بسم الله الرحمن الرحيم
أختي...بعد أن سمعنا آثار الذنوب والمعاصي في الدنيا والآخرة.
هيا بنا نسمع من بعض العصاة بعض الزفرات والآهات التي يبعثون بها من معاناة أشواك المعاصي والآثام، لعل لنا فيها عبرة، ألا نعاني مثل معاناتهم ونقاسي مثل مقاساتهم، فاسمعي إليها،....... عن بعض الآم والأشواك، وقانا الله منها وإياكِ.
مؤدب العصاة
هذا الشاب يقول عن نفسه في آخر حياته، بعد أن أنهيت الثانوية، جاءني أحد رفقاء السوء، فقال لي: يا فلان، أتحب السفر معنا؟ قلت: إلى أين؟ قال: إلى تلك البلاد، بلاد أسيوية، فيها المنكر والفساد جهاراً نهاراً، بأبخس الأثمان، فقلت: كيف؟ قالوا: اطلب من أبيك المال، وسافر معنا، والأمر بسيط، أياماً معدودات ثم نرجع، قال: فجئت أبي، فقلت: يا أبي، قد نجحت في الثانوية وحصلت على التقدير العالي وأريد مكافأة؟ قال: ماذا تريد؟ قال: أريد مالاً؟ لأذهب وأسافر مع أصحابي، فقال الأب: إلى أين؟ قال: إلى تلك البلاد، قال: لا بأس، فأعطاه المال، قال: فسافرت لأول مرة، فذهبنا إلى تلك البلاد.
والغريب أني رأيت شباباً من أبناء بلادنا، دخلوا أمكان حمراء، أماكن مظلمة، أماكن فيها الفساد والشهوات، يفعلون الفواحش والمنكرات، فدخلت معهم، وفعلت ما لم أظن أنني أفعله في حياتي يوماً من الأيام، صنعت المنكرات، وفعلت الفواحش، وأتيت الشهوات.
يقول: فتلذذت مرة بعد الأخرى، حتى رجعت إلى بلادي، فاشتقت إلى الرجوع، فأخذت من أبي مالاً مرة أخرى، وهكذا توالت السفرات بعد السفرات، لأسفار إلى تلك البلاد، السفر صار في دمي، والمخدرات تجري في عروقي، ومرت الأيام والسنون.
حتى جاء ذلك اليوم، أحسست بإعياء شديد، فسقطت على الفراش، فذهب بي أصحابي إلى الطبيب، وبعد التحاليل والفحوصات، جاءني الطبيب يفاجئني، وقال: يا فلان!! إن الأمر صعب، قال: أخبرني يا طبيب، قال: بعد التحاليل اكتشفنا أنك مصاب بفيروس الإيدز.
يقول: فكأن الدنيا قد أظلمت أمامي، أحلامي تبددت، وضاقت عليَّ الأرض بما رحبت، أيها الطبيب، ربما أخطأتم!! قال: سنعيد الكرة، فأعادوا التحليل مرة أخرى، لكن النتيجة هي النتيجة.
يقول: ذهبت إلى طبيب آخر، وإلى مستشفى آخر، لكن النتيجة هي النتيجة، ثم رجعت إلى بلادي مسود الوجه، وقد أظلمت الدنيا أمامي يقول: وأنا الآن أكتب إليكم قصتي، وأنا على فراش الموت، أنتظر الموت.
من شريط قصص واقعية، الشيخ نبيل العوضي.
لحظة الاختيار:
وهذه مجموعة من الدعاة، سافروا إلى إحدى الدول الغربية، فلما أتوا إلى مسجد من المساجد، وبعد انقضاء الصلاة، سألوا الإمام: أتعرف أحداً من المسلمين يسكن حول المسجد، وهو لا يصلي، فقال لهم: نعم، أعرف جاراً للمسجد وهو من إحدى الدول الغربية، مسلم لكنه لم يأت إلى المسجد يوماً من الأيام، إنه من الأغنياء فاذهبوا إليه، ربما يهديه الله.
يقول الداعية: فذهبنا إليه وطرقنا الباب، فلم يأت، واستمر أحدنا يدق عليه الجرس لعله يخرج، وانتظرنا مدة من الزمن، حتى خرج عابس الوجه مكفهراً، قال: ماذا تريدون؟
قالوا بعد أن سلموا عليه: نحن إخوانك، جئنا نزورك في الله، قال: وماذا تريدون؟ قالوا: نريد زيارتك، لا نريد إلا وجه الله، قال: وبعد ذلك ماذا تريدون؟ قالوا نطلب منك أن تأتي معنا إلى المسجد، قال: إن شاء الله اذهبوا إلى المسجد، وأنا أدرككم، قالوا: لا، لن نبرح من هذا المكان حتى تأتي معنا، قال: اذهبوا وسوف آتي، قالوا: لن نبرح من هذا المكان حتى تأتينا، فذهب ورجع بعد قليل وقد بدل ملابسه، وجاء متوضئاً وذهب معهم إلى المسجد، وقال: أصلي وأرجع، فلما صلى قام أحد الدعاة، وجلس الرجل ينصت، فسمع بعض الآيات والأحاديث، وبعض العبر، كان يريد الذهاب، ولكن الحديث أجلسه، وبعد أن انهى الشيخ كلامه، نظروا إليه فإذا عيناه تذرفان، فجلس معهم وقال: أين تذهبون؟ وإلى أي مكان تغادرون؟ قالوا: نحن نتجول في المساجد، من مسجد إلى آخر، ندعو إلى الله - عز وجل -، قال: أنا أريد أن أذهب معكم، ما هي الشروط؟ قالوا: لا شروط، تعال واذهب معنا، وفعلاً ذهب معهم، ومرت الأيام حتى أصبح هذا الضال قاسي القلب من الدعاة إلى الله - عز وجل -، وسخر ملاينه كلها في الدعوة إلى الله.
ومرت الأيام، فقال هذا الرجل للشيخ ذات يوم، يا شيخ أتذكر ذلك اليوم الذي أوتيتم فيه إلى منزلي؟ قال: نعم، قال: أتدري ماذا كنت أفعل حينها؟ قال: لا، وما يدريني! قال: كنت في ذلك اليوم قد ضاقت عليَّ الدنيا جميعها، عندي ملايين لكن الدنيا أظلمت في وجهي كنت واضعاً كرسياً في إحدى الغرف، ووقفت على الكرسي وعلقت الحبل في السقف، وربطت الحبل في عنقي، وهممت بدفع الكرسي لأسقط، وفعلاً دفعت الكرسي، لكنه لم يسقط.
حينها سمعت الجرس، فقلت في نفسي، هل أرد على الباب، أو أنتهي من الدنيا؟
وجاءني مناد في قلبي، يقول لي: لا، رد على صاحب الباب، فربما تجد شيئاً من الأمل، فدفعت الكرسي، لكنه لم يسقط، فقلت: أنزل، فأرد على الباب ثم أرجع، فأنتحر.
فيقول: أرأيت؟ إنها ثوان معدودة، أرسلكم الله - عز وجل - إليَّ، ولم لم تأتوا إليَّ في ذلك اليوم، لانتحرت وساءت خاتمتي.
من شريط قصص واقعية، الشيخ نبيل العوضي.
رسالة إلى غريق:
أخيتي: أبعث إليك بهذه الرسالة، من قلب محب لكِ، مشفق عليكِ، يود والله لو يرضى عنكِ ربكِ، لا لشيء إلا أن يكون رفيقك في دار النعيم.
فوالله إني لأحبك في الله، فأنتِ تحملي بين ضلوعك إيماناً راسخاً، ويقيناً صادقاً بالرغم من تقصيركِ، وتحتوي جوانبك قلباً من الله مشفقاً، وبحبه خافقاً، وبتوحيده ناطقاً، على الرغم من تفريطكِ، فها أنا ذا أمد يدي إليكِ، وأفتح قلبي بين يديك، وأضع كفي بكفك، لنمشي سوياً على صراط الله المستقيم.
أخيتي الحبيبة... نعيش أياماً قلائل، لحظات معدودات، ثم لابد لنا من الرجوع إلى الله، والوقوف بين يديه: \"ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق \" (الأنعام: 62).
فنحن نهدم في أعمارنا على قصرها، منذ استهل أحدنا صارخاً من بطن أمه، وندنو لحظة بعد أخرى من لقاء ربنا: \"إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم\" (الغاشية: 25- 26).
يقول النبي: ((والله لو تعلمون من أعلم، لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيراً، وما تلذذتم بالنساء على الفرش، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله)).
فيا حبيبتي في الله
تزود للذي لابد منه *** فإن الموت ميقات العباد
أترضى أن تكون رفيق قوم *** لهم زاد وأنت بغير زاد؟!
وعجلت إليك رب لترضى:
فإذا أردتِ أن تنجو من أثار هذه الأشواك، في دنياك وآخراك، فدونكِ وسبيل النجاة من الغرق في لجج المعاصي والآثام، نضفه لكِ في المرحلة القادمة من مراحل السفر إلى الله، ندعوكِ فيها أن تهجري المعاصي، ونعلمك السبيل من كلام الواحد الديان، وكلام رسوله العدنان، فلترفعي الآن معي شعار ((وعجلت إليك رب لترضى)).
فاستعرضي عناوين آثار الذنوب والمعاصي، وتدبري فيها جيداً، واعرضي حياتكِ عليها، لتعلمي كم جنيتي من آثار الأشواك في عمرك الماضي.
اشتغلي بدعاء النبي: ((اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما يهون علينا مصيبات الدنيا، ومتعنا بأسماعنا، وأبصارنا، وقوتنا ما أحييتنا، واجعله الوراث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادنا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا من لا يرحمنا))، وقوله: ((اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى)).
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد