طفلي يتلعثم ماذا أفعل ؟


بسم الله الرحمن الرحيم

 

ابن أختي عمره 3سنوات له أخت عمرها سنتان، الولد رقيق جداً، علي سبيل المثال لو رأى فيلم كرتون به ضرب بين القط والفار يبكي ويرفض رؤيته ويخاف، إذا رأى احد يبكي أو يعنف يبكي ويحاول ضرب من يعنفه، حتى وإن كان مجرد كلام بصوت مرتفع قليلا، فهو لا يدرك الحوار ولكن يظن أننا في خلاف.

 

المشكلة أن الولد أصبح يتلعثم في الكلام بأن يتكلم ثم يردد أحد الكلمات عدة مرات على الرغم من معاملته بشكل جيد جدا حتى أننا نحاول إهمال أخته حتى لا يشعر بالغيرة منها وإذا تم توبيخه على شيء فعله يستيقظ في الليل للبكاء الشديد.

 

أريد معرفة ما هي الطريقة السليمة لمعاملته وهل يتم عرضة على طبيب نفسي أم تخاطب وجزاك الله خيراً

 

الرد:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أختي الفاضلةº كم تسعدنا مشاركتك معنا في نافذة استشارات ونسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يهدي لنا أبناءنا ويصلح أحوالهم، أما بعد...

فلقد ذكرت مشكلة طفلك ذي الثلاث سنوات، وبعد قراءة استشارتك قراءة تفصيلية.. يتضح لي أنك تستفسرين عن ثلاث نقاط رئيسية وهي:

1. خوف الطفل \"والذي عبرت عنه بالحساسية\".

2. غيرة الطفل من أخته الصغيرة.

3. مشكلة \"التأتأة\" وكيف يمكن علاجها.

 

فأقول لك أختي الفاضلة:

بالنسبة لمشكلة الخوف من أفلام الكرتون فهذا بالتأكيد من صنع أيدينا.. ! نعم لا بد أن هناك شخص ما خوفه من الفيلم.. أو ثم شخص لم يطمئنه منذ أول مرة خاف فيها..

 

كثيراً ما نتعمد تخويف أبنائنا كي نعودهم على طاعة أوامرنا وسماع الكلام، ولكن هذا الأسلوب في حقيقة الأمر ينعكس بأثر سلبي على الطفل بأن يصبح شخصية شديدة الخوف من أقل شيء..

 

أحكي لك قصة طريفةº ((كنت أمشي مع طفلي الصغير أنا وزوجتي في يوم من الأيام في وقت متأخر، وكنا نمشي في شارع مظلم، الإضاءة التي فيه خافتة للغاية.. بحيث أن كل واحد منا نحن الثلاثة يمكنه أن يرى ظله جيداً.. كنت أمشي أنا وزوجتي في المقدمة وطفلي يلحق بنا... وفجأة وبدون مقدمات توقف الطفل... وشعر أن هناك من يجري خلفه ثم التفت إلى الوراء فإذا به يرى ظله الأسود.. فيرتعد ويصرخ ويضرب بقدميه على الأرض يستنجد بنا.. اقتربت منه بهدوء وأنا لا أقاوم الضحك.. ثم قلت له بعد أن أمسكت بيده وقبلته يا بني هذا أنت ثم أخذت أحرك يده فيتحرك الظل وأحرك رأسه فيتحرك الظل وهكذا حتى ظل يردد وهو ينظر إلى الظل \"أنا... أنا\" هكذا وبكل بساطة انتهى خوف طفلي من ظله))..

 

إذن فنحن الذين نستطيع أن نذهب الخوف عن أطفالنا أو أن نغرسه في قلوبهم بسلوكياتنا الحكيمة أو غير الحكيمة. ولهذا فالطفل ليس بحساس زيادة عن الحد، بل ما أصابه مجرد خوف لأن هذا الموقف ارتبط في عقله الباطن برابط سلبي نحن كنا السبب في غرسه.. أو على الأقل في عدم إزالته.

 

أما عن انزعاجه للصوت المرتفع أو ضرب الآخرين:

فلأننا نفعل ذلك مراراً أمامه.. مرة نفعله بالفعل ومرة على سبيل الحوار والنقاش، والطفل لا يستطيع أن يفرق بين الأسلوبين.. لذلك لا بد أن لا يرى الطفل منا أبداً نقاشاً حاداً يرتفع فيه الصوت أو تكون فيه المشاجرات.. لأن الطفل يحب دائماً أن يشعر بالدفء الأسري واستقرار العلاقة بين الأب والأم وأي خدش لهذا الاستقرار ولو بشيء بسيط يكون سبباً في انفعاله وغضبه.

 

وأما عن مشكلة \"التأتأة\" والغيرة:

فالحقيقة أني أرى أن مشكلة التأتأة إنما هي فرع عن الغيرة.. !

فالطفل وبلا شك يغار من أخته الصغيرة رغم محاولتكما لإثبات الحب للاثنين معاً..

ولكن الأمر يحتاج إلى جهد أكبر..

إذن فـ\"التأتأة\" عرض من أعراض الغيرة ودليل واضح على وجودها يقول الدكتور \"عمير الحارثي\"- استشاري طب نفس الأطفال-: ((الغيرة شيء طبيعي موجود عند كل الأطفال وأحياناً في صور مختلفة مثل: التبول اللاإرادي أثناء النوم، إغماض العينين بطريقة عصبية، \"التأتأة\"، الرغبة في التبول كل فترة قصيرة، سؤال والدته دائماً لتحمله أو لتطعمه بيديها، الرغبة في تناول زجاجة الرضاعة ثانية، التكلم مثل الأطفال الصغار، السلبية، رفض الطعام، تحوله إلى طفل شرس أو مدمِر، ويجب على الأم أن تلاحظ كل هذه التصرفات، كذلك تصرفاته مع اللعب ومحاولة تكسيرها)).

 

ولذلك ولأن الغيرة هي المشكلة الرئيسية فإني أرى أن نركز الجهد في علاجها، وعندما نعالجها ستنتهي \"التأتـأة\" أو على الأقل أغلبها..

 

ولكن كيف نعالج مشكلة الغيرة.. ؟؟        يقول د. \"الحارثي\": ((لكي نعرف كيفية علاج الغيرة يجب أن نعرف أولاً كيف تحدث، ونحاول منعها. فعند اقتراب موعد ولادة الطفل الثاني يُؤخر الأول بعيداً عن والدته لفترة بقائها في المستشفى، وعند عودتها من المستشفى تكون مُجهدة وترغب أن تستريح، وهو يرغب في القرب منها نتيجة لبعده عنها فترة طويلة، وبعد استراحتها تقوم بالعناية بالصغير ويقل الوقت الذي تعطيه له، ويصل الأهل والأصدقاء للتهنئة بالمولود الجديدº أي أن كل شيء وكل الوقت للضيف الجديد ثم تبدأ سلسلة من التعليمات، وباستمرار يكون الصغير في أحضان والدته ويذهب هو إلىفراشه حزيناً لانشغالها مع الصغير، ويعتقد أنه فقد حب أمه له، وبعد أن يكبر قليلاً يلاحظ أنه يُعاقب لأشياء يُسمح لأخيه الصغير أن يفعلها ولا يعرف سبباً لذلك أو أنه أصغرُ من أن يعرف السبب، وتزداد الغيرة بالمقارنة والتفضيل.           .. أما الغيرة في الطفل الصغيرº فتأتي عند ما يذهب الكبير إلى المدرسة ويهتم المنزل كله ببدء الدراسة ويأخذه أحد والديه إلى المدرسة في الصباح وهو في قمة السعادة))..

ويضيف د. \"الحارثي\": ((إنه من الصعب جداً تقبل طفل يبلغ اثني عشر شهراً أو سنتين قدوم الطفل الثاني ومعه التعليمات: \"لا تفعل كذا\"... والحل الأمثل هو عدم حدوث أي تغير في الجدول اليومي للعناية بالطفل الكبير بعد قدوم الثاني أو تحاشي أسباب الغيرة. وعلاجها صعب، ومن أساسيات العلاج التظاهر أمام الطفل بأن كل شيء يفعله طبيعي، ومعاملته بالحب والاحترام..

والطفل الغيور عموماً هو طفل غير سعيد وعلى الأم أن تبذل كل المحاولات لجعله سعيداً، فيجب أن تتحاشى التأنيب أو التوبيخ حتى ولو أصاب أخاه الصغير، فكل هدفنا أن نجعله يلعب معه ويساعد أمه في خدمته. ولكن إن قام بضرب أخاه أو إصابتهº تأخذه الأم بعيدا، وتجعله مشغولاً، ولا تؤنبه إطلاقاً بل تعطيه الحب والأمان. وإذا دمر لعبته أو أفسدها فلا تفعل له شيئاً بل تشغله في شيء آخر وتعطيه الحب والحنان والأمان. وأي توبيخ أو عقاب سيزيد المشكلة تعقيداً.. !!))

 

متى تكون التأتأة مرضاً يحتاج إلى علاج؟؟

ولذلك إذا طبقنا هذه النصائح ستنتهي مشكلة الغيرة وفي وجهة نظري تنتهي معها مشكلة التأتأة..

 

ذلك لأن الأطباء يقولون أن معظم الأطفال في مرحلة اكتساب اللغة - بين سن 2-6 سنوات تقريباً- بمرحلة تدعى عدم \"الطلاقة اللفظية\"º أي يحدث لديهم تقطيعات في كلامهم أبرزها الإعادة سواء إعادة مقطع من الكلمة أو صوت منها، وذلك لأن هذه المرحلة هي المرحلة الذهبية لاكتساب معظم المهارات بما فيها المهارات اللغوية، وبسبب العبء الذي يمر به الأطفال يحدث لنسبة كبيرة منهم صعوبات أثناء التعبير، مثل تكرار بعض الكلمات أو المقاطع مثل: \"أنا. أنا. أنا\" أو \"بببا\" وهكذا..، وعادة إذا أحسن الأهل التعامل مع الطفل في هذه المرحلة تمر بسهولة.

ويتخلص معظم هؤلاء الأطفال من هذه الصعوبات بعمر 6-8 سنوات على أقصى تقدير.

 

أما إذا استمرت المشكلة بعد 8 سنوات عندها تكمن المشكلة. وطفلك لم يتجاوز بعد الثلاث سنوات، ولذلك في وجهة نظري مشكلة \"التأتأة\" ليست هي المشكلة الرئيسية ولا أرى داعياً للذهاب إلى طبيب..

لكن فقط التركيز على علاج مشكلة الغيرة......

وختاماً أختي الفاضلة: أسعدتنا مشاركتك.. وأفرحتنا استشارتك.. فليكن هذا دربك.. فعندنا بإذن الله - تعالى -ما يشفي حيرتك ويجيب استفهاماتك..

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply