بسم الله الرحمن الرحيم
يعد مخطط التنصير الشرس - الذي تقوده وتدعمه الدول المسيحية ومجلس الكنائس العالمي - من الجبهات المعادية القوية التي تعمل ضد الإسلام وعقيدته ودعوته في هذا العصر، ومنذ عهد الحروب الصليبية، ويستمد هذا المخطط قوته من الإمكانيات الضخمة التي تسخر له، ومن الدعم المالي الكبير الذي يقدم له سنوياً لدعم أنشطته وإرسالياته في مختلف دول العالم - وخاصة المناطق الإسلامية الفقيرة التي تعاني من الفقر والحاجة، والجوع والمرض، والكوارث الطبيعية والبشرية -، حيث يغزوها المنصرون بما في أيديهم من غذاء ودواء وكساء، والمقابل معروف وهو التنصير، واعتناق المسيحية.
فتنصير المسلمين وإخراجهم من الإسلام هدفٌ من أهداف قوى الكفر والإلحاد من اليهود والنصارى، فهم لا يرضون عن المسلم إلا أن يكون على دينهم، أو يتخلَّى عن دينه إلى أيٍّ, وجهةٍ, أخرى، وهذه الحقيقة بيَّنها القرآن الكريم في قوله - تعالى-: ((ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتَّبع ملَّتهم قل إنَّ هدى الله هو الهدى ولئن اتَّبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من وليٍّ, ولا نصير ))(البقرة /120)، وقوله - تعالى-: (( ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ))(البقرة/ 217).
ومن أجل تحقيق هذا الهدف شهد القرن المنصرم هجمة تنصيرية عاتية سعت إلى تنصير أكبر عدد من المسلمين، أو إفساد عقيدتهم، وأنفقت أموالاً طائلة وجهوداً هائلة، وأعدت الخطط، وسهرت العقول، وتحركت جيوش من المنصرين للعمل في شتى بلدان المسلمين، وأجلب المنصرون بخيلهم ورَجِلهم على أُمَّة الإسلام، ولوَّنوا وسائلهم، فتارةً بوسيلة الاستشراق، وتارةً بوسيلة الحملات التنصيريَّة من قِبَل رهبانهم وأحبارهم ودعاتهم بدعمٍ, من كنائسهم ودُوَلهم، وتارةً بواجهات المؤسسات الدوليَّة، والمنظمات الإنسانيَّة، والتعليميَّة والصحيَّة، والإغاثيَّة والتثقيفيَّة... وغيرها، وتارةً بأساليب السياسة وضغوطاتها وهيمنتها، ومكرها وخداعها، وتارةً بوسيلة القتل وإشعال الحروب في بلاد المسلمين تحت مظلاتٍ, وواجهاتٍ, متعدِّدة.
أطفال الظروف الصعبة:
ولقد ركزت حملات التنصير نشاطها ومازالت على أطفال العالم باعتبار أن هؤلاء الأطفال يشكلون حالياً ثلث سكان العالم، وسوف يشكلون نصف سكان العالم بعد 25 عاماً، وتنطلق هذه الحملات في عملها بين "الأطفال المعرضين للمخاطر" على أساس أن واحداً من كل 5 أطفال في العالم يعيش عرضة لمخاطر الفقر، أو الاستعباد، والاستغلال، أو الحرب، أو التشرد وحياة الشوارع، أو الإيدز، وأن 10 ملايين طفل دون سن الخامسة يموتون سنوياً بسبب سوء التغذية، ومليون طفل آخرين يُستعبدون في تجارة الجنس، و100 مليون طفل يعملون في ظروف عمل قاسية وخطيرة، ومن هنا يتم استغلال أوضاع الأطفال لتنصيرهم.
وتعد جهود الحركة الإنجيلية مجتمعة من أكبر الجهود الموجهة للأطفال المعرضين للمخاطر في العالم، ففي ولاية تاميل نادو الهندية وحدها هناك 1500 مشروع إنجيلي للأطفال، و200مشروع في كينيا، و100 كنيسة في ليما العاصمة البيروية مهتمة بالأطفال، و150 مشروعاً طفولياً في ميامي، و103 مجموعات كنيسة مهتمة بالأطفال في كيب تاون.
وباعتراف المنصرين أنفسهم وكما تؤكد الإحصائيات فان هناك ما بين 20 - 25 ألف مشروع كنسي يخدم مليوني طفل بشكل دائم حول العالم، ويعمل فيها 110 ألف عامل نصراني في 200 بلد.
ولأن الإحصائيات قد أظهرت أن كثيراً ممن تم تنصيرهم في العالم كانوا من الأطفال، ولأن العقدين القادمين سيشهدان زيادة مطردة في عدد الأطفالº تم إنتاج قصة عيسى للأطفال، وقد أنتج الفيلم المعد لعقلية الطفل ليثير لديه حب عيسى - عليه السلام -، ويثير تساؤلات صعبة بداخلهº مما يمهد إلى تحوله للنصرانية، أو تقبل أفكارها حتى يتحول رسمياً إلى أحد أطفال الكنيس، وقد ترجمت نسخة الأطفال حتى الآن إلى 7 لغات.
منظمة الشفقة الدولية:
وفي مؤتمر "الزمالة التنصيرية الدولية" الذي عقد في ماليزيا في أول مايو عام " 2001م "º قدم العاملون في شبكة فيفا، ومنظمة الشفقة الدولية المختصتين بالعمل بين الأطفال عدداً من البحوث وأوراق عمل تضم إستراتيجيات وخططاً تعكس تخصصهما كإرساليتين للإغاثة التنصيرية للأطفال، وشبكة "فيفا" تعد أكبر المنظمات الإغاثية الإنجيلية المتخصصة بالأطفال، والبعض يعدها ضمن أكبر ثلاث منظمات نصرانية مختصة بالأطفال عالمياً، خصوصا أنها تولي رعاية الأطفال النصارى اهتماماً خاصاً، وهي تنطلق في عملها بين الأطفال المعرضين للمخاطر.
وقد أكد المؤتمر على أهمية الفئة العمرية بين سن الرابعة والرابعة عشرة التي يتعرف خلالها 85% من نصارى الولايات المتحدة على دينهم، وفي خارج الولايات المتحدة ومن خلال مسح أجراه المنصر " د.دان " فإن 60% ممن سئلوا عن المدة التي تنصروا فيها قالوا: إنها كانت قبل الـ14.
ولأن80% من أطفال العالم يعيشون في الدول النامية والفقيرة طالب المؤتمر الكنيسة بمراجعة أولوياتها واستراتيجياتها العامة بشأن الأطفال في العقد القادم"، يقول د. دان:"إن عاملاً مهماً وسائداً وهو أن الناس يميلون لتقبل رسالة الإنجيل عندما تضطرب حياتهم بفقر أو استغلال، وليس هناك من فئة بشرية أكثر تعرضاً لذلك من الأطفال والشباب".
ويؤكد هذا المنصر الخبيث على أهمية توجيه جهود حملات التنصير نحو الأطفال المسلمين، والأطفال الصينيين، وأطفال المدن الأخرى في العقد القادمº باعتبار ذلك أسرع طريق لزرع الكنائس، وبذر بذور مجتمعات نصرانية جديدة، كما يؤكد على أن المدارس التبشيرية في آسيا وإفريقيا قد أخرجت جيلاً من زعماء الكثير من دولها، ويرى أن الأسلوب الأمثل هو الاهتمام بالأطفالº لأن أطفال اليوم هم القيادة النصرانية التي نحتاجها في المستقبل، وشدد على أهمية الصبر والعمل المتواصل لمدة قد تستمر لعشرين عاماً حتى يرى المنصرون النتيجة التي بذروها في قلوب الأطفال.
وعرض باتريك مكدونالز (المدير العام لشبكة فيفا) على المؤتمرين تجربة عمله بين أطفال 40 بلداً، مؤكداً على أنه "عندما يكون هناك أطفال في خطر ونصارى إلى جانبهمº فإنه لا بد أن تجد استجابة لك".
وقد قدم المؤتمر للمنصرين المشاركين فيه التوجهات الاستراتيجية المؤثرة على أطفال العالم لمساعدة العاملين في إرساليات الأطفال النصرانية في وضع خططهم، مع تأكيده على أن فهم انعكاسات التوجهات العالمية على أطفال كل دولة لا بد أن يكون دقيقاً وحذراً للاختلاف بين الدول.
ومن هذه التوجهات: النظر في المناطق التي لم تلق اهتماماً مكثفاً من المنصرين كالسواحل الإفريقية الشمالية والغربية، والدول العربية، ودول آسيا الوسطى المسلمة، وبعض أجزاء شبه القارة الهندية، وغرب الصين ( وكلها مناطق مسلمة)، والتركيز على الأطفال في تلك المناطق التي لا تستقبل سوى 1.2 % من جهود العمل التنصيري.
والتركيز على الأطفال المعرضين للصراعات والحروب، فـ540 مليون طفل يعيشون في ظروف غير مستقرة، و300 ألف طفل مجندون في الحروب، ومليون طفل راحوا ضحية الحروب في عقد التسعينيات.
التنصير بالتبنّي:
وإمعاناً في استغلال معاناة الأطفال وظروفهم الاجتماعية القاسية أصبح " التنصير بالتبنّي " هو أحدث صور الاستثمار التنصيري للفقر في العالم الثالث، ففي تقرير نشره فرع منظمة رعاية الطفولة والأمومة "يونيسيف" في ألمانيا مؤخراً ذكر إحصاء أن عدد أطفال الدول الفقيرة الذين تمّ تبنّيهم من قِبل عائلات قادرة مالياً في دول الغرب هو 23 ألف طفل خلال عام 1999م وحده، وأشار الإحصاء إلى أن هؤلاء الأطفال تمّ تبنّيهم في 7 دول غربية هي: "الولايات المتحدة، وكندا، وبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، وأستراليا، والسويد"، وأن غالبيتهم من ثلاث قارات، هي: أفريقيا، وآسيا، وأمريكا الجنوبية.
ووفقاً لتقرير اليونيسيف فإن الوازع الرئيس لتبنّي أطفال العالم الثالث هو حاجة بعض الأسر الغربية إلى الأطفال بسبب عدم قدرة هذه الأسر على الإنجاب، كما أن المؤسسات الدينية الكبرى في الغرب - كما يقول التقرير- تحثّ أتباعها - وبالذات في الكنائس المسيحية ومعابد اليهود - من أجل تبنّي أطفال الدول الفقيرة والمناطق المنكوبة بالمجاعات والكوارث الطبيعية، وغير الطبيعية كالحروب وغيرها.
وبالإضافة إلى عمليات التبني - التي يتم بمقتضاها إحضار أطفال الدول الفقيرة من الأيتام أو المشردين إلى العائلات الغنية في الغربº من خلال طلبات رسمية تتقدم بها هذه العائلات إلى وزارات الهجرة المختصة في بلادهم - تقوم مؤسسات أخرى ذات طابع ديني أو إنساني بحملات واسعة للترويج لطريقة أخرى من طرق التبني، يطلق عليها البعض اسم "التبني عبر البحار"، وفى إطار هذه الطريقة تقوم جمعيات خيرية (لا يحددها تقرير اليونيسيف) بإعداد ملفات حول عشرات الآلاف من الأطفال الأيتام والمشردين في الدول الفقيرة، وإرسالها إلى المؤسسات الدينية والإنسانية في الغرب، والتي تقوم بدورها بطبع هذه الملفات - مرفقة بصور الأطفال -، وتوزيعها حسب الطلب على الأسر التي ترغب في إعالة من يشاؤون منهم بطريقة الكفالة، أو تولّي نفقات، أو جزء من نفقات المعيشة والتعليم الخاصة بهؤلاء الأطفال.
وفى ضوء هذه الطريقة فإن الجمعيات الخيرية - التي يتحدث عنها التقرير، ويقول: إنها تقوم بتجميع معلومات عن الأطفال الأيتام والمشردين، ومن ثم إرسالها إلى المؤسسات الدينية والإنسانية في الغرب - هي على الأرجح جمعيات تابعة للإرساليات التنصيرية التي توجهها الكنائس الغربية الكبرى إلى الدول الفقيرة والمنكوبة.
مزادات للأطفال في الكنائس:
وفي دولة كالشيشان استغلت المنظمات الكنسية التي تعمل تحت ستار الإغاثة الأوضاع المأساوية للشعب الشيشاني الذي شرده الروس، ونقلوا الكثير من أبناء المسلمين إلى الكنائس والأديرة في الغرب، بعد أن أوهموا ذويهم أنهم سيقومون باستكمال تعليمهم على أعلى مستوى.
وهناك الكثير من المنظمات الغربية الكبيرة التي تستغل المآسي والكوارث التي تحدث للمسلمين، وتنقل مئات من الأطفال إلى الغرب وتبيعهم بأسعار كبيرة جداً، وقد كشف عن بعض هذه المنظمات، وهي تتاجر بأطفال المسلمين البوسنيين الذين شردتهم الحرب، وأطفال المسلمين في كوسوفا!!
وكشف مسؤول شيشاني النقاب عن وجود عصابة دولية تتاجر بالمشردين من أبناء المسلمين الشيشان الموجودين في داغستان وأنجوشيا وعلى الحدود الشيشانية، وقال: إن أفراد العصابة يحملون جنسيات دول غربية، وإنهم استغلوا الظروف المأساوية التي يعيش فيها اللاجئون في الشيشان على الحدود، وقاموا بنقل أطفال قصر إلى بعض العواصم الغربية بحجة رعايتهم، ثم قاموا ببيعهم مقابل 15 ألف دولار للطفل الواحد.
■ المراجع:
1. الغارة على العالم الإسلامي أ.ل. شاتليه ترجمة محب الدين الخطيب.
2. تقارير منظمة اليونيسيف الدولية عن حالة الأطفال في العالم.
3. "عيسى".. تمت ترجمته إلى 663 لغة - كوالالمبور - صهيب جاسم - إسلام أون لاين.نت/8-5-2001
4. أطفال المسلمين والصينيين.. الفئة المستهدفة تنصيرياً! - كوالالمبور - صهيب جاسم - إسلام أون لاين.نت/12-5-2001
5. تبنّي أطفال الفقراء أحدث وسائل التبشير - الإسلام على الإنترنت - 6 يوليو 2000م.
6. أطفال المسلمين للبيع في مزادات الكنائس - مجلة المستقبل الإسلامي العدد (108) ربيع الثاني 1421هـ.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد