الحملة الصليبية الأولى 25 جمادى الآخرة 491 هـ


  

بسم الله الرحمن الرحيم

25 جمادى الآخرة 491 هـ - 3 يونيو 1098م

يحدث خلط كبير عند الحديث عن العدو الصليبي الذي حارب أمة الإسلام منذ بداية الدعوة وذلك بسبب صليبية كلا الفريقين وهما:

1ـ الدولة البيزنطية أو الرومية, وهي التي اصطدمت مع المسلمين منذ عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -, وكان إمبراطور الدولة يلقب بهرقل، وهذه الدولة كانت تشمل بلاد البلقان «شرق أوروبا» وتركيا الآن، وهي التي كانت تحتل مصر والشمال الإفريقي، وبلاد الشام، وعاصمة هذه الدولة القسطنطينية، ومذهبها النصراني هو الأرثوذكسية، وهذه الدولة زالت بالكلية على يد السلطان العثماني محمد الفاتح، وذلك بعد أن استولى المسلمون على معظم بلادها شيئاً فشيئاً.

2ـ أما العدو الثاني فهو لا ينضوي تحت مسمى دولة واحدة، بل مجموعة من الدول والولايات والمقاطعات الأوروبية الغربية، جمعتهم راية الصليب، وهدف معلن هو إنقاذ بيت المقدس من قبضة المسلمين، وكانت بدايتهم في الأندلس، وقد خرجوا من غرب أوروبا تجمعهم عقيدة للصليب، ومذهب الكاثوليك استجابة لنداء البابا «أوربان الثاني»، وتحت تأثير خطب «بطرس الناسك» الطنانة التي هيجت المشاعر الصليبية عند الأوروبيين، وهذا العدو هو الذي شن الحملات الصليبية الشهيرة على بلاد الشام ومصر طيلة قرنين من الزمان.

كانت الجموع البربرية الغوغائية التي سارت خلف «بطرس الناسك» وقام بإفنائها سلاجقة الروم ضحية العشوائية والاندفاع بلا نظام ولا ترتيب، لذلك لا يعدها معظم المؤرخين من ضمن سلسلة الحملات الصليبية، وإن كان البعض يصنفها ضمن الحملات ،ويعنونها باسم حملة الرعاع، وتمثل استجابة أمراء فرنسا الشرارة الأولى المنظمة لنداءات أوربان الثاني بشن حرب مقدسة على بلاد الإسلام، ولعل تسمية هؤلاء بالفرنجة تميزاً لهم عن الروم, والفرنجة كلمة أصلهاLes Francs لأن معظم من استجاب لنداء أوربان هم أمراء فرنسا, ولقد قاد الحملة الصليبية الرسمية الأولى عدة ملوك وأمراء منهم «ريمون الرابع» كونت تولوز، وأخوه «بولدوين» دوق اللورين، و«روبرت الثاني» دوق نورماندي وغيرهم.

انطلقت الحملة الصليبية الأولى سنة 490هـ - 1097م، ووصلت إلى القسطنطينية، واجتمع قادة الحملة مع إمبراطور بيزنطة الذي اشترط عليهم فتح أنطاكية أولاً ويسلموها له، وهو يهدف من ذلك استغلال قوة الحملة الكبيرة في تحطيم قوة سلاجقة الروم المجاورين له على حدود دولته, وبالفعل انتصرت الحملة الصليبية على سلاجقة الروم عند مدينة «قونية», واتجهت الحملة بعدها إلى أنطاكية، وفي الطريق انفصل «بولدوين» عن الحملة، واتجه إلى «الرُها»، واستولى عليها بسهولة لأن معظم سكانها نصارى ساعدوه على احتلال المدينة، وواصلت باقي الحملة سيرها إلى أنطاكية.

وصلت الحملة إلى أنطاكية، وضربت عليها حصاراً شديداً، وكان حاكم المدينة اسمه «باغي سيان» من السلاجقة فدافع عنها دفاع الأبطال الشجعان، وصمدت المدينة أمام الحصار 9 أشهر كاملة, وعندما شعر الصليبيون بضراوة المقاومة لجأوا إلى سلاح الخيانة والرشوة، فأرسلوا بهدية كبيرة من المال لأحد مستحفظي الأبراج واسمه «زراد» وكان نصرانياً، وهذا من غفلة المسلمين إذ كيف يوضع رجل نصراني في هذا المكان الخطير، وفي هذا الظرف الخطير أمام عدو صليبي مثله، فقام «زراد» بفتح أبواب المدينة ليلاً ودخلها الصليبيون في 25 جمادى الآخرة 491هـ - 3 يونيو 1098، ليكون أول دخول للحملات الصليبية في أرض الشام والإسلام وأول قدم لهم بها، وتوالى بعدها السقوط حتى قيض الله - عز وجل - للأمة من يدفع عنها من آل زنكي وأيوب.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply