المحتويات:
•المهاوي لغة.
•المعالي لغة.
•الهاوية الأولى: التدخين.
•الهاوية الثانية: المسكرات والمخدرات.
•الهاوية الثالثة: الفضائيات التلفزيونية.
•معالجة المهاوي.
•وقفة في المعالي.
الشباب بين المهاوي والمعالي:
وليس مقصودنا أن نتحدث عن الشباب وأهمية الفترة العمرية، فقد سلف لنا حديثا في مثل هذا، وإنما مرادنا هنا أن نوضح هذه المعاني البينية التي سندرس أو سنتعرض لذكر تعلق الشباب بها.
المهاوي لغة:
المهاوي: جمع هاوية ومهواة، وأصل الاشتقاق اللغوي لهذه الكلمة من الفعل الثلاثي \" هوى \"، ومعناه كما قال أهل اللغة: هو أصل يدل على خلو وسقوط، فالشيء الذي فيه هواء أي خال فارغ.
وإذا قلت هوى الشيء معناه سقط ولم يكن شيء يحجزه بل كان هناك فراغ أدى إلى مثل هذا السقوط واصله الهواء بين الأرض والسماء سمي كذلك لخلوه وكل خالٍ, هواء، كما قال - جل وعلا -: {وأفئدتهم هواء}، أي خالية فارغة من الإيمان وتثبيته، وقال المفسرون في هذا المعني: \" خالية لا تعي شيئاً \".
والهوة هي الحفرة البعيدة القعر، أي الهاوية السحيقة التي فيها بعد ٌوفراغ ٌ وخلوٌ من تعرض لها أو جاء إليهاº فإنه يسقط ويهوي، والوهدة هي الغامظ من الأرض التي لا يتفطر إليها.. الوهدة أرض منخفضة لكن ليست ظاهرة فيقع الإنسان فيها وقد يتعثرº ومن هنا نجد أن خلاصة معنى هذه المهاوي أنها في معنى الخلو والفراغ، وأن فيها معنى الخفاء والغموض، وأن فيها في آخر الأمر معنى التردي والسقوط.
وأما المعالي: فإنها واضحة في دلالتها من حيث اشتقاقها من الفعل الثلاثي \" علواً أو العلو \" وهو السمو والارتفاع، ومعنى ذلك السمو إلى المعاني العظيمة، والارتفاع إلى المهمات الجسيمة، وهذا معناه أننا ندور في هذا الكلام حول الأمور والمطالب الشريفة السامية، وقال الخليل: \" المعلاة الكسب والشرف والجمع المعالي \"، وفلان من علية الناس أي من أهل الشرف فكل هذه المعاني السامية ترتبط بذلك.
ومعنى هذه البينية هي بينية تضاد، فنحن لا نريد المهاوي ولكن نريد المعالي، ونحذر من المهاوي ونرغب في المعالي، لا نريد لشبابنا أن يسقط بين الحفر، بل نريد لهم أن يسمو ويعلو للقمر، لا نريد لهم أن يسقطوا في الأدناس بل نريد لهم يرتقوا، وأن يكون شامة بين الناس، لا نريد لهم أن يتلوثوا بالوحل والطينº بل نريد لهم يتضمخوا بالعطر والطيب، نريد أن لا يفقدوا الرعاية الحماية ولكننا نريد أن يجدوا التشجيع والإعانة.
والمراد هنا في آخر الأمر أن ننبه إلى بعض هذه المهاوي وأخطارها وأسبابها وأضرارهاº حتى يكون ذلك بمثابة تنبيه وتحذير، وقرع لأجراس الخطر للشباب، ولمن يهمهم أمر الشباب من الآباء والأمهات ومن سائر دوائر المجتمع في أهم وأكثر دوائره تأثيراً، وخاصة في التعليم والإعلام.
وهذا ما سنتحدث عنه بإيجازº لأن كل هاوية من تلك المهاوي جديرة بأن تفرد لها أحاديث خاصةº بل قد سبق لنا في مثل ذلك، وسأتحدث عن أربعة مهاوي من الأمور التي لا تخطئها العين، ونعلم يقينا أن لها صلة وطيدة بالشباب وتأثيراً عظيم فيهم وأضراراً كثيرة بهم، ويعود ذلك - بالتالي - على المجتمعات الإسلامية والأمة الإسلامية بأوخم العواقب، وأكثر الأضرار التي نشكو ونعاني منها وسنذكر في آخر الأمر بعض من المعالي ربما لا أكثر فيها، وأذكر اثنين فحسبº لعلها تكون وقد حذرنا من تلك المهاوي أن يكون شيء من الترغيب في تلك المعالي.
الهاوية الأولى: التدخين:
وربما يكون ترتيبنا ليس مقصود بذاتهº فإن كل واحدة من هذه المهاوي لها مما يقدمها على غيرها من وجوه كثيرة حتى يحتار المرء في أيها يبدأ.
التدخين كلنا يعرفه ولكني أقول: إن الأرقام المتعلقة بالتدخين في فئة الشباب تروعك، والحقائق تخيف، والنتائج تنذر بخطر عظيم.. وهذه وقفات مختصرة جداًº و إلا فإن هناك ما هو أكثر وأعظم وأخطر وإن الأرقام المتوفرة عن التدخين في دائرة الشباب مرعبة.
وقد نشرت صحفنا المحلية أن دراسة أجرتها وزارة التربية والتعليم في المدارس شملت سبعمائة واثنين وخمسين تلميذاً في المرحلة المتوسطة والثانوية بالمدارس الحكومية في مدينة الدمام، أعطت هذه النتائج ثلاثين في المئة من هؤلاء الطلاب مدخنون في المرحلة المتوسطة والثانوية.
تسعون في المئة من هؤلاء المدخنين بدأوا التدخين في مرحلة مبكرة.
وبينت الدراسة أن خمسة وخمسين في المئة من طلبة مرحلة السنة النهائية في السنة الثانوية لا يقدرون حق التقدير احتمال إصابتهم بالإدمان على التدخين.
ومن الأرقام المؤسفة أن جمعية مكافحة التدخين أشارت إلى أن سبعة عشر في المئة من الطبيبات السعوديات العاملات في منطقة الرياض مدخنات.
ومن الأرقام المفزعة كذلك - دراسة أجريت في مدارس البنات المرحلة المتوسطة والثانوية في منطقة مكة المكرمة، وأظهرت أن خمسة وثلاثين إلى خمسة وخمسين في المئة من الطالبات مدخنات.
وهذه النسبة تزيد عند المعلمات.
وتشير إحصائية أخرى إلى أن عدد المدخنين إجماليا في المملكة بلغ نحو ستة ملايين مدخن مابين ذكر وأنثى ومقيم ومواطن، وأن إجمالي ما يدخنونه ثمانية مليارات وسبعمائة ألف سيجارة، وأن ذلك يكلف ستمائة وثلاثة وثلاثين مليون ريال في العام الواحد.
لو حسبنا هذه الأرقام وتحدثنا عن البطالة أو عن المشروعات، أو عما سيأتي من تكاليف العلاج سنرى كم هي الجريمة فادحة، وكم هي الخسارة عظيمة في هذه الهاوية الخطيرة، والتقارير العامة من منظمة الصحة العالمية تقول أن أعداد المدخنين تتناقص في أمريكا والدول الأوربية والدول المتحضرة، وأنها تتزايد في دول العالم الثالث! وأنه بحلول عام \" ألفين وعشرين \" يتوقع أن يكون سبعين في المئة من أسباب الوفيات راجعة إلى التدخين..
أرقام أخرى تقول: \" إن استهلاك السيجارة في المملكة - ليس كما ذكرت ولكن أرقام أخرى - خمسة عشر مليار سيجارة، وأنها تكلف ذلك الرقم الذي ذكرته، وأن إجمالي نسبة المدخنات من بين المدخنين عموماً تزيد على عشرين بالمئة \".
ونشرت جريدة البيان الإماراتية في تقرير نشره المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية: \" أن التبغ كلف المجتمع الدولي عموماً أحد عشر ألف وفاة يومياً \".
وتقول الدراسة كذلك -: \" إن خمسة وأربعين وفاة يومياً في دول الخليج سببها المباشر التدخين \"!
ومعنى خمسة وأربعين وفاة أن هذه الوفيات في اليوم يمكن أن تحسب بعد ذلك بالساعات بل ربما بما هو اقل من ذلك.
وتقول الدراسة التي أجريت في عام ألفين بأنه هناك ألف وفاة سنوياً بأمراض سرطانية لها علاقة مباشرة بالتدخين، وتقول هذه الدراسة: \" أن التدخين ينتشر في أربعين في المئة من المجتمع الرجالي وعشرة بالمئة في المجتمع النسائي وخمسة عشر في المئة من مجتمع صغار الشباب والمراهقين \".
وتؤكد الدراسة: أن الفئة الأطباء والعاملين في القطاع الصحي وطلب كليات الطب يمارسون التدخين بنسبة تصل إلى ثلث الشريحة، وتتجاوز نصف الشريحة في السعودية والكويت والأمارات - والتي أكدت الدراسة - أن أربعة وأربعين في المئة من الأطباء الذكور يدخنون السيجارة.
وفي دراسة أيضا أجريت في أحدى مناطق المملكة تبين فيها دراسة على الطالبات أن سبعة وعشرين في المئة من طالبات المرحلة المتوسطة وخمسة وثلاثين في المئة من المرحلة الثانوية وأكثر من خمسين في المئة من المعلمات كلهن يدخن السجائر.
وإحصائية علمية في المملكة قدرت خسائر مستشفى الملك فيصل التخصصي في علاج الحالات المرضية للمدخينن بلغت أكثر من عشرة مليار دولار خلال خمسة وعشرين عاماً.
وتؤكد هذه الأرقام والإحصاءات أن المملكة هي الدولة الرابعة على مستوى العالم في استيراد واستهلاك التدخين.
وتبلغ نفقات التدخين في استيراده - فضلا عما يترتب عليه من مصروفات العلاج - أكثر من الميزانيات المخصصة للبحوث العلمية وتطوير التعليم.
وتقول أيضا الأرقام الأخرى العامة: أن أعلى الدول في العالم تدخينا بنسبة عدد السكان هي تركيا - البلد الإسلامي - الذي يبلغ نسبة المدخنين فيه إلى نسبة عدد السكان سبعة وستين ونصف في المئة من إجمالي عدد السكان.
وعدد المدخنين في مصر يرتفع سنويا ما بين ثمانية إلى تسعة في المئة وهو معدل أعلى بكثير من معدل زيادة المواليد.
وتقدر الشركات المصنعة والمستوردة للتدخين أن في مصر الآن ما بين ستة عشر إلى سبعة عشر مليون مدخن.
وتقول وزارة الصحة المصرية أن المصريين ينفقون نحو خمسة مليارات جنيه على التدخين أي نحو اثنين وعشرين بالمئة من متوسط الدخل القومي للفرد في مصر.
وهذه الأرقام كافية في أن تظهر لنا فداحة الأمر وخطورتة الشديدة الكبيرة.
وقفة ثانية مع قضية قريبة منا ولصيقة بنا كثيراً أعددت إستبانة أو استمارة صغيرة فيها معلومات عن الشخص، ومتى بدأ التدخين؟ وكم سيجارة يدخن في اليوم؟ وما هو سبب تدخينه لأول مرة؟ وهل فكر في الإقلاع عن التدخين وكم المدة التي مكثها عندما اقلع عن التدخين ثم عاد إليه.
وقد اخترت من نحو أربعين استمارة هذه النماذج اليسيرة وكلها أخذت من دائرة لا تزيد عن مئات الأمتار عن هذا المسجد الذي نستمع فيه إلى هذا الحديث.
هذه استمارات اخترتها لمن يدخنون وهم دون الخامسة عشر من العمر:
استمارة المدخن - فيها عمره اثنان وعشرون عاماً - ويقول: أنه بدأ التدخين قبل خمسة عشر عاماً - أي انه بدأ يدخن وهو ابن سبع سنوات - ويقول أنه يدخن نحو خمسة عشر سيجارة، والسبب الرفقة والأصحاب ويقول فكر أكثر من مرة في ترك التدخين ولكنه لم يتركه إلا لأقل من أسبوع فقط.
وآخر عمره عشرون عاماً ويذكر أنه بدأ التدخين قبل عشر سنوات أي وعمره عشر سنوات ولكنه يدخن قليلا وقد ترك التدخين نحو عام ثم عاد إليه.
وآخر عمره ستة وعشرون عاماً ودخن قبل خمسة عشر عاماًً أي وعمره إحدى عشر عاماً ويدخن أكثر من عشرين سيجارة في اليوم الواحد، ولم يفكر في ترك التدخين والسبب أيضا الرفقة والأصحاب.
ومثله من عمره اثنا عشر عاماً ويدخن أكثر من عشرين سيجارة، ولم يفكر الإقلاع عن التدخين بعد كما يقول.
وهذا عمره أحدى عشر سنة ويدخن أكثر من عشرين سيجارة، ويقول فكّر مرة واحدة وتوقف لأقل من أسبوع.
واثنان عمرهما أربعة عشر عاما وكلاهما يدخن يعني في حدود مابين خمسة عشر إلى أكثر من عشرين سيجارة.
أما الإجمالº فإن أكثر الأسباب التي ذكرت في هذه الاستمارات هي الرفقة والأصحاب لعدد خمسة وعشرين من هؤلاء الأربعين كلهم ذكروا هذا السبب الأسباب الأخرى هكذا.. كتب بعضهم الطفش، وكتب آخر الوهم، وكتب ثالث السفر إلى الخارج، وكتب رابع طيش الشباب وما وراء ذلك أيضا يمكن أن نعلم كثيرا وكثيراً منهم..
ثم ليست من مهمة حديثنا هذا الوقوف مع الأضرار والأخطارº فإنها وأقول هذا حتى ادفع من يسمع إلى أن يراجع ويبحث، وأرجو أن لا يراجعني، بل يراجع نفسه ويبحث ثم يعود التدخين أشد خطراً وضرراً من الخمر والمخدرات على المستوى العام، وتبين الآن أن في مادة التبغ أكثر من أربعة مئة مكون كيميائي فيها بحد أدني.. أربعين مكون ساماً قاتلاً على المدى البعيد وكل من يتجاوز في التدخين أربع سنواتº فإنه يكون معرضا للإصابة بالسرطان وتصلب الشرايين بنسبة تزيد على ثمانين في المئة، والأرقام من حيث الاستهلاك والشيوع أكثر بكثير من بقية الأحوال الأخرى أقول بذلك بدءً بالتدخينº لأنه خطير ولأن الحديث عنه والمواجه له من المفترض أن تكون أيسر وأسهل من غيره في جملة ما سيأتي ذكره من المهاوي الخطيرة.
كما قلت بالنسبة للأحكام الفقهية أيضاً - ليس مرادنا الوقوف عندها ولكني وجدت لبعض الفتاوى نوع من الشمول والقوة، والتي لعل ذكرها يزيل الأوهامº لأننا الآن يكاد يجمع المدخنون أولاً وطائفة كبيرة من غير المدخنين أن التدخين لا يعدوا أن يكون مكروها، وهذا لمن يجترىء لمن يقول أنه مكروهº و إلا فبعضهم يرى أنه دون ذلك مع أنه قد عقد في عام ألف وأربعة مئة واثنين - أو اثنا عشر - مؤتمر في المدينة المنورة في الجامعة الإسلامية، وحضره جمع من العلماء وأصدروا مما أصدروه من هذا المؤتمر فتوى إجماعية بحرمة التدخين، وأنا اذكر هذه النصوص من فتوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله -، والشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -، والثانية أوسع وأشمل فيها من المعاني ما يستلفت النظر والانتباه، قال ابن باز - رحمه الله -: \" الدخان محرم لكونه خبيث، ومشتمل على أضرار كثيرة، والله - عز وجل - إنما أباح لعباده الطيبات من المطاعم والمشارب وحرم عليهم الخبائث، وقال الله - تعالى - {يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات}، وقال في حق وصف النبي - صلى الله عليه وسلم -: {يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث} \".
فكل ما هو خبيث محرم، ولا أظن مجنون وليس عاقلا في الدنيا يمكن أن يقول أن الدخان ليس خبيثاً فضلا على أن يقول أنه طيب، وقال: \" وهكذا مع جمع المسكرات كلها من الخبائث الدخان لا يجوز شربه ولا بيعه ولا التجارة فيه، والواجب على كل من يشربه ويتجر فيه المبادرة في التوبة والإنابة \".
أما فتوى ابن عثمين - رحمه الله - فيقول فيها: \" شرب الدخان محرم وكذلك بيعه وشراءه وتأجير من يبعهº لأن ذلك من التعاون على الإثم والعدوان ودليل تحريمه قوله - تعالى -: {ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما}º ووجه الدلالة من ذلك أن الله نهى أن نأتي السفهاء أموالناº لأن السفيه يتصرف بها فيما لا ينفع، وبيّن الله - سبحانه وتعالى- أن هذه الأموال قيام للناس لمصالح دينهم ودنياهم وصرفها في الدخان ليس من مصالح الدين، ولا من مصالح الدنيا فكيف يكون صرفها في ذلك منافياً لما جعله الله - تعالى - لعباده؟ ومن أدلة تحريمه: {ولا تقتلوا أنفسكم}º ووجه الدلالة من الآية أنه قد ثبت في الطبّ شرب الدخان سبب لأمراض مستعصية تؤول لصاحبها إلى الموت مثل السرطان، فيكون متناولها قد أتي سبب لهلاكه، ومن أدلة تحريمه {وكلوا وأشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين}º ووجه الدلالة من هذه الآية أنه إذا كان قد نهى عن الإسراف في المباحات - وهو مجاوزة الحد فيها - فإن النهي عن صرف المال في أمر لا ينفع يكون من باب أولى، ومن أدلة تحريمه نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن إضاعة المال، ولاشك أن صرف المال في شراء الدخان إضاعة لهº لأنه إذا صرف المال إضاعة - بلا شك - وهناك أدلة أخرى، والعاقل يكفيه دليل واحد، أما النظر الصحيح الدال على تحريمه فهو أن كل عاقل لا يمكنه أن يتناول شيء يكون سبباً لضرره ومرضه ويستلزمه نفاذ ماله من صرفه فيهº لأن العاقل لابد أن يحافظ على بدنه وماله، ولا يهمل ذلك إلا من كان ناقص في عقله ودينه، ومن الأدلة النظرية على تحريمه أيضا أن شربه يستلزم ثقل العبادات على شاربه - ولا سيما الصيام - فإن شارب الدخان يستثقل الصوم جداًº لأنه حرمان له من شربه من بعد طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وهذا قد يكون في أيام الصيف الطويلة فيكون الصوم لديه مكروهº وحينئذ فإنني أوجه النصيحة لأخواني عموما والمبتلين به خصوصا بالتحذير منه بيع وشراء وشرب وتأجير لمحلات من أجل بيعه فيها ومعونة عليه من أي وجه كان \".
وهذا - كما قلنا - يكفينا في هذا الأمر، وأما الإقلاع عن التدخين فقد قامت لذلك جمعيات وابتكرت فيه بعض المبتكرات، ولكن الوازع الديني ومراقبة الله - عز وجل - والخوف من ارتكاب الإثم وما يلحق بذلك هو أول وأعظم الأسباب المعينة على الإقلاع، ومع ذلك فثمة وصايا نقولها ومضات سريعة.. الأمر أبصر من أن نستطيع الإلمام بجوانبه المختلفة، في بعض هذه الوصايا يقول الناصحون حاول أن تتعرف على أضرار التدخين بشكل جيد وواسع حدد الوقت المناسب للإقلاع واربطه بذكرى عزيزة عليك أو انجاز مهم عندك أعلن نبأ إقلاعك عن التدخين لأفراد أسرتك ولجميع من حولك يكون ذلك محرج لك ومعين للآخرين على تذكيرك، وأنت في الحقيقة أكبر من ذلك حاول أن تجد بديل عن السيجارة في إشغال يديك وليس نوع آخر ضع قلما في يدك دائماً اصطحب شيء في يدك حتى لا تأكلك يدك - كما يقول المدخنون - واقلع عن بعض المشروبات التي كنت تعتاد شرب الدخان معها كالشاي أو القهوة أو غير ذلك، تجنب الأماكن التي كنت تذهب إليها مع أصدقاءك للتدخين، تجنب الاختلاط بالمدخنين، ارفض كل عرض يقدم لك للعودة إلى التدخين، وقبل ذلك و بعده استعن بالله - عز وجل - واخلص في دعائك له أن يعينك على أن تترك هذا التدخين وكما قلت الأمر يطول ويطول.
الهاوية الثانية: المسكرات والمخدرات:
وهي درجة أعلى - وإن كنت قد أشرت أن التدخين في جملة أضراره أكثر ضرراً في الجملة سواء على الفرد ولكنه على مستوى العام أكبرº لأن شريحة المتعاطين له والمتضررين منه أكثر بكثير من تلك الدائرة مرة أخرى الشباب هم الضحايا في مثل هذه الهاوية الخطيرة.
وقد قمت من قبل بزيارة لمستشفى الأمل الذي يعالج فيه المدمنون، ورأيت بأم عيني أن الغالبية العظمى التي تصل بحد أدنى إلى ستي
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد