17 رجب 1358هـ - 1 سبتمبر 1939م:
عندما أعلن إمبراطور ألمانيا «فولهام» أثناء زيارته للسلطان عبد الحميد الثاني في دمشق سنة 1314هـ «أنه يمكن لثلاثمائة مليون مسلم أن يعتمدوا على صداقة ألمانيا» كان بذلك قد جاوز كل الخطوط الحمراء، وخرج عن المنظومة الأوروبية في الصراع ضد الإسلام والدولة العثمانية، وأجمعت القوى الأوروبية على تأديب هذا العضو المارق الذي تحالف مع أعدى أعداء أوروبا الدولة العثمانية, وبالفعل جاء التأديب الشديد في الحرب العالمية الأولى، والتي انتهت باقتطاع 25000 ميل مربع، و7 مليون نسمة تم ضمها للدول الأخرى، فإقليم «الإلزاس» و«اللورين» تم ضمهما لفرنسا، وإقليم «السوديت» لتشيكوسلوفاكيا, وبولندا أيضاً أخذت أجزاءً من كعكة الحربº وذلك كله بموجب معاهدة فرساي أو مؤتمر الصلح سنة 1335هـ - 1919م التي قال المندوب الألماني عند توقيعها: سنلتقي مرة أخرى في فرساي بعد 20 سنة.
اختفت الدولة العثمانية من على الساحة تماماً سنة 1342هـ للأبد، وأصبحت دولة قومية علمانية «تركيا», ولم يعد للمسلمين ثقل أو أثر على ساحة الأحداث، وبقيت ألمانيا تلعق جراحها حيناً من الدهر حتى بدأت تستجمع قوتها مرة أخرى، حدث تغيير كبير في السلطة الحاكمة في ألمانيا عندما وصلت شخصية في غاية الخطورة والحماسة وهو «أدولف هتلر» الذي كان مجرد جندي برتبة رقيب في الحرب العالمية الأولى، وشاهد ما جرى للإمبراطورية الألمانية من هزيمة وصغار، فلما انتهت الحرب الأولى عمل على تكوين الحزب النازي الذي يسعى لإنشاء إمبراطورية واسعة على أساس عرقي هو الجنس الآري، وبسبب صلابة وعزيمة هتلر، وهمته العالية وصل هتلر لمنصب مستشار ألمانيا سنة 1350هـ - 1934م.
كان هذا التاريخ إيذاناً بتغيير مجرى الأحداث في أوروبا, حيث شرع هتلر في استرجاع ما فقدته ألمانيا في الحرب الأولى، فألغى معاهدة [فرساي]، وعمل على شق صف الحلفاء بعقد معاهدة بحرية مع إنجلترا, وأخرى لمنع الاعتداء مع روسيا وبولندا, فخلخل التحالف بقوة وذلك سنة 1352هـ, ثم استعاد إقليم السوديت سنة 1353هـ, ثم إقليم الراين، ثم استدار إلى بولندا وطالبها بتسليم ميناء «دانزنج», وجعل من امتناعها عن التسليم ذريعة لينقض عليها في 17 رجب 1356هـ ويحتلها في 24 ساعة فقط.
طالبت دول الحلفاء من ألمانيا الانسحاب من بولندا ولكنها رفضت، فكان ذلك إيذاناً بقيام الحرب العالمية الثانية، ولما اشتعلت الحرب، وقامت على أشدهاº كان المسلمون وعلى عكس ما يتصور الكثيرون هم الضحية الأولى لهذه الحرب التي لا ناقة لهم فيها ولا جمل، إذ تحولوا أثناء الحرب إلى كبش فداء ووقود لهذه الحرب، يزج بهم في المعارك، ويوضعون في الصفوف الأولى للقتال لتلقي الصدمة الأولى كما حدث مع الكتيبة الهندية المسلمة في حرب العلمين، وأهل المغرب العربي، وغرب إفريقيا ووسطها في فرنسا, كما تحولت بلاد الإسلام في شمال إفريقيا في مصر وليبيا وتونس لميادين واسعة لمعارك طاحنة بين ألمانيا ودول الحلفاء، تم خلالها قتل أبناء المسلمين، واستنزاف مواردهم، وتوجيه كل طاقاتهم لصالح الحرب، وعانت البلاد المسلمة من موجات كساد وفقر شديد استمر أثرها لفترات طويلة، والأدهى من ذلك ما جرى للمسلمين في بلاد أوروبا بعد الحرب خاصة في بلاد القوقازº حيث اتهمهم الطاغية الشيوعي «ستالين» بالتعاون مع الألمان، وصب جام غضبه وحقده على المسلمين, فقتل وشرد ونفى قرابة 11 مليون مسلم، وهو ما جرى لمسلمي الصين، وبالجملة كانت هذه الحرب وبالاً على البشرية عموماً والمسلمين خصوصاً, وبلغ إجمالي ضحايا الحرب 54 مليون إنسانº نصفهم تقريباً من المسلمين.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد