قلنا في المقالة السابقة إن الإسلام قد سبق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، إلى إعلانها والدعوة إليها. ولنثبت ذلك للقارئ الكريم كان لابد لنا من الحديث عن المساواة في الأمم والشرائع السابقة، حيث تطرقنا إلى طبيعة المساواة في الهند وقلنا إن الشعب هناك كان مقسماً إلى أربعة أقسام أو طبقات أعلاها طبقة البراهمة (وهي طبقة الكهنة، ورجـال الدين) التي أعطيت الكثير من الحقوق والامتيازات حتى ألحقتهم بالآلهة، مقابل الطبقة الرابعة وهي الأكثر انحطاطاً والتي تعرف بطبقة الشودر (وهم رجال الخدمة) وتعتبر هذه الطبقة في مقامٍ, أحط من البهائم.
أما اليوم فسوف نحط الرحال في بلاد الفرس، حيث الأكاسرة ملوك فارس، يدّعون أنه يجري في عروقهم دم إلهي، وكان الفرس ينظرون إليهم كالآلهة، ويعتقدون أن في طبيعتهم شيئاً علوياً مقدساً، فكانوا يُكَفّرون لهم، وينشدون الأناشيد بإلوهيتهم، ويرونهم فوق القانون، وفوق الانتقاد، وفوق البشر، لا يجري اسمهم على لسانهـم، ولا يجلس أحد في مجلسهم، ويعتقدون أن لهم حقاً على كل إنسان، وليس لإنسان حق عليهم. وكذلك كان اعتقادهم في البيوتات الروحية، والأشراف من قومهم، فيرونهم فوق العامة في طينتهم، وفوق مستوى الناس في عقولهم، ونفوسهم، ويعطونهم سلطة لا حد لها، ويخضعون لهم خضوعاً كاملاً.
يقول البروفسور (أرتهر سين) مؤلف تاريخ (إيران في عهد الساسانيين): (كان المجتمع مؤسساً على اعتبار النسب والحرف، وكان بين طبقات المجتمع هوةً واسعةً لا يقوم عليها جسرٌ ولا تصل بينها صلة، وكانت الحكومة تحظر على العامة أن يشتري أحد منهم عقاراً لأمير أو كبير، وكان من قواعد السياسة الساسانية أن يقنع كل واحد بمركزه الذي منحه نسبه، ولا يستشرف لما فوقه، ولم يكن لأحد أن يتخذ حرفة غير الحرفة التي خلقه الله لها. وكان ملوك إيران لا يولون وضيعاً وظيفة من وظائفهم، وكان العامة كذلك طبقات متميزة بعضها عن بعض تميزاً واضحاً. وكان لكل واحدٍ, مركز محدد في المجتمع). في المقال القادم سوف يكون حديثنا ــ بإذن الله ــ عن المساواة لدى الإغريق.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد