بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
لقد وصلني اقتراحكم رفع الله قدركم، بالحديث عن الحج، فكان سهلا على قلمي الكتابة فيه، ولكن قلمي في الأمور العامة جرار للمشاكل، بالنسبة لمركزي الوظيفي الذي يتطلب عدم اثارة المشاكل الفكرية، فضطررت الى حبس قلمي، وما اقسى معاناة حبس القلم.
قلمي ياسيدي هو سيدي ، يكتب مايريد بغض النظر عن ما اريد، فلذلك لا اذكرُ له مواضيعا عامة، حتى لا يجر علي مشاكلا مع العامة.
فاتخذت له طريقة استطعت فيها ان اقيده واسأل الله ان يعينني على حبكها الى ان اتقاعد.
هذه الطريقة تعلمتها من غازي القصيبي كان يكتب بها في المجلة العربية في زاوية صوت من الخليج، كان يتحدث كل شهر عن كتاب اما نقدا واما اعجابا، -ليتكم تستنسخون هذه الزاوية في صحيفتكم -
كنت احدث قلمي عن الكتب فينطلق بالكتابة عنها ويكفيني شر اثر كتابته.
وعندما طلبتم مني ان اكتب عن الحج، رفضت من اول وهلة وقررت ان ارسل لكم مقالاتي في الحديث عن الكتب، فإن اعجبتكم حمدت الله على ذلك وان لم تعجبكم شكرت الله على قضاءه، لكن نفسي ساحرتني وترجتني ونازعتني في ان اعطي قلمي هذه الفرصة، وقالت لا تغلق عليه الباب بالمرة، دعه يكتب فإن اعجبتك حروفه والا قطعها مثل كل مرة.
وللاسف سمع قلمي الحديث عن الحج فاسترسل في الكتابة، ولما قرأت ماكتب كدت ان امزقه كالعادة الا ان نفسي قالت لي لماذا لا ترسلها لهم علَّهم يتعرفون على قلمك، فإن لم تعجبهم لعلهم يوظفونه في شي اخر.
قال قلمي اقامه الله على الحق.
مكة للعرب:
لحكمة من الله عز وجل امر ابراهيم عليه السلام جد النبي ﷺ أن يبني الكعبة وينادي في الناس ((وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ))
ولحكمة من الله الحكيم جعل الارزاق تأتيها من كل مكان، فجعل افئدة من الناس تهوي اليها، يأتونها طوال السنة بأرزاقهم وتجارتهم .
وشرف الله عزوجل العرب خاصة دون العجم بستضافت ضيوفه كل سنة فينبغي على العرب أن لايدخلوا العجم في هذا الشرف لا في الطوافه ولا في الكشافه.
فالعربي طبع على العفو والكرم والجود، واما غير العربي فقد طبع على المعامله بالمثل.
ثم هئ الله عز وجل لأهل مكة هاشم جد الرسول ﷺ فأسس خطين تجاريين في الشتاء والصيف ليأمن لهم الرزق طوال السنة.
فلما عزه الله عز وجل بهذه الثروة الاقتصادية تواضع لضيوف الرحمن واكرمهم بتهشيم الخبز لهم حتى اصبح ثريدا وتكفل بالسقاية والرفادة، وهكذا هم العرب كلما عزو كلما تواضعوا وبذلوا.
خص الله عز وجل العرب بمكة من دون البشر نعمة لهم يتفاخرون بها.
فمكة هي الارض الوحيدة التي يأتيها الخيرات من كل صوب بيسر وسهوله طوال السنة.
بل خص الله عز وجل العرب بعد الاسلام بتحويل القبلة من بني اسرائيل الى العرب ، من القدس الذي بناه يعقوب (اسرائيل) الى مكة الذي ساعد في بناءه اسماعيل.
((وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ))
ضع عشرين خط تحت ولأتم نعمتي عليكم، عشر خطوط ضعها لنفسك والعشرة الاخرى وزعها على الاخرين ، لتعلم وليعلموا ان العرب هم شعب الله المختار لنشر رسالة الاسلام ليعم السلام في ارجاء الارض.
و انعم الله عز وجل ايضا على العرب فجعل منهم وفيهم الرسول ﷺ ليكون رسول الثقلين كافة على اختلاف شعوبهم وطبائعهم وأخلاقهم. وجعله آخر رسول يبعثه لأهل الارض.
ثم خص الله عز وجل القران الكريم باللسان العربي المبين يُقرأ الى قيام الساعة.
والقرآن دستور هذه الارض، فإذا اردت ان تعرف قوانين هذه الارض فلابد لك ان تتعلم اللغة العربية.
فكل هذا خص الله عز وجل به العرب فهو خبير بما خلق ، فطبائع العربي تمكنه من قيادة جميع الاجناس في امن وآمان وسلام.
والناظر في التاريخ يرى ذلك ، قلّب صفحات التاريخ كلها ، ستجد حكام العرب يستوزرن من يرونه كفؤ في اصلاح امور العامة، بغض النظر عن الاجناس، ونرى للأسف هذه الاجناس الاعجمية اذا مكنت من امور العامة تتحين الفرصة لخيانة العرب. وخيانة الحاكم الذي فضلهم على العرب لميزة فيهم تفيد العامة.
واذا قلّبت مرة اخرى صفحات التاريخ وركزت على الحكام العجم ستجدهم لا يُقربون العربي في اي منصب كان، مهما كانت فائدته كبيرة للعامة.
والناظر في التاريخ سيجد انه كلما اشتدت الاعداء على محاربة الاسلام يقيض الله عز وجل عربيا يجدد الاسلام وينصر به المسلمين.
ومن معتقدات أهل السنة أن من أشراط الساعة خروج المهدي آخر الزمان، فيملك سبع سنين، يملأ الأرض عدلاً، كما ملئت جوراً وظلماً، وتخرج الأرض نباتها، وتمطر السماء قطرها، ويفيض المال.
قال ﷺ "لا تذهب أو لا تنقضي الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطيء اسمه اسمي"
سيظهرُ علي أُناس وسيقولون إنك شعبوي عنصري... وأقول لهؤلاء قال رسول ﷺ "إنَّ اللهَ اصطفَى كِنانةَ من ولدِ إسماعيلَ . واصطفَى قريشًا من كنانةَ . واصطفَى من قريشٍ بني هاشمَ . واصطفاني من بني هاشمَ" صحيح مسلم
وما زاده هذا الشرف عليه الصلاة والسلام الا تواضعا.
فتخصيص العرب وتميزهم في الدنيا لا يعني تميزهم في الاخرة ، فوالدي الرسول ﷺ وجده وعمه ابو طالب في النار. وهو الرسول العربي الكريم.
ومع ذلك لا احد ينكر فضل العجم المستعربة في خدمة الإسلام فأصح كتابين بعد القران جمعهما غير عربيين وهما البخاري ومسلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد