إداري غاضب(1)


 

بسم الله الرحمن الرحيم


عانيت كثيراً من مواقف كادت أن تقتلني من القهر، وكلها مرتبطة بسبب واحد يخصنا نحن العرب فقط! والموضوع باختصار أنني واجهت أكثر من موقف يحصل فيه أن أتفق على موعد محدد مع صديق لأجل عمل أو واجب يجب علي إنهائه، أو حتى للزيارة أو التنزه، فنقرر ساعة محددة، ثم أنتظر من واعدته أن يتصل أو يصل، لكن العادة عند العرب هي التأخير.. أحيانا أتصل به بعد الوقت ليقول لي: الآن سأخرج إليك..!! مع أنه يعلم أن الطريق لوحده قد يستغرق أكثر من 20 دقيقة.في إحدى المناسبات قال المقدم: نحن جاهزون للعرض ، لكننا تعمدنا التأخير عشر دقائق حتى نثبت لكم أننا عرب! والناس إذا أرادت التأكيد تسألك: موعد عربي أو موعد إنجليزي؟! وكأن عدم احترام المواعيد ارتبط بنا نحن العرب فقط، وترسخ لدى غيرنا من الشعوب حتى أن بعض كتابهم يعدون الإنسان العربي كتلة من الفوضى وعدم احترام القانون والمواعيد.والقوم لم يتجنوا علينا أو يكتبوا ما لم نتصف به، بل هذا واقع كثير منا للأسف، وتأمل في التأخر عن الموعد المحدد لحضور المسئولين إلى أعمالهم ومواعيد بدء المحاضرات والندوات والاجتماعات والأمسيات الشعرية والمعارض الفنية والفعاليات الرسمية.. وهذا التأخر من الجانبين، الجمهور إذ أنهم لا يحضرون قبل الموعد المحدد، ومن المنظمين لأي فعالية الذين يعاقبون من حضر مبكراً بتأخير الحدث حتى يزداد عدد الحضور. بل في كثير من الشركات الخاصة التي تجلب أحدث التقنيات وأفضل الكفاءات .. أنظر في مواعيد الاجتماعات بداية ونهاية.. وانظر في مواعيد الأفراد الشخصية خارج العمل.. .

إداري غاضب(2) 

ما زلت أعاني كثيراً من الحياة العملية التي أخوضها.. لا أدري متى ستحل كل هذه المشاكل ويرتاح رأسي؟ ..           
تخيلوا أنني التحقت مؤخراً بعمل جيد بل رائع.. وفعلاً انضممت إليه ووجدت أن الجميع يقدرني ويحترمني ويتوقع مني الكثير.. لكنني للأسف لا أدري إلى الآن ما هو الشيء المطلوب مني؟..

هل تصدقون: لا يوجد أي وصف وظيفي للعمل الذي التحقت فيه!!..

ولذلك فأنا لا أدري بالضبط ماذا علي أن أفعل؟ وإلى الآن لا أعرف ما هي حدود صلاحياتي؟!

الوقت الفارغ الذي يمر علي طويل جداً.. إما أن أفعل أشياء بسيطة وتافهة لا تضيف للعمل أشياء كبيرة ويستطيع أي عامل آخر أن يقوم بها.. أو أبقى فارغاً للحديث وتصفح البريد والموقع الإلكتروني وغيرها..

يا ناس.. أكاد أجن.. يا مدير.. يا نائب المدير.. يا مدير التوظيف.. يا رئيس القسم.. هل علي دائماً أن أنتظر حتى تعمل أنت شيئاً ثم يبدأ عملي أنا؟ أليس من الممكن أن تحددوا لي الهدف لأسعى لتحقيقه بطريقتي تحت توجيهكم ومتابعتكم؟   
أين الرسالة التي نسعى لتحقيقها؟ كيف تريدون مني أن افهم حقيقة عملنا وانتم لا تقومون بأي جهود اجتماعية تعزز العلاقات وتشعل موقد المبادرة الذاتية والدافعية الشخصية للعمل والإنجاز؟؟ لماذا تفترضون أن علي أن أعرف ماذا تريدون بالضبط وأحققه ولم يتطوع أحد منكم لتدريبي؟

إداري غاضب(3)

لقد سعدت جداً بضم مجموعة من الموظفين الجيدين المؤهلين إلى فريق العمل الذي أشرف عليه.. وتوقعت حينما بدأ العمل فعلياً أن يسهموا في تحقيق نجاحات أكبر وإنجازات أكثر.. إلا أن كل ذلك لم يكن سوى سراب بعيد.. وتحولت الآمال إلى آلام..   
لقد وجدت هؤلاء الموظفين –وبعضهم يحمل شهادات علمية متميزة – لا يبادرون للعمل بأي شكل من الأشكال.. إنهم كلما وقعوا في مشكلة جاءوني يهرعون يطلبون مني الحل ويحملوني فوق أعمالي بدلاً من أن أقوم أنا بتفويض أعمالي إليهم.. وكم كررت على مسامعهم: هذه مشكلاتكم أنتم، ابحثوا عن الحلول المناسبة واعرضوها علي لنناقشها سوياً بدلاً من أن نصرف وقتي ووقتكم وجهدي وجهدكم في ابتكار الحلول وبالتالي أفوت أعمالاً أكثر أهمية.. لقد أعدت عليهم ذلك كثيراً ولكن لا حياة لمن تنادي..

إن روح المبادرة المنعدمة عند غالبهم والضعيفة عند البقية تجعل العمل يسير رتيباً مملاً، ليس هناك أي مبادرة منهم للتطوير والتجديد من خلال الأفكار الخلاقة النافعة، وليس هناك أي مبادرة منهم لانتهاز الفرص التي من شأنها أن ترفع من مستوى العمل والعاملين وتقوي طبيعة النشاط المشترك الذي نقوم به سوياً، وليس هناك أي مبادرة منهم لتكوين علاقات أو الاستفادة من العلاقات القائمة فعلياً التي يمكن أن تزيد من إسهامهم في نجاح العمل.

بل الأكثر مرارة من ذلك والذي يغضبني بشكل أكبر هو أنهم لا يملكون زمام المبادرة لانتهاز الفرص المتاحة أماهم لزيادة خبراتهم ومعلوماتهم في مجال العمل حتى يكونوا أولى من غيرهم بالترقيات والحوافز المستقبلية، فهم يحضرون الاجتماعات وليس في ذهن الواحد منهم أي أفكار يقدمها ولا يحضر بعين المراقبة ليتعلم كيف تدار الاجتماعات بطريقة فعالة، وهم يسمعون عن  الدورات التدريبية فلا يبادرون بطلب الاستفادة منها بل ربما أحياناً إذا رشحوا يعتذرون عن حضورها وإذا حضروا لم يحملوا هماً لتحقيق الاستفادة الكبرى منها، وهم لا يجلسون مع مديريهم للاستفادة من خبراتهم وآرائهم وتجاربهم في مجال العمل..      

يبدو أنني سأعيد النظر في هذه المجموعة من الموظفين وسأحاول البحث عن آخرين أكثر منهم تميزاً..

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply