أولاً: المعجزات الحسية لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
ظهرت خلال مرحلة حفر الخندق معجزات حسية للنبي - صلى الله عليه وسلم -، منها تكثير الطعام الذي أعده جابر بن عبد الله، فعن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه- قال: إنا يوم الخندق مُحفِّر فعرضت كدية شديدة، فجاءوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: هذه كدية عرضت في الخندق، فقال: «أنا نازل» ثم قام وبطنه معصوب بحجر، ولبثنا ثلاثة أيام لا نذوق ذواقًا، فأخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - المعول، فضرب في الكدية فعاد كثيبًا أهيل أو أهيم.
قال جابر: فقلت: يا رسول الله، ائذن لي إلى البيت، فقلت لامرأتي: رأيت بالنبي - صلى الله عليه وسلم - شيئًا ما كان في ذلك صبر، فعندك شيء؟ فقالت: عندي شعير وعناق فذبحت العناق، وطحنت الشعير، حتى جعلنا اللحم بالبرمة، ثم جئت النبي - صلى الله عليه وسلم - والعجين قد انكسر والبرمة بين الأثافي قد كادت أن تنضج، فقلت: طُعَيمٌ لي، فقم أنت يا رسول الله ورجل أو رجلان، قال: «كم هو؟ » فذكرت له، فقال «كثير طيب»، قال: قل لها لا تنزع البرمة ولا الخبز من التنور حتى آتي. فقال: « قوموا »، فقام المهاجرون والأنصار، فلما دخل على امرأته قال: ويحكِ جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمهاجرين والأنصار ومن معهم، قالت: هل سألك؟ قلت: نعم، فقال «ادخلوا ولا تضاغطوا» فجعل يكثر الخبز ويجعل عليه اللحم ويخمر البرمة والتنور إذا أخذ منه، ويقرب إلى أصحابه، ثم ينزع فلم يزل يكسر الخبز ويغرف حتى شبعوا وبقي بقية، قال: «كلي هذا وأهدي فإن الناس أصابتهم مجاعة».
وهذه ابنة بشير بن سعد تقول: دعتني أمي عمرة بنت رواحة فأعطتني حفنة من تمر في ثوبي، ثم قالت: أي بنية، اذهبي إلى أبيك وخالك عبد الله بن رواحة بغدائهما،
قالت: فأخذتها فانطلقت بها، فمررت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا ألتمس أبي وخالي، فقال: تعالي يا بنية ما هذا معك؟ فقلت: يا رسول الله، هذا تمر بعثتني به أمي إلى أبي بشير بن سعد، وخالي عبد الله بن رواحة يتغذيانه، قال: هاتيه، قالت: فصببته في كفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما ملأتهما، ثم أمر بثوب فبسط له ثم دعا بالتمر عليه فتبدد فوق الثوب، ثم قال لإنسان عنده: اصرخ في أهل الخندق أن هلم إلى الغذاء، فاجتمع أهل الخندق عليه فجعلوا يأكلون منه، وجعل يزيد حتى صدر أهل الخندق عنه، وإنه ليسقط من أطراف الثوب.
ففي هذين الخبرين معجزات حسية ظاهرة للرسول - صلى الله عليه وسلم -، كما يظهر دور المرأة المسلمة في مشاركة المسلمين في جهادهم، فعندما اشتغل المسلمون بحفر الخندق تركوا أعمالهم، وبعدت عنهم أرزاقهم، وقل عنهم القوت، وأصاب الناس جوع وحرمان حتى كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون معه يشدون على بطونهم الحجارة من شدة الجوع، فكانت المرأة المسلمة تعين المسلمين بإعداد ما قدرت عليه من الطعام .
ومن دلائل النبوة أثناء حفر الخندق إخباره - صلى الله عليه وسلم - عمار بن ياسر- وهو يحفر معهم الخندق- بأن ستقتله الفئة الباغية، فقتل في صفين وكان في جيش علي، وعندما اعترضت صخرة الصحابة وهم يحفرون، ضربها الرسول - صلى الله عليه وسلم - ثلاث ضربات فتفتتت قال إثر الضربة الأولى: «الله أكبر، أعطيت مفاتيح الشام، والله إني لأبصر قصورها الحمراء الساعة»، ثم ضربها الثانية فقال: «الله أكبر، أعطيت مفاتيح فارس، والله إني لأبصر قصر المدائن أبيض»، ثم ضرب الثالثة، وقال: «الله أكبر أعطيت مفاتيح اليمن، والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني هذه الساعة» . وقد تحققت هذه البشارة التي أخبرت عن اتساع الفتوحات الإسلامية والإخبار عنها في وقت كان المسلمون فيه محصورين في المدينة يواجهون المشاق والخوف والجوع والبرد القارس .
ثانيًا: بين التصور والواقع:
قال رجل من أهل الكوفة لحذيفة بن اليمان: يا أبا عبد الله، أرأيتم رسول الله وصحبتموه؟ قال: نعم، يا ابن أخي، قال: فكيف كنتم تصنعون؟ قال: والله لقد كنا نجهد، قال: فقال: والله لو أدركناه ما تركناه يمشي على الأرض، ولحملناه على أعناقنا، فقال حذيفة: يا ابن أخي، والله لقد رأيتنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بالخندق ، ثم ذكر حديث تكليفه بمهمة الذهاب إلى معسكر المشركين.
هذا تابعي يلتقي بالصحابي حذيفة ويتخيل أنه لو وجد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لاستطاع أن يفعل ما لم يفعله الصحابة ال
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد