الزمان: 25 ربيع أول 1367 هـ
المكان: منطقة السويس مصر
الموضوع: بريطانيا وفرنسا واليهود يتحالفون على غزو مصر
الأحداث: مقدمة:
عندما يرعى الذئب الغنم:
إنها الحقيقة التي لا تقبل جدلا ولا مراءًا ولا يستطيع أحد أن ينكرها أو يؤولهاº ذلك لأن القرآن أثبتهاº والأيام والأحداث أكدتها، ولكن عقول المسلمين قد نسيتهاº هذه الحقيقة هي مدى العلاقة والترابط والتواثق بين اليهود والنصارى إذا كان الهدف الإسلام والمسلمينº قال - تعالى -: [يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض...] سورة المائدة الآية [51].
فاليهود والنصارى تجمعهم رابطة متينة ووشيجة قوية قائمة على بغض الإسلام وأهله، والأحداث والتاريخ أكدا على هذه الحقيقة في مواطن كثيرة لو سردناها لاحتجنا إلى مجلدات ضخمة، هذه الوقائع في جملتها تقودنا إلى الطريق الأمثل لحل قضية الأراضي المقدسة الأسيرة، ألا وهو طريق الجهاد والمقاومة واستفراغ الوسع من أجل ذلك، لا طريق المفاوضات العقيم حيث الدوائر الجهنمية والمماطلات والمساومات المهنية تحت إشراف ما يسمى باللجنة الرباعية المكونة من أمريكا وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، وكلهم صليبيو النزعة والهوى والملة، جاءوا ليحكموا في قضية مصيرية للأمة المسلمة كلها، وفي ظل غياب كامل للأمة بأسرها، وبين طرفين لا سواء بينهما في كل شيء، فهل ينتظر أحد منها الخير والحل الأمثل؟، وهل يتصور أحد أن يكون الذئب راعيًا على الغنم ثم تعود الغنم إلى مربضها سالمة؟.
صفحتنا هذه توضح مدى إسهام الدور الأوروبي في غرس الخنجر اليهودي في قلب أمتنا، ليعلم كل واحد منا مدى نزاهة وحيادية الحكم في قضية فلسطين الأسيرة.
المؤامرة الأوروبية:
لقد اهتم اليهود وخاصة كبيرهم \'وايزمان\' بالحصول على تأييد الشعوب غير اليهودية لخدمة أهدافهم الشريرةº وعبر عن ذلك صراحة سنة 1907م عندما قال: \'إن الصهيونية السياسية تعني أن نجعل من المسألة اليهودية مسألة دولةº إنها تعني أن نتوجه إلى الأمم الأخرى ونقول لها: إننا في حاجة إلى مساعدتكم لكي نحقق أهدافنا\'.
ولم تكن أمريكا قد ظهرت وقتها على ساحة الأحداث الدولية، حيث كانت لا تزال دولة مغمورة نائية لا دخل لها بتلك الأحداث الكبيرة، فركز اليهود اهتمامهم على أوروبا خاصة بريطانيا وفرنسا كبرى الدول الاستعمارية للعالم الإسلامي وقتها.
جاءت أولى خطوات المؤامرة اليهودية لاستدراج أوروبا للتأييد الكامل لفكرة إقامة وطن لليهود بفلسطين في مؤتمر لندن سنة 1907م 1325هـ، والذي كان على مستوى أساتذة الجامعات والخبراء في كافة المجالات، وجاءت قرارات المؤتمر متفقة تمامًا مع ما كانت تحلم به الصهيونية العالميةº وكان من أهم هذه القرارات:
1] أهمية السيطرة على البحر الأبيض المتوسط شريان المواصلات بين الشرق والغرب.
2] على الدول الاستعمارية ذات المصلحة المشتركة أن تبقي وضع منطقة الشرق الأوسط على ما هي عليه من التجزؤ والتأخر والتفكك.
3] ولمواجهة خطورة العالم الإسلامي لابد من فصل الجزء الأفريقي عن الجزء الآسيويº وذلك بإقامة حاجز بشري قوي وغريب في منطقة الجسر البري الذي يربط بين آسيا وأفريقيا على مقربة من قناة السويس لتكون قوة صديقة للاستعمار وعدوة لسكان المنطقةº وكانت هذه القوة بالطبع \'اليهود\'.
تتابعت الخطوات بعد ذلك فكانت معاهدة \'سايكس بيكو\' بعد إسقاط الخليفة القوي عبد الحميد الثانيº الذي كان أكبر عقبة في طريق اليهود لاحتلال فلسطين، وكانت هذه المعاهدة للتنسيق بين إنجلترا وفرنسا على تقسيم تركة الرجل المريض أو الدولة العثمانية، على أن تحتل إنجلترا مصر وفلسطين والأردن، وتحتل فرنسا سوريا، وتحتل روسيا البسفور وشرق الأناضول.
ثم جاءت اللطمة الغادرة التي وجهتها إنجلترا للعالم الإسلامي عندما أعطى وزير خارجيتها \'جيمس بلفور\' وعدًا لليهود بإقامة وطن قومي لليهود بفلسطين وذلك سنة 1917م 1336هـ وبعدها بقليل صدر بيان في باريس عن وزير خارجية فرنسا \'ستيفان\' وممثل الجمعيات الصهيونية \'سوكولوف\' عبّرا فيه عن ارتياحهما للتضامن بين الحكومتين الإنجليزية والفرنسية في قضية إسكان اليهود في فلسطين.
اليوم الأسود:
بعد احتلال إنجلترا لفلسطين وفرنسا للشام، وسقوط دولة الخلافة العثمانية، تداعى شعب فلسطين إلى عقد المؤتمرات سنة 1919، 1920، 1921 حتى سنة 1938، وعندها أيقن شعب فلسطين أنه لا سبيل لمواجهة سيل الهجرات اليهودية سوى الكفاح المسلح والانتفاضات العارمة خاصة بعد تأكد عجز الشعوب الإسلامية عن نصرتهم بسبب تكبيل الحكومات العميلة لجموع المسلمين عن هذا الهدف.
ظل الشعب الفلسطيني في جهاد وانتفاضة ومقاومة ومعارك ضارية ضد الصهاينة الذين استنجدوا بإنجلترا وفرنسا مرة أخرى للتوسط لدى ملوك ورؤساء العرب والمسلمينº حتى يضغطوا على قادة الانتفاضة الفلسطينية ويقنعوهم بالجلوس على مائدة المفاوضات المفرغة التي تتفرع وتتشعب، في حين يكسب اليهود على أرض الواقع كل يوم أجزاءً جديدة.
ظل الأمر يدور هكذا بين شد وجذبº حتى جاء اليوم الأسودº الذي أصدرت فيه هيئة الأمم المتحدة قرارها الجائر الظالم في نوفمبر 1947م بتقسيم فلسطين المسلمة بين اليهود والعرب، وما تبع ذلك من إعلان قيام دولة إسرائيل في 14/5/1948م، وحاول العرب أن يصححوا خطأهم الفادح فدخلوا حربا على عجل ودون استعداد مع اليهود المدربين والمجهزين بأحدث الأسلحة، وهي حرب تم استدراج المسلمين والعرب لها لتوسيع دولة إسرائيلº بفرض الأمر الواقع وما تحدده نتيجة المعركة التي انتهت بكارثة على فلسطين والأمة المسلمة كلها.
ثورة يوليو واليهود:
لم تكن أطماع اليهود لتقف عند حدود هذه الدولة الصغيرة التي أعلن عن قيامها في 14 مايو 1948مº حيث إن الأجندة الخفية بل والمعلنة لحدود دولة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات، وكان اليهود يتبعون سياسة الشد والربط ومعناها احتلال جزء من الأرض في حرب خاطفة ثم الربط عليها والجلوس على مائدة المفاوضات الجهنمية الطويلة حتى تضيع الحقيقة وتنسى القضية وهكذا كان سير العمل اليهودي.
حدثت تطورات كبيرة على الساحة العربية وذلك بسقوط النظام الملكي الحاكم بمصر إثر قيام ثورة الضباط الأحرارº التي انطلقت من أسس قومية وأيدلوجية اشتراكية وشعارات معلنة بمناصرة الحركات التحررية في العالم كله خاصة العربي، وكانت هذه الثورة مدعومة بقوة من جانب أمريكا التي رأت في هذه الثورة تفويتا قويًا على حركة الإخوان المسلمين التي حققت مكاسب هائلة على المستوى الشعبي بسبب مواقفها البطولية أثناء حرب فلسطين سنة 1948م.
لم تكن شخصية جمال عبد الناصر قائد الثورة بالتي تخضع كثيرًا للسيطرة والتوجيه لاعتداده بنفسه ولجنون العظمة الذي كان يفتك به فتكًا فأقدم على اتخاذ خطوة تم استدراجه لها بعناية فائقة من جانب إنجلترا أستاذ الاستدراج الاستعماري، فلقد أعلن عبد الناصر في يوليو 1956م تأميم قناة السويس العالمية وذلك للاستفادة من إيراداتها في تمويل أفشل مشروع مصري ألا وهو السد العالي الذي حول مصر من أجود بلد عربي وأفريقي في التربة والزراعة لأفقره وأضعفه فكانت ضربة إنجليزية مزدوجة حيث أصبح عندها المبرر للهجوم على مصر وبقي أسلوب التنفيذ.
العدوان الثلاثي:
كانت أولى خطوات التنفيذ بأن تهجم القوات اليهودية على الحدود المصرية لكسب المزيد من الأراضي لصالح دولتها على أن تقوم إنجلترا وفرنسا التي تضررت من مساعدة الثورة في مصر حيث قامت الثورة بتصدير أفكارها إلى البلاد التي تحتلها فرنسا وعلى رأسها الجزائر التي اشتعلت فيها الثورة سنة 1954م واستضافت مصر حكومة وطنية من الثوار الجزائريين بأرضها، تقوم إنجلترا وفرنسا بتوجيه إنذار شديد للمصريين واليهود بإيقاف الحرب حرصًا على مصلحة طريق المواصلات الدولي [قناة السويس].
بلعت مصر الطعم المتقن فرفضت الإنذار الإنجليزي الفرنسي المشترك فأعطت بذلك المسوغ لإنجلترا وفرنسا بالهجوم في 25 ربيع أول سنة 1367هـ على منطقة سيناء وعندها اتضحت مدى حقيقة العنترية الناصرية الزائفة حيث انسحب الجيش المصري بسرعة من سيناء بأمر مباشر من عبد الناصر تاركة مدن القناة [السويس بور سعيد بور فؤاد الإسماعيلية] لمصيرها وحدها أمام العدوان الثلاثي الإنجليزي اليهودي الفرنسي.
احتل اليهود منطقة سيناء، واحتلت إنجلترا بور سعيد التي تصدى أهلها بمنتهى القوة والشجاعة النادرة تحت قيادة رجال الإخوان المسلمين وكبدوا الإنجليز خسائر كثيرة.
أدت هذه المعركة التي يظن كثير من المسلمين أنها كانت نصرا لمصر وخسارة للأعداء لتمكين إسرائيل من حرية الملاحة في خليج العقبة وتواجد قوة طوارئ دولية على الحدود الفاصلة بين مصر وإسرائيل \'وهي ما زالت موجودة حتى الآن\' ووقوع منطقة كفر الشيخ في أسر اليهود، وبعد أن أدت إنجلترا وفرنسا الدور المرسوم بدقة انسحبا من بور سعيد تاركي موطئ قدم لليهود ومهدا السبيل لحرب الأيام الست عام 1967.
وهكذا تسفر صفحة من صفحات التاريخ عن موالاة اليهود والنصارى بعضهم بعضًا على حساب الأمة المسلمة.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد