في ليلة من ليالي الشتاء


 

بسم الله الرحمن الرحيم

الهمّ يغتـمّ في صـدري يؤرّقنـي *** يمازج الدمع في روحي وينبذنـي

 

لعلّنـي موحـشٌ همّـي بوحشتـه *** وعلّني ارتجي همّـي فيتركنـي

 

أنا الغريب عن الدنيـا ووحشتهـا *** فمـا لِغربـة أشواقـي تداعبنـي

 

تخاطب النفس كي تشدو لها نغمـاً *** من الفراغ، تضيق النفس في بدني

 

أنام في الضيق، أحيا بين أذرعـه *** وأملأ الكأس ضيقاً حيث يسكرني

 

فتسكـرُ الـروح ثمّ الغمّ يحملهـا *** إلـى غريب ديارٍ, كي تفارقنـي

 

وتلكمُ الأرض أمي لسـت منتميـاً *** لجوفها وترابٍ, سوف يطمرنـي

 

سأمتطي العمر حتى يلتوي قـدَري *** وأرتمي مُنهكاً أُرمى إلى العفـنِ

 

فما السنون سوى بعضٍ, من السحبِ *** هطولها عاجلٌ أو آجـل الزمـنِ

 

وما الحياةُ سوى بحرٍ, يمـوج بنـا *** إلى الممـات بلا ريحٍ, ولا سفـنِ

 

فيا قريبة قلبـي إن أكـن شبحـاً *** بغربتـي، ضائع الأقدار والفِتَـن

 

فما سواكِ سوى مثلي وإن نـذرت *** به الحياة إلى الأشواق والمحـنِ

 

كمحنة الموت، يومٌ سوف يُعجلنـي *** ولا مناصَ فقبري بـات يرمقنـي

 

كـأنّ شاهد قبـري بات مطلعـهُ *** هنا ضريـح شقيٍ, ضائع الوطـنِ

 

وما يخـطّ يراعي، لسـت أكتبـه *** بأنملٍ, يئسـت، فالقلـب يلهمنـي

 

تفيـض منه بقايا بـات يحملهـا *** من (الشآم) بها شيءٌ من الشجـنِ

 

فما استطاعت نساء الغرب أجمعها *** فهمَ المعاني وغاب القلب في الجنَنِ

 

عديمـة الرٌّشد روحي في جوانحها *** جـرحٌ اليمٌ يعيق الطير في بدنـي

 

فكيف أمضي إليكم، نورسٌ كسروا *** منه الجناح، ومن بالله، يسعفنـي؟

 

غير الإلـه، إلـه الحـقِّ علّمنـي *** فهم القناعـة، مازالت تصاحبنـي

 

وإن أشـدّ بوجـدي إن بـدا أملي *** إلـى حضيض معاييـرٍ, تُلائمنـي

 

كذلك الضعف في الإنسان تشغلـه *** بعض المآثر والأخلاق في المحـنِ

 

فهـذه وصلةٌ من غربتـي فَجِـدي *** ليَ السـبيل إلى الترحال يأخذنـي

 

إلـى سمـاءٍ,، إلى أرضٍ,، إلى نُجمٍ, *** إلى الشـموس، إلى قبرٍ, مع الكفنِ

 

سـألتِ بضع يراعي بعض أغنيـةٍ, *** رسمتهـا برمـوزٍ, لحنهـا شجَني

 

فـلا تُغالـي إذا فُكّـت طلاسمهـا *** حياتنـا طلسم الأريـاف والمـدنِ

 

وكـلّ ما حولنـا أمرٌ يسـير بنـا *** إلى ضيـاعٍ, بدُنيـا أرهقت بدنـي

 

لعلّ فـي القلب بعضاً من صبابتنـا *** تهيم في الأرض تبغي النور تعتقني

 

من التـراب ومن كونٍ, عرفـت به *** فجر الإرادة، أودى بي إلى الزمـنِ

 

فلو بقينتـا كحـلمٍ, مـا رأى أبـداً *** وجـه الزمان، لهان الأمر عن بدني

 

فمـا ابـن آدم إلاّ نِطفـةً خُلِقَـت *** لتنتهي جيفـةً في التـرب للعفـنِ

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply