بسم الله الرحمن الرحيم
أخرج البخاري في صحيحة عن عائشة رضي الله عنا قالت: \" دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعندي جاريتان تغنيان بغناء بُعاث، فاضطجع على الفراش وحوَّل وجهه. ودخل أبو بكر فانتهرني وقال: مزمارة الشيطان عند النبي - صلى الله عليه وسلم - ! فأقبل عليه رسول الله - عليه السلام - فقال: (دعها). فلما غفل غمزتهما فخرجتا\" وأخرج عنها \"..وكان يوم عيد يَلعب فيه السودان بالدُرَق والحراب، فإما سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - وإما قال: تشتهين تنظرين؟ فقلت: نعم.فأقامني وراءه خدي على خده وهو يقول: (دونكم يابني أرفدة).حتى إذا مللتُ، قال: (حسبكِ؟ ) قلتُ بـ نعم. قال: (فاذهبي)\".
وفي رواية هشام: (يا أبا بكر إن لكل قوم عيداً وهذا عيدنا).
أي يوم سرور شرعي، فلا ينكر فيه مثل هذا كما لا ينكر في الأعراس.
وفي رواية أن عمر - رضي الله عنه - حصب السودان أو الحبشة الذين يلعبون فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: \" دعهم يا عمر \".
وفي رواية عن عائشة - رضي الله عنها - أنه - صلى الله عليه وسلم - قال يومئذ: \" لتعلم يهود أن في ديننا فسحة، إني بعثتُ بحنيفية سمحة \".
وأخرج البخاري أيضاً عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: \" أخذ عمر جبَّة من إستبرق تباع في السوق فأخذها، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، ابتع هذه تجمل بها للعيد والوفود، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: \" إنما هذه لباس من لا خلاق له.. \".
وبين هذين يكون عيدنا توسع وتسامح فيما يباح، وتوقف والتزام فيما يحرم فليس العيد مبرر للعب والترف بإطلاق، وليس هو يوم جدية تامة بليه من المرونة للمباحات من الألعاب والأكل واللبس والكلام ما ليس في غيره، وهذا الضابط لا يراعيه كل المسلمين للأسف بل نراهم يتوسعون في العيد ويفسدون اجتهادهم في رمضان، وذلك لفهمهم الخاطئ المبني على علم ناقص أصله أخذ بعض النصوص وترك بعض، وينبغي للأئمة والعلماء تعليم الناس هدي نبيهم - صلى الله عليه وسلم -، في العيد في آخر ليلة من رمضان مع التنبيه على ذلك في خطبة العيد.
ومن هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في عيد الفطر الأكل قبل الخروج كما في حديث أنس: قال: \" كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات، ويأكلهن وتراً\" وليس كما يفعل بعض الجهال من جلب التمر للمسجد وتوزيعه أثناء الخطبة فيشغلون المصلين عن متابعة الخطيب ويدفعون كثيراً من المستمعين للكلام واللغط!
ومن السنة خروج النساء لحضور العيد حتى الحِّيض وذوات الأعذار وكذا الأطفال والخدم ليحضروا الصلاة والدعاء ويشهدوا تجمع الناس ويعتزل ذوات الأعذار المصلى، ومن فاتته صلاة العيد ندب له قضاؤها ركعتين يكبر فيها كهيئة صلاة العيد سواء في المسجد أو في بيته كما بوب البخاري لذلك بقول: باب (إذا فاته العيد يصلي ركعتين) وذكر قول عطاء: إذا فاته العيد صلى ركعتين. قال ابن حجر: \"فيه مشروعية استدراك صلاة العيد إذا فاتت مع الجماعة سواء كانت بالاضطرار أو بالاختيار، وكونها تقضى ركعتين كأصلها\".
ومن السنة ترك الصلاة قبل صلاة العيد وبعدها في المصلى فإذا رجع إلى البيت صلى ركعتين كما في حديث أبي سعيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يصلي قبل العيد شيئاً فإذا رجع إلى منزله صلى ركعتين\" أخرجه ابن ماجه باسناد حسنه ابن حجر.
وقد يفهم بعض الناس أن العيد مظاهر وعادات فارغة فيتقاعس عن الاحتفاء بها وحرم نفسه لذة العبادة بتعظيم الشعائر التي قال الله عنها (وَمَن يُعَظِّم شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقوَى القُلُوبِ) وفي الحين نفسه يروح عن نفسه بالاحتفال بأيام لم يجئ الشرع بتعظيمها كالاحتفال بالميلاد ورأس السنة وغيرها، وفي ذلك لوتأمل تعظيم لشريعة غير شريعة الإسلام وقد جاء النص بذلك ونهينا عن تعظيم أيام يعظمها أهل الكتاب أو أهل الجاهلية.
ومن السنة تبادل التهاني والتبريك الودعاء بقبول العمل كما في حديث جبير بن نفير قال: \" كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض تقبل الله منا ومنكم\" وإسناده حسن.
وبقدر ما نفرح في هذا اليوم ونتوسع في المباحات فإننا لا ننسى إخواننا في الإسلام في كل مكان بالدعاء لهم ومتابعة أحوالهم.
ولا ندع الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولو كان في يوم العيد كما فعل أبو بكر الصديق - رضي الله عنه -.
تقبل الله من ومنكم صالح الأعمال
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد