تحظر قرارات الدولة التركية تعلم اللغة العربية وكذلك تفرض قيودا مشددة على تعليم الدين الإسلامي والقرآن الكريم في المدارس الرسمية، وتضع التعليم الإسلامي تحت إشراف ومراقبة أجهزتها.
وحسب المناهج التركية فإن الدين الإسلامي يدرس في المراحل الابتدائية والمتوسطة كأخلاق فقط وليس كعقيدة وفقه وشرع، حيث تشير المناهج لتحريم الإسلام للسرقة والكذب والزنا وغير ذلك من الأمور الأخلاقية.
ولا تسمح الدولة للطلبة بدراسة القرآن الكريم إلا بعد المرحلة المتوسطة، حيث تفتح لهم المجال للذهاب لما يسمى بمدارس الأئمة والخطباء، وفيها يستطيعون دراسة القرآن لمدة ثلاث سنوات، لكن أيضا تحت إشراف الدولة المباشر بحيث توافق الدولة على تدريس بعض نصوص القرآن وتمنع تدريس نصوص ترى أنها لا تنسجم مع علمانية تركيا.
وفي محاولة للحد من توجه الأتراك لهذه المدارس، زادت الدولة القيود التي تضعها على هذه المدارس، مثل تقليل فرص التحاق خريجيها بالجامعات الرسمية.
ويقول جنكيز إرطاش - وهو مدير مدرسة لتعليم وتحفيظ القرآن قرب جامع العرب بإسطنبول- لموقع الجزيرة نت إن عدد الطلبة انخفض بعد أن دمجت الدولة المرحلتين الابتدائية والمتوسطة عام 1997.
غير أنه يوجد في تركيا نحو 23 كلية شريعة تدرس العقيدة الإسلامية، ولا تدرس باللغة العربية سوى مادتي التفسير والحديث، وتضطر الطالبات في الكلية لوضع قبعات على رؤوسهن لتغطية حجابهن، وحسب البعض فإن عددا من المناهج المعتمدة بهذه الكليات تقوم على أساس التشكيك في الأديان.
أما بالنسبة للغة العربية فالواقع الرسمي يبدو أكثر قتامة، حيث يحظر تعليم اللغة العربية بالمدارس ولا تعترف الدولة باللغة العربية، رغم أن العرب الأتراك يشكلون أكثر من 3% من سكان تركيا.
كما لا توجد صحافة أو محطة تلفزيونية أو إذاعية باللغة العربية، والحال ليس كذلك بالنسبة للغة الإنجليزية التي توجد صحافة مكتوبة بها، كما أنها إحدى اللغات المعتمدة في الرد الآلي الرسمي على الهاتف إلى جانب اللغة التركية.
لكن رغم أن اللغة الإنجليزية تدرس في المدارس التركية ويحظر ذلك على العربية، فإن عدد الأتراك الذين يتحدثون أو يفهمون العربية أكثر من الذين يجيدون الإنجليزية.
فرغم الحظر الذي تفرضه الدولة على العربية، فإنها تسمح بإنشاء مراكز ثقافية خاصة تقوم بتعليم اللغة العربية.
يقول الأستاذ الجامعي مراد قرماز سوري الجنسية ويدرس العربية في منتدى جمعية التعاون والتعليم المستمر بمدينة إسطنبول، إن أعمار الطلبة بالمركز تتراوح على الأغلب بين 18-26 سنة من كلا الجنسين، مؤكدا أن هناك تزايدا مستمرا في عدد الأتراك الذين يقبلون على تعلم العربية.
وحسب قرماز فإن هدف الأتراك من تعلم العربية هو التمكن من فهم الإسلام على النحو الصحيح.
وأوضح عمر فاروق مؤسس المنتدى أن المنتدى الذي أسس رسميا عام 2005 خرج لغاية الآن أكثر من 600 طالب تركي يجيدون اللغة العربية.
ويرى أن الأتراك يتعلمون العربية ليس لأنها لغة العرب بل لأنها لغة القرآن، حيث يدرس المركز اللغة العربية الفصحى، \"وليس اللهجات الدارجة في الدول العربية والتي تبتعد في أحيان كثيرة عن اللغة العربية\".
ولفت إلى أن اللغة العربية هي اللغة الثانية لدى العالم التركي الذي يزيد عدد سكانه عن 400 مليون إنسان.
وأشار إلى أنه شخصيا أعد قاموسا بالمصطلحات الإعلامية باللغة العربية، وقد أخذ هذه المصطلحات من قناة الجزيرة ثم ترجمها للغة التركية.
كما أن آلاف الأتراك يقيمون في بيوتهم أو في شقق سكنية مدارس سرية لتعليم العربية وتحفيظ القرآن، ويعرض التركي نفسه لعقوبة السجن ثلاث سنوات في حال تم كشف أمره، بسبب الشروط التي تفرضها الدولة على أساليب تعليم القرآن.
أما الجالية العربية في إسطنبول فإنها ترسل في كل صيف أبناءها لمراكز خاصة لتعلم اللغة العربية، أو تلحقهم بالمدارس التابعة للسفارتين السعودية والليبية في أنقرة وإسطنبول.
يذكر أن الدولة التركية تحظر على هذه المدارس استقبال الطلبة الأتراك، وقامت قبل سنوات بإغلاق المدرسة التابعة للسفارة السودانية لاستقبالها طلبة أتراكا.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد