فى موسم الحج وفد مع حجاج يثرب ثلاثة و سبعون رجلا، و امرأتان من المسلمين و معهم مصعب ليبايعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - و سر الرسول بانتشار الإسلام بين أهل يثرب ووجد فيهم المنعة و النصرة و الحماية، و وجد المسلمون فى يثرب الملجأ والملاذ والمأوى فتاقت نفوسهم وهفت اليها أفئدتهم و تمنوا ساعة الخلاص
تواعد الرسول - صلى الله عليه وسلم - و مسلمو يثرب اللقاء فى العقبة فى ليلة الثاني عشر من ذى الحجة على أن يكون سرا حتى لا تعلم قريش أو مشركوا يثرب به فيفسدوه، ولما حان الموعد بدأ المسلمون يتسللون تسلل القطا - وهو طائر معروف بالخفة و الحذر - إلى مكان الاجتماع و خرج إليهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - و معه عمه العباس وكان لا يزال مشركا و لكنه أراد أن يتثبت لابن أخيه من أهل يثرب، و كان أول من تكلم فقال: يا معشر الخزرج، إن محمدا منا حيث علمتم، و قد منعناه من قومنا ممن على مثل رأينا فيه، فهو فى عز من قومه و منعه فى بلده، و أنه قد أبى إلا الانحياز إليكم و اللحاق بكم، فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه، و ما منعوه ممن خالفه، فأنتم و ما تحملتم من ذلك، و إن ترون أنكم مسلموه و خاذلوه بعد الخروج إليكم فمن الآن فدعوه فإنه في عز و منعه من قومه و بلده، فقال الخزرج للعباس، قد سمعنا ما قلت تكلم يا رسول الله فخذ لنفسك و لربك ما أحببت، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أبايعكم على أن تمنعونى مما تمنعون منه نسائكم و أبنائكم، فأخذ البراء ابن معرور يده، و قال: نعم و الذى بعثك بالحق لنمنعنك مما نمنع منه أزرنا- كناية عن أنفسهم ونسائهم-فبايعنا يا رسول الله، فنحن والله أبناء الحروب، و أهل الحلقة ورثناها كابرا عن كابر
وأراد الأنصار أن يستوثقوا لأنفسهم أيضا من الرسول فقال أبو الهيثم بن التيهان: يا رسول الله ان بيننا و بين الرجال حبالا و إنا قاطعوها(يريد اليهود)فهل عسيت ان نحن فعلنا ذلك ثم أظهرك الله أن ترجع الى قومك و تدعنا فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - و قال: \"الدم الدم والهدم الهدم\"، يعنى أنا منكم و أنتم منى أحارب من حاربتم و أسالم من سالمتم
وقال العباس بن عبادة الأنصارى، مؤكدا البيعة فى أعناق الأنصار: يا معشر الخزرج هل تدرون علام تبايعون هذا الرجل، قالوا: نعم، قال: انكم تبايعونه على حرب الأحمر و الأسود من الناس، فأن كنتم ترون أنكم اذا أنهكت أموالكم مصيبة، وأشرافكم قتلا، أسلمتموه فمن الآن، فهو و الله خزي فى الدنيا و الآخرة ان فعلتم، و ان كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه اليه على نهكه الأموال و قتل الأشراف فخذوه، فهو و الله خير فى الدنيا و الآخرة فأجاب الأنصار: نأخذه على مصيبة الأموال و قتل الأشراف، ابسط يدك يا رسول الله لنبايعك فبسط يده فبايعوه
وطلب الرسول أن يختاروا من بينهم اثنى عشر نقيبا فاختاروا تسعة من الخزرج و ثلاثة من الأوس، و قال الرسول لهم: أنتم كفلاء على قومكم ككفالة الحواريين لعيسى بن مريم فاجابوه
وفى الصباح علمت قريش بأمر البيعة و أن أهل يثرب قد بايعوا محمدا ليخرج اليهم و يمنعوه مما يمنعون منه نساءهم و أولادهم، فوقع فى أيديهم و طاش صوابهم و خرجوا مسرعين الى منازل أهل يثرب يسألونهم: انا قد بلغنا أنكم قد جئتم الى صاحبنا هذا تستخرجوه من بين أظهرنا و تبايعوه على حربنا، وانا و الله ما من حي من العرب أبغض الينا أن تنشب الحرب بيننا و بينهم منكم، فسكت المسلمون و قام أهل يثرب يحلفون لهم ما كان من هذا من شئ، و ما علمناه، وعاد أهل يثرب الى بلدهم، و لكن قريشا تيقنت خبر البيعة فخرجوا عليهم يظفرون بأهل يثرب و لكنهم لم يدركوا منهم الا سعد بن عبادة فكتفوه و عادوا به الى مكة يضربونه و يجرونه من شعره و لم يخلصه من بين ايديهم الا مطعم بن عدى الذى أجاره فعاد الى يثرب
هكذا وتمت بيعة العقبة الثانية و أصبحت هجرة الرسول و المسلمين أمرا محققا، و لكنها مسألة وقت فقط
هكذا تمت بيعة العقبة الثانية و تقرر فيها أن يهاجر الرسول و المسلمون الى يثرب على أن يقوم الأنصار بحمايتهم و نصرتهم و أصبح أمر الهجرة محققا و لكنها مسألة وقت فقط
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد