بسم الله الرحمن الرحيم
تعتبر بعض الشركات الاتجاه العالمي السائد، لحوكمة الشركات نظاماً ظالماً لها، لأن الحوكمة تدعو إلى الإفصاح عن المعلومات المالية، والشفافية وأن هذا يضرها ويقلل من قدرة تنافسها في السوق، ولكن اعتراضها هذا ناجم عن المصلحة الفردية وليست المصلحة العامة وعدم إدراكها الكامل لمعنى الحوكمة وأهميتها، وإنه إذا اتبعت أساليب الحوكمة الجيدة ستعود عليهم بالاستفادة المباشرة قبل الاستفادة العامة من ذلك.
منافع متعددة:
إن حوكمة الشركات الجيدة في شكل الإفصاح عن المعلومات المالية يمكن أن يعمل على تخفيض التكلفة لرأس مال المنشأة كما أنها تساعد على جذب الاستثمارات سواء الأجنبية أو المحلية وتساعد في الحد من هروب رؤوس الأموال ومكافحة الفساد الذي يدرك كل فرد الآن مدى ما يمثله من إعاقة للنمو، وما لم يتمكن المستثمرون من الحصول على ما يضمن لهم عائداً على استثماراتهم فإن التمويل لن يتدفق إلى المنشآت، وبدون التدفقات المالية لا يمكن تحقيق الإمكانات الكاملة لنمو المنشأة، فإحدى الفوائد الكبرى التي تنشأ من تحسين حوكمة الشركات هي: ازدياد إتاحة الفرص التمويلية وإمكانية الحصول على مصادر أرخص للتمويل وهو ما يزيد من أهمية الحوكمة بشكل خاص بالنسبة للدول النامية.
إن ضعف نوعية المعلومات المقدمة تؤدي إلى منع الإشراف والرقابة وتعمل على انتشار الفساد وانعدام الثقة فيؤدي اتباع المبادئ السليمة لحوكمة الشركات إلى خلق الاحتياطات اللازمة ضد الفساد وسوء الإدارة مع تشجيع الشفافية في الحياة الاقتصادية ومكافحة مقاومة المؤسسات للإصلاح.
وقد أدت الأزمات المالية لبعض الشركات إلى اتخاذ نظرة عملية جيدة عن كيفية استخدام حوكمة الشركات لمنع الأزمات المالية القادمة ويرجع ذلك إلى أن حوكمة الشركات ليست مجرد شيء أخلاقي جيد نحاول تطبيقه فقط بل إنه مفيد لمنشآت الأعمال ومن ثم فإن الشركات لا ينبغي أن تنتظر حتى تفرض عليها الحكومات معايير معينة لحوكمة الشركات إلى بقدر ما يمكن لهذه الشركات أن تنظر حتى تفرض عليها الحكومات أساليب الإدارة الجيدة التي يجب عليها اتباعها.
جهود دولية لوضع معايير دقيقة وشفافة:
بدأت الجهود لتحسين ممارسات حوكمة الشركات بوضع معايير دولية منذ حوالي 15 عام حتى اكتسبت ما تتمتع به من قوة هائلة في الوقت الحالي وحرصت منظمة التجارة العالمية والدول الأعضاء منذ أكثر من 10 سنوات على وضع معايير تساعد على نمو الشركات عبر الحدود بإقناع المستثمرين والمقرضين بالثقة في الاستثمار في دولهم أو في المنطقة التي يتواجدون فيها وتحقيقاً لهذا الغرض سعت هيئات المحاسبة الدولية وجمعيات المحاسبة إلى وضع مجموعة المعايير الدولية وبالإضافة إلى ذلك قام البنك الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD ومعظم بنوك التنمية الإقليمية ومختلف هيئات التنمية بوضع وتوسيع برامج حوكمة الشركات على مدى عدة أعوام مضت، وبالمثل قامت المنظمات المعنية بشؤون الشركات مثل مركز المشروعات الدولية الخاصة التابع لغرفة التجارة الأمريكية بوضع حوكمة الشركات على قمة قائمة اهتماماتها وكذلك قامت بيوت الخبرة وجمعيات الشركات من كافة أنحاء العالم النامي والاقتصاديات المتحولة بتركيز مواردها على حوكمة الشركات، فهناك أطراف رئيسية تتأثر بحوكمة الشركات.
الأطراف المتأثرة بحوكمة الشركات:
1) المساهمون حيث إنهم يقدمون رأس المال مقابل الحق في الحصول على الأرباح.
2) مجلس الإدارة الذي يمثل المصالح الأساسية للمساهمين وبعض الأطراف الأخرى أحياناً، ومجلس الإدارة يقوم باختيار الإدارة وتقديم التوجيهات العامة للمديرين ويشرف على أداء الإدارة.
3) الإدارة وهي مسؤولة عن الإدارة اليومية للعمل في الشركة وتقديم التقارير لمجلس الإدارة، والإدارة مسؤولة عن تعظيم أرباح الشركة وقيمة الأسهم لصالح المساهمين.
4) أصحاب المصالح وخاصة الدائنين حيث إن مصلحتهم تتركز في تعظيم احتمالات تسديد الديون ويتضمن المتعاملون مع الشركة أطرافاً آخرين وهم الموظفون والموردون والمواطنون بصفة عامة، وعلى ذلك فالتطبيق الجيد لحوكمة الشركات يساعد على جذب الاستثمارات ودعم الأداء الاقتصادي والقدرة على المنافسة على المدى الطويل من خلال عدة طرق وأساليب.
أوجه الفائدة لتطبيق نظام الحوكمة:
أولا: من خلال التأكيد على الشفافية في معاملات الشركة وفي عمليات وإجراءات المحاسبة والمراجعة المالية والمشتريات ومن خلال ذلك يمكن شن الهجوم على أحد طرفي علاقة الفساد والذي يؤدي إلى استنزاف موارد الشركة وتآكل قدرتها التنافسية وبالتالي انصراف المستثمرين عنها.
ثانيا: إجراءات حوكمة الشركات تؤدي إلى تحسين إدارة الشركة ومساعدة المديرين ومجلس الإدارة على تطوير استراتيجية سليمة للشركة وضمان اتخاذ قرارات الدمج أو الاستحواذ بناءاً على أسس سليمة، وأن يكون تحديد المكافآت على أساس الأداء وهذا سيساعد الشركات على جذب الاستثمارات بشروط جيدة وإلى تحسين كفاءة أداء الشركة.
ثالثا: تبني معايير الشفافية في التعامل مع المستثمرين ومع المقرضين من الممكن أن يساعد النظام الجيد لحوكمة الشركات على منع حدوث الأزمات المصرفية حتى في الدول التي لا يوجد تعامل نشط على معظم شركاتها في أسواق الأوراق المالية.
رابعاً: إن الدولة التي تطبق حوكمة الشركات لحماية الأقليات حملة الأسهم تفتح أمامها أبواب عدد أكبر من أسواق المال ذات السيولة الأكبر.
حوكمة الشركات في السعودية:
وعن أحوال حوكمة الشركات في السعودية فإنه بالرغم من حداثة مفهوم الحوكمة في البيئة السعودية إلا أنه يلاحظ أن هناك تحركاً جاداً من قبل الباحثين والمهتمين لمحاولة شرح هذا المفهوم والتعرف على جوانبه وكيفية تطبيقه في قطاع الأعمال السعودي من خلال إصدار بعض القرارات المتعلقة بدعم وتعزيز الإفصاح والشفافية في التقارير المالية للشركات المساهمة وعقد بعض الندوات والملتقيات بهدف التعريف بهذا المفهوم وبحث ودراسة مدى تطبيقه في السعودية، وقد اتخذت الجهات الرسمية في السعودية التي تراقب سوق المال وهي: (هيئة سوق المال السعودية) خطوات البداية في تطبيق مبادئ الحوكمة ولأنها ما زالت في بداية أعمالها ولم تتح لها الفرصة الكاملة لتأصيل مبادئ \"حوكمة الشركات\" في الاقتصاد السعودي فمن المتوقع أن تكون الشركات المساهمة السعودية الملتزمة بأسس ومبادئ \"حوكمة الشركات\" قليلة نسبياً وقد تكون في مقدمتها تلك الشركات التي تمتلك الحكومة نسبة من رأسمالها أو الشركات الكبرى مثل البنوك التجارية، إذا تمكنت السوق المالية السعودية من المراقبة والمتابعة الجيدة وتم توعية حملة الأسهم بحقوقهم وأهمية المشاركة في اجتماعات الجمعية العمومية للشركات المساهمة لإبداء رأيهم بكل وضوح وشفافية، يكون بإذن الله - تعالى -الاقتصاد السعودي قد أرسى دعائمه على أسس ومبادئ علمية واضحة تؤدي إلى جذب الاستثمارات في البلاد.
وفي نهاية المطاف تعتمد حوكمة الشركات على التعاون بين القطاعين العام والخاص لخلق نظام لسوق تنافسي لمجتمع ديمقراطي يقوم على أساس القانون وتتناول حوكمة الشركات موضوع تحديث العالم العربي عن طريق النظر في الهياكل الاقتصادية وهياكل الأعمال التي تعزز القدرة التنافسية للقطاع الخاص وتجعل المنطقة أكثر جذباً للاستثمار الأجنبي المباشر، كما تحقق تكاملاً للمنطقة في الأسواق العالمية.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد