بسم الله الرحمن الرحيم
مدخل:
قبل الحديث عن مفهوم التخطيط أحب أن أذكر لك عزيزي القارئ أن التخطيط هو العنصر الأول والأهم في وظائف الإدارة الناجحة التي تعرف بأنها إنجاز أهداف تنظيمية من خلال الأفراد والموارد الأخرى. ويمكن أن تعرف الإدارة بتفصيل أكثر أنها إنجاز الأهداف من خلال القيام بالوظائف الإدارية الخمسة الأساسية (التخطيط التنظيم التوظيف التوجيه الرقابة أو التقييم). (1)
ما الهدف من تعلم الإدارة؟
إن الهدف من تعلم الإدارة ينقسم إلى شقين:
1- زيادة في مهاراتك. 2- تعزيز قيمة التطوير الذاتي لديك.
ولكي تكتمل منظومة الفائدة لدى القارئ نعرف بشكل موجز وظائف الإدارة الخمسة وهي:
• التخطيط: وهو توقع المستقبل وتحديد أفضل السبل لإنجاز الأهداف، وسوف نتحدث بالتفصيل عن هذه الوظيفة.
• التنظيم: هو الوظيفة التي تمزج الموارد البشرية والمادية من خلال تصميم هيكل أساسي للمهام والصلاحيات.
• التوظيف: ويهتم باختيار وتعيين وتدريب ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب.
• التوجيه: إرشاد العاملين باتجاه تحقيق الأهداف.
• الرقابة أو التقييم: هي مراقبـــة الأداء وتقييمها وتحــديد ما إذا كان قد تم تحقيــق الأهــداف أم لا (2).
مفهوم التخطيط:
إن التخطيط لغة هو التسطير(3)، أو هو فكرة مثبتة بالرسم أو الكتابة، والخطة هي الأمر أو الحالة، وفي المثل: جاء فلان وفي رأسه خطة أي أمر قد عزم عليه. (4)
أم في الاصطلاح فقد تعددت الآراء حول تعريف التخطيط نورد منها:
• هو وضع الأهداف في برنامج عمل قابل للتنفيذ.
• أو هو رسم صورة واضحة للمستقبل وتحديد الخطوات الفعالة للوصول إلى الأهداف والغايات المرجوة في أقل جهد وتكلفة ممكنة.
• وقيل هو التنبؤ بالمستقبل مع الاستعداد لذلك المستقبل.
• هو عمل ذهني يبحث في إمكانية التحكم في ظروف المستقبل من خلال الوضع الراهن.
• وبعبارة أخرى هو عملية ترتيب الأولويات في ضوء الإمكانيات المادية والبشرية المتاحة.
لذا فالتخطيط عملية:
1- توضح الرؤية أو الصورة المستقبلية التي تريدها.
2- تعتمد على تعاملك مع الزمن لتحقيق الأهداف.
3- تعتمد على اختيار الأولويات وعلاقتها بالأهداف.
4- لاتخلو من المخاطر لأنها تأخذك من المعلوم (وضعك الراهن) إلى المجهول (وضعك في المستقبل).
5- تحدد لك زمن النجاح لتحقيق الأهداف.
6- مفتوحة...مرنة... ومتجددة لأن الأهداف وخطوات التنفيذ قد تتغير.
7- تشجع على التعلم والتغيير، فالإنسان دوماً في حاجة إلى معرفة أشياء جديدة عن التخطيط للمساعدة في تحقيق الأهداف (5).
لماذا نخطط؟
سؤال قد يتبادر إلى الذهن، والإجابة عليه هو أن للتخطيط فوائد عديدة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
1- يساعد التخطيط على تحديد الاتجاه لأنه في الأصل مبني أي التخطيط على أهداف محددة مسبقاً وبالتالي فإن الأهداف المتناغمة تقود إلى الاتجاه الواضح الذي يؤدي إلى تحقيق هذه الأهداف.
2- التخطيط يساعد على تنسيق الجهود ويجعلها متناغمة مع بعضها البعض كما يساعد على استغلال الفرص المتاحة لتحقيق الأهداف.
3- التخطيط يجعلك مستعداً للخطوات القادمة، فالخطوات والإجراءات ما هي إلا منظومة متكاملة لتحقيق الأهداف المرجوة.
4- يكشف لك - التخطيط الحقائق ويوضح لك الأمور فوجود برنامج زمني وأولويات مرتبة وخطوات محددة بتواريخ يكشف لك كامل الحقائق عن الأهداف والخطوات التي حددت للوصول إلى هذه الأهداف (6). بمعنى آخر هل الخطوات تقود للأهداف؟ هل هناك صعوبة في بعض الخطوات؟ هل يمكن استبدال هذه الخطوات الصعبة بغيرها؟ هل الوقت كان كاف للتنفيذ؟... وغيرها من الفوائد.
لماذا لا نخطط؟
يتردد كثيرٌ منا في أن يمسك ورقة وقلماً ويبدأ في وضع الخطوط العريضة لخطته سواء على المستوى الفردي أو للعمل الجماعي، وغالباً ما نهمل التخطيط ولا نكترث لأهميته ولا نتحمس له ولا نعمل لإيجاده، والنتيجة هي أننا نجد عملنا يشوبه الفوضى والتخبط بالبرامج البعيدة عن التخطيط المنظم، ولهذا البعد عن التخطيط أسباب عدة نوجز منها ما يلي:
1- الجهل بالتخطيط وعدم معرفة أهميته في العمل وأمور الحياة.
2- عدم المعرفة بكيفية التخطيط والإلمام بمهاراته.
3- عدم القناعة بجدوى التخطيط والشعور بأنه مضيعة للوقت عديم الفائدة.
ومن يتهيب صعود الجبال.... يعش أبد الدهر بين الحفر
4- الاستسلام للأمور العاجلة والغرق في تفصيلها وجعلها كل شيء في الحياة والعمل وعدم التفريق بين المهم والأهم.
5- الخوف من المجهول والركون إلى المعلوم حيث أن عملية التخطيط مهارة ثمينة تحتاج للتخيل والتصور واستشراف المستقبل وما يجب أن يكون عليه (7).
تدريب ذاتي
لمـــــــــــــاذا لا تخطط؟
بعد اطلاعك على ما سبق من تعريف للتخطيط ومفهومه ومعوقاته وفوائده، دعنا نمضي دقائق معدودة للإجابة على هذا التمرين الفردي لتحليل وضعك الراهن ومدى توجهك للتخطيط؟
* أنا أخطط سواء على المستوى الفردي أو العمل ولكن أواجه عقبات عدة منها:
1-...............................................
2-...............................................
3-...............................................
4-...............................................
5-...............................................
* أنا لا أخطط ولا أمارس التخطيط لأسباب منها:
1-...............................................
2-...............................................
3-...............................................
4-...............................................
5-...............................................
أنواع التخطيط
والآن بعدما تعرفنا على مفهوم التخطيط وفوائده وأسباب وموانع عدم التخطيط، لنا أن نسأل السؤال التالي: هل تخطط لحياتك الفردية؟ وهل تخطط لنشاط فرقتك؟ إن كانت الإجابة بنعم فهذا هو المطلوب وقد توصلت إليه وعليك مواصلة قراءة الموضوع لتعزز معلوماتك وتصقل موهبتك ومهارتك في التخطيط. أما إذا كانت الإجابة عكس ذلك... فلماذا لا تخطط؟ لكي تنجح في عملك وتكون مميزاً بين أقرانك.
إن التخطيط مهارة عالية تمارس في جميع جوانب الحياة الخاصة والعملية، ويقسم التخطيط حسب زوايا عدة (8) لعدة أقسام نذكر منها أميزها على سبيل المثال:
• من حيث المستوى...
1- تخطيط على مستوى عام خطة شاملة كالتخطيط لبرامج المدرسة لمدة عام أو للإدارة أو للفرقة الكشفية لمدة عام.... وهكذا.
2- تخطيط جزئي خطة فرعية كالتخطيط لتنفيذ برنامج واحذ ضمن منظومة الأنشطة التي وردت في الخطة العامة.
• من حيث الزمن...
1- تخطيط بعيد المدى... من خمس سنوات فأكثر.
2- تخطيط متوسط المدى... من ثلاث إلى خمس سنوات.
3- تخطيط قصير المدى... من أقل من سنة إلى ثلاث سنوات.
و يرى البعض (9) أن هناك فترات أقل كخطة شهرية أو أسبوعية أو يومية، ولكن مثل هذه الفترات تكون داخلة ضمن التخطيط لحياتنا اليومية ويمكن أن تدخل تحت قسم التخطيط قصير المدى.
صفات الخطة الجيدة...
كي نحكم على أن الخطة التي تم وضعها وتصميمها جيدة يجب أن تتصف بعدة خصائص من أهمها:
1- الموضوعية... أي أنها غير معقدة ويصعب تنفيذها، بل واضحة تخدم الأهداف التي وعت من أجلها.
2- المرونة... أي أن الخطة قابلة للتعديل والتغيير في فقراتها دون أن تفقد قيمتها حسب الظروف المتغيرة.
3- الشمولية... أي أن فقدانها تشمل جميع المجالات كمجالات المنهج الكشفي وتلبي الاحتياجات والرغبات.
4- الواقعية... أي أنها غير مبالغ فيها وأن تكون فقراتها قابلة للتنفيذ.
5- التوازن... بحيث لا يتركز العمل على جانب من جوانب الخطة على الجوانب الأخرى.
6- التقدمية... أي أن الخطة تتصف بالتطوير والتجديد والإثارة والجاذبية في جميع جوانبها وفقراتها.
مراحل بناء الخطة:
النجاح يبدأ بحلم فإذا لم يكن لديك حلم فلن يكون أمامك هدف أو دافع لفعل شيء، وعندما يتولد لديك الحلم فإنه يتعين عليك تحويله إلى حقيقة ولكي تقوم بذلك فإنك تحتاج لخطة ناجحة (11).
والخطة الناجحة تمر بمراحل عدة لبنائها(12) يمكن بيانها بالشكل التالي:
والآن دعنا نبين كل مرحلة من المراحل بشيء من الإيضاح فنبدأ بــــ:
المرحلة الأولى: حصر الاحتياجات وتحويلها إلى أهداف
والاحتياج مرحلة مابين الوضع الذي أنت عليه الآن وبين الطموح أو الوضع الذي ترغب في تحقيقه مستقبلاً. كما في الشكل لذا يمكن تحويل هذه الاحتياجات إلى أهداف نسعى إلى تحقيقها كالتالي:
والهدف... هو الغاية التي يراد تحقيقها وإشباعها، ويشتق من الاحتياج كما أنه يمكن أن يشتق أكثر من هدف من احتياج واحد (10).
كما لا يفوتني في هذا المقام أن أذكرك عزيزي القارئ أن الهدف يجب أن يصاغ بشكل يجعلنا قادرين على قياسه، كما أن الهدف الجيد يتكون من:
• سلوك
• ظرف
• معيار
ولا نحب الخوض في بحر الأهداف لأنها تحتاج لمقام واسع وتفصيل ليس هذا هو موضعه. ولكن يمكن الرجوع إلى الكتب التربوية المتخصصة بهذا الموضوع.
المرحلة الثانية: ترتيب الأهداف
حيث يتم في هذه المرحلة ترتيب الأهداف التي اشتقت من الاحتياجات حسب أهميتها وأولويتها.
مثل:
المرحلة الثالثة: اقتراح البرامج والأنشطة
وينبغي أن يلاحظ عند اختيار أي برنامج أو نشاط أن يكون:
1- مرتبطاً بشكل رئيس بالأهداف التي رسمتها وحددتها من الاحتياجات.
2- لا تتعارض مع سياسة المؤسسة أو المنظمة التي تعمل تحت إطارها.
3- نابع من المنهج الذي تسير عليه مثل المنهج الكشفي بمجالاته المتعددة.
4- متوافق مع القدرات والإمكانيات الشخصية أو لمن يعمل معك.
المرحلة الرابعة: تحديد خطوات تنفيذ المنهج
حيث أن كل هدف تم رسمه واختيرت البرامج التي تحقق هذا الهدف فإنه ينبغي تحديد خطوات لتنفيذه كما أنه يمكن القول أنه يمكن تنفيذ أكثر من خطوة لتحقيق الهدف.
كما تشتمل خطوات التنفيذ الإجابة على أسئلة ترشدك للتنفيذ مثل: أين؟ متى؟ كيف؟ مع من؟ بماذا؟ بكم؟.... وذلك لكل خطوة لكل هدف... مثلاً
رقم الخطوة أين؟ متى؟ كيف؟ مع من؟ بماذا؟ بكم؟
1
2
3
المرحلة الخامسة: بناء البرنامج الزمني
وذلك بتوزيع الخطوات السابقة في المرحلتين الثالثة والرابعة على أيام الأسبوع على مدار الفترات الزمنية المحددة لممارسة الأنشطة (كعام دراسي مثلاً) لكي يسهل تنفيذها عملياً ويمكن تقييمها كالتالي:
الشهر الأسبوع السبت الأحد الاثنين الثلاثاء الأربعاء ملحوظات
الأول 1
2
3
4
الثاني 1
2
3
4
المرحلة السادسة: التنفيذ
! تذكير... قبل البدء بالتنفيذ يجب التنويه إلى أمرين مهمين هما:
1- كتابة بنود تعليمات الخطة وذلك لضبط تنفيذها حسب ما وضعت له.
2- إقرار الخطة من قبل الإدارة وإرسالها للجهة العليا ذات الصلاحية كإدارة التعليم مثلاً من أجل المتابعة.
مرحلة التنفيذ من المراحل المهمة إذ تمثل ترجمة الخطة إلى واقع عملي يمارس من خلاله ما تم رسمه واجتُهد في اختيار عناصر الخطة لترجمة الأهداف المحددة كي يتم الانتقال من الوضع الراهن إلى الوضع المأمول في المستقبل.
المرحلة السابعة: المتابعة والتقييم
حيث يتميز التخطيط بالاستمرارية فلابد من تقييم الخطة في نهاية كل برنامج وفي نهاية الفترة الزمنية للخطة، والمتابعة والتقييم هي المرحلة الأخيرة وتعتمد هذه المرحلة تحليل المعلومات الناتجة عن تنفيذ بنود الخطة وتقييم الأداء، ويتم جمع هذه المعلومات إما عن طريق الإستبانة أو تصويت العاملين معك أو من خلال تقارير عن كل برنامج تم تنفيذه.
ونتيجة لهذا التحليل تظهر مخرجات مفادها: إما أن يكون نجاح التنفيذ دون صعوبات وبالتالي تحققت الأهداف المرسومة، أو أن يكون هناك معوقات في تنفيذ الخطة مما يجعلنا نعيد النظر في خطوات التنفيذ أو اللجوء للبديل لتحقيق الأهداف المحددة (13).
ـــــــــــــــــــ
الهوامش:
1-Management010:The FiveFunction ترجمة: خالد الحر.
2- المرجع السابق.
3- لسان العرب لابن المنظور.
4- المعجم الوسيط.
5- العادات العشر للشخصية الناجحة د. إبراهيم بن حمد القعيد.
6- المرجع السابق.
7- المرجع السابق.
8- مهارات إشرافية \" التخطيط للعمل الإداري \" حقيبة تدريبية. معهد الإدارة العامة.
9- العادات العشر للشخصية الناجحة د. إبراهيم بن حمد القعيد.
10- أسس التخطيط، حقيبة تدريبية. يوسف بن صالح الهقاص.
11- النجاح رحلة، سبع خطوات لتحقيق النجاح، جيفري جيه ماير، ترجمة مكتبة جرير.
12- الدورة المتقدمة لقادة الوحدات، المكتب الكشفي العربي، الأمانة العامة.
13- مهارات إشرافية \" التخطيط للعمل الإداري \" حقيبة تدريبية. معهد الإدارة العامة.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد