منذ بداية الحركات الاستعمارية الغربية على الشرق وهدف الدول الاستعمارية هو: الاستيلاء على خيرات البلاد العربية، والعمل على إضعاف الوحدة بين الدول، وقص أطراف العالم العربي، وتفتيت دوله إلى أجزاء صغيرة متناحرةº بحيث لا تقوم له قائمة، ويظل في صراع دائم يصرفه عن عمليات التنمية والتقدم.
ولم تسلم العديد من الدول الإفريقية من التدخلات الاستعمارية. ومن الدول التي لم تهدأ فيها الصراعات الداخلية (السودان) حيث تصاعدت الأحداث خلال الآونة الأخيرة في إقليم دارفور في الغرب، بالإضافة إلى الصراع في الشمال والوسط والجنوب، ولم يخف على المحللين السياسيين دور الأيدي الأمريكية والصهيونية في هذه المنطقةº قاصدة تمزيق أواصر الوحدة بين الدول، وسلخ السودان عن جذوره العربية وإدخال المنطقة بأكملها في صراعات ومشاحنات لن تنتهي.
حول هذه القضية وقضايا أخرى مثيرة التقينا الدكتور (عصام البشير) وزير الأوقاف السوداني، وأجرينا معه هذا الحوار..
عوامل خارجية
كيف تردون على الاتهامات الأمريكية بشأن اتهام الحكومة السودانية بدعم بعض القبائل ضد الأخرى وإحداث الأزمة الإنسانية في دارفور؟
شهادة القبائل في دارفور تبرئ عرب دارفور من أية تهمة تطهير عرقي أو مواجهة، وتضع اللوم على قبائل ذات أصول عربية قادمة من تشاد ومالي، وهذه القبائل النازحة استغلت الظروف في دارفور منذ فترة طويلة وظروف النزاع على الموارد، والذي اتخذ في قائمة الأمر شكل نزاع قبليّ، وهو نزاع بين الرعاة والمستقرين (الزراع) ، والعامل الخارجي والتدخلات الأمريكية ليس جديدًا ، فقد أجج النهب المسلح منذ ثمانينيات القرن الماضيº لذلك أرى أن أي تجاوزات في هذا المجال هي ناتجة عن عوامل خارجية ومجموعات غير سودانية استوطنت دارفور منذ الحرب (التشادية ـ التشادية) والحرب (الليبية ـ التشادية) ونزحت من دولها في خلال العشرين عامًا الماضية، واستغلت هذه النزاعات لتمارس ممارسات غريبة على المجتمع السوداني ، ولكن القبائل العربية الكبيرة في دارفور مثل الزريقات، والبني هلبة .. وغيرها ذات علاقات جيدة مع القبائل الأخرى وقائمة على التعاون والاحترام، ولا ننسى أن هناك تضخيمًا لمسألة التطهير مثلما حدث تضخيم لموضوع الرق في الجنوب بين القبائل العربية وقبائل الدينكا . وفي النهاية اتضح أنه لا يوجد رق وإنما ممارسات قبلية، والحديث عن التطهير العرقي مبالغ فيه.
أين الدور السوداني في كبح جماح هذه القبائل غير السودانية وهي تقتل السودانيين؟
الحكومة السودانية كانت مشغولة بمسرح العمليات العسكرية بالجنوب، وكانت تحاول الحفاظ على الأمن العام من خلال قوات الشرطة، ولكن دارفور بلد مترامي الأطراف، ومع ذلك استطاعت الحكومة السودانية لدرجة كبيرة الحد من النهب المسلح. والآن استغلت هذه المجموعات ظروف تأجج الوضع الأمني والتمرد الحالي الذي قادته مجموعات من قبيلة الزغاوة، والحكومة تحاول بقدر المستطاع حفظ الأمن ووقف مظاهر العنف والعدوان، ولكن في ظروف الحرب الحالية من الصعب السيطرة على الأوضاع، ولكن في الظروف العادية تمكنت الحكومة أن تحد من غلواء هذه المجموعات.
من الصعب في هذه الظروف توفير قوات عسكرية في كل قرية للتصدي للهجمات العسكرية الخاطفة من مجموعات تضرب وتهرب.
الخوف على الهوية
البعض يتخوف على الهوية العربية بالسودان.. لماذا؟
هناك فرق بين الأثر العربي كثقافة وهوية، والأثر العربي كمواقف سياسيةº فالأول مستحيل أن يزول من السودان، لأن الثقافة العربية تمثل أغلبية، وحتى قبائل جنوب السودان عندما تتفاهم مع بعضها يكون عن طريق اللغة العربية والتي تسمى بالسودان (عربي جويا)، ولكن التخوف الصحيح هو أن يحدث ضعف في مساندة السودان للقضايا العربية.. أي المواقف السياسية منها.
هل يرجع ذلك لتأخر الجامعة العربية في الوقوف مع السودان في مشكلتها؟
الدول العربية وجامعة الدول العربية لديها مشاكل أيضًاº فمنذ العام 1948 لم تستطع أن تؤثر في الصراع العربي ـ الصهيوني ، والآن لم نستطع أن ننشئ سوقًا عربية مشتركة أو حرية حركة بين الأقطار العربية. وفي الفترة الأخيرة بدأ الحديث حول إصلاح الجامعة العربية. ويمكن أن يكون لها دور فيما بعد في توحيد السودان أو أن تكون الجامعة مراقبًا في عملية السلام فقط .
البحث عن مكاسب
عودة لملف دارفور ... من مطالب المجموعات المسلحة بدارفور منح المنطقة الحكم الذاتيº فهل مثل هذا الحكم يتناسب مع درافور في ظروف تمزق النسيج الاجتماعي في تلك المناطق؟
المجموعات الحاملة للسلاح في دارفور لا تمثل كل الإقليم، ولكنها تمثل شريحة من بعض قبائل درافور، ولذلك من الصعب أخذ مطالبها بجدية في الجانب السياسي فقط، وقد تكون لهم قضية وهناك شعور بالغبن نتيجة فشل الدولة في حمايتهم في إطار الصراعات على الموراد التي حدثت والصراعات القبلية، وهم يشعرون أن ظروف البطالة والفقر في دارفور (وهي مثل بقية أطراف السودان) هي مراعاة لِلَفت النظر من أجل تحسين أوضاعهم . وربما رأوا أن الحركة الشعبية التي حملت السلاح لعشرين عامًا الآن وجدت مكاسب كبيرة º لذا يريد حاملو السلاح في دارفور الحصول على مكاسب مماثلة وهذا بالطبع مستبعد.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد