بسم الله الرحمن الرحيم
السنغال.. هي إحدى دول غرب القارة الإفريقية.. التي احتضنت الدعوة الإسلامية منذ القرن الثالث الهجري.. وعملت على دفع مسيرة المد الإسلامي والتعريب في غرب إفريقية.. وغالبية الشعب السنغالي من المسلمين الذين حافظوا على هويتهم العقدية منذ أقدم الفترات التاريخية.. حتى صار الإسلام جزءاً لا يتجزأ من كيان السنغال.. وتتوازن هناك الجهود المبذولة لنشر الدعوة الإسلامية مع الجهود المبذولة لنشر اللغة العربية بصفتها لغة القرآن الكريم، والمدخل الرئيس لتفهم مبادئ الإسلام وأصوله وعلومه.
وتقع السنغال في غرب إفريقية.. تحدها من الشرق: مالي، ومن الغرب: المحيط الأطلنطي.. والذي تطل عليه العاصمة "داكار"، وتحدّها من الشمال: موريتانيا، ومن الجنوب: غينيا وغينيا بساو.. وتمتد أراضي جامبيا داخل أراضي السنغال.. وتبلغ مساحة البلاد (196 ألفاً و192 كيلو متراً مربعاً).. وعدد سكانها أكثر من سبعة ملايين نسمة.. ونسبة المسلمين 95% من إجمالي عدد السكان.. ونظام الحكم هناك جمهوري.. والعملة المتداولة هي: الفرنك.. وكانت السنغال مستعمرة فرنسية إلى أن استقلت وانضمت إلى الأمم المتحدة في 28 سبتمبر عام 1960 ميلادية.. واللغة الفرنسية هي لغة البلاد الرسمية.. وتنتشر هناك بعض اللغات واللهجات الإفريقية.
مواجهة الأفكار المنحرفة
بدأت في السنغال حملة مبكرة لتجديد الخطاب الديني.. وتنقية الفكر الإسلامي من العديد من الشوائب التي علقت به.. وتتمثل خطا التجديد في رفض الفكر الضال الذي تسرّب إلى المسلمين في السنغال عبر المراحل التاريخية المختلفة ـ خاصة الحقبة الاستعمارية للسنغال ـ والعمل على تعريب اللسان المسلم، وإقصاء التقاليد والعادات التي تتنافى مع أبسط تعاليم الدين الإسلامي الحنيف.
وعلى الرغم من أن اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم.. وأن الغالبية العظمى من سكان السنغال من المسلمين.. إلاّ أن اللغة العربية تُدرّس بالمدارس السنغالية بصفتها لغة أجنبية!! كما لا توجد هناك صحف تصدر باللغة العربية.. وقد نشأت بالسنغال بعض الفرق المنحرفة التي تدعو إلى اعتبار "حلقات الذكر" التي تقيمها بعض الطرق الصوفية هناك بديلاً للصلاة!! كما راجت هناك تفسيرات خاطئة للقرآن الكريم.. تستر خلفها دعوات هدّامة لإبعاد المسلمين عن العمل بعقيدتهم الإسلامية.. إلا أن علماء الإسلام هناك يعملون على تطهير مناخ الثقافة الإسلامية من الشوائب الدخيلة والمفتريات التي بثها خصوم الإسلام والمسلمين.
نشاط دعوي
وتشهد الدعوة الإسلامية في السنغال.. إشراقة جديدة.. نتيجة للجهود التي يبذلها دعاة الإسلام والمؤسسات الإسلامية العاملة في مجالي الدعوة والتعليم.. ومن أشهر الجمعيات الإسلامية هناك.. المعهد الإسلامي لتحفيظ القرآن الكريم الذي تأسس منذ عام 1939 ميلادية في مدينة "كوكى" ويضم (1300) طالباً يتعلمون بالمجانّ.. ويدرسون علوم القرآن الكريم واللغة العربية.. وقد أسسه الشيخ "أحمد الصغير لُو".. الذي يُعد ّ من أشهر دعاة الإسلام هناك.
ويوجد في مدينة "كَوَلخ" المعهد الأزهري الذي يعمل على نشر الإسلام واللغة العربية.. ويتم التدريس فيه وفقاً للمناهج الدراسية المتبعة في المعاهد الأزهرية المصرية, وقد تم إنشاء مسجد كبير مجاور لهذا المعهد.. وتم تحويل المعهد إلى جامعة إسلامية.
ومن المؤسسات الإسلامية التي تؤدي دوراً إيجابياً في مجال العمل الإسلامي.. المركز الإسلامي في مدينة: "تيفاون" والذي تكلف (2) مليون فرنك ساهمت بها جامعة الدول العربية.. وقد أصبح هذا المركز الذي يضم مدرسة إسلامية مقصداً لطلاب العلم الإسلامي ودراسة اللغة العربية.. كما أنشأت كلية الآداب بجامعة داكار معهداً للدراسات الإسلامية منذ عام 1973 ميلادية.. وقد ساهمت مصر في إنشائه.
ويهتم معهد الدراسات الإسلامية بجامعة داكار.. بتحقيق كتب التراث الإسلامي المدوّن باللغات الإفريقية.. وتتعاون المؤسسات الإسلامية العالمية في إنجاز هذا المشروع وترجمته ونشره.. وقد قامت الجمعيات الدينية بدور مهم في حماية النشء المسلم السنغالي من التيارات الغربية الوافدة.. وذلك بالتوسع في إنشاء المدارس الإسلامية والعربية.. وكل مسجد في السنغال ملحق به مدرسة قرآنية.. ويقوم المسلمون بإنشاء المساجد والمدارس بالجهود الذاتية.. وكل مسجد يُبنى تؤسس له جمعية إسلامية تشرف على بنائه.. لذا تتعدد هذه الجمعيات مع تعدد المساجد التي تنتشر في جميع المدن والقرى.
ومن أهم المساجد في السنغال والتي تقوم بدور مهم في مجالي الدعوة والتعليم.. مسجد "كوكى" بإقليم "لوجا" المبني عام 1933 ميلادية.. والجامع الكبير في مدينة "كولاخ" المبني عام 1948 ميلادية.. ومسجد "نات دوى"، ومسجد "ميال" في مدينة "سان لوى" ومسجد "بيو كلنج" الذي تكلف (22) مليون فرنك ساهمت بها الدول العربية ومسجد "بامبى" ومسجد "طوبى" وغيرها.
والجمعيات الإسلامية في السنغال.. لها نظام فريد.. فرئيس الجمعية يُطلق عليه لقب "سيرين" أي رئيس وإذا مات تولى ابنه رئاسة الجمعية، ولو كان صغيراً في السن.. أما نائب رئيس الجمعية فيُطلق عليه لقب "مقدم"، أما الأعضاء فيُطلق عليهم لقب "فقراء" أو "أصحاب".. والسبب في ذلك هو انتشار الطرق الصوفية في السنغال.
توحيد الجهود
وقد تأسس في السنغال.. الاتحاد الوطني للجمعيات الإسلامية.. وذلك لتوحيد جهود هذه الجمعيات.. ووضع خطة جماعية للانطلاق بالدعوة الإسلامية بعيداً عن أية معوّقات.. وقد انضمت إلى هذا الاتحاد العديد من الجمعيات مثل جمعية أنصار الدين، والجمعية التعليمية الإسلامية، والاتحاد الإسلامي، وجمعية وحدة الإسلام.. والاتحاد التقدمي الإسلامي، وجمعية التضامن الإسلامي.. واتحاد معلمي اللغة العربية وغيرها.
وانعقدت في داكار عاصمة السنغال.. اجتماعات المجلس الإفريقي للتنسيق الإسلامي.. ويبحث المشاركون فيها أحدث وسائل نشر الدعوة الإسلامية وتحفيظ القرآن الكريم في القارة الإفريقية.. ووضع أسس التنسيق والتعاون بين المؤسسات الإسلامية، مع مراقبة المصاحف المتداولة للتأكد من صحتها حتى لا تنتشر الأخطاء بين المسلمين، وخاصة عن طريق ترجمات معاني القرآن الكريم.. كما تم الاتفاق على وضع منهج موحد للمدارس الإسلامية، وإعداد معاهد لتخريج محفظي القرآن الكريم، والدعاة، وتدريبهم.. وتدريب أئمة المساجد على الخطابة والوعظ والإرشاد، وعلى أعمال الفتوى.
دعم المدارس الأهلية
وقد تم اعتماد إستراتيجية لدعم المدارس الإسلامية الأهلية.. وتعليم اللغة القرآنية عن طريق الإذاعة والتلفاز.. وإنشاء نوادٍ, للغة العربية، والعمل على تطبيق الشريعة الإسلامية، وتقديم المنح الدراسية..لأبناء المسلمين في السنغال لدراسة علوم الإسلام واللغة العربية بالكليات الإسلامية بالمملكة العربية ومصر وبعض بلدان العالم العربي والإسلامي..ومن أهم ما تم الاتفاق على تنفيذه.. العناية بطبع المصحف الشريف تحت إشراف لجان متخصصة.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد
التعليقات ( 1 )
مقال رائع
-مؤسسة مركز الدعوة الإسلامية
08:58:20 2020-07-03