال تتبع سنن بني إسرائيل حيث قال: ((ستكون بعدي فتن، لا يستطيع المؤمن فيها أن يغير بيده ولا بلسانه، قلت: يا رسول الله، وكيف ذاك قال: ينكرونه بقلوبهم)) [رواه الإسماعيلي].
خامساً: الافتراق في الدين
ذكر الله لنا تفرق أهل الكتاب في دينهم محذراً من صنيعهم، قال - تعالى -{ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً}[الروم 32]{ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات}[آل عمران 105]{ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه}[فصلت 54]{ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله}[الأنعام 153]{واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا}[آل عمران 103]{شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه}[الشورى 13]
وحذرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أسباب الافتراق التي وقع بها بنو إسرائيل حتى لا نصير إلى ما صاروا إليه، ومن ذلك معارضة النصوص بعضها ببعض، قال عبد الله بن عمرو: ((هجرت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوماً، فسمع أصوات رجلين اختلفا في آية، فخرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعرف في وجهه الغضب فقال: ((إنما هلك من كان قبلكم من الأمم باختلافتهم في الكتاب)) [مسلم ح 2666].
قال ابن سعود سمعت رجلاً قرأ آية سمعت من النبي - صلى الله عليه وسلم - خلافها فأخذت بيده فأتيت به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: كلاكما فحسن. قال شعبة: أظنه قال: ((لا تختلفوا فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا)) [البخاري: 2410].
وفي مسند أحمد خرج علينا رسول الله ذات يوم والناس يتكلمون في القدر قال: فكأنما تفقأ في وجه حب الرمان من الغضب، فقال لهم: ((مالكم تضربون كتاب الله بعضه ببعض، بهذا هلك من كان قبلكم)) [أحمد ح 6381]. وفي مسلم: فسمع صوت رجلين اختلفا في آية فخرج علينا رسول الله يعرف في وجهه الغضب فقال((إنما هلك من كان قبلكم باختلافهم في الكتاب)) [مسلم 2666].
وقال - صلى الله عليه وسلم -((دعوني ما تركتكم، إنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)) [البخاري: 7288، مسلم 1337].
والغلو في الدين سبب من أسباب الافتراق حذر منه- صلى الله عليه وسلم - فقال((إياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين)) [النسائي: 3057، أحمد 1754، ابن ماجه 3029]. وقد وقع فيه أهل الكتاب كما قال الله {يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلى الحق}وقال - صلى الله عليه وسلم - ((لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبده، فقولوا عبد الله ورسوله))[رواه البخاري ح3262] وفي حديث أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: ((لا تشددوا على أنفسكم فيشدد عليكم فإن قوماً شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم، فتلك بقاياهم في الصوامع والديارات، رهبانية ابتدعوها ما كتبناه عليهم)) [أبو داود ح 4904].
ومن أسباب التفرق التي وقع بها بنو إسرائيل ثم وقعنا بها الجدل وعصيان النبي - صلى الله عليه وسلم - في أمره ((ذروني ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم)) أي مخالفتهم. [البخاري 7288، مسلم 1337].
عن أبي أمامة قال: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((ما ضل قوم بعد هدىً كانوا عليه إلا أوتوا الجدل)). [رواه الترمذي ح 3253، وابن ماجه ح 48]
وقد وقعت الأمة لهذه الأسباب وغيرها في التفرق المذموم الذي حذر منه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخبر بوقوعه حين قال((تفرقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة أو اثنتين وسبعين فرقة والنصارى مثل ذلك، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة)) [الترمذي 3640، أبو داود 4596، ابن ماجه 3991].
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد