6 ربيع أول 543 هـ ـ 31/7/1148م:
هو الإمام العلامة الحافظ القاضي أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن العربي الأندلسي الإشبيلي المالكي([1])، صاحب التصانيف والتآليف، ولد في شعبان سنة 468هـ في أسرة علمية قوية ذات صلات وطيدة مع المعتمد بن عباد حاكم إشبيلية الشهير، وكان أبوه من كبار أصحاب ابن حزم الظاهري بخلاف ابنه أبي بكر فإنه منافر لابن حزم، شديد الهجوم عليه، والحط منه في كل موطن.
خرج في رحلة علمية صحبه أبوه إلى المشرق فطاف بالعواصم الشهيرة مثل بغداد والقاهرة، ودمشق وخراسان، والتقى كبار علماء عصره أمثال الغزالي والشاش، والطرطوشي والتبريزي وغيرهم، وحج البيت وسمع من علماء الحجاز، ومن طول هذه الرحلة مات أبوه في الطريق فدفنه في بيت المقدس، وعاد للأندلس سنة 491هـ.
كان ابن العربي ثاقب الذهن، عذب المنطق، كريم الشمائل، كامل الرياسة، ولي القضاء بإشبيلية فاشتد على المفسدين والفاسقين، وكان أهلها منذ أيام المعتمد بن عباد يغلب عليهم الترف والدعة، والاشتغال بالبطالة، فاشتد عليهم وتفنن في تأديبهم، فثقل على الحاكم والمحكومينº فعزل من منصبه، وأقبل بعدها على نشر العلم وتدوينه، وصار ذلك دأبه حتى بلغ درجة الاجتهاد عند كثير من أهل العلم.
ولقد ترك ابن العربي مصنفات كثيرة نافعة من أشهرها تفسيره الرائع أحكام القرآن والذي بنى على أساسه القرطبي تفسيره الشهير، وله كتاب «عارضة الأحوذي» في شرح سنن الترمذي، وله كتب كثيرة معظمها إما فقد، وإما ما زال مخطوطاً، وله كتاب العواصم من القواصم الذي أعاد به للصحابة مكانتهم العالية، وغصت بهذا الكتاب حلوق كل كاره ومنغص لخير البشر بعد الأنبياء والمرسلين، ولم يؤخذ على القاضي أبي بكر بن العربي سوى اشتداده وذمه العنيف لابن حزم، ولعلها من السنن الجارية, فإن ابن حزم كان شديداً عنيفاً في خصومه، فقيض الله - عز وجل - من يذيقه نفس الكأس, ولقد كان أبو بكر معارضاً للدولة الموحدية، رافضاً آراءها وعقيدتها الاعتزالية، ومن أجل ذلك حمل إلى عدوة المغرب حيث مدينة فاس للضغط عليه، وانتزاع الموافقة والبيعة منه, خاصة وأنه من كبار علماء الأندلس، وفي مدينة فاس وافته المنية في 6 ربيع الأول سنة 543هـ ودفن بها, فرحمه الله رحمة واسعة، وأجزل له المثوبة.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد