مسلمو البيرو تأثيرهم السياسي يفوق حجمهم


 

بسم الله الرحمن الرحيم

ظل مئات الآلاف من العرب المسلمين يعيشون في إسبانيا بعد خروج العرب من الأندلس عام 1492م يمارسون الأنشطة المختلفة، واستطاعوا أن يحافظوا على حضارتهم الإسلامية حيث أبدعوا في مختلف المجالات الفنية والثقافية والفكرية. لقد استمر وجودهم في إسبانيا حوالي 121 عاماً كانوا خلالها يبطنون الإسلام ويتظاهرون بأنهم مسيحيون حتى عام1611م، حين أصدر الملك فيليب الثالث قراراً مخزياً بترحيلهم إلى المغرب والجزائر وتونس.

وقبل هذا القرار كان بابا الفاتيكان وقتها قد أصدر قانوناً يسمح بتدمير كل ما يمت للإسلام بصلة وذلك عام 1479م إلا أن المورسكيين (مسلمو الأندلس) استطاعوا المحافظة على التراث الإسلامي ونشروه في أرض الله الواسعة وخاصة أمريكا اللاتينية! ولا تزال الآثار الإسلامية شاهداً على حضارة الإسلام في معظم دول قارة أمريكا الجنوبية وعلى رأسها المكسيك والبرازيل والشيلي والبيرو وخاصة مدينة ليما.

لقد شيد الطراز المعماري في العاصمة ليما بالبناء المورسكي الأندلسي وهي شاهدة على وجود المسلمين الذين هاجروا إليها منذ ذلك التاريخ، ومازالت بعض أنواع الأشجار إلى اليوم شامخة في القصر الجمهوري للقائد الإسباني "فرانسيسكو بيساروش والتي جيء بها من الأندلس، مما يؤكد أن المسلمين في البيرو منذ سنوات طويلة تعود إلى فترة الاستعمار الإسباني لها.

لقد أثر هؤلاء المورسكيون في المزيج الحضاري لشعب البيرو ومنحوه شعوراً إيمانياً وأخلاقياً خاصاً..ولهذا تأثر العديد من شعراء البيرو بالحضارة الإسلامية الأندلسية ومن بينهم الشاعر والأديب المشهور "دون ريكاردو بالما" وتجلى تأثره في قصته المشهورة بين شعب البيرو وهي بعنوان "افعل الخير ولا تبال"، والقصة في الحقيقة من واقع حياة الأمير إبراهيم جد الخليفة مروان بن عبد الملك.

 

هجرة المسلمين

وعن أخبار المسلمين في البيرو وأحوالهم وهمومهم وآمالهم وتاريخ هجراتهم الحديثة قال رئيس الجمعية الإسلامية في ليما الأستاذ ضمين عوض ل المجتمع: "لقد جئت إلى هذا البلد من فلسطين سنة 1970م فوجدت الكثير من الإخوة العرب سبقوني إلى البيرو وأغلبهم من فلسطين ولبنان وسورية.. والوجود الفعلي للمسلمين هنا بدأ سنة 1920م كما هاجر العديد من المسلمين الصينيين وقدر عددهم سنة1908 بما يزيد على 600 مسلم".

وأضاف: "لكن للأسف الشديد عندما قامت الجمعية بإحصاء بسيط وجدنا ما يزيد على 1450مسلماً تنصروا وذابوا في المجتمع نظراً لقلة المساجد والمدارس والدعاة، وما تبقى من المسلمين حالياً يقدر عددهم ما بين (1000-1500) مسلم، ولنا مسجد صغير تقام فيه الصلوات الخمس والجمعة والعيدان".

وأوضح رئيس الجمعية الإسلامية في ليما أن معظم المسلمين يقطنون العاصمة ليما والبعض منهم في المدن الرئيسة. وللبهائيين في البيرو نشاط قوي وملحوظ ولهم معبد كبير.. وهم أقوياء اقتصادياً وقد خدعوا الكثير من شباب المسلمين وانضموا إليهم بدون معرفة وكانوا يعتقدون أنهم مسلمون سنة!.

ورغم قلة المسلمين في البيرو إلا أن تأثيرهم في البلاد يفوق حجمهم، حيث إن لهم علاقة طيبة مع السفارات العربية والأجنبية كما لهم مكانة عند الأحزاب السياسية والمنظمات الحقوقية بالإضافة إلى صداقتهم مع جميع الطوائف النصرانية واليهودية ومع المحطات الإعلامية المحلية منها والوطنية، لهذا فتحت لهم إذاعة ليما أبوابها وخصصت لهم ساعات يومية باللغة العربية، تذاع من خلالها مواضيع تعرّف بالإسلام والمسلمين كما تقدم وسائل الإعلام في البيرو بين الفينة والأخرى برامج عن الإسلام والمسلمين وخاصة في المناسبات الدينية كمناسبة شهر رمضان, وعيد الفطر والأضحى، فشعب البيرو وحكومته يحترمون العرب والمسلمين إلى درجة أن المرأة البيرونية تفتخر مع صديقاتها بأنها تشتغل مع أسرة مسلمة!

 

إهمال الدعوة للإسلام

وعن الحالة الاقتصادية للمسلمين في البيرو قال رئيس الجمعية الإسلامية في ليما ضمين عوض: "إن حالة المسلمين الاقتصادية في جمهورية البيرو جيدة، ومعظمهم يملكون محلات تجارية بل هناك من يملك مصانع للغزل والنسيج كما يملك أحد المهاجرين فندقاً ضخماً وسط العاصمة ليما".

ويضيف عوض: "ومع هذه الطفرة الاقتصادية لأغلب المهاجرين إلا أنه لا وجود يذكر للمؤسسات الإسلامية والمساجد والمصليات والمدارس العربية والنوادي الثقافية والرياضية"، معرباً عن أسفه وحزنه لأن المسلمين في البيرو يدفنون في مقابر النصارى "لأننا ليس لنا مقبرة ندفن فيها موتانا"، مؤكداً أنه واقع مرير وخطير.

وأوضح أننا لا نجد محاضراً واحداً نرسله إلى الجامعة للتعريف بالإسلام أو لتصحيح بعض الشبهات التي تقذف هنا وهناك أو لتمثيل المسلمين في بعض المناسبات والحوارات التلفزيونية وخصوصاً عندما تكون حوارات علمية أكاديمية جادة. وكل ما في البيرو داعية واحد مصري ابتعثه الأزهر مشكوراً.

من جانبه يقول محمد هاجر الأمين العام للمنظمة الإسلامية لأمريكا اللاتينية إنه في خضم هذا النفق المظلم هناك تراجع واضمحلال للجاليات الإسلامية في بعض دول أمريكا اللاتينية، مؤكداً أن أهل قارة أمريكا اللاتينية عندهم تسامح كبير لكن التقصير من جانب المسلمين أنفسهم في عرض الإسلام.. وانتقد هاجر المنظمات الدولية والإسلامية لإهمال الأقليات المسلمة في أمريكا الجنوبية.

وفي الأشهر القليلة الماضية عقدت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة إيسيسكو بالتنسيق مع المنظمة الإسلامية لأمريكا اللاتينية والجمعية الإسلامية في البيرو، الاجتماع الخامس لرؤساء ومديري الجمعيات والمراكز الثقافية الإسلامية في أمريكا اللاتينية بمدينة ليما عاصمة البيرو.

وقد ترأس هذا الاجتماع الدكتور عبد العزيز التويجري المدير العام للمنظمة وبحضور محمد هاجر الأمين العام للمنظمة الإسلامية لأمريكا اللاتينية وضمين عوض رئيس الجمعية الإسلامية في البيرو ورؤساء ومديري الجمعيات والمراكز الإسلامية بأمريكا اللاتينية وفي مقدمتهم الدكتور إبراهيم التويم مدير مركز خادم الحرمين الشريفين بالأرجنتين، ووفد من البنك الإسلامي للتنمية والمجلس الإسلامي العالمي الأوروبي.

وقد تم خلال الاجتماع دراسة ومناقشة وثيقة الإعلان الإسلامي حول التنوع الثقافي ووثيقة مواصفات المدرسة الإسلامية ووثيقة الإطار العام للرد على حملات التشويه الإعلامي للإسلام والحضارة الإسلامية، كما تم بحث تطوير أداء رؤساء الجمعيات والمراكز الإسلامية في مجال التربية والثقافة والدعوة.. مع إيجاد حلول مناسبة للمشكلات التعليمية والتربوية لأبناء المسلمين في البيرو ودول أمريكا اللاتينية عموماً.

 

 

البيرو في سطور

تقع البيرو في غرب أمريكا اللاتينية

تحدها الإكوادور وكولومبيا من الجهة الشمالية وبوليفيا والجمهورية البرازيلية من الجهة الشرقية والشيلي من الجنوب، والمحيط الهادي من الغرب.

كانت البيرو من قبل إمبراطورية كبرى حيث كانت تضم ما يسمى الآن بالإكوادور والشيلي والبيرو والأرجنتين.

تبلغ مساحتها (1، 285، 126) كيلومتر مربع.

غزتها إسبانيا إثر توسعها في العالم الجديد عام 1532م.

استمر الاحتلال الإسباني حتى عام 1820م إثر ثورة عارمة من طرف الشعب البيروني.

يقدر عدد السكان حالياً 2ب 27 مليون نسمة

عاصمتها ليما.

من أشهر مدنها أركيبا، كالاو، تروجيلو.

الزراعة والفلاحة من أهم اقتصاد البلاد ومصدر عيش للكثير من أبناء البيرو.

يعمل في الزراعة حوالي 40% من سكان البلاد.

البيرو من أوائل الدول المنتجة للأسماك وإنتاجها حالياً يقارب عشر الإنتاج العالمي ورابعة دول العالم في إنتاج الفضة.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply