جاء في (البداية والنهاية) لابن كثير في حوادث سنة 418 هـ، وفي (الكامل) لابن الأثير في حوادث 416 هـ عن فتوحات السلطان محمود بن سبكتكين (محمود الغزنوي) في الهند ما يلي: (وفي هذه السنة ورد كتاب من محمود بن سبكتكين يذكر أنه دخل بلاد الهند أيضاً، وأنه كسر الصنم الأعظم الذي لهم المسمى بـ (سومنات)، وقد كانوا يفدون إليه من كل فج عميق وتزعم الهنود أن الأرواح إذا فارقت الأجساد اجتمعت إليه، على مذهب التناسخ، وكانوا يحملون إليه كل عِلق نفيس، ويعطون سدنته كل مال جزيل، ويحمل إليه الماء من نهر (الغانج) ما يغسل به، ويكون عنده من البرهميين كل يوم ألف رجل لعبادته، وثلاثمائة رجل يحلقون رؤوس زواره).
وكان السلطان محمود كلما فتح من الهند فتحاً وكسر صنماً يقول الهنود: إن هذه الأصنام قد سخط عليها (سومنات)، ولو أنه راضٍ, عنها لأهلك من تقصدها بسوء، فلما بلغ ذلك السلطان عزم على غزوه وإهلاكه ظناً منه أن الهنود إذا فقدوه ورأوا كذب ادعائهم دخلوا في الإسلام، فاستخار الله - تعالى -، وسار من غزنة عاشر شعبان من هذه السنة في ثلاثين ألف فارس سوى المتطوعة، وسلك سبيل (الملتان)، وفى طريقه إلى الهند بريّة قفر، لا ساكن فيها ولا ماء، فتجهز هو وعسكره على قدرها، ثم زاد بعد الحاجة عشرين ألف جمل تحمل الماء والميرة، فلما قطع المفازة رأى في طرفها حصوناً مشحونة بالرجال، فيسر الله - تعالى - فتحها، ثم سار إلى سومنات فلقي في طريقه عدة حصون فيها كثير من الأوثان شبه الحجاب والنقباء لسومنات على ما سول لهم الشيطان، فقاتل من فيها وفتحها وضربها وكسر أصنامها، ثم سار إلى سومنات فوصلها يوم الخميس منتصف ذي القعدة، فرأى حصناً حصيناً مبنياً على ساحل البحر، فلما كان الغد وهو الجمعة زحف وقاتل من به، فرأى الهنود من المسلمين قتالاً لم يعهدوا مثله، وقاتل الهنود على باب الصنم أشد القتال، وكان الفريق منهم بعد الفريق يدخلون إلى سومنات فيعتنقونه ويبكون ويخرجون فيقاتلون إلى أن يُقتلوا، حتى كاد الفناء يستوعبهم، فدخلوا البحر إلى مركَبين لهم لينجوا فيهما، فأدركهم المسلمون فقتلوا بعضاً وغرق بعضٌ، وأخذ السلطان الصنم سومنات وكسر وأحرق بعضه.
وكان الهنود قد بذلوا للسلطان محمود أموالاً جزيلة ليترك لهم هذا الصنم الأعظم، فأشار من أشار من الأمراء على السلطان بأخذ الأموال وإبقاء هذا الصنم لهم، فقال: حتى أستخير الله - عز وجل -، فلما أصبح قال: إني فكرت في الأمر الذي ذكرº فرأيت أنه إذا نوديت يوم القيامة: (أين محمود الذي كسر الصنم)، أحب إلى من أن يقال: (الذي ترك الصنم لأجل ما يناله من الدنيا ).
ثم عزم فكسرهº فوجد عليه من الجواهر واللآلئ والذهب ما ينيف على ما بذلوه، ونرجو من الله له في الآخرة الثواب الجزيل.
فرحمه الله وأكرم مثواه.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد