في التقرير الصادر عن اللجنة الرسمية, التي شكلت في بريطانيا لدراسة الموقف من الإسلام أن الشائع في الثقافة الشعبية والثقافة السياسية في الغرب أن الإسلام مصدر تهديد للدول والشعوب وللثقافة والحضارة الغربية, وأن الفكرة السائدة أن الإسلام تهديد رئيسي للسلام في العالم, وأن التعصب الإسلامي تحول إلي مصدر للاضطرابات والإرهاب, وأنه يماثل تهديد النازية والفاشية للعالم في الثلاثينيات والتهديد الشيوعي في الخمسينيات من القرن العشرين.
ويقول التقرير: إن الفكرة السائدة أن الحرب مع الإسلام حتمية, وأن المتعصبين الإسلاميين يزداد عددهم وإنهم يهدفون إلي تدمير الحضارة الغربية وهم سعداء لأن هذا هو الجهاد الذي يأمر به دينهم. وتتردد في الأدبيات الغربية عبارة إن قبائل أصحاب العمامات سوف تنتصر نتيجة لرفض الغربيين للإنجاب وتزايد الحاجة إلي المهاجرين مما يهدد بأن تحيا الحضارة الغربية بعد ذلك بدماء غير أوروبية, وينتشر الإسلام في دول أوروبا والولايات المتحدة, وقد بدأ العد التنازلي بالسماح بتدريس القرآن في المدارس.
ويقول التقرير أيضا إن الناس في الغرب يرفضون ـ لا شعوريا ـ الانتقادات التي يوجهها المسلمون للمجتمعات الغربية وللقيم الأساسية لهذه الحضارة مثل: الحرية, والديمقراطية, والحداثة, وفصل الدين عن الدولة وعن السياسة. ويقول التقرير أيضا إن تشبيه الإسلام بالشيطان ليس مقصورا علي الصحف الصغيرة ولكن الصحف الكبري والكتب والمحاضرات الجامعية, في الغرب تتكرر عبارات الازدراء للإسلام.
يسجل التقرير بالأرقام أن المسلمين في الغرب يعانون البطالة أكثر من غيرهم ومعظمهم يعيشون في مساكن رديئة, وتحت عنوان المواجهة والصراع يؤكد التقرير أنه من السذاجة الادعاء بعدم وجود صراع بين الغرب. والإسلام اليوم, ك1ما كانت في الماضي أيام الحروب الصليبية, وأيام الفتوحات الإسلامية في اسبانيا ووصول الجيوش الإسلامية إلي جنوب فرنسا, وانتشار الإسلام في ألبانيا ويوجوسلافيا بالغزو, وفي الوقت الحالي توجد صراعات المصالح, ويوجد الصراع المتعلق بإسرائيل وبالسيطرة علي البترول, وهذه الصراعات تؤدي حتما إلي محاولة كل طرف إخضاع الآخر, وبسببها أيضا تتراكم المشاعر المعادية للإسلام, ويزيد الأمر صعوبة وجود الصراع مع الإسلام في الشيشان وأفغانستان والهند, ووجود توترات وصراعات سياسية داخلية في الدول الإسلامية ذاتها, وينظر الغربيون إلي هذه الصراعات علي أنها صراع بين الحداثة الغربية والجمود الذي يمثله الإسلام, وحرص المسلمين علي صبغ كل أمور حياتهم بالصبغة الدينية.
وينتهي التقرير إلى أن العداء للإسلام حقيقة في الثقافة الغربية المعاصرة, لا يمكن إنكارها أو تجاهلها, ومن مصلحة الغرب مواجهة هذه الظاهرة, وهذه مسئولية الشخصيات السياسية وأصحاب الرأي وصانعي السياسات في التعليم والتشريع والتوظيف ورؤساء الكنائس, كما هي مسئولية الشخصيات البارزة في مجتمعات المسلمين, لبناء الثقة والاتفاق علي الحد الفاصل بين نقد الإسلام والاختلاف معه وبين الكراهية والعداء للإسلام. ويطالب التقرير بقوانين في الغرب تعاقب علي التفرقة في المعاملة بسبب الدين وتعاقب علي التحريض علي كراهية الأديان والمؤمنين بها.
هذا بعض ما يقوله تقرير لجنة من كبار المفكرين وأساتذة الجامعات البريطانيين يرأسها البروفيسور جوردون كونواي مستشار جامعة ساسكسSussx وكان من بين أعضائها أسقف لندن ورئيس تحرير صحيفة نيوستيتسمان وأستاذ القانون بجامعة سوث هامبتون وممثلة عن هيئة الخدمة المدنية ورئيس المجلس اليهودي لمنع التفرقة العنصرية وعدد من كبار الأساتذة الجامعيين.. وأعتبر هذا التقرير وثيقة مهمة, فهو شهادة علي وجود مشاعر العداء للإسلام والمسلمين وهو في نفس الوقت شهادة للديمقراطية البريطانية التي تسمح بالاعتراف بهذا الاعتداء علي مبادئ الديمقراطية البريطانية العريقة.
ويبقي أن نتساءل مرة أخري: ماذا فعلت الهيئات والمؤسسات الإسلامية.
إن مهمة المؤسسة الإسلامية الدفاع عن الإسلام, وان توجه جهدها الأكبر إلي غير المسلمين في بلادهم.. وسوف نظل نلح علي ذلك إلي أن يأتي الله بمن يستجيب ويحمل أعباء الدفاع عن دينه في الغرب لكي يحمي الإسلام والعالم الإسلامي من مخاطر لا يعلمها إلا الله.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد