بسم الله الرحمن الرحيم
ماذا
بعد فضيحة (سوبر ستار)؟
في تطور غريب وغير بريء، امتدحت وزارة الثقافة اليهودية في الكيان الصهيوني برنامج (سوبر ستار العرب)، الذي أشرفت عليه شركة أمريكية يشتبه في أنها (يهو/ مسيحية) ومولته، واعتبرت على لسان وزيرها \"جلعاد شالوم\" أنه برنامج جيد يحفزنا على إمكانية العيش مع العرب!
وحفلت الصحف الصهيونية الصادرة في نهاية أغسطس الماضي بتغطية واسعة لبرنامج (سوبر ستار العرب)، الذي امتد بضعة أشهر في عدة بلدان عربية، وشارك فيه أكثر من خمسة ملايين عربي لاختيار أفضل مغنٍّ, أو مغنية عربية (لها مواهب راقصة)، في حين كانت الصفحات العلمية لهذه الصحف تتحدث عن التكنولوجيا الصهيونية وبيعها للعرب، والتطور في البرنامج النووي الصهيوني الذي لا يتحدث عنه أحد رغم الضجة المثارة عن (محاولات) كوريا الشمالية وإيران استخدام الطاقة النووية!
فالوزير \"جلعاد شالوم\" - كما نقلت عنه صحيفة (هآرتس) بتاريخ 21/8/2003م - امتدح بشدة هذا البرنامج الذي اهتم به أيضاً عرب فلسطين المحتلة عامي 48 و67، وشارك بعض المرفهين منهم فيه، واعتبر أنه من النوعية التي تقرِّب بين العرب والصهاينة (لاحظ أن المطلوب هو انشغال الشباب العربي في الغناء والرقص والمنافسة فيه!).
وقال \"دوري غولد\" - المستشار السياسي لرئيس الوزراء \"شارون\" - لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية بتاريخ 22/8/2003م تعقيباً على الضجة حول البرنامج: \"لقد أثبت برنامج (سوبر ستار العرب) أشياء كثيرة، أهمها أن عدونا ليس المسلمين.. لكن عدونا هو الإسلام وتعاليمه\".
أما الصحفي \"دايفيد سليفان\"، من صحيفة (جيروزالم بوست)، كتب أيضاً بتاريخ 22/8/2003م بعدما لاحظ الضجة التي أحدثها هذا البرنامج في صفوف الشباب العربي يقول: \"إن الواقع يقول: إن العرب أو المسلمين الذين يؤمنون بعقيدة محو (إسرائيل) من الخريطة أصبحوا قلائل جدّاً، وإن برنامج (سوبر ستار) أعطانا الأمل لوجود جيل عربي مسلم متسامح للعيش مع دولة (إسرائيل) اليهودية\"!
والغريب أن أحداً لا يسأل نفسه: لماذا يهتم الصهاينة بمثل هذه البرامج الغنائية ويشجعونها، بل ويُسخِّرون محطات الإذاعة والتلفزيون الصهيونية الموجَّهة للعرب لنقل هذه الأغاني و(الفيديو كليب) العربي؟.. والجواب ربما لا يحتاج لإجابة في عقول الشباب الذين لم تلوثهم الموجة الصهيونية وثقافة السلام الصهيونية التي سعوا لترسيخها - مع أمريكا - عبر العديد من برامج ورحلات السلام التي ضمت شباباً عربيّاً وصهيونيّاً وأمريكيّاً معاً بهدف إذابة الجليد، ولكنها فشلت بعدما تبين الوجه الحقيقي للصهاينة في فلسطين.
بل إن هذا الاهتمام الصهيوني دفع بعض نشطاء الإنترنت لسرد عشرات النكات الساخرة عن هذا البرنامج، واهتمام الشباب العربي غير الطبيعي به، إضافةً إلى حقائق غريبة عن الاهتمام بالبرنامج، منها:
1 - سألوا \"شاؤول موفاز\" - وزير الدفاع الصهيوني - قائلين: \"مستر موفاز، هل طالب أهالي العرب المحتجزين في (إسرائيل) بجانب الفلسطينيين الإفراج عنهم؟\"، فأجاب قائلاً: \" كلاº لأن الأهالي مشغولون بمتابعة (سوبر ستار)\"!
2 - لأول مرة في تاريخ الأردن وبعد طول أمد، قام ملك الأردن \"عبد الله الثاني\" بتكريم الأردنية \"ديانا كرزون\"، وبهذه المناسبة قام الملك بقمع وحبس وسجن وتعذيب حوالي 120 سجيناً من الإخوان المسلمين وأنصار التيار الإسلامي في الأردن الذين عارضوا هذا البرنامج، ووصفهم بالتخلف والرجعية!
3 - بلغت نسبة المشاهدين السعوديين لبرنامج (سوبر ستار) - استناداً إلى جريدة النهار اللبنانية - إلى حوالي سبعة عشر مليون سعودي، وبلغت نسبة التصويتات الآتية من السعودية على برنامج (سوبر ستار) 11 مليوناً وثلاثمائة ألف اتصال.
4 - قام حوالي مائتي مطعم في جدة، منها مطعم (شيلز) و(سبورت كافيه) و(جافا) وغيرها بوضع شاشات للمتفرجين لعرض برنامج (سوبر ستار).
80 مليون عربي مع الغناء و4 ملايين ضد قتل الأفغان!
وقد دفع هذا السفه الإعلامي وتحفيز الشباب العربي على الرقص والغناء في وقت تواجه فيه الأمة الاسلامية مرحلة مخاض عسير قد يحدد مستقبلها العديد من الشباب المسلم على توجيه نقد حاد - عبر شبكة الإنترنت - لهذا البرنامجº حيث شن نشطاء الإنترنت العرب حملة نقد وسخرية لإذعة برنامج (سوبر ستار)، الذي تنظمه شركات لبنانية في عدد من الدول العربية لاختيار (سوبر ستار الغناء العربي) من بين آلاف الشابات والشباب العرب الذين تقدموا للبرنامج في حوالي ستة دول عربية، معتبرين أن الحماس العربي للتصويت للمغنيين الشبان فاق التصويت الذي نظمته هذه المجموعات وغيرها لمناهضة حرب أفغانستان أو العراق!.
كشف النشطاء - في رسائل وصلت لموقع \"الإسلام اليوم\" - أن عدد الذين صوتوا لبرنامج (سوبر ستار) عبر الهاتف أو البريد الإلكتروني في كل من مصر والسعودية ولبنان والكويت والإمارات واليمن وسوريا بلغ قرابة 80 مليون عربي، في حين أن من شاركوا من العرب بالتصويت ضد الحرب في أفغانستان على سبيل المثال بلغوا قرابة أربعة ملايين فقط (تعادل 5% فقط ممن شاركوا في سوبر ستار)!
واعتبر النشطاء أن هذا التصويت لصالح البرنامج - الذي يختار (سوبر ستار) للغناء العربي، والذي فازت به الأردنية \"ديانا كرزون\" في التصفيات النهائية - نوع من الهزل، وقالوا - بسخرية: \"إنه دليل على أنه فعلاً... المسلمون بخير وعافية والحمد لله\" - حسبما قالوا!
وقد كشف النشطاء أنه - وفق المكالمات التليفونية الآتية من البلدان العربية التي شاركت في التصويت على (سوبر ستار) - استناداً إلى مواقع شركات الاتصالات العربية (سعودي تيليكوم، وإيجيبت تيلي كوم، وليبان كول، وشركة الوطنية للاتصالات بالكويت وغيرها)، فقد بلغت المكالمات على النحو التالي (ملحوظة: بعض المتحدثين يتكلم أكثر من مرة):
- بلاد الحرمين: 11 مليوناً وثلاثمائة ألف اتصال.
- أرض الكنانة (مصر): 23 مليوناً ومئة وخمس وسبعون ألف اتصال.
لبنان: 18 مليوناً وخمسمائة وستة وثلاثون ألف اتصال.
الكويت: 300 ألف اتصال.
الإمارات: مليون ومائتان وواحد وعشرون ألف اتصال.
اليمن: سبعة آلاف اتصال.
سوريا: 16 مليوناً وتسعمائة ألف وثلاثة وثلاثون اتصال.
الأردن: 8 ملايين وثمانية وسبعون ألف اتصال.
ووفقاً لهذه الأرقام يصبح عدد الاتصالات الإجمالي حوالي 79 مليوناً وخمسمائة وخمسين ألف اتصال، وهو رقم ضخم إذا ما قورن بعدد المصوتين من جميع البلدان العربية في مجلس الأمن والأمم المتحدة ووثيقة الاعتراض على الحرب على أفغانستان، والذي وصل فقط إلى أربعة ملايين صوت!
برنامج مثير للجدل:
وكان برنامج (سوبر ستار) قد أثار جدلاً حادّاً في الشارع العربي، واعتبر كثير من المفكرين في مقالات صحفية أن الإقبال عليه لا يعكس اهتماماً بقدر ما يعكس حالة الفراغ بين شباب الأمة، وحالة الضياع في ظل تدهور أحوال الأمة العربية إجمالاً.
وقد بلغ هذا الحماس مبلغاً كبيراً في الأردن بسبب الشن الإعلامي والرسمي للحماسة الوطنية للأردنيين الذين راحوا يجندون كل الإمكانات لكي تنتزع المتبارية الأردنية \"ديانا كرزون\" اللقب في المسابقةº حيث خصصت شركة (موبايلكوم) للاتصالات حملة إعلانية للمتبارية الأردنية في الصحف اليومية والمنشورات الأسبوعية تظهر \"ديانا\" ترتدي الزي التقليدي الأردني تحت شعار \"حلم أردني جميل\"، أو \"حتى تكتمل الفرحة مئة في المئة، أعطِ صوتك لديانا\".
وحذت حذوها منافستها شركة (فاست لينك)، التي راحت هي الأخرى تعمل على تجنيد أصوات الأردنيين عبر نشر إعلانات في الصحف اليومية تروج لشعار: \"صوتك لأحلى صوت، فوزها هو فوز لمواهب بلدك وفنِّه\"!
وساهم هذا الشحن في فوز الأردنية \"ديانا كرزون\" بالمسابقة الغنائية (سوبر ستار) التي ينظمها تليفزيون المستقبل الخاص اللبناني بحصولها على نسبة 52% من أصوات 4.8 ملايين متفرج عربي، وذلك في ختام تصفيات كبرى نظمت في مصر والإمارات وسوريا والكويت والأردن، تم اختيار 12 مرشحاً للمشاركة في نهائي سوبر ستار!
وقد أغضب هذا حزب (جبهة العمل الإسلامي) أكبر الأحزاب الأردنية، ودعاه لشن هجوم حاد على هذه (الزَّفة) الإعلامية التي قامت بها وسائل الإعلام الأردنية للاحتفال بفوز المغنِّية الأردنية.
قال الحزب - في بيان أصدره يوم 19/8/2003م: \"إن برنامج (سوبر ستار) التليفزيوني والذي فازت بالمرتبة الأولى فيه الفنانة الأردنية \"ديانا كرزون\" نوع من الإثارة الإعلامية المبالَغ فيها، وإنه إساءة للقيَم والقضايا الوطنية، وتشويهٌ لوعي المواطن، وإفسادٌ للذوق العام، ومسخٌ لتطلعات الأجيال واهتماماتها\".
وقال حزب (جبهة العمل الإسلامي): \"إن الاهتمام غير الطبيعي بالبرنامج على كافة المستويات يعتبر حرفاً للناس عن قضاياهم المصيرية والهامة، وإن البرنامج أصبح قضيةً وطنيةًً تم الحشد لها عبر مختلف الوسائل وبتوجيهات رسمية مباشرة أو غير مباشرة، في الوقت الذي تتضاعف فيه تكلفة التعليم - وخاصةً في الجامعات - إلى درجة يعجز فيها أغلب المواطنين عن تعليم أبنائهم حيث يتوحش الغلاء، وتئن ظهور المواطنين وكواهلهم تحت وطأة الضرائب وارتفاع الأسعار!\".
وقال: إن ذلك \"يأتي أيضاً في الوقت الذي يمعن فيه العدو الصهيوني في تصفية حقوق أبناء الشعب الفلسطيني، ويهدد الأقصى والمقدسات ومستقبل واستقرار بلدنا، كما يقترف الاحتلال الأنجلو - أمريكي في العراق جرائم قتل يومية لأبناء شعبنا هناك، ويحاول صياغة مستقبل العراق والمنطقة العربية كلها على أساس مصالح ورؤى الكيان الصهيوني\".
وكان آلاف الأردنيين قد خرجوا إلى الشوارع مساء الأحد والاثنين احتفالاً بفَوز \"ديانا كرزون\" بالمركز الأول ولقب (سوبر ستار العرب) في برنامج تليفزيوني تقدمه إحدى المحطات اللبنانية، وقام العاهل الأردني الملك \"عبد الله\" والملكة \"رانيا\" بالاتصال بالفنانة الشابة بعد إعلان النتيجة لتهنئتها، كما تصدَّر الخبر نشرات الأخبار في الإذاعة والتلفزيون الرسميين.
وقد شهد البرنامج حفاوةً أخرى في مصر وسوريا والخليج عموماً، بيد أن وصول الأردنية \"كرزون\" للنهائيات أشعل حماسة الأردنيين أكثر.
تُرى، هل فهمنا لماذا يتفوق علينا الصهاينة منذ إنشاء دولتهم؟ ولماذا يرحبون بانتشار الديكتاتورية والرقص والغناء الهابط والخلاعة عندنا؟ وبالمقابل يقيمون الدنيا علينا لمجرد تسرب أنباء عن تطوير سلاح عربي، أو التقدم في مجال تكنولوجي، ويغتالون علماءنا؟!
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد