لهذا يحاربون الإسلام ويسعون للقضاء على المسلمين (1 - 2)


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الانتحار المتمدن

لماذا لا يزداد عدد السكان بل يتقلص في الأقطار الغربية المتطورة اقتصادياً؟ ولماذا تضعف إرادة الحياة في هذه الأقطار؟ ولماذا ينتشر مركب تناتوس بهذه السرعة الكبيرة في الحضارة الغربية المعاصرة؟

يقال: إن الأفراد في الغرب مشغولون اليوم بتحقيق قدراتهم وطاقاتهم الذاتية وبالإبداع والغرق في الملذات فلا يبقى لديهم وقت للأطفال. ويقال إن الأطفال في الحياة الراهنة أمر مكلف جداً "من حيث الوقت الشخصي لدى الفرد الغربي" وصعب جداً لغياب الإمكانات الاقتصادية والمادية "بالنسبة للروس". ويقال إن الحياة المعاصرة مشحونة بالهزات النفسانية التي تفتك بصحة الإنسان. ويقال إن الناس بسبب تلك الهزات ينجرون إلى الإدمان على المشروبات الكحولية والمخدرات. وتقال أمور كثيرة أخرى من هذا النوع.

 

إلا أن السبب الرئيس يكمن في أمور غير تلك:

فخلال ال 40 50 عاماً الأخيرة، واجهت الحضارة الغربية فجأة مختلف أنواع الخلل النفسي والعصبي والعقلي والأمراض المماثلة التي تتطور بشكل مهول. والوضع شاذ وغريب تماماً، حيث اتضح أن الأمراض النفسية هي الأكثر انتشاراً في العالم الغربي. فإن حوالي 20% من العبء الإجمالي للأمراض في أوروبا هو من نصيب الأمراض النفسية، ومن بين أقطار المجتمع الأوروبي عشرة بلدان فيها أعلى مستوى في العالم من حيث نسبة الانتحار.

وفي روسيا، حتى وفقاً للمعطيات الرسمية، يعاني من أمراض نفسية خطيرة حوالي عشرة ملايين شخص. ومنهم 300 ألف مريض يلازمون المصحات دوماً. وانفصام الشخصية "الشيزوفرينيا" هو المرض النفسي الأكثر انتشاراً في روسيا.

ويعاني واحد من كل اثنين تقريباً في هذه البلاد (وعلى وجه التحديد 40%) من الخلل النفسي الذي لم يبلغ مرحلة المرض. ويضيع كل مواطن روسي عشر سنوات من عمره بسبب "المشكلات الصحية غير المحلولة وغير المفهومة ذات الطبيعة النفسية". وتجري في روسيا سنوياً 60 ألف محاولة انتحار، وهذا ضعف عدد الذين يلقون حتفهم في حوادث السيارات.

 

ثم ما هو الإدمان على المخدرات؟ إنه في الحقيقة نوع من الأمراض النفسية. وتفيد معطيات هيئات حفظ النظام الروسية أن عدد المدمنين على المخدرات المسجلين رسمياً في الفترة 1990 1993 بلغ حوالي 20 ألفاً. وفي الفترات اللاحقة تزايد عددهم مراراً كل ثلاث أو أربع سنوات: في سنة 1997 83 ألف مدمن مسجل رسمياً. وفي سنة 2000 180 ألف مدمن، وفي سنة 2003 228 ألف مدمن. وواضح أن عدد المدمنين فعلاً في روسيا أكثر من ذلك بعشرات المرات.

ويعتبر تزايد الإدمان على المسكرات والكحوليات مؤشراً آخر على تزايد الأمراض النفسانية، وهو يؤثر مباشرة في تناقص عدد السكان في البلاد، وفي الوقت الحاضر سُجل في روسيا رسمياً أكثر من مليون ونصف المليون مدمن على الكحوليات. إلا أن الكثيرين من الخبراء الروس يعتقدون أن عدد المدمنين على المسكرات اليوم يتراوح بين 15 و20 مليون شخص.

والسبب الرئيس للإدمان الكارثي على المسكرات ليس ميل الروس بالفطرة إلى الفودكا، بل الخلل النفسي المرتبط بشح الإحساس الذاتي بمغزى الحياة، وخاصة عند الرجال.

في عام 2001 كانت روسيا تحتل المرتبة المئة في العالم من حيث طول العمر، وبعد أربعة أعوام، في بداية سنة 2005م، انزلقت بلادنا في هذا المؤشر إلى المرتبة 122، ويبلغ متوسط عمر الرجال في روسيا اليوم 58.6 سنة وعمر النساء 73، وإن 30% ونيفاً من جميع وفيات الرجال تعود بهذا القدر أو ذاك إلى أسباب تتعلق بالإدمان على الكحول.

 

هجمة الشاذين "الزرق"

إلا أن التشخيص النفسي الأساسي لأمراض الحضارة الغربية الشمولية يبين أن أخطرها من حيث النتائج والمضاعفات هو العنة أو العجز الجنسي "على الرغم من أن بعض الخبراء يعتبرون العنة ليس مرضاً منفصلاً، بل نتيجة لجملة أمراض نفسية". إن عدد العنينين الدائمين والوقتيين في الأقطار الغربية المتطورة يزداد باطراد ويبلغ في بعض الحالات 80% من مجموع الرجال.

وتصاحب العنة المتزايد ظاهرة مؤسفة أخرى هي ما يسمى "بأزمة الحيامن" "الحييات المنوية"، ففي الأقطار الغربية المتطورة اقتصادياً تنخفض بالتدريج كميات المني التي تفرزها الأعضاء التناسلية الذكرية، وتبلغ سرعة هذه العملية التي بدأت قبل بضعة عقود ناقص 1.5 2% سنوياً، وبعبارة أخرى فبعد ثلاثين أو أربعين عاماً قد يحرم الرجل في الغرب عموماً من القدرة على الإخصاب لاختفاء النطف. ثم إن البرودة الأنثوية أو الفتور الجنسي عند النساء يزداد أيضاً في البلدان المتطورة، ولكن بوتائر أبطأ كثيراً بالمقارنة مع العجز الجنسي عند الرجال، ويتجلى الجانب الخلقي من العنة والفتور الجنسي في تزايد الدعارة والتفسخ الجنسي وانتشار الخلاعيات والبغاء، وما يسمى بالزواج المدني وتفشي الأمراض الزهرية، ففي بريطانياً مثلاً ازداد عدد المصابين بالأمراض الزهرية إلى الضعف في السنوات الخمس الأخيرة وحدها.

والسبب الرئيس للعنة الكارثية المتصاعدة في العالم الغربي هو نمط وأسلوب الحياة الشائع هناك. فالفرد في هذه البيئة الاجتماعية يعيش في ظروف الاستفزازات الجنسية الثقافية المتواصلة والمفتعلة خصيصاً والتي تتحول إلى وطاويط نشيطة مصاصة للدماء تمتص القدرة الحيوية من أجساد الرجال في المقام الأول.

ويغدو المظهر الخارجي للمرأة وثيابها العصرية وأسلوب سلوكها المفروض عليها فرضاً وما إلى ذلك أخطر شيء على اللاشعور عند الرجل من حيث نتائجها السلبية.

فالأزياء "الموضة" العصرية لا تستر المرأة، بل تعريّها جزئياً أو كلياً. والدعاية والإعلانات بمعظمها مبنية على استغلال جسد المرأة. فالمرأة كرمز جنسي للإثارة الشهوانية المطلقة باتت جزءاً لا يتجزأ من الفيلم السينمائي والحملات الإعلانية وبرامج التلفاز والتجارة والصناعة الترفيهية وما إلى ذلك.

وهذا العدوان الاستفزازي موجه إلى الرجل للتأثير في لا وعيه ولا شعوره. وعندما يواجه الرجل في الشارع وفي العمل وفي المجال الإعلامي نساءً شبه عاريات يواجه كل مرة على المستوى الجيني والجزيئي انفجاراً ذرياً مصغراً في وعيه الذكوري. وطبيعي أن الرجل السوي لا يعود سوياً في مثل هذه الأحوال. وبمرور الزمن لن تسعفه لا الفياجرا ولا الكحول ولا المخدرات.

ومن جهة أخرى فإن نفس أسلوب الحياة الغربية العصرية يرسم عدة صور شائعة للمرأة العصرية التي لا ترغب في الحمل وولادة الأطفال والتي لم تعد قادرة على ولادة أطفال أصحاء.

وفي مقدم تلك الصور صورة سيدة الأعمال الشرسة مصاصة الدماء التي تستطيع أن ترهب الرجل الذي يعاني من مركب النقص المتصاعد. وأهم شيء بالنسبة لهذه المرأة هو سلم الترقية. وقد تقبلت بالكامل توجهات الحضارة القائلة بأن ميلاد الأطفال يقيد تحركها الاجتماعي وتقدمها في العمل أو يلغي سلم ترقيتها نهائياً. ولذلك فإن 40% من الألمانيات الحاصلات على التعليم العالمي، مثلاً، نساء بلا أطفال.

ولكي تصعد المرأة سلم العمل في الغرب عليها أن تتخلى عن وظيفة الأمومة بشكل واسع، فإن سيدات الأعمال مضطرات إلى الإقدام على الإجهاض الاصطناعي كيلا يفسدن عملهن. ولهذا السبب تتحول سيدات الأعمال إلى مثليات "لوطيات".

ثانياً: صورة الخنثى، أي المرأة التي لم تعد امرأة عمداً، فتخفي أنوثتها وترتدي ثياب الرجال وتحاكيهم في السلوك وفي لهجة الكلام وما إلى ذلك.

وثمة عاملان أساسيان يوضحان بقدر كبير تطور ظاهرة الانتحار المسماة بمركب (تاناتوس) بوتائر سريعة في إطار الحضارة الغربية.

العامل الأول هو العامل الاقتصادي: فالمرأة المستهلكة هي العنصر المفصلي في المجتمع الغربي المعاصر. والقطاع الأكثر تحركاً في الاقتصاد الاستهلاكي هو إنتاج السلع المخصصة للمرأة المستهلكة. فالنساء بالذات يقدمن بهذا الشكل أو ذاك على 75% من جميع المشتريات في العالم.

ولذلك، فإن أقصى حد من الانفتاح الاقتصادي للمرأة وتحررها من جميع الوظائف التقليدية "بما فيها الأمومة" التي تعيقها عن الاستهلاك وعن المشاركة في تجديد الاقتصاد الاستهلاكي هو إحدى القيم المفصلية في المجتمع الغربي المعاصر.

والعامل الثاني هو ما يسمى بالعامل "الأزرق" (الشاذون). ويمكن بمعنى ما توصيف الغرب بأنه "حضارة الشذوذ الناشئة". فثمة صلة مباشرة بين طبيعة تطور الحضارة الغربية في السنوات الخمس الأخيرة وتزايد عدد ونفوذ مجتمع الشواذ "اللوطيين" الذي يتقوى جبروته في الأقطار الغربية. ففي الوقت الحاضر ثمة شاذ "لوطي" أو شاذة "سحاقية" من بين كل عشرين شخصاً من سكان بريطانيا الأصليين. إلا أن نفوذ هذه الأقليات الجنسية أكبر بكثير من تعدادها نظراً لانتماء "الزرق" و"الورديات" (السحاقيات) إلى الفئات العليا من المجتمع في المقام الأول.

إن الشاذين لا يخفون قيمهم وأحاسيسهم، بل على العكس يروجون لها بحماس وينشرونها بنجاح ملحوظ في المجتمع التكنوقراطي المعاصر. وفكر الشذوذ يعتبر أحد أبرز اتجاهات الفكر والثقافة في المجتمع الغربي الحديث. وقد بات اللباس "الأزرق" في عداد الموضة، وليس ذلك فحسب، بل بات أمراً أكثر إلحاحاً للتقدم على سلم المهنة. فإن كبار الحزبيين وعمدات العواصم يعلنون باعتزاز عن "زرقتهم". وهناك مغنون ورسامون وفنانو تصاميم وخبراء أزياء وملحنون وأصحاب صناعات ترفيهية معروفون على النطاق العالمي يسفرون بكل "وقاحة" عن انتمائهم إلى الشاذين. وقد استولت "عشائر الشذوذ" في الواقع على التلفاز والسينما. ولم يعد زواج المثليين فيما بينهم في السنوات العشر الأخيرة ظاهرة نادرة بل تحول إلى شيء يكاد يكون معتاداً.

السناتور الأمريكي الشاذ د. ستادوس الذي اغتصب صبياً في السادسة عشرة من العمر رشح نفسه مجدداً لهذا المنصب عن ولاية ماساشوتيس وأعيد انتخابه في هذه الولاية الكاثوليكية. أما السناتور الآخر ب. فرانك فقد أفلح بسهولة في تجنب مسؤولية اتهامه بحماية "حبيبه" الذي يمتلك مبغى في ضيعة السناتور المذكور. وإلى ذلك ففي عهد الرئيس كلينتون كان السناتور فرانك يصطحب "حبيبه" إلى جلسات مجلس الشيوخ. وفي العام 2001 تولى الشاذ جنسياً ج. هورميل منصب سفير الولايات المتحدة في لوكسمبورج.

وبالمناسبة، فإن أحد أفضل جواسيس ال: "كي جي بي" الذين عملوا في الولايات المتحدة، وهو ضابط كبير في الاستخبارات الأمريكية، عرض خدماته طوعاً على الاستخبارات الروسية احتجاجاً على "تفشي الشذوذ الجنسي والمخدرات داخل أروقة المخابرات المركزية الأمريكية".

 

الكنيسة الغربية

ثم الكنيسة الغربية أصبحت ميالة إلى "الزرقة" أكثر فأكثر. ففي العام 1972م ظهر أول كاهن "لوطي" في تاريخ البروتستانتية كان يعمل في كنيسة المسيح الموحدة التي هي من أقدم المعابد في الولايات المتحدة. وفي العام 2005م ظهر أول كاهن غيَّر جنسه بعملية جراحية. ومؤخراً صادق المجمع المقدس العام لكنيسة المسيح الموحدة على قرار يسمح بإجراء طقوس زواج المثليين. وأيد هذا القرار حوالي 80% من أعضاء المجمع المقدس.

كما أن الكنيسة الإنجليكانية لم تختلف عن كنيسة المسيح الموحدة. فهي أيضاً غيَّرت موقفها جذرياً من الشاذين. وقد تحدث أسقف كنتربيري رئيس هذه الكنيسة روبن وليامز أكثر من مرة في الآونة الأخيرة عن ضرورة اتخاذ "موقف إيجابي" من "الزرق" الشاذين.

 

وبهذا الخصوص كتب أحد الخبراء الروس المعروفين يقول: "إن مسيحية كهذه وديناً كهذا يميل حيثما تميل الريح تبعاً للاتجاهات الاجتماعية الجارية لن يجتذب أحداً، بل ينفر الجميع. فإن هذا النوع من "الحرية" في الكنائس البروتستانتية يحط من سمعة المسيحية في الواقع. فالناس الذين يبحثون عن سند "متين" في عالم سريع التغير ولا يعرف الاستقرار مطلقاً لن يثقوا "بمسيحيين" تتعارض أفعالهم مع نصوصهم المقدسة وتعاليمهم التي مرت عليها قرون.

ولذلك يلاحظ في العالم بأسره توجه نحو الإسلام الذي يقدم منظومة راسخة من القيم والبرامج الاجتماعية الفاعلة دون أن يتخلى عن الأصول الأساسية للتوحيد".

علماً بأن الترابط بين الإيمان والعائلة الكبيرة في التاريخ البشري ترابط مطلق. وكلما كان الناس متمسكين بالدين كان مستوى المواليد عند ذلك الشعب أعلى.

 

ولقد لعبت دوراً كبيراً في انتشار الأمراض النفسانية وتحول المجتمع الغربي إلى مجتمع عصابي وفي تصعيد مركب تاناتوس مجموعة صغيرة ومتنفذة من مجاميع المؤسسة القيادية في الغرب مكونة من أصحاب دور الأزياء. فهم في الواقع منظرو "مجتمع الزرق" وزعماؤه، ولهم القول الفصل في الأزياء والموضة ونمط الحياة، أي أنهم يرسمون استراتيجية وتكتيك المجتمع الاستهلاكي الغربي في حقيقة الأمر.

 

تنظيمات شاذة

إن المثليين "الزرق" منظمون جداً ولهم تنظيماتهم الخاصة، وهم بالطبع يسعون إلى التوسع السياسي والثقافي والاجتماعي إلى حد شغل المناصب القيادية في أصعدة السلطة العليا. وبالتالي فإن الحضارة الغربية كلها تغدو بالتدريج عرضة لهجمة واسعة النطاق من جانب الأيديولوجية والثقافة والسيكولوجية المثلية التي يزداد نفوذها يوماً بعد يوم.

ويرى أحد علماء الاجتماع الروس "أن مجتمع اللوطيين واقع موجود موضوعياً. ومعظمهم أناس موهوبون وموفقون ولهم مكانة اجتماعية. وفي مثل هذه البيئة يكون اللوطي (ذكراً أو أنثى) عاملاً بشرياً مناسباً تماماً. ونموذج سلوكه هو الأمثل بالنسبة للمجتمع الحديث. فهو ليس لديه أطفال ولا يتحمل مسؤولية عنهم".

ولما كان المجتمع المثلي عاجزاً عن التكاثر، فإن قضية تجديد المجتمع الغربي تغدو محرمة على البحث وتتعرض للتزوير.

وثمة نقطة أخرى ذات دلالة.ففي ظل الاتجاه العام لتفاقم الأمراض النفسانية في إطار الحضارة الغربية نجد مجتمع المثليين غير التقليدي جنسياً يسجل أكبر مؤشرات الأمراض النفسانية والشذوذ الجنسي.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply