القضية الكشميرية والتجاهل الإقليمي والدولي لحقوق الشعب الكشميري .. لماذا؟!


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

لا يزال المجتمع الدولي يتجاهل حقوق الشعب الكشميري التي أقرتها قرارات الأمم المتحدة القاضية بإعطاء الشعب الكشميري حقه في تقرير المصير، وقد أدى هذا التجاهل إلى تمادي نيودلهي في غطرستها الرافضة لهذه القرارات معتبرة أن كشمير جزء لا يتجزأ من الأراضي الهندية، وقد قامت بخداع المجتمع الدولي عبر محاولة إقناعه بأنها تسعى إلى تحسين أوضاع الإقليم وإعطاء سكان الإقليم المزيد من الصلاحيات الإدارية، وقد زاد من معاناة الشعب الكشميري عملية السلام الفاشلة التي خاضتها نيودلهي وإسلام أباد ولا تزال مستمرة إلى الآنº لأنها ارتكزت على أسس غير عادلة مما أدى إلى فشلها.

 

عملية سلام على حساب الحقوق الكشميرية

بعد الحشود الهندية الباكستانية على طول حدود البلدين في عام 2002 م ووقوع مناوشات كادت تفضي إلى حرب ثالثة بين جارتين نوويتينº أقدمت واشنطن على ممارسة ضغوط على إسلام أباد لسحب قواتها من المناطق الحدودية في تزامن مع سحب القوات الهندية على أن يتم بعدها مباحثات سلام بين الطرفين، وقد تم ذلك ودخل الطرفان في سلسلة مفاوضات ضمن إطار ما يعرف بخطوات بناء الثقة بين البلدين، وتضمنت عودة العلاقات الدبلوماسية بينهما بعد أن سحب كل منهما سفيره بسبب التوتر الذي كان قائما بينهما، كما تم استئناف الرحلات الجوية بينهما إضافة إلى استئناف الرحلات البرية بين بعض المدن الباكستانية والهندية وسميت في حينها دبلوماسية الحافلات، المباحثات بين الطرفين شملت كذلك محاربة تهريب المخدرات واستئناف العلاقات الاقتصاديةº كل هذه الخطوات كانت على حساب القضية الكشميرية، حيث لم يتم إحراز أي تقدم، بل أصرت نيودلهي على رفض حل القضية الكشميرية والتنصل من حقوق الشعب الكشميري.

 

تغيير الحقائق على الأرض

سياسة خطوات بناء الثقة استفادت منها نيودلهي من خلال تغيير الحقائق على أرض الواقع حيث بدأت ببناء جدار إلكتروني في منطقة خط السيطرة أو ما يعرف بمنطقة خط وقف إطلاق النار بين شطري كشمير لمنع تسلل المجاهدين الكشميريين، وهذا الجدار ما كان يمكن إنجازه لو لا صمت المدافع الباكستانية التي كانت ترفض سابقا أي تغيير أو تحركات في تلك المنطقة، وقد أكملت نيودلهي الجدار العازل مستغلة فترة خطوات بناء الثقة لتحقق إنجازاً عسكرياً لصالحها لتضييق الخناق على الشعب الكشميري. كما قامت نيودلهي بتغيير الحقائق على أرض الواقع عبر بناء سدود مائية عدة في كشمير حيث تنبع الأنهار التي تصب في الأراضي الباكستانيةº مما شكل خطرا كبيرا على مصادر المياه التي تحتاجها باكستان وأصبحت أراضيها مهددة لأنها تعتمد اعتمادا كليا على مياه الأنهار القادمة من كشمير، وتعد هذه الأنهار شريان الحياة لباكستان وأي تغيير جوهري في مجاري الأنهار أو تحويل مسار جريانها سيضر بالثروة الزراعية الباكستانية حيث تعتمد باكستان على الزراعة لاسيما في إقليم البنجاب الذي يعد سلة الغذاء لبقية الأقاليم الباكستانية

 

دبلوماسية الحافلات والتهرب من جوهر القضية

الإخفاق في تحقيق أي تقدم على مسار حل القضية الكشميرية بين نيودلهي وإسلام أباد دفعهما للجوء إلى خطوات تكتيكية لحفظ ماء الوجه لا سيما لوجه إسلام أباد التي قدمت تنازلات كبيرة ولم تحقق أي مردود لصالح القضية الكشميرية، وعليه فقد اتفق الطرفان على إطلاق ما يعرف بدبلوماسية الحافلات بين شطري كشمير لتسهيل تنقل سكان شطري كشمير وعدها خطوة في إيجاد حل للقضية الكشميرية، وكتب الله لي أن أقوم بزيارة ميدانية قبل عامين في حينها لتغطية افتتاح خط الحافلات بين شطري كشمير، وقد جيشت إسلام أباد ونيودلهي أكبر عدد من وسائل الإعلام المحلية والدولية لتغطية الحدث، وقد فهمت حينها أن دبلوماسية الحافلات لا علاقة لها بحل القضية الكشميرية وأن ما تم هو كرنفال احتفالي لحفظ ماء الوجه وللاستمرار في خداع الشعب الكشميري أن الحل قادم، الحفل حضره معظم القيادات الحكومية في البلدين حيث قامت المكينة الإعلامية بتغطية الحدث وإظهار فرح سكان شطري كشمير بدبلوماسية الحافلات ولقد صدق بعضهم سراب السلام الضائع وكما يقولون -الغريق يتعلق بقشة-، وقد مضى أكثر من عامين وسارت الحافلات بين شطري كشمير إلا أن حل القضية الكشميرية لم يسر في الاتجاه الصحيح، وقد قمت بزيارة للمنطقة بعد عامين فوجدت خيبة الأمل في عيون الكشميرين الذين استطاعوا التيقن بأن دبلوماسة الحافلات ما كانت إلا وسيلة لخداعهم ودغدغة مشاعرهم وإيهامهم بسراب السلام، وقد تحدثت مع صاحب متجر في الستين من عمره وقال: -كم كنت أتمنى أن تحرر كشمير دون اللجوء للقتال، وأن تستجيب نيودلهي لمطالب الشعب الكشميري لكن يبدو أن الحقوق لا تننتزع الا انتزاعا ولن يحترمك عدوك ويسمع لك إلا إذا كنت قوياº فلذلك أتوقع أن تزيد العمليات الجهادية في الإقليم لإجبار نيودلهي على إعطائنا حقوقنا المشروعة-.

 

كشمير والمفاوضات الفاشلة

ضمن خطوات بناء الثقة عقدت إسلام أباد ونيودلهي مفاوضات عدة حول كشمير في محاولة لإيجاد حل لها حسب وصفهما إلا انها باءت بالفشل، ويعود ذلك إلى التعنت الهندي وقد أدى ذلك إلى دخول الطرفين في نفق مظلم لا نهاية له، وبسبب ذلك إلى التعنت الهندي الرافض لإعطاء الشعب الكشميري حقوقه المشروعة مما شكل حرجاً للحكومة الباكستانية التي شعرت أنها قدمت تنازلات كبيرة دون أي تنازل هندي، وقد دفع ذلك الرئيس الباكستاني برويز مشرف إلى تقديم المزيد من التنازلات من ضمنها عدم اعتماد قرارت الأمم المتحدة بوصفه مرجعية لحل القضية الكشميرية وتقسيم كشمير إلى عدة مناطق وغيرها من التنازلات ورغم كل ذلك لم تستجب نيودلهي وهذا أظهر العجز الباكستاني الذي خسر ورقة المقاومة الكشميرية ودعمها ولجأ للخيار السلمي الفاشل.

 

ارتفاع معدلات انتهاك حقوق الإنسان

 رغم عملية السلام المزعومة ارتفعت معدلات انتهاك حقوق الإنسان في كشمير فعمليات الجيش الهندي العسكرية ضد المدنيين الأبرياء استمرت حيث قتل ما لايقل عن خمسة آلاف من الكشميرين خلال ثلاثة أعوام من المفاوضات الهندية الباكستانية، كما استمرت عملية انتهاك الأعراض وقتل النساء والأطفال وإحراق المحال التجارية والبيوت والمساجد واعتقال عشرات الآلاف من الكشميريين وكل ذلك على مرأى ومسمع المجتمع الدولي، وهذا ما دفع منظمات حقوق الإنسان بمطالبة المجتمع الدولي بإرسال مندوبين لتقصي الحقائق في الإقليم والاطلاع على الجرائم البشعة التي تمارس ضد الشعب الكشميري، كما طالبت بإطلاق سراح السجناء الذين يعيشون في ظروف صعبة ويتعرضون إلى أبشع أنواع التعذيب كاستخدام التعذيب عبر الأسلاك الكهربائية والضرب المبرح وقلع الأظافر بآلات حادة وغيرها من الفظائع الهمجية.

 

 

العربة أمام الحصان

 لقد قبلت إسلام أباد بمبدأ وضع العربة أمام الحصان وقبلت بالمنطق المقلوب وذلك نتيجة للتغيرات الدولية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر إلا أن هذه السياسة أدت إلى التفريط بحقوق الشعب الكشميري وقد دعا القيادي الكشميري، سيد صلاح الدين إلى تغيير هذه السياسة ووضع الأمور في نصابها وحث المجاهدين على الاستمرار في جهادهم المشروع وتطوير عملياتهم العسكرية لإجبار نيودلهي على إعطاء الشعب الكشميري حقوقه المشروعة ورفض التنازل عن حقوق الشعب الكشميري الذي قدم تضحيات كبيرة، وأكد أن فشل عملية السلام الذريع دفع الشعب الكشميري إلى تقديم المزيد من التضحيات وتطوير جهاده.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply