اغتيال ملك أفغانستان محمد نادر خان


  

بسم الله الرحمن الرحيم

20 رجب 1352هـ ـ 8 نوفمبر 1933م:

هو ملك أفغانستان الصالح، وبطلها القومي الأول، وقاهر الإنجليز، ومحرر بلاده منهم, الملك محمد نادر شاه، الحاكم الثالث عشر في ترتيب ملوك الأسرة الدورانية التي ظلت تحكم أفغانستان منذ سنة 1163هـ - 1393هـ أي حتى وقوع الانقلاب الشيوعي بأفغانستان، وهو أفضل ما أنجبت هذه الأسرة، وخير حكام أفغانستان منذ عهود بعيدة.

كان محمد نادر خان هو قائد الجيش الأفغاني الذي انتصر على الإنجليز سنة 1338هـ في عهد ابن عمه الملك [أمان الله خان] الذي غرَّه الملك وأبهة السلطان، وخلو الساحة من أي تهديدº فانصرف إلى اللهو والعبث، وتقليد الغرب والأوروبيين، وانغمس في حمأة التقليد بشدة، وأراد أن ينتقل للعيش بأوروبا ولكنه خاف من قوة ونفوذ القائد «محمد نادر خان»، وحب الشعب له لتدينه وبطولاته، فتخلص منه بتعيينه سفيراً لأفغانستان في «باريس» من أجل إبعاده عن أفغانستان.

فاحت أخبار مجون [أمان الله] في أوروبا، ووصلت للشعب الأفغاني الذي رفض هذا اللهو والعبث, وتمادى [أمان الله] في غيه، وأصدر قوانين تحرم اللباس الأفغاني، فثار عليه الشعب، وقاموا ضده، وكان [محمد نادر خان] قد عاد من باريس محتجاً على فضائح مليكه بأوروبا، ووقعت فوضى كبيرة بأفغانستان استغلها أحد الطامعين واسمه «باجي السقا»، واستولى على العاصمة «كابل»، واضطر «أمان الله» إلى الفرار إلى مدينة «قندهار», وهناك تنازل لأخيه الأكبر «عناية الله»º أما هو فقد انتقل للعيش في أوروبا حيث هواه ومفاهيمه.

لم يستطع «عناية الله» مقاومة «ابن السقا» الذي أخذ يعيث في الأرض فساداً هو وشلة المنتفعين من وجوده طيلة 9 أشهر, وقد أعلن نفسه ملكاً على أفغانستان، وتلقب باسم «حبيب الله عمازي», وعندها هرع الشعب الأفغاني إلى بطله القومي وقائد جيوشه «محمد نادر خان»، وطلبوا منه التدخل لنجدة البلاد من شر هذا المجرم العاتي.

تمكن «محمد نادر خان» من أن يسيطر على البلاد في نهاية سنة 1348هـ، وألقى القبض على «ابن السقا» وأعدمه شنقاً على جرائمه الكثيرة, ثم تسلَّم مهام الحكم، وجعل من أهم أولوياته إعادة السمت الإسلامي للبلاد بعد محاولات «أمان الله» لعلمنة البلاد، فألغى كل القوانين المخالفة للشريعة، وقدم خدمات عمرانية واسعة للبلاد، وسار في الناس سيرة حسنة، واهتم بشدة بمسألة القضاء على الرشوة والفساد الإداري والتنظيم, وعزل كافة الموظفين المعروفين بالفساد، وعلى الصعيد الدولي حاول محمد نادر خان إيجاد التوازن في العلاقات الدولية بين إنجلترا التي تحتل جارته الهند، وبين الاتحاد السوفيتي، ونجح في ذلك لحد كبير، ولكنه وقبل أن يستكمل دوره في نهضة البلاد فاجأه أحد أبناء الذين شملهم الإعفاء من المناصب بسبب فسادهم بطعنة قاتلة أودت بحياته في 20 رجب 1352هـ - 8 نوفمبر 1933م.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply