قادت سيارة والدها متنكرة في زي رجالي


بسم الله الرحمن الرحيم

 

تحكيها بنفسها:

أنا فتاة جامعية. أقف على أعتاب عامي الثالث بعد العشرين. ليس في حياتي ما يميزها أو يميزني عن الأخريات. بل أكاد أكون صورة كربونية لفتيات هذه الأيام ممن قتلهن الملل وهن يقفن في محطات الحياة في انتظار قطار الزواج. أكاد لا أقوم بأي عمل يمكن وصفه بأنه منتج. نهاري كله نوم. وفي الليل أستلقي على ذات السرير أمسك في يدي \'\' الريموت كنترول \'\' وأمامي التليفزيون أمضي الليل أتسكع بين المحطات حتى شروق الشمس يتخللها بعض استراحات هاتفية مع بعض الصديقات اللاتي يشكين ممَّا أشكو منه.

 

أكتفي بما قدمت من ملامح عن حياتي متجاوزة عن تفاصيل لا علاقة لها بما أنا مقدمة على ذكره. بادئة بالقول أني كنت أنتهز فرصة سفري مع الأهل إلى خارج المملكة لتعلم قيادة السيارات حتى أصبحت أجيدها إلى حد كبير, هذا فضلاً عن أني كنت أنتهز فرصة نوم الوالد لأقوم بقيادة سيارة الوالد أو سيارة البيت داخل \'\' الحوش \'\' في المنزل الذي نسكنه. لمجرد أني أجد متعة في ذلك.

 

ذات ليلة... وأنا مستلقية على فراشي طرأت في خاطري فكرة لم أفكر في عواقبها بقدر ما فكرت في تنفيذها بأي وسيلة. استدعيت الخادمة وطلبت منها ارتداء الطرحة والعباءة استعداداً للخروج. أما أنا فقد تسللت إلى غرفة أحد أخوتي وأخذت منها ثوباً وغترة وعقالا وعدت إلى غرفتي لأرتدي ملابس الشباب مزيلة كل مظاهر الأنوثة عن ملامحي. ثم جاء الدور على والدي الذي تسللت إلى غرفته واستوليت على مفتاح سيارته مفضلة إياها عن سيارة البيت على أساس أنها \'\' أتوماتيك \'\' ولها \'\' هيبة \'\' قد تصرف أنظار المرور أو الشرطة أو الآخرين عني.

 

عندما أعلنت ساعتي انتصاف الليل كنت أشق طريقي خارج المنزل بسيارة أقودها بنفسي وقد ارتديت ملابس الرجال. في البداية تملكني شعور بالخوف والقلق والاضطراب ولكن سرعان ما أخذت هذه المشاعر في التلاشي وبدأت في الإحساس بالثقة في نفسي لاسيما وقد سرت في عدد من الشوارع الرئيسية دونما أي مشكلة.

 

في شمال المدينة وفي أحد الشوارع الشهيرة توقفت عند إشارة حمراء وتوقفت إلى الجوار مني سيارة \'\' سبور \'\' ورغم أن زجاج الباب كان مغلقاً إلا أنه لم يتمكن من حجب صوت الموسيقى التي كانت تنبعث بشده من سيارتهم وما أن نظرت صوبهم حتى وجدت ثلاثتهم ينظرون إليّ.

 

أصابني قدر من الارتباك إذ لاحظت أنهم ينظرون إليّ ويشيرون بأيديهم تجاه الخادمة. وحينها أدركت أني قد أخطأت على أساس أن طبيعة الأمور هو أن تجلس الخادمة في المقعد الخلفي وليس إلى الجوار مني وقد كان وجودها إلى جانبي ملفتاً للنظر. سرت بسرعة بعد أن تحولت الإشارة إلى الضوء الأخضر وقررت العودة إلى المنزل وقد عاد الخوف يتسرب إلى نفسي. وما أن هممت بالدوران للعودة حتى أتت سيارة مسرعة من الجهة اليمنى ألجأتني إلى الوقوف بقوة نتج عنها سقوط الغترة والعقال وظهور شعري.

 

لم تكن سيارة الشباب الثلاثة قد ابتعدت كثيراً, وبمجرد أن لمح أحد الشباب شعري أشار على زميليه بالعودة لملاحقتي فأسرعت بالسيارة فأسرعوا خلفي وما أن بلغنا جزءاً غير مضاء من خط الخدمة حتى تجاوزوني بسيارتهم وأجبروني على التوقف.

 

خرج اثنان منهم وتوجها مهرولين تجاه سيارتنا. أحدهما توجه إلى الباب الأيمن حيث تجلس الخادمة وقام بدفعها إلى الداخل وجلس إلى جوارها. والثاني فتح الباب المجاور لي وقام بدفعي إلى الداخل بعد أن أحكم قبضته على المقود وساقه اليمني على الفرامل. صرخت بصوت عال لعلي ألفت نظر أحد المارة أو المجاورين ولكن لا فائدة حيث أحكم إغلاق زجاج السيارة ورفع صوت المسجل وأنطلق بسرعة خلف سيارتهم التي يقودها ثالثهم.

 

أصابني شبه انهيار وأخذت أبكي بحرقه وأنا أشاهد السيارة تنطلق بسرعة غير طبيعية إلى خارج المدينة حيث تتناقص المباني والإضاءة. وعندما لاحظ قائد السيارة ذلك أخذ يطمئنني بقولـه: والله لا تخافي... اطمئني واهدئي, ما حنسوي شيء يزعلك. وما هي إلا دقائق حتى توقفت السيارة الأولى أمام إحدى الاستراحات الواقعة خارج نطاق العمران في منطقة يسودها الظلام الدامس فخرج منها الشاب الثالث وقام بفتح البوابة ودخل وأشار إليهما بالدخول ثم أغلق البوابة. حاولت المقاومة وتشبثت للبقاء داخل السيارة إلا انه سرعان ما سحبني بالقوة بل حملني إلى الغرفة الرئيسية وألقي بي, ثم أدخلوا عليّ الخادمة وهي تبكي وهم يسحبونها على الأرض.

 

ارتميت على قدم أحدهم وهو الذي شعرت أنه أكبرهم سناً وهو الذي يقوم بتوجيه الأوامر فيطاع. فرفع رأسي إلى الأعلى رافضاً أن أقبل قدمه ثم سألني قائلاً: هل أنت بنت?

 

أم متزوجة? فصرخت في وجهه: حرام عليك.. اتق الله.. أنا بنت... والله بنت. فقاطعني خلاص.. خلاص.. لا تخافي ثم ذهب إلى زميليه وتحدث إليهما وكان واضحاً أنه يملي عليهما تعليمات تتعلق بوجوب المحافظة على حالتي هذه.

 

المهم... تناوبني الثلاثة واحد تلو الآخر مع حفاظهم على وعدهم بشأن عذريتي. خرجت إليهم باكية متوسلة أن يعيدوني إلى المنزل ولكن لا فائدة. وبعد أن تناولوا مأكولات كانت في الثلاجة فوجئت بأحدهم يسحب الشغالة إلى الغرفة ليقوم ثلاثتهم بالتناوب عليها مع ملاحظة أن أحداً منهم لم يتطرق إلى مسألة ما إذا كانت عذراء أم لا!!

 

كانت الساعة قد تجاوزت الثانية بعد منتصف الليل عندما ركب اثنان منهم سيارتهما وقام الثالث \'\' الزعيم \'\' بقيادة سيارتنا بعد أن أصر على أن أنتقل إلى جواره في المقعد الأمامي بعد أن كنت قد جلست في المقعد الخلفي أنا والخادمة. وفي الطريق أخذ في الاعتذار ثم سألني عن اسمي ورقم هاتفي فلم أجبه.

 

وصلنا إلى المكان الذي أخذوني منه فطلبت منه أن يتقدم قليلاً وذلك بقصد الاقتراب من المنزل قدر الإمكان مع عدم علمهم بموقعه. فقال لي: فين بيتكم فأجبته على الفور: \'\' هذا هو بيتنا \'\' وأشرت إلى إحدى الفلل المجاورة. وعلى الفور قام بإيقاف السيارة في خط الخدمة وأسرع مهرولاً إلى زميليه في السيارة الأخرى التي كانت تسير خلفنا. وما هي إلا ثوان حتى اختفوا تماماً.

 

لقد أعياني البكاء وأرهقني الصياح فأصبحت شبه منهاره من هول الموقف ورغم أني لم أكن في وضع يسمح لي بقيادة السيارة مرة أخرى إلا أني أصررت على التماسك قدر الإمكان وقد اقتربت الساعة من الثالثة فجراً. إلا أني سرعان ما أصبت بصدمة أخرى عندما لم أعثر على \'\' الغترة \'\' في السيارة فقررت أن أستقل سيارة أجره بعد أن تلفعت بعباءة الخادمة. ركبنا سيارة ليموزين أخذ سائقها - وهو آسيوي - ينظر إلينا بنظرات الريبة ثم قال لنا بلغة عربية ركيكه: لماذا لا نذهب جميعاً إلى منزلي ونشرب الشاي مع زملائي في السكن وفي الصباح أوصلكم حيث ترغبون. وهنا صرخت فيه صرخة وقمت بفتح باب السيارة فأوقفها على الفور وصاح: خلاص.. خلاص أنزلوا يا....

 

وتلفظ بلفظ قذر. لاحظت بعض السيارات أن هناك أمراً غير طبيعي يحدث في الشارع فتوالت وتتابعت علينا واحدة تلو الأخرى... كل يعرض علينا خدماته. حتى أتى فرج الله بسيارة ليموزين يقودها رجل كبير ملتح توسمت فيه الخير.

 

وبالفعل قام بإيصالي إلى المنزل ومن خلفه عدد من السيارات كانت تتبعه حتى المنزل. دخلت المنزل مع أذان الفجر الأول. الكل نيام لم ألحظ أي شيء غير طبيعي ولم يتبق من مشكلتي سوى سيارة والدي وكيفية إعادتها إلى المنزل.

أوعزت إلى الخادمة بإيقاظ السائق لإعداد السيارة الصغرى ريثما أخلع الثوب الذي أرتديه وأعيد ترتيب نفسي.

 

وبعد نحو ربع ساعة وصلنا إلى سيارة الوالد وقررت الإبقاء على السيارة الصغرى في الشارع والعودة إلى المنزل بسيارة الوالد حيث لن يلحظ أحد في المنزل عدم وجود السيارة الصغرى ولكن حصل ما لم يكن في الحسبان - وكأني بحاجة إلى المزيد من المتاعب - إذ بحثنا عن مفتاح سيارة الوالد فلم نجده داخلها ولا خارجها فأسرعنا إلى المنزل وأخذنا المفتاح الاحتياطي وعدنا بسرعة إلى السيارة.

 

وعبست الدنيا في وجهي مرة أخرى - كأني بحاجة إلى المزيد من المتاعب - إذ ما أن لاحت لنا السيارة من على بعد إلا ولاحظنا وجود سيارة إحدى الدوريات تقف إلى الجوار منها واثنين من رجال الأمن يحومان حولها. كاد أن يغمى عليّ من هذا الحظ التعس لولا أن فرج الله قد أتى إذ عاد رجلا الأمن إلى سيارتهما وغادرا الموقع. وما أن ابتعدا قليلاً حتى أوقفنا سيارتنا وأسرعنا نحو سيارتنا وقام السائق بقيادتها إلى المنزل وإدخالها إلى الحوش وما كدنا نفعل حتى سمعنا أذان الفجر ورأينا الضوء في غرفة الوالد إلا أن كلا منا أنطلق إلى غرفته في سكون وحتى اليوم ورغم انقضاء نحو ثلاثة أسابيع على هذه الواقعة لم يعلم بها أحد سوى الخادمة أما السائق فلا يعلم إلا عن الجزئية الخاصة بالسيارة دون ملابساتها أو ما سبقها من أحداث.

 

من المؤكد أني قد أطلت عليك ولكن صدقني أن هناك كثيرا من التفاصيل لم أرغب في ذكرها لاسيما الآثار النفسية التي أعاني منها نتيجة هول ما تعرضت له. وسؤالي هو أن الخيط الوحيد الذي عندي للدلالة على هؤلاء المجرمين هو رقم لوحة السيارة التي كانوا فيها إضافة إلى اسم لاحظت وجوده عند بوابة الاستراحة. فهل أبلغ والدي وإخواني عن الواقعة أم أدعها تمر وأحاول نسيانها وأترك الأوغاد طلقاء دون عقاب يبحثون عن ضحية أخرى?

 

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply