بسم الله الرحمن الرحيم
الأمة الإسلامية في مرحلة من الوهن والانحطاط لا تحسد عليها، وأخفقت هذه الأمة في حمل رسالة الإسلام عقيدة ومنهج حياة، ومجال تقدم في العلم والمعرفة، رغم وجود إرهاصات ممتازة في ماليزيا – مثلاً -º ولكن في معظم مجتمعاتنا العربية الوضع هو الاستكانة والاعتماد على مصانع أمريكا والغرب في استيراد ما يسد رمق الشعوب، وإن توقف الأمر على هذا الاستيراد (المادي) فربما تكون المصيبة أهون، ولكن ما لا يطاق هو الإصرار على الاستيراد للفكر والثقافة والنموذج الغربي بكل مثالبه
.وبما أن حضارة الغرب قامت على التقدم المتسارع في مجال العلم والمعرفة وتطبيقاتها في الحياة مما خطف أبصار الراكضين خلف بريقها من مجموعة يطلق عليها (المثقفون)!! هذه الطبقة التي تتوالد في كل مجتمع عربي مسلم تباعدت عن البيئة المسلمة وقيمها، واعتنقت حضارة الغرب ومدنيته، وآمنت بفلسفة هذه الحضارة، وتشبعت ذهنياتهم بما تحمله من توجيهات لا دينية بعد عزل الدين عن منهج الحياة وإبقائه فيما أطلق عليه (المؤسسة الدينية)، وسلوك هذه الطبقة يماشي أسلوب تفكيرهم الذي أصبح نتاجاً غريباًº فرغم أنهم ولدوا ونشأوا في بيئات عربية ومسلمة ولكن ما يتحدثون به وينادون به هو ( نشاز) إذا ما قيس بمعيار (التشريع الإسلامي) الذي يوجه كل مناحي الحياة سياسياً وتربوياً وإعلامياً واجتماعياً واقتصادياً، ولا يعزل في (مؤسسة دينية) كما يقولون وينادون.
إن هؤلاء أصيبوا بما يسمى (ارتداد ذهني) مخيف، ووجدوا فرصتهم في معظم المجتمعات العربية من خلال تيار سياسي أو ثقافي، أو اختراق للوزارات المسؤولة عن الإعلام وعن الثقافة والتربيةº فأحدثوا وحققوا ما يرغبون.. والنتائج هي مزيد من الانسلاخ عن قيم المجتمعات المسلمة، وعدم تحقيق أي مخرجات مجتمعية تسهم في دور تنموي فاعل، وتقرير التنمية السنوي الذي نشر في العام السابق أو العام الحالي مؤشر للإخفاق الاقتصادي والاجتماعي.
هنا .. في مجتمعنا.. لم يكن لهذه الفئة وجود إلا من خلال نشاط أدبي!! ولكن مؤخراً وجدنا أنهم يتوالدون كالأرانب!!
يهاجمون الدين وليس علماء الدين كما يدّعون تحت مظلة أن العالم ليس معصوماً من الخطأ.
يفسرون الآيات القرآنية كما يرغبون!! ويستعدون الدولة على المؤسسات الدعوية، وعلى النشاط اللا منهجي في المدارس!!، وعلى بعض المعلمين الذين يتهمون بأنهم (غلاة)!!، والتهمة لا يتم اقتصارها على عدد محدود إذا افترضنا أنهم كذلكº ولكنهم يتهمون الجميع، بل ويطالب أحدهم عبر قناة مشبوهة بأن يتم اجتثاث جذورهم فهم العبء الذي نعاني منه - كما يقول -!!
هذا الهجوم على الدين عبر هذا الشخص الذي جند جهوده لمحاربة المناهج الدينية منذ اللحظات الأولى لهجمات سبتمبر، وعبر قناة فضائية اشترك معه فيها عدد من الأفاضل أنكروا عليه هذا، وخصوصاً أن أحدهم كان رجل تربية، ويعرف المناهج جيداً.. ويومها لم ينطق ولم يكابر.. ولكنه ما فتئ في كل فرصة يعيد المقولة، وأن (المؤسسة الدينية) هي المهيمنة على مؤسسات التعليم وهنا يكمن الخطر - كما يقول -!!، ويطالب بتحييد المؤسسة الدينية!! وكي يجد قبولاً لدى من يسمعه يحاول أن يكون عقلانياً فيقول: " يجب أن نفرق بين الدين وبين المؤسسة الدينية.. الدين من الممكن أن أعطيه عدة تفسيرات الآن، في الإمكان أن أفسر لك وأقول لك، أو أخرج بنظرية ليبرالية من الدين أو نظرية من الدين أو نظرية شمولية، يعتمد على موقفي.. فالدين واسع وسمح.. لكن المشكلة عندما يكون هناك مؤسسة دينية معينة ذات تدثير معين، ذات رأي واحد تفرضه على الجميع على أنه هو الدين.. هنا تكمن المشكلة وخاصة في المملكة ".
هذه العبارات ألا تؤكد بُعد هذا الإنسان عن فهم الدين كما ينبغي، وما الفرق بين العقيدة في الإسلام وما تؤمن به أو تعتقده الديانات التي عزلت الدين في (مؤسسة دينية)!! ثم إن هذه الفئة تحارب العلماء والمشايخ بدعوى أنهم (يفسرون الدين وفق مرجعيتهم)º بينما هو هنا يدعى أنه يمكن له أن يفسر الدين وفق نظرية ليبرالية أو شمولية!! بل وفي مقالات له يقوم بشرح الآيات والأحاديث وهو لا يفقه في أصول علم الفقه أو التفسير.. أي وفق (مرجعيته)!!
هذا نموذج فقطº إذ إن الآخرين لا يملون من الانتقاد، بل والهجوم على محتوى المناهج وفق (انتقائية) غربية، كما قام أحدهم في قناة فضائية باستعراض الدراسة التي قدمت في الحوار الفكري الثاني، وشرحها للعالم العربي والإسلامي والأمريكي!! كي يدركوا ما في هذه المناهج من عداء للآخر!! بل (ويفسر) ما قد لا يفهم لمن يستمع إليه، فهل هذا سبيل الإصلاح ينتهجه هؤلاء؟! وبعضهم كانوا مشاركين في الحوار الوطني! وهل هذا الهجوم على المناهج الدينية سوف يفتح آفاقاً لعالم المعرفة والعلم واللحاق (بالتقدم)؟! وهل استخدام (ورقة النساء) للهجوم على ثوابت الشريعة التي تحرّم الاختلاط كما هو حالياً، وليس الاختلاط الذي يدعونه وأنه يحدث في المسجد الحرام!! هل الإصلاح الإداري والقضاء على الفقر سيتم من خلال تكوين ما يسمى بثورة النساء!! أي خلع الحجاب؟! هل سنبني مجتمعنا بالتخلي عن ثوابتنا الشرعية التي لم تؤسس هذه الدولة إلاّ على أركانها؟!
نعم هناك مناهج في حاجة إلى التطوير.. ومدارس فقيرة من جميع أولويات الوسائل التعليمية، والمناخ التربوي.. لم يطالب أحد بإصلاحها أو تجنيد المجتمع لذلك!!
ونعم هناك عدم فعالية في تطبيق بعض الأحكام القضائية الخاصة بقضايا المطلقات وحضانة الأطفال، والميراث، وسوء استخدام لمفهوم القوامة ... وإلخ من قضايا تمس حياة الفرد في المجتمع، نعم هناك ما نحتاج جميعاً إلى التعاون لإصلاحهº ولكن لن يتم هذا وفق منهجية الغرب وتبعية (فئة الارتداد الذهني)!!.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد