يعتبر الطفل ملكة إبداعية يمكن تنميتها بأنواع من المعارف التي تزيد من نموه و تطوره الفكري و النفسي، بحيث يملك في داخله جملة من المواهب و المهن التي تجعله دائما يتطلع إلى الأفق و إلى التفكير في المناصب العالية و المهمة في المجتمع.
و يعضد رأيي، أخي المعلم أختي المعلمة، أننا لو فتحنا الحوار مع تلاميذنا في القسم حول أحلامهم و مشاريعهم المستقبلية لوجدنا التلميذ يختار الأحسن و الأجود و الأصلح. ذلك أنه يتمنى أن يكون فردا صالحا في هذا المجتمع. و هو بذلك يأتي إلى المدرسة و هو يحمل بداخله الكثير من الأحلام و الأمنيات التي يريد تحقيقها خلال مسيرته الدراسية،
و لكن سرعان ما تتلاشى هذه الأحلام و تلك الأمنيات لتصبح ضربا من الخيال الذي يستحيل تحقيقه فيقف الطفل في بداية مشواره عاجزا بدون حراك.
والى هنا حق لنا أن نتساءل من يتحمل المسؤولية في كبت مواهب أطفالنا و هم في بداية الطريق؟ و ما الدافع الذي يجعلهم ينفرون من المدرسة و يكرهونها؟ هل المسؤول هو المعلم أم الأســــــرة و المجتمع؟
يعتبر المعلم الحافز و الدافع القوي لدفع التلميذ إلى تحقيق ما هو أفضل و أهم. فهو المرشد و الموجه الأمين الذي يأخذ بأيدي أبنائنا إلى بحر العلم الوافر لينهلوا منه و يسقي منه كل ضمآن إلى أن يرتوي. كما يغرس في نفسية طفلنا الحب و الإخلاص لرموز الوطن و معالم سيادته و يكرهه في البغض و الخيانة ضد الوطن الذي يحميه و يأويه، و يحاول أن يوفر له كل الإمكانيات و الحقوق التي تجعله فردا صالحا في مجتمعه من حق العلاج و حق التعليم..... و غيرها من الحقوق.
و عليه، يصادف المعلم في قسمه أنواعا و أشكالا متعددة. فهو يكتشف الفنان و الأديب و الرسام و الرياضي و المخترع و... و......... فإما أن يأخذ بيده ليسير به إلى الأمام و ينمي فيه شعلة الإبداع الموجودة فيه، و إما أن يهمله و يتغاضى عنه فتنطفئ تلك الشعلة.
و حرص الأسرة و افتخارها بمواهب طفلها و تشجيعه على ذلك له دور كبير أيضا في مساعدة الطفل المبدع لبلوغ هدفه المنشود و تحقيقه النجاح الذي يطمح إليه. و على عكس ذلك فان إهمال الأسرة لهذا الطفل المبدع و عدم الاكتراث لمواهبه و الأخذ بها يؤدي به لا محالة إلى الضيـــــــــاع و الاستسلام للفشل و الكسل و عدم المبالاة بدراسته و حتى بوجود أسرته في حياته. و هنا لا يحقق الطفل نفسه و يصبح لا يشعر بذاته فيفشل و هو في بداية طريقه و ربما يلجأ إلى مصاحبة رفاق السوء لتعويض النقص الذي يشعر به حتى يحقق ذاته. و في هذه الحالة يكتسب طبائع سلبية و غير سوية تجعل منه طفلا متشردا و مهملا.
إن عدم اهتمام الأسرة بطفلها و عدم إشباعها لحاجاته و انتباهها لمكنوناته يعرضه لإحباطات نفسية يرثى لها. كما أن عدم اهتمام المدرسة بميولات و رغبات هذا الطفل و عدم توفير الجو المناسب و الملائم له يجعله يهاب و يخاف من المدرسة. و قد يصل الحد إلى أن يكرهها لأنها قتلت فيه حلما جميلا كان موجودا بداخله.
فنصيحتنا للأسرة أن تنظر لطفلها على أنه فرد من أفراد هذه الأسرة، له حقوق خاصة به و أن ممارسة العنف ضده على سبيل التهديد لا يأتي بنتيجة و إنما يؤدي به إلى الضياع. فينبغي الاهتمام به و رعايته من جميع الجوانب النفسية و الاجتماعية و الفكرية بتشجيعه و الوقوف إلى جانبه.
و نصيحتنا للمدرس أن ينمي هذه الطاقات الإبداعية و يخرجها إلى النور بفتح باب المطالعة و المنافسة بين هؤلاء الأطفال و فسح المجال أمام التلميذ من أجل التعبير عما بداخله بتوفير الجو المناسب له في حصص الأشغال و مواد النشاط و حصص الرياضة و الترفيه للأخذ بيد هذا الطفل إلى الإنتاج و التصنيع.
و إنني واثقة أنه لو تعاونت كل من الأسرة و المدرسة في تنشئة و تنمية مواهب أطفالنا لحققنا نجاحا عظيما يخدم مجتمعنا خاصة و أمتنا عامة. و أختم كلامي بقول محمد الأحمد الرشيد: وراء كل أمة عظيمة تربية عظيمة....... و وراء كل تربية عظيمة معلم متميز.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد