رَأَيتُكَ تَلعَـبُ وَقتَ السَّحَـر *** بَعِيدًا عَنِ الأَهلِ بُعدَ القَـمَـر
وَقَبلَكَ خِنزَبُ يَرسُـمُ دَربًـا *** مَلِيئًـا بِغَـدرٍ, عَمِيـقِ الضَّـرَر
وَخَلفَكَ يَركُـضُ لَيلٌ بَهِيـمٌ *** عَلَيـهِ سِمَـاتٌ تُشِينُ البَشَـر
وَحَولَكُ رَهطٌ كَإِعصَـار ِنَـارٍ, *** سَرَت فِي هَشِيمٍ, قُبَيلَ المَطَـر
وَوَجهُكَ فِيهِ اصفِـرَارُ المَرِيضِ *** بِدَاءٍ, عُضَـالٍ, كَـدَاءِ البَطَـر
تَأَمَّلـتُ وَجهَـكَ فِي حِيـرَةٍ, *** وَقَد سَـالَ دَمعِـي وَقَلبِي انفَطَر
وَقُلتُ لِنَفسِي انظُرِي (مَعمَرًا) *** أَخَا (قُنفُذٍ,) قَـد عَلاَهُ الضَّجَر
أَلَم يَرتَدِع عَن غُوَاةِ الرِّفَـاقِ *** وَأَهلِ النِّفَاقِ وَ رَهـطِ السَّهَـر
أَلَم يَبتَعِد عَن طَرِيقِ الضَّـلاَلِ *** وَدَربِ الضَّيَاعِ وَ أَهـلِ العَـوَر
تَقَهـقَـرَ فِي دَرسِـهِ حِقبَـةً *** فَـأَينَ التَّفَكٌّـرُ أَيـنَ النَّظَـر
فَقَالَت دَعِ الحُـزنَ يَـا سَيِّدِي *** فَلَيسَ الفَتَى وَحدَهُ مَـن غَدَر
أَبُوهُ ارتَقَى فَـوقَ عَرشِ التَّسَاهُلِ *** وَالأُمٌّ تَعشَـقُ لَيلَ السَّـمَـر
وَلَـم يَمتَلِك سُلَّـمًـا لِلـرٌّقِيِّ *** وَلَم يَعرِفِ الطِّفلُ عَـزفَ الوَتَر
وَأَصبَـحَ يَعـرُجُ فِي قَـومِـهِ *** وَلَولاَ اصطِبَـارُ الفَتَـى لانتَحَر
وَخِنزَبُ يَخطُرُ مِـن فَـرحَـةٍ, *** كَذِئبٍ, رَأَى الضَّأنَ بَينَ الشَّجَر
فَيَغـزُو الفَتَـى بَيـنَ أَفكَـارِهِ *** فَلَـم يَبقَ لِلخَيرِ فِيهَـا الأَثَـر
فَيَسبَحُ فِي ظُلمَـةِ المُخزِيَـاتِ *** وَيَمشِي عَلَى نَـافِثَاتِ الشَّـرَر
تَغَـذَّى عَلَى اللَّهـوِ مُستَهتِـرًا *** وَعَاشَ وَ فِي نَاظِـرَيـهِ القِصَر
أَبٌ أَنـتَ أَم صَـخرَةٌ صَلـدَةٌ *** وَزَوجُـكَ أُمُّ تُـرَى أَم حَجَر
أَبٌ أَنتَ أَم سَـوءَةٌ فِي الـوَرَى *** وَزَوجُكَ أُمُّ تُـرَى أَم قَـذَر
أَتَـتـرُكُ طِفـلاً بِـلاَ رَحمَـةٍ, *** وَتَرمِيهِ ظُلمًا فَـأَينَ الحَـذَر
سَتُسأَلُ يَـاصَـاحِ فِي مَـوقِفٍ, *** مَهِيبٍ, عَظِيمٍ, وَ أَيـنَ المَفَـر
سَتُسأَلُ عَـن طِفلَـةٍ, أُهمِلَـت *** وَطِفلٍ, وَتَهوِي غَدًا فِي سَقَـر
فَهَـلاَّ ارتَـدَعتَ بِنُصحِ النَّصِيحِ *** وَتُبتَ مِنَ الظٌّلمِ قَبلَ الخَطَـر
وَعَلَّمـتَ طِفلَكَ دَربَ الصَّلاَحِ *** وَجَنَّبتَهُ دَربَ شُـؤمٍ, وَشَـر
وَيَا أُمٌّ لَستِ بِمَنـآعَنِ الـوِزرِ *** حِينَ استَهَنتِ بِطِـفـلٍ, أَغَـر
فَمَن أَهمَلَت طِفلَهَـا فِي صِبَـاهُ *** سَتَلقَى النَّدَامَةَ عِنـدَ الكِبَـر
وَفِي مَوقِفِ الحَشـرِ مَسؤُولَـةٌ *** وَأَينَ المَفَـرٌّ وَأَيـنَ المَقَـر
فَتُـوبِـي إِلَى اللهِ مِـن غَفلَـةٍ, *** هَنِيئًا لِمَـن آبَ ثُـمَّ ادَّكَـر