بسم الله الرحمن الرحيم
إذا ما تأملنا واقعنا اليومي سواء كان في العمل أو في الحياة الاجتماعية فإن ممارساتنا لا تخلو من التفاوض في تعاملاتنا مع الآخرين بقصد أم بغير ذلك.
ومما لا شك فيه بأنه في تعاملاتنا مع من حولنا من زملائنا في العمل وخارجه أو الزوجة والأبناء في المنزل الكثير من التفاوض بمختلف أشكاله وإن اختلفت صيغه فإنه في النهاية عبارة عن عملية نقصد منها البحث في مصالحنا المشتركة مع من نتعامل معهم، أو أمور نزاعية قد تنشأ بيننا ونسخر ما لدينا من خبرات ومهارات ومعارف اكتسبناها من الممارسة الحياتية بغية التوصل إلى تحقيق هدف معين يحقق الحلول والرضا للأطراف المتنازعة.
اللين واليابس..!
ـ التفاوض هو أحد أساليب التأثير المهمة، بمعنى أنك تؤثر من خلال التباحث مع الآخرين للتوصل إلى تسوية مقبولة أو مرضية لك، ولكن كيف تكون مؤثراً في مفاوضاتك؟
ـ التأثير في المفاوضات له قوة [ساحرة] على الطرف الآخر إذا تمكنت من إبراز مواطن القوة التي تتمتع بها سواء من ناحية الموضوع والمعلومات، أو أسلوب العرض، ويتبع ذلك الإقناع المنطقي، واستخدام الجانب النفسي، وكذلك الطرح المتسلسل في الموضوع الذي يساعد الطرفين على التركيز الذهني والموضوعي مع عدم إغفال جانب التنازلات إذا استدعى الأمر [ لا تكن لينًا فتعصر ولا يابساً فتكسر ] الحديث.
يؤكد خبراء التفاوض المتخصصين بأن المفاوضات الناجحة تبدأ قبل الجلوس على طاولة المفاوضات بمدة، ومهما كان الأفراد ماهرين أثناء المفاوضات فإنهم في حقيقة الأمر سيكونون في وضع شديد الحرج حين يجلسون أمام الأطراف الأخرى التي قامت بمهمة أفضل منهم في تخطيط أهدافهم مقدماً، ولكي تحقق أهدافك من المفاوضات عليك أن تعرف ما تريده، وأيضاً ما يريده الطرف الآخر.
لذا فإن الاستعداد والتخطيط المسبق للمفاوضات يعد من الركائز الأساسية، وأحد أهداف العملية التفاوضية التي ينعكس أثرها من الناحية الاستراتيجية لتدعيم الموقف التفاوضي، وبالتالي تحقيق أكبر قدر ممكن من النتائج الإيجابية.
كما أن الاستعداد والتخطيط وتحليل الموقف المتوقع للمفاوضات تمكن المفاوضين من التفكير ودراسة الخيارات المتاحة والاستعداد لأي فرضية من قبل الطرف الآخر قد يتم طرحها على طاولة المفاوضات.
الإقناع وحده لا يكفي...!
يذكر الكثير من المتخصصين أن الجلسات التحضيرية للمفاوضات تؤدي في معظم الأحيان بالفريق المفاوض إلى الإجابة عن أكثر من 80% مما سوف يثار على طاولة المفاوضات لاحقاً، الأمر الذي يمكن من إدارة النقاش بشكل أفضل.
ولتحقيق نتائج تفاوضية فعالة ينبغي للمفاوض أن يكتسب وينمي المهارات التي تمكنه من إقناع الآخرين بموقفه، مع هذا فإن الإقناع وحده ليس سوى طرف واحد من المعادلة.
كما ينبغي أن يكون المفاوض قادراً على التحكم بانفعالاته تحت الضغط، وعلى امتصاص وتفنيد حجج الطرف الآخر، ومعرفة متى يتكلم ومتى ينصت.. والأهم من كل ذلك هو استخدام مهارات الاتصال لكي تبلغ هدفك، وفي نفس الوقت لكي تقاوم إلحاح الطرف الآخر وأساليبه العنيفة، التي يسعى من ورائها إلى تحقيق أهدافه الخاصة.
وليتسنى تحقيق أكبر قدر ممكن من الاتصال وصولاً إلى تحقيق أكبر قدر ممكن من الكسب التفاوضي يفضل أن يكون المفاوض على مقدرة للتوصل إلى نفس السياق الاتصالي Getting on the same wavelength للطرف الآخر وأن تكون لديه مهارات متعددة ومتساندة أذكر منها الآتي:
ـ مهارات الاتصال: متطلب سلوكي للمفاوض.
ـ مهارة التخطيط: متطلب إداري للمفاوض.
ـ مهارة التحليل: متطلب ذهني للتفاوض.
ـ مهارة إدارة الخلاف: متطلب فني للتفاوض.
تذكر المحاضرة المتخصصة في علم السلوكيات والاتصال البشري Sue knight في كتابها Nlp At Work فيما يتعلق بالاتصال مع الآخرين ومدى أهمية إحداث ما يسمى بالتوافق Rapport في عملية الاتصال أن \'التوافق الاتصالي مع الطرف الآخر له أهمية في استمرار العلاقة التبادلية الطيبة مع الآخرين، وإيجاد جو ودي من التفاهم والألفة وبالتالي تكون عملية الاتصال متناغمة، مما يحقق التعامل السلس مع الطرف الآخر، مستنداً بذلك إلى التركيز في فهمهم، واحترام أفكارهم وقيمهم ومبادئهم واعتقاداتهم إضافة إلى مشاعرهم، إذن التوافق Rapport يحدث جواً من التفاهم والثقة المتبادلة، والمقدرة على تقدير وجهة نظر الطرف الآخر [ليس بالضرورة أن تكون متفقاً معه].
وأخيراً فإن المفاوض يخوض معترك الجولة التفاوضية بكل مراحلها على أن تنتهي بفن إطفاء الحريق [موضوع التفاوض] بدون تدمير الجسور [جسور الألفة والتواصل مع الطرف الآخر]، مع الوضع بعين الاعتبار القاعدة التفاوضية التي تقول: المفاوض لا يحصل على ما يستحق ولكن على ما يتفاوض عليه\'.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد