الحمدُ للهِ ولي المؤمنين والصالحين, ومُرسِلِ الأنبياءِ والمرسلين, والمصطفِي مَن خَلقِهِ مَن شَاءَ مِنَ العَالمينَ, وصَلَّى اللهُ وسَلَّمَ على سَيِّد المرسلين, وخَاتم النبيين, وإمامِ الغُرِّ المحجَّلين, مَن خاطبَهُ رَبٌّ العَالمينَ فقالَ: ((وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ, عَظِيمٍ, ))[ (4) سورة القلم], وقال: ((وَمَا أَرسَلنَاكَ إِلا رَحمَةً لِّلعَالَمِينَ ))[الأنبياء: 107].
هَجَوتَ مُحَمَّداً وأجبتُ عَنهُ وعِندَ اللهِ فِي ذَاكَ الجَزَاءُ
أتهجُوه ولَستَ لَهُ بِكُـــــفءٍ, فشـرٌّكُمَا لخَيرِكُمَا الفِدَاءُ
هَجَوتَ مُبَارَكَاً بَرَّاً حَنِيفَـــــا أمينَ اللهِ شِيمَتُهُ الوَفَــاءُ
أمن يَهجُو رَسُولَ اللهِ مِنكُم ويَمدَحُهُ ويَنصُرُهُ سَـوَاءُ؟
فإنَّ أبي ووالِدَهُ وعِرضِــــِي لعِرضِ مُحَمَّدٍ, مِنكُم وِقَاءُ
لساني صَارِمٌ لا عيبَ فيــهِ وبحري لا تُكدِّرُهُ الدِّلاءُ([1])
أمَّا بعدُ: فها هُو الغَربُ النَّصراني المتطرِّف، والذي تتغنَّى عَوَاصِمُهُ بالتحضرِ والتمدن، ويتشدق مثقفوه بالمعاني الإنسانية، هاهو يكشف يوماً بعد يوم عن حقيقته من خلال أفعال بغيضة في حقِّ كثيرٍ, من النَّاسِ، وبخاصَّةً موقفهم من الإسلامِ والمسلمينَ، ويتجلى ذلك باقترافهم أحطَّ الأعمال، وأشنع الأفعال، عسكرية كانت أو اقتصادية، أو سياسية أو إعلامية، حيث يشترك تطرفهم مع بغي آلتهم العسكرية الباطشة بالأبرياء، مع اقتصادهم المجوِّع للأطفال والنساء، مع عجرفة سياساتهم وبغي تعاملاتهم.
وكانت أبغض أفعالهم ما تقترفه ثقافة وإعلام مُتطرفيهم من اليمين المتصهين، المتمثلة في مُعَاداةِ مُعَلِّم البشريَّة وهادي الإنسانية وخاتم رُسُلِ الله مُحمَّد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم -، وصدق الله - جلَّ وعلا -: (( كَيفَ وَإِن يَظهَرُوا عَلَيكُم لاَ يَرقُبُوا فِيكُم إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرضُونَكُم بِأَفوَاهِهِم وَتَأبَى قُلُوبُهُم وَأَكثَرُهُم فَاسِقُونَ ))[التوبة: 8].
ولقد تمادت وسائل إعلام غربية عدة، وتناوب منهم أشخاص موتورون على الاستهزاء برسول الله محمد - عليه الصلاة والسلام -، وتكررت منهم محاولات الإساءة إليه بألفاظ نابية، ورسوم بغيضة كاذبة، وكان ذلك منهم على ملأ واستعلان في المجتمعات الغربية النصرانية في أوروبا وأمريكا من خلال وسائل إعلام متعددة، دون أن يُجابه ذلك بالاعتراض والنكير، برغم فداحته، وكان من أواخر ذلك:
1) ما صدر عن القساوسة ( جيري فالويل )، و( بات روبرتسون )، و( فرانكلين جراهام )، و(جيري فاينز ) من إساءات مرفوضة، وكلام ساقط نحو دين الإسلام، ونحو رسول الله محمد - صلى الله عليه وسلم -.
2) ما صدر عن منظمة ( رابطة الرهبان لنشر الإنجيل) التنصيرية المدعومة بأموال هائلة من الفاتيكان، حيث تعد من أهم مؤسسات الفاتيكان ومقرها روما، وتضم نحو مليون فرد، يعملون ليل نهار، وفي كل مكان، من أجل وقف انتشار الإسلام في العالم بكل قوة، وعلى تشويه صورة النبي محمد، ونَعتِه بأبشع الصفات من خلال مشروع أطلقوا عليه: (مليون ضد محمد )!!
3) ما صدر عن الصحيفة الدنمركية (جيلاندز بوستن/yllands-Posten g) من السٌّوء حين نشرت (12) رسماً (كاريكاتيرياً) أو ساخراً يوم الجمعة 26 شعبان 1426هـ/30 سبتمبر 2005، تُصوِّر الرسولَ في أشكال مختلفة، وفي أحد الرسوم يظهر مُرتدياً عمامةً تشبه قنبلة ملفوفة حول رأسه!.
4) وها هي المجلة النصرانية النرويجية (ماغازينت/ Magazinet ) تنضمٌّ لهذا الاتجاه الآثم، وتعيد نشر تلك الصور الكاذبة الخاطئة تحت شعار حرية التعبير، في يوم عيد الأضحى 1426هـ الموافق 10 يناير 2006.
وفي هذا يقول رئيس تحرير تلك المجلة (فيبيورن سيلبك): «لقد ضقت ذرعاً شأني شأن يلاندز بوسطن من تآكل حرية التعبير الذي يحدث خفية», ويقول:«لقد فعل العديدون - بالفعل - الكثيرَ لكي لا يتم وأد هذه القضية، وبهذه الرسوم نود أن نقدم مساهمتنا الصغيرة»!!.
وهكذا يتتابع الأشرار في الاستهزاء بأطهر البشر، وأزكى الخلقº محمد - عليه الصلاة والسلام -، وأؤكد على أن المسلمين والعالم أجمع مسئولون مسئولية تاريخية عن تفنيد تلك الأباطيل، حتى تكون الأمور في نصابها الصحيح، فهذه الأباطيل مؤذِنَةٌ بالسوء على العالم أجمع ما لم يتم تفنيدها.
وإنني لأتوجه باللَّوم الكبير والاستهجان الشديد للمنظمات الدولية: وبخاصة الأمم المتحدة، وجمعيات حقوق الإنسان وغيرها، والتي لم تُبدِ اعتراضاً واضِحاً تجاه هذه المساوئ نحو نبي الرحمة محمد - عليه الصلاة والسلام -،كما تصنع عادة في قضايا معاداة السامية، أو إنكار ما يُسمَّى "هولوكوست"، ونحوهما من القضايا الهامشية!!.
فأي حق للإنسان ستدافع عنه تلك المنظمات إذا لم تدافع عن أطهر إنسان؟!.
وأي مبدأ سيُحترم في حياة البشر إذا كان أصحاب المبادئ الكريمة الحقة وهم الأنبياء، يُستهزأ بهم دون أي نكير؟!. بل يُستهزأ بأفضلهم وخاتمهم محمد - عليه الصلاة والسلام -.
وأما رئيس تحرير مجلة ( ماغازينت / Magazinet )، فأقول له:
إنَّ محمداً - عليه الصلاة والسلام - هو أطهر البشر وأزكاهم، ولن يضيره مثل هذه التفاهات.
وأقول له ولمن هو على شاكلته: إن دعوى حرية التعبير لا تجيز الإساءة لأحد بلا حقٍّ,.
وأقول له ولقومه: هذا الاستهزاء لا يخدم مصالح النرويج ولا مصالح أوروبا.
وأقول له: إن الاستهزاء بالأنبياء مسلك الأشرار، ولذلك توعدهم الله بالانتقام.
وأقول له: إن التاريخ لا ينصت للأدعياء ولا للموتورين، ولا للأفَّاكين ممن يحاربون الأنبياء ودُعاة الهدى، فهؤلاء مصيرُهم الخسارة الفادحة، ولكن التاريخ ينصت لأصحاب العدل والنٌّبل، الذين اعتبروا عملك هذا من أكبر الحماقات، واقرأ بعض ما قال هؤلاء:
1) يقول الأديب الإنجليزي ( برناردشو ) في كتابه "محمد":"إن العالم أحوج ما يكون إلى رجلٍ, في تفكير محمد، هذا النبيٌّ الذي وضع دينه دائماً موضع الاحترام والإجلال، فإنه أقوى دين على هضم جميع المدنيات، خالداً خلود الأبد، وإني أرى كثيراً من بني قومي قد دخلوا هذا الدين على بينة، وسيجد هذا الدين مجاله الفسيح في هذه القارة (يعني أوروبا)، إنّ رجال الدين في القرون الوسطى، ونتيجةً للجهل أو التعصّب، قد رسموا لدين محمدٍ, صورةً قاتمةً، لقد كانوا يعتبرونه عدواً للمسيحية!، لكنّني اطّلعت على أمر هذا الرجل، فوجدته أعجوبةً خارقةً، وتوصلت إلى أنّه لم يكن عدوّاً للمسيحية، بل يجب أن يسمَّى منقذ البشرية. وفي رأيي أنّه لو تولّى أمر العالم اليوم لَوُفِّقَ في حلّ مشكلاتنا بما يُؤَمِنُ السلام والسعادة التي يرنو البشر إليها.
2) ويقول الفيلسوف الإنجليزي ( توماس كارليل) الحائز على "جائزة نوبل" يقول في كتابه الأبطال: " لقد أصبح من أكبر العار على أيِّ فردٍ, متحدثٍ, هذا العصر أن يصغي إلى ما يقال: من أنَّ دين الإسلام كذب، وأن محمداً خدّاع مزوِّر، وإنَّ لنا أن نحارب ما يشاع من مثل هذه الأقوال السخيفة المخجِلةº فإن الرسالة التي أدَّاها ذلك الرسول ما زالت السراج المنير مدة اثني عشر قرناً لنحو مائتي مليون من الناس، أفكان أحدكم يظن أن هذه الرسالة التي عاش بها ومات عليها هذه الملايين الفائقة الحصر والإحصاء أكذوبة وخدعة؟!.
وأقول لرئيس تحرير مجلة ( ماغازينت):
إنه من لمن الحسرة والبؤس أن يكون غاية علمكم بهذا النبي العظيم هو مجرد الاستهزاء، وأدعوك وغيرك ممن استفزَّهم الشيطان لأن تُشرِّفوا أنفسكم بالاطلاع على سيرته - عليه الصلاة والسلام - لتطلعوا على كمال الإنسانية في شخص محمد - عليه الصلاة والسلام -.
وإنه لمن الحسرة والبؤس على مجلة (ماغزينت) وعلى حكومة النرويج أن يكون مجرد علمهم عن محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو ما استهزؤوا به، مما أوحت به إليهم الأنفس الشريرة، وصدق الله: (( يَا حَسرَةً عَلَى العِبَادِ مَا يَأتِيهِم مِّن رَّسُولٍ, إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَستَهزِئُون ))[يس: 30].
وأدعو هؤلاء المستهزئين برسول الله محمد - عليه الصلاة والسلام -،وأدعو غير المسلمين لأن يُشرِّفُوا أنفسهم بالاطلاع على سيرته - عليه الصلاة والسلام -، ليطلعوا على كمال الإنسانية في شخصه - عليه الصلاة والسلام -.
وبعد:
فنبرأ إلى الله من كل إساءة نحو نبينا محمد - عليه الصلاة والسلام -.
وإنه لواجب على الحكومات والمنظمات والجمعيات الإسلامية في العالم أجمع أن تنكر هذا الباطل العظيم، وأن توضح للشعوب غير المسلمة حقيقة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -, وأن تعرِّفَهم بدينه، ذلك أن الإعلام الغربي من خلال سيطرة الصهاينة وأعوانهم من النصارى المتطرفين قد بذلوا جهودهم الشريرة في تشويه دين الإسلام، وتشويه حياة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - ودعوته.
وإن من الصبر والتقوى أن نرد عليهم إفكَهم كلما أعلَنُوه، وليعلم كل إنسان أن سنة الله فيمن يسب الأنبياء المرسلين أنه لا بد أن يخزيه ويفضحه على رؤوس الخلائق أجمعين, فكيف بمن سبَّ إمامهم وخاتمهم وخيرتهم محمد - صلى الله عليه وسلم -, وقد توعد الله من يبغضه بقوله: ((إن شانئك هو الأبتر)) وبقوله - تعالى-: (( فاصدع بما تُؤمر وأعرض عن المشركين إنا كفيناكَ المستهزئين)), فهل بعد هذه الكفاية من كفاية؟!, وهل بعد هذا الوعيد الأكيد والتهديد الشديد من وعيد؟!
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: "إنَّ الله منتقمٌ لرسوله ممن طعن عليه وسَبَّه، ومُظهِرٌ لِدِينِهِ ولِكَذِبِ الكاذب إذا لم يمكن الناس أن يُقيموا عليه الحد، ونظير هذا ما حَدَّثَنَاه أعدادٌ من المسلمين العُدُول أهل الفقه والخبرة، عمَّا جرَّبُوه مراتٍ, متعددةٍ, في حَصرِ الحُصُون والمدائن التي بالسَّواحل الشَّامية، لما حَصَر المسلمون فيها بني الأصفر في زماننا، قالُوا: كنا نحن نَحصُرُ الحِصنَ أو المدينة الشهرَ أو أكثر من الشَّهرِ وهو ممتنعٌ علينا حتى نكاد نيأس منه، حتى إذا تعرَّضَ أهلُهُ لِسَبِّ رَسُولِ الله والوقيعةِ في عِرضِهِ تَعَجَّلنا فتحَهُ وتيَسَّر، ولم يكد يتأخرُ إلا يوماً أو يومين أو نحو ذلك، ثم يُفتح المكانُ عُنوةً، ويكون فيهم ملحمة عظيمة، قالوا:حتى إن كُنَّا لَنَتَبَاشَرُ بتعجيل الفتح إذا سمعناهم يقعُون فيه، مع امتلاءِ القلوبِ غَيظاً عليهم بما قالُوا فيهِ" انتهى، ومن أعجب ما قرأته في دفاع الله - تعالى- عن نبيه ما حكاه الحافظ ابن حجر -رحمه الله - في كتابه القيم" الدٌّرر الكامنة" قال: "كان النصارى ينشرون دعاتهم بين قبائل المغول طمعاً في تنصيرهم، وقد مهد لهم الطاغية هولاكو سبيل الدعوة بسبب زوجته الصليبية ظفر خاتون، وذات مرة توجه جماعة من كبار النصارى لحضور حفل مغولي كبير عقد بسبب تنصر أحد أمراء المغول، فأخذ واحد من دعاة النصارى في شتم النبي - صلى الله عليه وسلم -،وكان هناك كلب صيد مربوط، فلما بدأ هذا الصليبي الحاقد في سب النبي - صلى الله عليه وسلم - زمجر الكلب وهاج, ثم وثب على الصليبي وخمشه بشدة، فخلصوه منه بعد جهد، فقال بعض الحاضرين: هذا بكلامك في حق محمد - عليه الصلاة والسلام -، فقال الصليبي: كلا, بل هذا الكلب عزيز النفس، رآني أشير بيدي فظن أني أريد ضربه، ثم عاد لسب النبيِّ, وأقذع في السب، عندها قطع الكلبُ رباطَهُ ووثب على عُنُقِ الصليبييِّ وقلع زوره في الحال فمات الصليبيٌّ من فوره، فعندها أسلم نحو أربعين ألفاً من المغول "[الدرر الكامنة جزء 3 صفحة 202].
فهل الكلاب أغير على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المسلمين؟! يا مسلمي العالم إن كان هناك شيء في قلوبكم من المحبة لذلك النبي الكريم فهبوا هبة رجل واحد بكل ما تستطيعون فعله للتضييق على هؤلاء الكفار الحمقى وتأديبهم, الذين فتحوا على أنفسهم نار جهنم, يا مسلمي العالم أثبتوا لله أولاً ثم للعالم أنكم تحبون نبيكم، وتقدمون محبته على الغالي والنفيس, وأنه - بأبي وأمي - أحب إليكم من أنفسكم ووالدكم وولدكم والناس أجمعين؟! واختم بهذه الآية: ((قُل إِن كَانَ آبَاؤُكُم وَأَبنَآؤُكُم وَإِخوَانُكُم وَأَزوَاجُكُم وَعَشِيرَتُكُم وَأَموَالٌ اقتَرَفتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخشَونَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرضَونَهَا أَحَبَّ إِلَيكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ, فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأتِيَ اللّهُ بِأَمرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهدِي القَومَ الفَاسِقِينَ))[(24) سورة التوبة ], هذا والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد