وفي الاصطلاح: عقد يعتبر فيه لفظ (إنكاح) أو (تزويج) في الجملة، أو هو: عقد الزوجية الصحيحة. والأصل فيه الكتاب، والسنة، والإجماع. قال - تعالى -: (فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ) (3) سورة النساء وفي الحديث: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج) متفق عليه. وأجمع المسلمون على مشرعيته.
حـكم النـكاح
يختلف حكم النكاح باختلاف الناس فقد يجب على شخص ويسن في حق آخر، ولعل الناس في ذلك على ثلاثة أقسام كما قال ابن قدامة في المغني، حيث قال: \" والناس في النكاح على ثلاثة أضرب، منهم من يخاف على نفسه الوقوع في محظور إن ترك النكاح، فهذا يجب عليه النكاح في قول عامة الفقهاءº لأنه يلزمه إعفاف نفسه وصونها عن الحرام وطريقة النكاح.
الثاني: من يستحب له وهو من له شهوة يأمن معها الوقوع في محظور، فهذا الاشتغال به أولى من التخلي لنوافل العبادة....
القسم الثالث: من لا شهوة له، إما لأنه لم يخلق له شهوة كالعنين، أو كانت له شهوة فذهبت بكبر أو مرض ونحوه. ففيه وجهان أحدهما: يستحب له النكاح، والثاني التخلي له أفضل.. أ. هـ فمن كانت له شهوة فإنه يسن في حقه لترغيب الشريعة في الزواج، قال - صلى الله عليه وسلم -: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج) متفق عليه ولأن فيه مصالح كثيرة كتحصين فرجه، وفرج الزوجة، وتكثير النسل، وتكثير الأمة. [وتجد في ثنايا هذا الموقع مقالات عن فضيلة الزواج والحث عليه] ويحر م النكاح: إذا كان في دار حرب، إلا لضرورة، ويحرم كذلك إن كانت المرأة تحرم عليه تحريماً مؤبداً. ويحرم على العاجز مالياً. ومن يعجز عن المعاشرة. ويكره النكاح: إذا كان عاجزاً مالياً لقوله - تعالى -: {وَليَستَعفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغنِيَهُم اللَّهُ مِن فَضلِهِ} (33) سورة النــور، وللحديث: (من استطاع منكم الباءة فليتزوج) ويكره كذلك لمن يخشى العدل بين الزوجات.
أركان النكاح
للزواج أركان ثلاثة: الأول: الزوجان الخاليان من الموانع.
الثاني: الإيجاب، وهو اللفظ الصادر من الولي أو من يقوم مقامة.
الثالث: القبول، وهو اللفظ الصادر من الزوج أو من يقوم مقامه.
شـروط النـكاح
للعقد النكاح أربعة شروط، وهي: الأول: رضا الزوجين: فلا يصح إجبار الرجل على نكاح من لا يريد و لا إجبار المرأة على نكاح من لا تريد. قال الله - تعالى -: {أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلٌّ لَكُم أَن تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرهاً} (النساء: 19) وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تنكح الأيم حتى تستامر و لا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا: يا رسول الله و كيف إذنها؟ قال: أن تسكت)رواه البخاري ومسلم.
وعن خنساء بنت جذام: أن أباها زوجها بدون إذنها- وهي ثيب- فأتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرد نكاحها (رواه ابن ماجة). \" فنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن تزويج المرأة بدون رضاها سواء أكانت بكرا أم ثيبا إلا أن الثيب لا بد من نطقها بالرضا و أما البكر فيكفي في ذلك سكوتها لأنها تستحي من التصريح بالرضا. و إذا امتنعت عن الزواج فلا يجوز أن يجبرها عليه احد و لو كان أباها، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((و البكر يستأذنها أبوها)) رواه مسلم. و لا أثم على الأب إذا لم يزوجها في هذه الحال لأنها هي التي امتنعت و لكن عليه أن يحافظ عليها و يصونها و إذا خطبها شخصان، وقالت: أريد هذا و قال وليها: تزوجي الآخر، زوجت بمن تريد هي إذا كان كفئا لها أما إذا كان غير كفء فلوليها أن يمنعها من زواجها به و لا أثم عليه في هذه الحال \" [من كلام الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - من كتاب الزواج] الثاني: تعيين الزوجين: كقول الولي زوجتك ابنتي فلانة أو هذه أو الطويلة ونحو ذلك مما تتميز به إذا كان هناك غيرها. الثالث: الولي: فلا يصح النكاح بدون ولي، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: \"لا نكاح إلا بولي\" رواه أبو داود والترمذي. فلو زوجت المرأة نفسها فنكاحها باطل، سواء باشرت العقد بنفسها أم وكَّلت فيه. والولي: هو البالغ العاقل الرشيد من عصباتها، مثل الأب، و الجد من قبل الأب، و الابن و ابن الابن و إن نزل و الأخ الشقيق و الأخ من الأب و العم الشقيق و العم من الأب و أبنائهم الأقرب فالأقرب. ولا ولاية للأخوة من الأم و لا لأبنائهم و لا أبي الأم و الأخوال لأنهم غير عصبة، و إذا كان لا بد في النكاح من الولي فانه يجب على الولي اختيار الأكفاء فالأمثل إذا تعدد الخُطَّاب فان خطبها واحد فقط وهو كفء و رضيت فانه يجب عليه أن يزوجها به وهنا نقف قليلا لنعرف مدى المسئولية الكبيرة التي يتحملها الولي بالنسبة إلى من ولاه الله عليها فهي أمانة عنده يجب عليه رعايتها ووضعها في محلها و لا يحل له احتكارها لأغراضه الشخصية أو تزويجها بغير كفئها من اجل طمع فيما يدفع إليه، فان هذا من الخيانة وقد قال الله - تعالى -: ((يأيها الذين امنوا لا تخونوا الله و الرسول و تخونوا أماناتكم و أنتم تعلمون))- (الأنفال: 27). وقال - تعالى -: ((إن الله لا يحب كل خوان كفور))- (الحج: 38) وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((كلكم راع و كلكم مسئول عن رعيته)) رواه البخاري ومسلم.
وترى بعض الناس تخطب منه ابنته يخطبها كفء ثم يرده و يرد آخر و آخر و من كان كذلك فان ولايته تسقط و يزوجها غيره من الأولياء الأقرب فالأقرب. [من كلام الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - من كتاب الزواج] الرابع: الشهادة: أي حضور شاهدين حين العقد وأن يكونا عدلين مقبولين يرضاهما الناس، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: \"لا نكاح إلا بولي\" رواه أبو داود والترمذي.
ويشترط أن لا يكون الشاهدين من أصول الزوج ولا فروعه ولا من أصول الزوجة ولا من فروعها ولا من أصول الولي ولا من فروعه، تنبيه: الراجح من أقوال العلماء: أنه لا بأس أن يكون الشاهدين من الأصول أو الفروع سواء للزوج أو الزوجة أو الولي، والأولى الحيطة على كل حال. والكفاءة معتبرة في النكاح وهي المماثلة بين الزوجين والمساواة،، والمالكية يرون ذلك في الدين والحال، أي السلامة من العيوب التي توجب لها الخيار، أما جمهور أهل العلم فيرونها في الدين والنسب والحرية والحرفة ((أي الصناعة))، والحنابلة والحنفية زادوا اليسار أي المال.
وعلى هذا فالكفاءة في الدين مما اتفقوا عليه فلا تحل المرأة المسلمة للرجل الكافر. والأدلة على اعتبار الكفاءة كثيرة منها قوله - تعالى -: {وَلا تَنكِحُوا المُشرِكَاتِ حَتَّى يُؤمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤمِنَةٌ خَيرٌ مِن مُشرِكَةٍ, وَلَو أَعجَبَتكُم وَلا تُنكِحُوا المُشرِكِينَ حَتَّى يُؤمِنُوا وَلَعَبدٌ مُؤمِنٌ خَيرٌ مِن مُشرِكٍ, وَلَو أَعجَبَكُم} (سورة البقرة 221) وقوله - عليه الصلاة والسلام -: \"إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير\" (رواه الترمذي وابن ماجه).
والكفاءة ليست من شروط صحة النكاح، فإن النكاح صحيح ولو لم يكن هناك تكافؤ بين الرجل والمرأة والمسألة تتوقف على رضا المرأة والأولياء في الحسب والنسب والمال وغيره.
الآثار المترتبة على النكاح1- وجوب المهر. 2- النفقة. 3- الصلة بين الزوج وزوجته وبين أهلهما. 4- المحرمية. 5- الإرث.
والله أعلم وصلى الله وسلم وعلى نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد